اعتدت الجلوس في مقهى جميل ببعده عن صخب وضجيج المدينة الكثير ،فأجلس تحت اشجار بعيدة عن المقهى عدة أمتار، اعتاد صاحب المقهى أن يخرج الكراسي إلى ذلك المكان مقتفيا بعادة كل اصحاب المقاهي في بلدتي ،فتكاد الكراسي تزاحم السيارات في طريقها وربما يوقفها الشرطي ذات يوم إذا استمر هذا العبث على هذا الحال .جلست تحت تلك الأشجار التي تدلت اغصانها وفاح نسيم العشب الاخضر من تحتها ،وأثناء وجودي هناك كنت أنظر إلى ما حول المكان من منازل فخمة وأشجار عالية وانظر إلى ماكانت عليه حديقة وكيف ال الوضع فيها اليوم، لقد تحولت إلى ركام من الرمل والحجارة وقطع حديدية متناثرة هنا وهناك....تفاجات بسيارة تقف وبداخلها رجل طويل يجلس إلى جانب سائقها،عرفت انهما مااجتمعا على خير فذلك الطويل يضغط على السائق ليبتزه في مال أو شئ ثمين ،تظهر على السائق علامات البدو ، وبالقرب مني رجلان واقفان يتهامسان ولم يجلسا على كرسي من كراسي المكان الكثيرة ،لاحظت أن صاحب السائق يبتسم ابتسامة ماكرة ...عن يساري جلس سماسرة العقار والسيارات بشباكهم العنقودية ،فما أجحظ أعينهم من كثرة حلفهم وأكل أموال الناس بالباطل ! حينئذ تذكرت قول الله تعالى (سيماهم في وجوههم) لكن من كثرة النهب والنميمة والقيل والقال وليس من اثر السجود .كنت انتظر أصدقائي كالعادة لتبادل الحديث قليلا ، فاتي إلى المكان المعهود قبل الموعد بساعتين تقريبا حتى أخلد لنفسي بعض الوقت قبل مجيئهم،وبعد ذلك أستعد للقياهم والحديث معهم،وفي تلك اللحظة اخذت قلما وقطعة من الورق الذي يعطى للزبائن عادة بعد اكلهم قطعة حلوى واحتسائهم فنجان قهوة ودونت فكرتين رئيسيتين عن ذلك ....بقيت متسمرا هناك طيلة المساء ولم يات الاصدقاء ،نظرت إلى اناس يصيحون باصوات غير مفهومة ،ترى مابهم ؟إنهم رجال في زمن كهولتهم وتقارب سنهم مجتمعون يلعبون لعبة الورق ،شيب رؤوسهم يحكي عن ماضيهم الملئ بالعبث ...بقيت انتظر إلى حين موعد صلاة المغرب ، بعد ذلك رجعت إلى وسط المدينة ارتوي من صخبها بدل سكون الوحدة القاتلة في مستنقع هادئ