فساد

حين عيّن أخي في منصب خطير بوزارة التموين، وعظه أبي قائلا: يا بنيّ كن أمينا، لا تقبل رشوة، ولا تتلاعب بأرواح المواطنين، كن قنوعا، بالحلال تحقّق الآمال، و ليكن شعارك: من سار على الدرب وصل.

حين عمل أخي بنصيحة أبي، بقي بلا سيّارة و بلا بيت و بلا زوجة. أخيرا ورّط في قضية جنائية حين قدّرت بعض الجهات العليا أنه يمثل عقبة في طريقها، لم يلبث أخي في سجنه سوى بضعة أيام، حتى بلغنا نعيه.

بعد أسبوع من مواراته التراب، كانت والدتي تمرّغ وجهها على ثياب الفقيد التي أرسلت الينا من السّجن، حين سقطت منها قصاصة صغيرة، كنت أول من التقطها، كانت بخط أخي, تناولها أبي مني،
حين فرغ من قراءتها، أجهش ببكاء مرير أبكانا جميعا و أثار لواعجنا. حين فرغ من البكاء، كفكف دمعه وهو يقول:
ـــ أي والله يا بنيّ... ومن سار على الدرب قتل ايضا!

على الرغم من مرور عشرين سنة على الحادثة ما زالت احتفظ بالقصاصة التي كتب عليها بخط اخي :
من سار على الدرب فشل.
من سار على الدرب عزل.
من سار على الدرب فصل.
من سار عـلى الدرب أذل.


أوسلو 21 جويلية 2009