تاه في شارع "س" ليلا ..؟ كـبُر العالم في عينيه لما كان مألوفاً لديه في قريته. اعترف أنه غير قادر على احتواء ما يقع في شوارع المدينة.. فتحاشى أن يفتح صنبوراً من الأسئلة.. ! لم يعد يذكر من أين جاء..؟ ولماذا جــاء..؟
الوقت يقـتـل الوقت ، والساعة تــقـتـل الساعة .. تسابقت خلائق بشرية إلى العلبة الحمراء ، فتيات رخيصات تتقن فن الإثارة ، نغم صاخب يلعلع في الفضاء ، ورقـص يؤشر على تجارة مربحة للأجساد..
حاول أن ينصهر في الوضع الجديد رغم أنه لم يألفه.. اشتد جنون الرقص الماجن ، تحركت الأجساد ، وتماوجت مع إيقاع شعبي مبتذل.. زمن جاهلية ثـانية آت .. ولا أحد يقول كلمته .. !
دون تفكير تواطأ مع الزمن على نشوة اللحظة، شعشعت الخمرة في رأسه ، تاه نظره بين أجساد تتحايل على الحياة، تقرأ أسرار الجيوب .. ومع ذلك وجده ممتعاً..؟ أيعقل هذا ؟ عائشة ابنة عمي تـقـتل ذاتها هنا..؟ تفاضل..؟ تنتقي..؟
ضحك ضحكة حمقاء.. أسْرَف في الضحك، وقال : من يدري ..؟
مر زمـن وهي تسرق النظر إليه، ترقبه من بعيد ، تترصد حركاته ، تقرأ ملامح وجهه على مهل.. تكونت لديها قناعة أنه جلـول ، فلم تصدق أبداً.. ؟
اقتربت منه .. تأمل شعرها ، دقق النظر في وجهها.. بحث عن سمات معينة.. احتار أين يركز نظره ، فتشابهت عليه الوجوه ..؟ لوى رأسه بين ركبتيه كعنقود ذابل في الدوالي ، غمغم بنبرة تنم عن شفقة خالية من الحب والوفاء.. وقال :
ـ لا أدري أين رأيــــــتـك ..؟
