و في نهاية الاجتماع صدرالقرار1559
بأن أتقدم لمسابقة الموفدين الى غير رجعة وفعلا ذهبت في اليوم الثاني واخترت اختصاص لا يجذب
الناس اللي فوق وهي المرة الثانية التي أكون فيها ذكيا فالمرة الأولى كانت في الثاني الثانوي عندما أتانا
سؤال في الامتحان اكتب عن أي موضوع تختاره
فاخترت موضوع منجزات الثورة ووضعت أقوال الثوريون أنفسهم لم يقولوها ولم يسمعوا بها ونجحت يومها بامتياز
ما علينا المهم في الوزارة طلبوا مني أوراق من بينها ورقة تثبت أنني ذو سلوك حسن فقلت لهم بأني
أصلي و أصوم قالوا لي بأنهم لم يقصدوا الدين فلا علاقة للدولة بالدين ونحن لا نعترف الا بالأوراق الرسمية
وكل ورقة كنت أجهزها كان علي أن أذهب للعاصمة لتسليمها
ثم وبينما كنت أختلس مشاهدة برامج الأطفال قبل أن يراني اخوتي الصغار
دخل ابن عمي فجأة دون أن يطرق الباب
وقال لي بأن مكتب الأمن يريدك انتابني خوف فظيع فأنا أخاف هذا (الأمن) وسألوني عن كل مشتبه به
أو متهم أو مدان اسمه محمود أو كنيته الحسين فقلت لهم ليس لي علاقة بهؤلاء الذين
تتحدثون عنهم وكل رجال قبيلتنا يحلقون ذقونهم كل 3 أيام أو كلما تقرف منهم زوجاتهم وفي الأخير
أجبت على جميع الأسئلة (بصندوق من البيض البلدي) (هذا قبل انفلونزا الطيور)
أفعمني التفاؤل بعدها فأنا سأسافر يا وطني
ولكنهم هذه المرة طلبوا ان يكفلني مواطن من الدرجة الأولى أو الثانية بأن أعود بعد انتهاء الدراسة
مواطن من الدرجة الأولى يعني رجل مسكين قضى ثلاثة أرباع عمره المنحوس في الخدمة وفي الأخير
يحال للتقاعد بحجة استخدام الأتمتة و التكنولوجيا القديمة وتقليص عدد البشر
مواطن من الدرجة الثانية يعني اما صناعي صرف جميع أمواله على صناعة العلكة والمنافسة في أسواق العلكة اليابانية
أو مزارع اقتنع عنوة بمقولة أن من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب علما أن الزراعة هي مهنة الأباء
والأجداد وهو يعزو خسارته الى أسباب مثل "الضرائب والفوائد على الديون التي تفرضها الدولة- صراع الأجيال- الجدب وغضب الرب"
اذا أبي لا يصلح أبدا فأرضه بسبب الفوائد والديون محجوزة حتى اشعار آخر أو حتى يعود عمر الى دمشق من جديد
المهم تذكر أبي صديق قديم له فالصديق هو من نتذكره فقط عند النوائب تردد الرجل في البداية لكنه بصم
في النهاية بالعشرة بأنه يكفلني
ذهبت لاخراج جواز الفراق الأليم وطلبوا موافقة ادارة الدفاع الوطني والقوات الباسلة دخلت واذ بمجند
صغير لم يصدق نفسه حيث يقول "صفوا بالدور يا حمير" استغربت فأنا آخر مرة سمعت فيها هذه
الكلمة (في مكان للحكومة) كانت في الصف الثامن عندما قلت لمدرس اللغة
I loves her
ولا أدري الخطأ كان في الشكل أم في المضمون وعندما دخلت أبحث عنه (الضابط)واذ به قد أدار
الكرسي المتحرك للخلف ثم استدار نحوي نظر في الورقة ثم قال "روح لبعد بكرة" قلت لكن ولم أكمل
حتى قاطعني بقوله "شو أنت ما بتفهم "
وهذه معناها نفذ ثم اعترض وخرجت محبطا واذ بأحد أهالي قريتنا ومعه ابنه الذي لم يبلغ الثالثة عشرة
من العمر قد أخرجه من المدرسة عنوة عنهما وجاء به للحصول على موافقة الضابط ليبعثه للعمل الى
دولة كانت العلاقات معها ودية قبل أن يضع ميليس يديه العادلتين عليها
عدت بعد يومين قالوا لي ادفع في المالية 1000 درهم تأخذها عندما تعود قلت وهل سأعود من أجل
1000 درهم قالوا ادفع بالتي هي أحسن (هم هكذا يفهمون الآية الكريمة) ودفعت بالألف التي كانت
أحسن ما أمتلكه ثم طلبوا مني أن أضع الورقة في ظرف
ووقعوا الورقة أخيرا
وكان قد وقع لي أحد الأطباء تقرير بأني خالي من الأمراض حتى من الانسانية نفسها لو أردت تقرير لأعطاني
وذهبت لادارة الترحيل بلا موادعات ومنحوني اذن سفر لمدة سنتين فقط علما أنهم جميعا حصلوا على
اذن لمدة ست سنوات بحجة أنني لم أذود عن حما الوطن المنيع بعد (علما أن القانون يسمح للطالب بالسفر
بحسب مدة دراسته )الا أن الموظف تنّح فذلك هو الداء الذي نجهل جميعا دواءه
اقتنعت بالسنتين وتوجهت لأحجز التذكرة استقبلتني احدى المتبرجات بجملة لا أعرف بأية لغة قلت لها
أريد أن أحجز وبعد مد وجزر حول توفر الأماكن حجزت في النهاية (قربت تخلص القصة يا شباب طولوا بالكم)
حينها بدأت أختي تعدالملابس التي تكسيني لسنين و الأطباق التي تكفيني لشهور وفي النهاية كانت النتيجة
حقيبة من العيار الثقيل وحتى الآن أذكر كيف لم نستطع جميعا اغلاقها فأغلقتها هي رغم أنها لا تعمل
وبعد مراسم الوداع الأخير والدموع (يؤلمني تذكر ذلك الموقف) دخلت الى المطار
أحدهم حمل لي الحقيبة بضعة أمتار ثم ردد عدة مرات "الله ييسر لك سفرك" و أنا أقول له في كل مرة
الله يخليك ويسلمك لكن في كل مرة تزداد ضحكته الصفراوية عراضة وعيونه تقول بأنني اما غبي وبليد أو مطنش أو مفلس فناولته ورقة
من فئة 100 وتركني
اقتربت من التفتيش الذي ظننته شكلي لكن حقيبتي أصدرت صوتا عجيبا مما حذا بالشرطي لأن يقترب
مني حاولت أن أفتح حقيبتي و لم أفلح فقال الشرطي "اتركها نحن الحكومة بنفتح كل شيء وبنسكركل شي
بيسكّر المواطنين من مواقع دينية وغيرها
" لكنه عندما لم يجد فيها شيء غريب لم يساعدني فأخذت
بعض الأغراض ووضعتها في الحقيبة اليدوية وصعدت للطائرة وظنيتها مثل باص النقل الداخلي تجلس
في أي مكان تريد وجلست في المقدمة الا أن جاءت المضيفة الجميلة ونظرت الى تذكرتي وقالت
أنت درجة ثانية عندها أدركت أن الحياة درجات كل حسب جهده نظرت من النافذة الخانقة وقلت : أحبك يا وطني جدالكن هل سأعود أم لا؟؟؟
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المودني عبدالسلام