تحية طيبة .
لو طرحنا هذه الاسئلة الكبيرة في استقراء على الشعوب الغربية .ما رايها بطريقة حكوماتها في محاربة الارهاب .وهل صار العالم اكثر امنا و ما رأيها بالإسلام و المسلمين فماذا سيكون الجواب يا ترى ...؟
عندما احتلت فرنسا الجزائر قال الاديب الفرنسي الشهير صاحب رائعة البؤساء * فيكتور هيغو* انها الحضارة تنتصر على البربرية نحن اغريق العالم وعلينا تنويره * و بعد قرن و ثلاثين سنة استعمار انتجت الحضارة 99بالمائة امي و ملايين ضحايا و الجرائم في حق الانسانية و في حق شعب لا ذنب له الا انه صنف من *indigens* و عند خروجها عنوة من الجزائر بعد حرب تحريرية قدم فيها الشعب مليون و نصف شهيد من خيرة ابنائه اخذت معها حتى مصانع اعواد الثقاب.و اليوم بعد اكثر من اربعين سنة و بعد اعترافات جنرالات فرنسا علانية بجرائهم *شهادات اوساريس و موريس بابون وغيرهم * ضد الجزائريين يخرج علينا البرلمان الفرنسي بقانون لتمجيد ظاهرة الاستعمار بشمال افريقيا في التاريخ الفرنسي كظاهرة حضارية*قانون 23 فيفري* و هنا تطرح تساؤلات ؟ هل لا زالت نفس النظرة التي كان ينظر فيكتور هيغو ناهيك عن عامل الزمن و الصورة*تركيا العثمانية*مع الاعلام اليوم و معرفة الآخر التي تتوفر بشكل كبير قياسا بزمن هيغو تسيطر على بعض الذهنيات الغربية خصوصا صانعي القرار .لست متجنيا فكملاحظ .كثيرا عند تحليلي للسياسات الغربية تجاه شعوب الجنوب الاحظ ان للغرب صاحب مبادىء الحرية و القيم الانسانية مفهومين للانسان .الاول بمفهوم الانسان l'être humain و هو المعني بالحرية و المساواة و حقوق الانسان .و الثاني هو المخلوق le créature و هو لم يرقى الى درجة الانسان *انسان الجنوب* وهذه الحقيقة المرة موجودة في خيال كثير من زعماء الغرب ابتداءا بجورج بوش و ليس نهاية بشيراك في هذا العالم الذي صار بجلاء بعد 11/09 ينظر الينا بزاوية يحددها هو وفق مصالحها لا بناءا على واقع و هي الركيزة التي يبني عليها الارهاب تطرفه .فمنطق الغرب مثلا في استخدام القوة كوسيلة لمحاربة الارهاب و تغيير حياة الشعوب المقهورة في مفارقة محاربة ايديولوجية القوة نفسها التي تغذت من هكذا سياسات قهر متراكمة و تجاهل لمطالب مشروعة لهاته الشعوب في الحرية و العيش الكريم . و بالتالي تكون محاربة الارهاب و فكره اشبه بازالة الاوراق اليابسة و الاغصان الميتة و الحشائش الضارة عنه ليصبح اكثر قوة و فاعلية وهنا تذكرني كلمات نعوم تشومسكي في حوار مع ال بي بي سي *انه لعقدة ان نعتبر ان ما نفعله نحن تجاه الاخرين شر لا بد منه وان ردود فعلهم علينا هو جرائم لا تغتفر * .
حين اكتوت الجزائر بنار الارهاب مطلع التسعينات و الذي كان على مرمى شبر واحد من الغرب ونادت كانت صرختها في واد ووأد انينها الأقربون قبل البعاد و الاشقاء قبل الاصدقاء .فالارهاب ظاهرة عالمية تتطلب تحديدا دقيقا لمفهومها و دوافعها و تكاثفا دوليا و استراتيجية واضحة لمحاربتها .كنا نئن و نئن ايام كانت لنا دولة في النهار و اخرى بالليل .استخف بندائنا البعض و استهجنه البعض و خصوصا الغرب الذي كان يرى في تقطيع رؤوس مئات الآلاف من الاطفال و الشيوخ و المدنيين العزل مجرد رفض عنيف لحركة سياسية و حضر عنا حتى ذخيرة بنادق الصيد .اما اليوم فقد صار للارهاب شخصية دولية لا ينقصها الا مقعد في الجمعية العامة لتلقي خطابها السنوي . فبعد 11/09 و انكسار كبرياء طاغوت العصر بوسائل من صنعه سخرت لغير غايتها .اعتقدوا عن جهل و عن قصد ان الارهاب هو رصاصة .طائشة كانت او مصوبة بإحكام .قنبلة.مزروعة او متحركة في خصر انتحاري او تصفية حسابات مع تنظيم او حاكم خرج عن بيت الطاعة و نسو انه فكرة من بناة فكر السبنية او احفاد ابن سلول فجنحو الى الترعيب و التدمير و الاحتلال معطين للارهاب اقوى الجرعات .
لقد اخلطت تفجيرات لندن و مدريد و قبلها تفجيرات العراق كل حساباتهم بمنطق *عولمة الموت*و اوقعت صناع القرار الغربي في حرج امام مؤسساتهم و شعوبهم لقد اهملو ان الارهاب فكرة سواءا استنبطت من الدين بشكل صحيح او خاطىء هي بعمر اجيال او اكثر و ليست بعمر جيل او حتى بعمر الفرد نفسه .فلابد للبشرية ان أرادت العيش بسلام الاقرار بالحقيقة لا القفز على الحقائق .فلا يمكن ابدا محاربة فكرة انت تغذيها و تضخ لها الوقود كل يوم ولا زالت الى اليوم تمارس نفس السياسة فالخلل الرهيب في موازين القوى بين اقلية متطورة ناهبة و اغلبية نامية منهوبة و تجاهل حقوق مشروعة لشعوب ترغب في العيش الكريم و الوقوف عثرة امام امالها و الكيل بمكيالين في القوانين الدولية و تطبيقها .
فالغرب لايريد شريكا في محاربة الارهاب بل يريد انسانا عربيا مسلما مهزوز الارادة ينفخ فيه *غريزة القطيع*نيتشه*.فدهنيتهم المهلهلة التي ترى الشر في كل ما هو عربي تقول باقصاء الآخر ان لم يتماشى مع تصورهم للعالم لانه بكل بساطة يظل يصارعهم و فكرة الصراع تقول ضمنيا ان الاخر يهددنا في مصالحنا المادية و الروحية ولهدا يجب استعمال القوة لحماية انفسنا وقد تفطن الفيلسوف الفرنسي *روجيه غارودي* لهده المساله وكتب عنها طويلا و ما معناة الشعب الفلسطيني و العراقي الا دليلا قاطعا على دلك فالغرب يتخلى عن قيمه ببساطة حينما يتعلق الامر بحقوقنا الانسانية تلك الحقوق التي يتغنى بها .
حقيقة ان حوار الثقافات ضرورة ملحة في وقتنا الراهن فنحن المتهمون بالارهاب لسنا سفاحين و لا عديمي انسانية بل نحن اول ضحاياه لكن على اي ارضية يبنى هدا الحوار على جدلية السيد و العبد؟ فكيف يكتب هكدا حوار في وقت يدمر فيه بلد كالعراق وفلسطين محتلة مند عقود وتدق طبول الحرب في كل مكان من وطننا العربي ويطغى ضجيجها على المتحاورين فالحوار ليس خارطة طريق نلتزم بتطبيقها بالرغم ان هناك من يؤمن بهدا الحوار بكل صدق فهل كل من يدير هدا الحوار له نفس النوايا الحسنة ولا ينطلق من منطق محاولة تحطيم الاخر ماديا و معنويا في راي الشخصي ان هاته ليست الادوات المنهجية لاي حوار .
ان الشعوب هم وقود الارهاب و المدنيون هم اكثر ضحاياه الذين يدفعون ارواحهم فاتورة لنزوات الساسة و خلافات G8والقاعدة ولا ذنب لهؤلاء سوى انهم وجدو في المكان الخطأ و الزمان الخطأ او لانهم مولو بضرائبهم حربا جلهم لا يدريها او يكن يريدها لكن اليد الآثمة اختارتهم ليكونو عبرة فلا يسألوا ولا يتساءلوا.فالاحداث الارهابية التي اخذت طابعا عالميا و الفوضى العارمة التي صار يعيشها العالم بشريعة الغاب و القوة تستدعي وقفة حقيقية لتغيير كل المفاهيم الخاطئة و تصحيح كل الاخطاء السابقة فلا يوجد مفهوم لعالم آمن بدون عدالة تلغى فيها الاحكام المسبقة و الجاهزة و يكون اساسها الحوار العلمي الحقيقي دون احتقار للغير و تغرير للشعوب فلا هم بالاغريق و لا نحن بالبرابرة...................