الشجرة التي تخفي الغاب

جروا إليها ، وعلى اكتافهم قوس قزح ، وقالوا لها : نريد يا خالتنا الشجرة
أن نرسم غابة ، الغابة التي وراءك ...
تنهدت وقالت : ليس ورائي يا أولاد غيرغاب ، من إسمنت فوق إسمنت
وزفت جنب زفت ، وقلوب من حجر ، وفئران وذئاب وضباع ، وسباع ليست كالسباع ...
وأحنت رأسها ، فسال الدمع على الاوراق الذابلة في صمت...
ابتسموا وهم يسندون عليها قوس الألوان ، وينطلقون
بين أصابعهم ممحاتهم ، يمحون هنا
وهناك ، غيرمبالين بمكر الثعالب وعواء الذئاب والضباع ...
ثم عادوا يغنون :يا إخوتي جاء المطر ، هيا سينمو الشجر...
وحين بدأت قطرات المطر تتساقط كحبات اللؤلؤ ، فتغسل دموع الشجرة
هبوا فرحين ، يخلطون
ماء الأعالي بالألوان القزحية ، ويرسمون على الأرض وفي السماء ...
و كما في الأحلام ، اخضرت الأرض ، وامتدت الفروع تتشابك ، وتنطلق
لتعانق الشمس ، وظهرت العصافير والفراش ، والنحل والنمل ، والأرانب والغزلان ...
وعبق الجو بأريج الزهور والأعشاب ...
وعندما التفتوا ليودعوها ، لم يعرفوها ، فحملوا قوس القزح
واستعدوا للرحيل ، لحظتها تمايلت لهم كل الأشجار وانحنت ، فغنت العصافير
كما لم تغن من قبل ، ونطت من حولهم الأرانب والغزلان ...
وساروا تسبقهم خطواتهم ، يمحون ويرسمون ، من البحر إلى البحر، مرورا
ببلاد الرمل والملح ...