صفحة 2 من 5 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 الأخيرةالأخيرة
النتائج 13 إلى 24 من 54

الموضوع: التوراة جاءت من جزيرة العرب ..

  1. #13 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    البحث عن جرار .. 1 .
    قبل البرهان على مدى الدقه في مطابقة جغرافيا التوراة العبريه لجغرافيا غرب شبه الجزيره العربيه , لابد من ايراد الدليل , ولو بجمله واحده من الامثله , علىمدى الضعف في مطابقة تلك الجغرافيا لجغرافيا فلسطين . وهذا يتضح تماما من النظر في الطريقه التي عالج فيها علماء التوراة حتى الان مسألة " جرار " / جرر / , وهي بلده توراتيه يفترض أنها ازدهرت في القدم في جوار غزة بساحل فلسطين , في موقع غير بعيد عن بئر السبع .
    هناك اربع مقاطع في التوراة تتحدث عن " جرار " .
    يذكر سفر التكوين 10 : 19 " جرار " هذه بالترافق مع / صيدن / ( التي أخذت على انها صيدون أي صيدا الفينيقيه ) ومع / عزه / ( التي أخذت على انها غزة الفلسطينيه )
    يذكر سفر التكوين 20 : 1 وما يلي , يرد ذكر " جرار " بالترافق مع / ءرص ه-نجب / , وهي في الترجمه " أرض ال نجب " التي تؤخذ على انها تعني صحراء النقب الفلسطينيه . ويضيف النص هنا بأن " جرار " تقع بين " قادش " / قدش / و " شور " و
    / شور / , وبأن ملكها كان يسمى أبيمالك / ء بي ملك / , دون أن يأتي أي ذكر ل / عزه / .
    في سفر التكوين 26 يعرّف ابيمالك بأنه " ملك الفلسطينيين " بالعبريه / ملك فلشتيم / .
    ويرد ايضا ذكر " وادي جرار " / نحل جرر / بالترافق مع اسماء أربعة آبار هي " عسق " / عسق / و " سطنه " / سطنه / و " رحوبوت " / رحبوت / و " شبعه " أو " بئر السبع "
    / شبعه , بءر شبع / , وهنا ايضا لا يأتي على ذكر / عزه / .
    وفي سفر أخبار الأيام الثاني 14 : 8 وما يلي ( 9 وما يلي في " السبعونيه " وفي الترجمه العربيه وغيرها من الترجمات الحديثه ) تظهر " جرار " بشكل بارز في قصة الحرب التي جرت بين " زارح الكوشي " أو " زارح الحبشي " / زرح ه-كوشي / وآسا ملك يهوذا ,
    ( 908 – 867 ) ق.م . وفي هذه الحرب غزا " الكوشيون " أو " الحبشيون " / ه-كوشيم /
    يهوذا ووصلوا الى " مريشه " / مرشه / . وهناك ألحق الملك آسا بهم الهزيمه قرب " وادي صفته " , / جيء صفته / , ثم انبرى يلاحق فلولهم حتى " جرار " حيث نهب البلده وما حولها من زراعه ورعي . ويفهم من ذلك أن " جرار " وجوارها كانت تشكل في ذلك الوقت جزءا من الأراضي " الكوشيه " , ولذلك اقتصّ الملك آسا منها .
    وفي بحثهم عن " جرار " , لم يكن أمام الباحثين التوراتيين وعلماء الآثار ما يسترشدون به غير الاشارات الوارده اعلاه , ولم يكن لديهم غير هذه الماده التوراتيه لتحديد موقع اراضي الكنعانيين أو أراضي الفلسطينيين ناهيك عن اراضي الكوشيين .
    عندما قام علماء الآثار لأول مرّة باجراء الحفريات في بئر السبع في فلسطين , كانت اقدم البقايا التي عثروا عليها هناك تعود الى أواخر العهد الروماني أوالى العهد البيزنطي .
    وهناك دليل معتمد للجغرافيا التوراتيه ( كريلينغ , ص 80 ) يلخص البحث عن " جرار بين غزة وبئر السبع في فلسطين كما يلي :
    " ما زال الموقع الصحيح للمكان الذي كانت جرار تقوم فيه غير أكيد , وهو يعتمد على كيفية تحديد مواقع البلدات الأخرى في المنطقه عموما ... "
    وباختصار , فان تحديد علماء التوراة لموقعي " قادش " و " شور " في جنوب فلسطين ما هو الا تكهن واه لا يستند الى أية معطيات ثابته .
    يتبع ....
    ملاحظه : قمت باختصار هنا , احاول ان الفت الانظار الى هذا الكتاب , وكل ما اكتبه لا يغني عن قرائته , وانما يحفّذ عليها , ولكن عن طريق كتابته , كما في دراسة مواد جامعيه , وليس ككتاب عادي , كما ان الخرائط هامه وضروريه .


    البحث عن جرار ..2 .
    وتبرز مشكله أخرى من خلال ذكر " جرار " في أخبار الايام الثاني 14 , حيث تبدو البلده وكأنها تخص " الكوشيين " / ه-كوشيم/ . وقد عرف الكوشيون هؤلاء تقليديا بكونهم " حبشيين " , وذلك لأن النصوص التوراتيه كثيرا ما تربط بين / كوش و مصريم / , التي تؤخذ دائما على أنها " مصر " ( مع اعتبار أن بلاد الحبشه هي الجارة الجنوبيه لمصر ) . وفي " السبعونية " تسمّى كوش احيانا باسمها هذا كما يرد بالعبرية , وفي أحيان أخرى تسمّيها باليونانيه أيثيوبيا أو أيثيوبس ( أي الحبشه ) , وهذا ما زاد في تشجيع علماء التوراة على تعريف المكان بكونه الحبشه , واذا سلمنا بأن الكوشيين كانوا بالفعل حبشيين , يبقى هناك السؤال : كيف تيسر لهؤلاء الحبشيين أن يسيطروا على أرض هي أرض " جرار " , ويفترض انها كانت في فلسطين ؟
    هل كان هؤلاء الحبشيين مصريين من عهد الأسرة الخامسه والعشرين , أي " الاسرة الحبشيه " ؟ وهذا غير معقول , باعتبار ان سيطرتهم على " جرار " علىما تفيده التوراة , كانت في عهد آسا ملك يهوذا الذي توفي قبل عهد الاسرة الحبشيه بحوالي قرن ونصف .
    ومما رأينا حتى الان يمكننا استنتاج ما يلي :
    1- ان موقع جرار التوراتيه في فلسطين لم يحدد بعد بصورة مرضيه , او بصورة نهائيه , وما من مكان في فلسطين استمر في حمل اسم مشابه .
    2- يفترض علماء التوراة ان موقع جرار هو في جنوب فلسطين لأن سفر التكوين 10 يذكر المكان بالترافق مع / عزه / التي يعتقد انها غزه الفلسطينيه , في حين أن سفر التكوين 26 يذكر المكان نفسه بالترافق مع / شبعه / او / بءر شبع / التي يعتقد أنها بئر السبع الفلسطينيه .
    3- مع التسليم ان " قادش " التوراتيه قد تكون عين قديس , قرب وادي العريش , وبأن موقع " شور " قد يكون في مكان ابعد غربا في سيناء , قرب برزخ السويس , يبقى هناك الواقع بأن بئر السبع وغزة هما من فلسطين , وليس في سيناء . وبناء على ذلك , فلا يعقل أن يكون موقع " جرار " في الوقت ذاته بين بئر السبع وغزة , وبين قادش وشور , وهو ما يؤكده سفر التكوين .
    4- اذا كان الكوشيون التوراتيون حبشيين بالفعل , وكانت جرار في جنوب فلسطين , فان سيطرة الكوشيين على جرار الملمّح اليها بوضوح تام في أخبار اليوم الثاني 14 , لا يمكن تفسيره بسهولة .
    ولحل هذا اللغز الغامض المحيط بجرار , قد يكون من الأفضل الانطلاق من الدليل الوارد في أخبار اليوم الثاني 14 , ومحاولة تحديد الهوية الحقيقيه للكوشيين المذكورين في النص .
    لقد سبق القول بأن / بءر شبع / العبرية ربما تعني " بئر امتلاء " , ولكنها تؤخذ خطأ على أنها تعني بئر سبع , وفي حديثه عن عودة القائد الروماني ايليوس غالوس من حملته العسكريه في شبه الجزيره العربيه في سنة 24 قبل الميلاد , يصف الجغرافي اليوناني " استرابون " , بدقة فائقه المراحل اتي قطعها غالوس في طريق عودته من " نيغرانا " وهي ( نجران ) , الى " نيغرا " وهي ( النجيره ) قرب ميناء أم لج الحالي على ساحل البحر الاحمر , حيث ركب جنوده السفن التي اقلتهم عائدين الى مصر .
    ويفيد استرابون أنه بعد أحد عشر يوما من مغادرته نجران , وصل غالوس الى مكان يسمى " الابار السبعه " ويفيد استرابون بأن رحلة غالوس من " الابار السبعه " الى " نيغرا " استغرقت اربعين يوما , ويصف نيغرا بانها قرية عند البحر . وفي طريقه مرّ غالوس في مكان اسمه " كالا " و آخر اسمه " مالوثاس " يقع على ضفة نهر . والواقع هو ان الطريق من خميس مشيط الى الساحل يتبع " نهر " وادي الضّلع في منطقة رجال المع , حيث توجد حتى اليوم قريتان تسميان , القلعه " كالا " و الملاذة " مالوثاس " .وتستمر هذه الطريق نزولا حتى تصل الى بلدة الدرب , وهناك تلتقي بطريق أخرى تتابع مسارها شمالا عبر الصحراء الساحليه لغرب شبه الجزيره العربيه حتى تصل الى أم لج والنجيرة ( نيغرا ) .
    والمسافه بين جوار خميس مشيط وأم لج تقدر بحوالي 1100 كم , وهي مسافه يمكن قطعها سيرا باربعين يوما .
    يتبع .........
    -----------------------
    ملاحظه : يجب الانتباه جيدا الى ان المؤلف لا يبتكر طريقه جديده في البحث , هو يراجع البحوث التي قام بها العلماء التوراتيون , ويلاحظ النقص والضعف والغموض , في محاولاتهم تطبيق جغرافية التوراة على جغرافية فلسطين , ويعتمد في ذلك على قدرته وتمكنه باللغه العبريه القديمه , لمراجعة النصوص التوراتيه القديمه , ليعيد تقديم جغرافيا جديده اكثر واقعيه مما افترضه علماء التوراة واصحاب المصلحه الدينيه والسياسيه في ذلك .
    كنت مضطرا للاختصار , في عدة فقرات مما قدمته اتمنى ان لا اكون ضيعت المعنى , فانا اقصد التبسيط , ودفع الزملاء الى العوده الى الكتاب , ودراسته .

    البحث عن جرار .. 3
    باختصار , فان " الكوشيين " ( وبالتأكيد أولئك الوارد ذكرهم في أخبار الايام الثاني 14 ) لم يكونوا " حبشيين " , بل أهل قبائل من جوار الكوثة ( أي مرتفعات خميس مشيط ) , في الأجزاء العليا من وادي بيشة , غير بعيد عن الانحدار من الشباعة , والتي هي / بءر شبع / أو " بئر سبع " التوراتية . وأما " يهوذا " التي غزاها هؤلاء " الكوشيون " فهي المنحدرات الغربية لعسير الجغرافية .
    وأستنادا الى سفر التكوين 20 , فان " جرار " كانت تقع بين " قادش " و " شور " . " وجرار " هذه لا بد أنها كانت القرارة الحالية وليس الغريرة , في جوار خميس مشيط , باعتبار أن القرارة هذه تقع على أمتداد الطريق الرئيسي بين الكدس ( قارن بالعبرية قدش) في رجال ألمع , وال أبو ثور ( ثور قارن بالعبرية شور ) في وادي بيشة .
    وليس هناك أي التباس في الاحداثيات هنا , ولا حتى في تعريف " قادش " و " شور " باسميهما , من دون أي لجوء الى الحدس أو البراعة , أو الى التأويل المصطنع لا كتشافات أثرية لا علاقة حقيقية لها بالأمر .
    وأكثر من ذلك , فان هنالك في اصحاحي سفر التكوين 20 و 26 ذكر لملك ل " جرار " يدعى أبيمالك / ءبي ملك / وصف في سفر التكوين بأنه ملك " الفلسطينيين " ( فلشتيم والمفرد فلشتي , نسبة الى فلشت او فلشه ) . وهنا لا بد من ابدأ ملاحظتين , الاولى هي أن كامل المنطقة التي تقع على جانبي الشق المائي شمال غرب خميس مشيط , بما فيها الجزء من وادي بيشه حيث توجد القرارة , يحمل الى اليوم الاسم القبلي " بني مالك " / ملك / . وهناك قرية ايضا تسمّى " بني مالك " في المنطقة نفسها . وهذا يمكنه ان يعني أن " أبيمالك " ( التي تعني حرفيا " والد مالك " ) الواردة في اصحاحي سفر التكوين 20 و 26 لم تكن بالضرورة أسم لشخص معين, بل ربما كانت لقبا أطلق قديما في المنطقة على زعماء قبيلة بني مالك الذين كانوا ايضا " ملوك " القرارة .
    واذا أخذنا تفاوت الاجيال في الاعتبار بين القصص الواردة في الاصحاح 20 والاصحاح 26 من سفر التكوين , فانه يصعب أن يكون " أبيمالك " في القصتين هو الشخص نفسه .
    والملاحظة الثانية تتعلق ب " جرار " ( أو القرارة ) , و " الفلسطينيين " .
    فالى الشمال من القرارة , في حوض وادي بيشة , مازالت هناك قرية تدعى الفلسه ( يقابلها بالعبرية فلشه ) , ولو اطلق هذا الأسم العبري على سكانها لسموا / فلشتيم / ( جمع النسبة بالعبرية الى / فلشه / , أي الفلسه ) .
    وكان يمكن بسهولة للفلسه هذه ان تكون جزءا من الأرض التابعة للقرارة في زمن معين او آخر , وهو ما يفسر لماذا وصف " أبيمالك " , حيثما ذكر في سفر التكوين , بأنه ملك " جرار " , وكذلك ملك ال / فلشتيم / , أي أهل / فلشه / أو " الفلسطينيين " .
    وهكذا اصبحت القضية واضحة الان , فليست هناك أي " جرار " قرب غزة في فلسطين . وبين الكثيرات الموجودات في عسير , فان واحدة ( القرارة , قرب خميس مشيط ) هي جرار المذكورة في سفر التكوين 20 و 26 وفي أخبار الأيام الثاني 14 , وأخرى ( أي من غرار والجرار وغرار والقرارة , بين جبل بني مالك وسراة بلّحمر ) هي تلك المذكورة في سفر التكوين 10 .
    واخيرا لا بد من ملاحظة أن تعريف " جرار " الأولى يسير جنبا الى جنب مع تعريف / " كوش " , و " فلشة " , و " بئر سبع " , و " عسق " , و" سطنه " , و " رحوبوت " , و" قادش " , و " شور " , و " مريشة " , " صفته " , و " النقب " / , في الجوار العام نفسه , بين ناحية خميس مشيط والمناطق الواقعة عبر الشق المائي الى الغرب .
    وتعريف " جرار " الثانية يسير جنبا الى جنب مع تعريف / " سدوم " , و " عمورة " , " أدمة " , و " صبويم " , و " لاشع " / التوراتية في اتجاه , ومكانين آخرين اعتبرا حتى الان صيدون ( أي صيدا ) و " غزة " الشاميتين في اتجاه اخر , أضف الى ذلك تحديد الهويّة الجغرافية لأرض كنعان التوراتية على منحدرات عسير البحرية , بين منطقتي المجاردة وجيزان .
    وعلماء الاثار لم يحفروا بعد هذه المناطق موضوع البحث أو أي جزء آخر من عسير بهذا الغرض , وربّما وجدوا في يوم من الايام مفاجآت كثيرة . وكما يقول جيرالد دي غوري , وهو من آخر الرحّالة البريطانيين الذين وصفوا شبه الجزيرة العربية :
    " هناك وديان في عسير واليمن والحجاز خرائب قد تقدم ذات يوم لعلماء التاريخ وللعالم معرفة أكبر بالدول القديمة ... و ... بالممالك الأقدم لشبه الجزيرة العربية , وقد تفصح بوضوح عن معاني الكتب المبكرة للتوراة وعن معاني التلميحات التاريخية في القرآن .
    ومن يدري أية كنوز تاريخية ترقد دفينة في خرائب عسير الدارسة " .
    رد مع اقتباس  
     

  2. #14 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    ما لم يكتشف في فلسطين .. 1



    اننا نعتبر في العادة أن الدقة والأمانة في العمل هما من شيم اهل الاختصاص . وفي حقل مثل حقل التاريخ القديم , قليلون منا هم القادرون على النظر في صحة ما يقوله الاختصاصيون . وهذا ما يمكنهم من أن ينفذوا بأخطائهم دون حساب في المسائل التي يختارون الاتفاق عليها لسبب او لاخر . وهذا يصل بالفعل الى حد الفضيحة في ميدان علم الاثار التوراتي وفي دراسة النقوش والنصوص القديمة التي درج اعتبارها رديفة للتوراة .

    وهناك أحجار قديمة في كل ركن من أركان الشرق الأدنى , أحفر أنّى شئت وستجد بعضا منها . لكن الحفر شيء , وما يفعله الباحث بنتائج الحفر شيء آخر , وهنا يكمن الفرق بين البحث الأثري العلمي في الشرق الأدنى , وما يسمى بعلم الاثار التوراتي . فالأول هو عبارة عن محاولات منظمة وموضوعية لدراسة الثقافات والحضارات القديمة للمنطقة ولتتبع تطورها , مرحلة بعد أخرى , على أساس بقاياها المادية , مع الادراك التام لحدود المعرفة التي يمكن التوصّل اليها بهذه الطريقة . والثاني لا يمثل أكثر من بحث عن بقايا مادّية في مناطق معيّنة حددت مسبقا على أنها أرض التوراة , وذلك لتوفير البرهان الاثري لمفاهيم مسبقة للتارخ التوراتي . وهكذا , عندما يعثر عالم آثار توراتي على بقايا تحصينات قديمة قرب بلدة بئر السبع الفلسطينية , يسم هذه التحصينات بأنها " اسرائيلية " قبل أن يفكر مرّة واحدة في امكانيات أخرى . وعندما يعثر عالم آثار توراتي آخر على مناجم للنحاس قرب ايلات الحديثة الى الغرب من ميناء العقبة , ويعثر على ختم نقشت عليها / ليتم / في الجوار العام نفسه , يسارع الى الاستنتاج بأن هذا الختم لا بد أنه كان يخص " يوثام " / ل- يتم / ملك يهوذا , ثم يعلن للعالم , ودون أن يرف له جفن , اكتشاف الموقع الصحيح والدقيق لمناجم نحاس الملك سليمان , ولمدينة " عصيون جابر " التوراتية التي كان الاسرائيليون ينطلقون منها بحثا عن الذهب .

    وليس في البحث الأثري عن المواقع التوراتية خطأ من حيث المبدأ . لكن الخطأ هو في الوصول الى الاستنتاجات التاريخية وتأكيدها على أساس دلائل تاريخية غير حاسمة . وهنا تصبح المنقوشات هامة . وعلى سبيل المثال , فربّما كان نلسون غلويك على تمام الحق في اعلانه عن اكتشاف موقع توراتي حول مدينة ايلات الحديثة لو كان النقش على الختم الذي وجده هناك ليقول / ليتم ملك يهوده / أي " ليوثام ملك يهوذا " . لكن غلويك لم يجد على الختم المذكور غير كلمة / ليتم / , ولذلك فانه لم يكن مصيبا بالضرورة حتى في قراءته للكلمة على أنها / ل- يتم / ( أي بلام مفصولة ) . ولعل الكلمة كانت بالفعل / ل- يتم / بالأشارة الى " يوثام " آخر لم يكن ملكا ليهوذا , وربّما لم يكن يهوديا . وربما كانت الكلمة أيضا تشير الى اله اسمه / يتم / , يحتمل أن يكون هو الاله المصري أتوم , الذي يكتب اسمه في تهجئته الاصلية / ء تمو / . وهناك مقابل ايلات , عبر وادي عربة , واد يدعى وادي اليتم / يتم / حتى يومنا هذا . فهل أن هذا الوادي , مثله مثل الختم الذي وجده غلويك , يحمل أسم " يوثام " المذكور نفسه , كائنا من كان , أم أن الاسم في كلتا الحالتين هو اسم الاله المصري أتوم ؟

    ولناخذ مثالا آخر . ففي العام 1880 , عثر على نقش صخري في سلوان , قرب القدس , يشرح كيف جرى حفر قناة مائية هناك عن طريق التنقيب من نهايتي النفق في آن معا . هذا النقش الصخري موجود حاليا في متحف الشرق القديم في استنبول .

    ولو قال النقش " ان هذا النفق حفر في عهد الملك حزقيا " لكان فيه تأكيد واضح لنصّي سفر الملوك الثاني 20 : 20 وسفر أخبار الايام الثاني 30:32 ,اللذين يتحدثان عن بركة وقناة انشأهما الملك حزقيا , ملك يهوذا . لكن الواقع هو أن النقش المذكور لا يشير الى أية أسماء , وسواء كانت أسماء أشخاص أم أسماء أمكنة , ولذلك لا تجوز نسبته قطعا الى عهد حزقيا , كما فعل الباحثون التوراتيون زيفا . ويبدو أن هؤلاء الباحثين لم يأخذوا في اعتباراتهم أن الأقنية المائية كانت تحفر في كل الازمنة , أينما كان , ومتى ظهرت الحاجة اليها . والواقع أن نقش سلوان لا يشير حتى الى أن القدس الحالية هي فعلا أورشليم التوراتية , لأنه لا يذكر اسم الموقع .

    وكما في حالتي ختم ايلات ونقش سلوان , فان كل ما يوصف بأنه كتابات " عبرية " منقوشة في فلسطين ( وللدقة , هي نقوش كنعانية ) كان قد أجبر , بفعل " علم التوراة " الحديث , على تقديم أكثر مما يحتويه من معلومات . وفي جملة الأمثلة على ذلك القطع الفخارية المنقوشة التي عثر عليها بجوار نابلس في العام 1910 وكرست على أنها " نقوش السامرة " , ( وهو بالعبرية / شمرون / ) لا يظهر قط عليها . وقد أرّخت القطع الفخارية هذه على أنها تعود الى أعوام 778 – 770 قبل الميلاد , وهي تحتوي على سجلات لمبادلات تجارية بين أشخاص ربما كان بعضهم يهودا , حكما على ما ورد من اسمائهم الشخصية . ولكن هذه القطع الفخارية لا تذكر حتى اسم مكان واحد , ولا هي تشير , ولا من بعيد , الى أية شخصية أو حادثة توراتية . واذا كان تأريخ هذه القطع صحيحا , ولو بشكل عام , فهذا يعني أنها تبرهن بمجموعها على أن يهودا كانوا يعيشون في جوار نابلس في فلسطين في القرن الثامن قبل الميلاد .

    ولكن ليس هناك أي مبرر لأ ي استنتاج منها يتعلق بأية نقطة من نقاط التاريخ التوراتي أو الجغرافية التوراتية . أضف أن هذه القطع لا تثبت بأي شكل أن المكان الذي عثر فيه عليها كان " السامرة " التوراتية , وهو ما يعني أنه لا بد من اعادة النظر حتى بالاسم " نقوش السامرة " الذي أطلقه الباحثون التوراتيون عليها .
    رد مع اقتباس  
     

  3. #15 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    ما لم يكتشف في فلسطين .. 2



    ولا بد هنا من التصدي لمسألة " نقوش لاخيش " , وهي قطع فخارية منقوشة عثر عليها في تل الدوير , في جنوب فلسطين , في العام 1935 والعام 1938 .

    وهناك اجماع بين علماء التوراة على أن هذه النقوش تقدم دليلا " قاطعا لا لبس فيه " على أن تل الدوير كانت " لاخيش " ( بالعبرية / لكيش / ) التوراتية . والواقع هو أن النقوش المذكورة لا تقدّم أي دليل من هذا النوع .

    ان " نقوش تل الدوير " ( كما يجب تسمية هذه القطع في الواقع ) هي عبارة عن مجموعة من التقارير والشكاوى أرسلها رجل يدعى " هوشعيه " / هوسعيهو / , وهو قائد لقوة يهودية كانت مستعمرة في وقت ما في مكان غير معروف الموقع , الى رئيسه " ياوش " / يءوس / الذي يتوجه اليه بلقب مولاي ( في الاصل / ءدني / ) , والذي كان مقيما على ما يبدو في تل الدوير باعتبار ان النقوش المرسلة اليه اكتشفت هناك . ولدى قراءة هذه النقوش اقتنع باحثون توراتيون مثل و. ف. ألبيرت بأنهم وجدوا اشارة واضحة الى " لاخيش " التوراتية في النقش الرابع , وكذلك اشارة واضحة الى " عزقة " التوراتية في اللنقش نفسه , واشارة الى " اورشليم " ..

    تعقيب : هام جدا جدا من الكاتب , يرجى الانتباه اليه جيدا .. انتهى التعقيب .

    ( وهي الاشارة المزعومة الوحيدة حتى الان في منقوشة فلسطينية ) , في النقش السادس .

    تعقيب شخصي : من غير المعقول منذ بدء التنقيبات الاثرية في فلسطين وحتى العام 2006 , لم يعثر أحد على أي لوح او نقش او مخطوط او قطعة فخار , غير النقش الذي ذكره الكاتب , مكتوب فيه كلمة " اورشليم " العاصمة المقدسة ومكان سكن وحكم اهم ملوك وحكماء وانبياء , اليهود .. ؟ , انتهى التعقيب .

    وفي حالة النقش الرابع فان القراءة المقبولة للمنقوشة تبدو قابلة لاعادة النظر بشكل جذري .

    أما في حالة النقش السادس , فان قراءة اسم " أورشليم " ما هي الاّ تزوير فاضح لا يمت الى الامانة العلمية بصلة .

    ففي النقش الرابع جاء في النص الأصلي للجملة التي أخذت على أنها تشير الى " لاخيش " والى " عزقة " بالأسم ما يلي :

    / ويدع كي ءل مسءت لكس نحنو سمرم ككل ه- ءتت ءسر نتن ءدني كي لء نرءه ءت عزقه / . وهذه الجملة قرئت وأوّلت على أنها تعني : " وليعرف [ مولاي ] / و- يدع / أننا نراقب / كي ... نحنو سمرم / اشارات لاخيش / ءل مسءت لكس / , استنادا الى كل المؤشرات التي أعطاها مولاي / ك- كل ه-ءتت ءسر نتن ء دني /, لأننا لا نستطيع أن نرى عزقه / كي لء نرءه ءت عزقه / .

    تعقيب : يعيد الكاتب تحليل الكلمات واعادة قراءتها وفق الالية التي شرحها في مقدمة كتابه ليقول :

    ان الجملة بكاملها من النقش تحتاج الى اعادة ترجمة كالتالي : " ليعرف ( مولاي ) أننا ننتظر حمولات الطعام , وكذلك كل الأتاوات التي أعطاها مولاي , لأننا لا نرى عزقه " , ويبدو أن هوشيعه ورجاله كانوا قد وعدوا بتزويد بالطعام وبتموين آخر من قبل ياوش , يجلبه رجل اسمه عزقة . وهنا يقول هوشيعه انه ورجاله ما زالوا ينتظرون هذا التموين , نظرا لأن عزقه لم يصل اليهم بعد . والواضح ان النقش الذي نحن بصدده لا يتحدث اطلاقا عن " اشارات " عسكرية صادره من " لاخيش " التوراتية . ولا هو يذكر بأي شكل من الاشكال اسم " لاخيش " هذه كما هو الافتراض السائد الى اليوم .

    وقد يعذر الباحثون التوراتيون ان هم التبس عليهم امر / لكس / , / عزقه / الواردتين في النقش الرابع من نقوش تل الدوير , على أنها " لاخيش " و " عزقه " التوراتيتين .

    أما بالنسبة الى النقش السادس , فليس لدى هؤلاء الباحثين أي عذر في أفتراضهم بأن النقش المذكور يتحدث عن " أورشليم " . وفي هذا النقش الذي وجد مكسورا وناقصا , هناك بقايا جملة تقر أ كالتالي "

    / ءدني هل ء تكتب ء ........ ه تعسو كزء ت ....... سلم / .

    والترجمة الامينة لبعض الجملة هذه ( اذا كان الكلام بالفعل جملة واحده في الاصل ) لا تعود الا الى المعنى الآتي : " مولاي , ألا تكتب ..... فعلت هكذا ..... / سلم / " .

    وعلى ذلك , فان الترجمة المقبولة لها تأخذ لنفسها حرية ملء الفراغات بطريقة تبرر قراءة / سلم / الاخيرة هذه باعتبارها الاحرف الساكنة الاخيرة من الكلمة العبرية / يروشليم / , أي " أورشليم " .

    والترجمة , وهي مرّة أخرى من عمل و. ف. ألبرت , تقول بكل صفاقة " والان , مولاي , هل لك أن تكتب لهم قائلا , لماذا فعلتم هكذا حتى بأورشليم ؟ " ان مثل هذه الترجمة الاعتباطية لا يجوز السماح بها حيث هناك أقل احترام للأمانة العلمية . والحقيقة الساطعة هي أن النقش الذي نحن بصدده هنا , الى الحد الذي هو مقروء , لا يتحدث اطلاقا عن " أورشليم " .

    تعقيب :

    اذا وعمليا اذا قبلنا برأي الكاتب المختص في تفسيره واعادة قراءته للنقش السابق , نحن اذا امام حقيقة مذهلة وهي : لم يعثر الاثاريون التوراتيون الذين نقبوا كل شبر في فلسطين والاردن ونقبوا حتى تحت المسجد الاقصى , على أي نقش فيه كلمة " أورشليم " ...! , والى يومنا هذا , انتهى التعقيب .

    والمسألة هنا ليست مسألة كيفية اندراج نقش تل الدوير عمليا في تاريخ فلسطين أو في تاريخ اليهود في فلسطين . وهذا الكتاب لا ينكر أن يهودا عاشوا في فلسطين في أيام التوراة . وجلّ ما يجادل الكتاب فيه هو أن اليهودية ولدت في غرب شبه الجزيرة العربية , وأن أرض الشعب التوراتي البائد والمعروف ببني اسرائيل كانت هناك , وليس في فلسطين .

    لنعود في الاضافة الثالثة ان شاء الله الى " الحجر الموآبي " .

    رد مع اقتباس  
     

  4. #16 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    ما لم يكتشف في فلسطين .. 3

    يلاحظ أن أحد المنقوشات التي يمكن تصنيفها على أنها فلسطينية قد تبدو , في الظاهر , مناقضة لهذا الرأي .

    وهذه هي ما يسمى " الحجر الموآبي " الذي اكتشف أول ما أكتشف في المرتفعات الاردنية الواقعة شرق البحر الميت في العام 1868 , والموجود الان في متحف اللوفر بباريس . والكتابة المطولة المنقوشة على هذا الحجر لها علاقة مباشرة بالتاريخ التوراتي , اذ أنها تتحدث عن أمور تتعلق بنص الملوك الثاني 3:4 .

    لكن القراءة الصحيحة لهذه الكتابة لا تنقض اطلاقا المقولة الجغرافية لهذا الكتاب بل تعزّزها من الشواهد كما سيظهر .

    في هذا " النقش الموآبي " يتحدث ميشع ملك موآب / مسع ملك مءب / عن حروبه مع عمري ملك اسرائيل / عمري ملك يسرءل / و" أبنه " من بعده ( وهو أخاب بن عمري الذي لا يذكره النقش بالاسم ) .

    وبسبب الغزوات المتتالية الذي تعرضت لها أرض موآب في هذه الحروب , اضطّر ميشع الى الجلاء عنها . فانتقل مع اتباعه من موآب الى / قرحه / ( لعلها اليوم جحرا , من قرى الكرك في المملكة الاردنية ) حيث أقام لنفسه عاصمة جديده . وبهذه المناسبة أقام ميشع الحجر الذي كتب عليه النقش . ولهذا , فان " الحجر الموآبي " هو في الحقيقة " حجر / قرحه / " , أو " حجر جحرا " , اذا صح أن / قرحه / هي جحرا , اذ أن ميشع لم يكن يقيم في موآب عندما أقامه " حجر النقش " .

    وليس هناك في الحجر الموآبي ما يشير الى ان " موآب " كان اسما قديما لمرتفعات الكرك شرق البحر الميت ( أي لما سماه العرب بلاد الشراة ) , أو الى أن مملكة اسرائيل كانت تقع في فلسطين . واذا نحن أعدنا قراءة النقش بنصه الأصلي , وليس من خلال الترجمات التي أجريت له حتى الان ( مثل ترجمة و. ف. ألبرايت الى الأنكليزية ) , يصبح من الواضح تماما أن الحروب التي جرت بين أسرائيل وموآب , والتي يتحدّث عنها النقش , انما جرت في الحجاز , وليس في شرق الأردن , وأن مملكتي اسرائيل وموآب , بالتالي , , كانتا متجاورتين في غرب شبه الجزيرة العربية , وليس في جنوب الشام . وفي ما يلي بعض الادلة على ذلك :

    1- في الكلام عن الهجوم الاول على موآب , الذي قام به اتباع الملك عمري , ملك اسرائيل , ( في الاصل / سنءي،م، / , والمفرد سنءي , قارن بالعربية " ثنوي " , و" الثنوي " في العرف القبلي هو دون منزلة " السيد " ) , يصف النقش موآب بأنها / يمن ربن / , وبقرأة النص / يمن / كجمع ل / يم / بمعنى " يوم " , وقراءة / ربن / بمعنى " عديد " , أخذ المترجمون حتى الان تعبير / يمن ربن / على أنه يعني " أياما عديدة " , وهي ترجمة لا تتفق تماما مع المعنى العام للنص . والواقع ان التعبير يشير ببساطة الى أن موآب كانت تقع " جنوب ربن " . والمكان الوحيد في الشرق الادنى الذي ما زال يحمل الاسم / ربن / هو قرية رابن في الحجاز , بالقرب من بلدة رابغ . وكما سيذكر في الفصل 7, الهامش 5 , فان موآب التوراتية قابلة للتعريف اليوم بالأسم بكونها قرية أم الياب / ءم يب / في وادي أضم . وأم الياب هذه تقع عمليا الى الجنوب من بلدة رابغ , ومنها / يمن ربن , أي " جنوب ربن " .

    2- ميشع لا يصف نفسه في النقش بأنه ملك موآب فحسب , بل أيضا بأنه / ديبني / , أي بأنه من / ديبن / . والديبان / ديبن / هي اليوم قرية في منطقة الطائف , غير بعيدة عن أم الياب . وحتى اليوم كان قرّاء " الحجر الموآبي " , قد أفترضوا بأن / ديبن / هي القرية الحالية ذبيان , الى الشمال من منطقة الكرك في المملكة الأردنية , ومن المحتمل أن ذبيان الشامية هذه سميت بهذا الأسم تيمّنا بدبيان الحجاز , بعد أن كان ميشع وأتباعه الهاربون من الحجاز قد وصلوا الى ذلك الجوار ليستقروا فيه .

    3- هناك في النص جملة تقرأ : / ويرس عمري ك ... ص [ كل ه – ءرص؟ ] مهدبء . وقد أخذت هذه الجملة حتى الآن على أنها تشير الى احتلال عمري ملك اسرائيل لبلدة مادبا في شرق الأردن . ولو كانت مادبا / مهدبء / هي المعنية حقا هنا لما كتبت / مهدبء / , نظرا لأن حرف الهاء الذي يتوسط الكلمة لا يسقط عادة من اللفظ في اللغات الساميّة .

    وما تقوله الجملة فعلا هنا هو : " وعمري احتل كل الأرض من / هدبء / , / كل ه- ءرص م- هدبء / , أي جميع أرض موآب ابتداء من / هدبء / . و / هدبء / هذه هي قرية الهدبة , شمال أم الياب , في مرتفعات الطائف المشرفة على وادي أضم .

    4- في أجزاء من النقش ترد لفظة / قر / باعتبارها كلمة تعني " قرية " , ولفظة / كمس / على أنها كموش , اسم اله موآب . وفي أجزاء أخرى , تظهر كل من / قر / و / كمس / بشكل مميز على أنهما اسمان لبلدتين أو قريتين متجاورتين في أراضي موآب . وقريتا القّر / قر / و قماشة / قمش / ما زالتا هناك الى اليوم في الجزء نفسه من مرتفعات الطائف حيث تقع الهدبة .

    5- بين أسماء الأمكنة الأخرى الواردة في النقش , هناك / سرن / وهي اليوم شريان / شرن / , و / محرت / التي هي المحرث / محرث / , و / نبه / التي هي النباة , و / يهص / ( ياهص التوراتيه ) , التي هي الوهسة / وهس / , وكلها قرى في مناطق متجاورة من جنوب الحجاز , وهي وادي أضم ومرتفعات الطائف وبلاد زهران .

    اذن لا يمكن للحروب بين ميشع وملوك اسرائيل , كما رويت في " الحجر الموآبي " , أن تفسر جغرافيا في اطار فلسطين وشرق الاردن , ولا يمكن تفسيرها الا في اطار غرب شبه الجزيرة العربية , مما يقدم دعما مضافا الى الاطروحة التي يعرضها هذا الكتاب . والواضح من القصة التي يرويها نقش ميشع أن هذا الملك الموآبي كانت مملكته الأصلية في الحجاز , وقد اضطر للجلاء عنها بعد أن عانى الهزائم المتكررة فيها على أيدي عمري ملك اسرائيل وابنه آخاب , فاقام لنفسه مملكة جديدة في شرق الأردن لم تكن أراضيها تسمى موآب , وعلى الأقل هي لم تسمّ كذلك في النقش الذي يروي القصّة . وهنا وعلى بعد آمن من خصومه الاسرائيليين في جنوب الحجاز , أصبح هذا الملك " صاحب مواشي " ( كما تصفه التوراة العبرية ) قادرا على الازدهار مرّة أخرى , وعلى استملاك مراع جديدة في أرض / حرن / أي " حوران " لما كان لديه من / بقرن / " ابقار " و /مع،ز، / " ماعز " و / صءن / " ضان أو أغنام " . وحتى الان , كان قرّاء منقوشة ميشع غاية في التشويش حول تفسيرها , الى درجة أنهم أخفقوا في التعرف الى هذه الكلمات الثلاث الاخيرة , كما تظهر في المنقوشة , بما تعنيه في الواقع .

    وفي حين أن كلمة / بقرن / هي بوضوح بقر , بصيغة الجمع المذكر , ف قرأوها على أنها / ب-قرن / التي معناها " بقرى " . اما الكلمتان / معز / و / صءن / فقد حذفتا كليا من الترجمة بسبب سوء التأويل العام للأطار الذي وردت فيه هاتان الأشارتان الصريحتان الى الماعز والأغنام .
    رد مع اقتباس  
     

  5. #17 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    ما لم يكتشف في فلسطين .. 4

    ان الافتراض بأن أرض التوراة العبرية كان فلسطين لم يؤد الى تشويش الموضوع في حقل علم الآثار الفلسطيني وفي قراءة المنقوشات الكنعانية والمنقوشات الأخرى والتي عثر عليها في فلسطين وتأويلها وحسب , بل هو فرض أحكاما مسبقة على دراسة كل نصوص الشرق الأدنى القديمة الأخرى التي تتعلق بتاريخ التوراة بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر . والجداول الطبوغرافية المصرية القديمة الخاصة ب " غرب آسيا " هي احدى هذه الحالات . وفي الفصل 11 ( مسار حملة شيشانق ) سيجري بحث محتويات أحد هذه الجداول لايضاح كيف أنها تتعلق عمليا بغرب شبه الجزيرة العربية .وليس بفلسطين والشام والعراق , وهو ما أخذ حتى الان كأمر مسلّم به . وليست الجداول الطوبوغرافية المصرية الأخرى وحدها هي التي تورد أسماء أماكن توراتية , بل ان الجداول الاشورية والبابلية , مثل جداول آشور بانيبال الثاني ( 883 – 859 قبل الميلاد ) , وشلمانصر الثالث ( 859 – 824 قبل الميلاد ) , وسرجون الثاني ( 721 – 705 قبل الميلاد ) , تقدم أيضا سجلات للفتوحات في غرب شبه الجزيرة العربية , وليس في الشام .

    ولاعطاء مثال واحد لا أكثر , فانه في الأسطر الأولى من جدول سرجون الثاني , يصف هذا الملك الآشوري نفسه بأنه " فاتح سا-مي- ري-نا(سمرن )وبيت-خو-ءم-ر-يا(خمري ) " . وقد ساد الاعتقاد حتى الان أن الاشارة في هذين الأسمين هي الى " السامرة " / شمرون / بالعبرية و " بيت " عمري ملك اسرائيل / عمري / بالعبرية . وقد كانت مملكة عمري الاسرائيلية بالتأكيد في جنوب الحجاز , أي في عسير الجغرافية , كما سنوضح في الفصل 10 . و " السامرة " ما زالت هناك

    وتدعى " شمران " , باسمها في صيغته التوراتيه الأصليه بلا تغيير ( الفصل 10 ) . لكن الاشارة في جدول سرجون الثاني ليست الى " السامرة " و " بيت عمري " بل الى منطقة جيزان , حيث ما زالت توجد قرية في جبل هروب اسمها الصرمين ( سمرن في جدول سرجون ) , وقرية أخرى اسمها الحمراية ( خمري في جدول سرجون ) في وادي عقاب بناحية أبي عريش . والنص الذي يلي , والذي يورد أسماء أمكنة كثيرة أخرى , يشير الى أنه لا بد أن يكون سرجون الثاني قد فتح كل عسير الجغرافية , أي كل أراضي غرب شبه الجزيرة العربية الواقعة بين الطائف وحدود اليمن .

    وعلى سبيل المثال , فانه في منطقة جيزان " طارد مي-دو-ءا, ملك موس-كو " . وموس-كو هي اليوم قرية مسقو , في ناحية العارضة شرق أبو عريش .

    وفي رجال ألمع قام ب " نهب أس-دو-دو " التي هي اليوم قرية السدود . وفي النهاية الشرقية لوادي نجران " اقتنص ال يا-ما-نو في ال يا-مو كالسمك " . والاشارة هي الى " اليمنيين " أي " شعب الجنوب " ( " البنيامينيون " التوراتيون , أو " بنو يامن " في الشعر العربي القديم ) الذين لم يعيشوا في " البحر " ( يم ) , بل في بلاد يام ( يم ايضا ) , بين وادي نجران ورمال الربع الخالي . وفي منطقة الطائف , " هزم " مو-صو-ري( مصر ) و را-في-خو ( رفخ ) , اللتين هما اليوم آل مصري و الرفخة . وكذلك فقد " أباد كل تا-با-لي " , التي هي اليوم وادي تبالة , من روافد وادي بيشة , وخي-لاك-كو( خلك ) , التي هي اليوم الخليق ( خلق ) , في منطقة الطائف . وفي مكان قريب " أعلن كون ها-نو, ملك خا-زا-أت-آ-آ غنيمة " . وحتى الان , أخذت خا-زا-أت-آ-آ على أنها " غزة " , / عزه / بالعبرية , وهو ما لا يمكن أن يستقيم بقدر عدم استقامة خو-ءم-ر-يا على أنها عمري / عمري / .

    ونظرا الى أن حرف " العين " لا تفرق عن " الهمزة " في الكتابة المسمارية المقطعية ....

    ملاحظة : الكاتب يحلل ويعيد قراءة جدول سرجون الثاني المكتوب " بلغته " لذلك استعمل بين الحروف " – " . انتهت الملاحظة .

    .... لا بد أن تكون الاشارة هنا الى قبيلة من غرب شبه الجزيرة العربية القديم , هي قبيلة خزاعه ( خزعت ) التي ما زالت بقاياها موجودة في موطنها الأصلي في جنوب الحجاز ( الجوار العام لمكة المكرمة والطائف ) . وعلى بعد حوالي 200 كم الى الجنوب من أراضي خزاعة هذه ( أي " على مسافة سبعة أيام " كما جاء في المنقوشة ) " أخضع ( سرجون الثاني ) سبعة ملوك من بلاد ءيء-ياء " ( ءيء , أو عيء ) , التي هي اليوم وادي عياء , من روافد وادي ابن هشبل على الجانب البحري من عسير . وبوجود جميع هذه الأسماء الواردة في جدول سرجون في غرب شبه الجزيرة العربية, وهي ما زالت قائمة, وبلا أي تغيير فيها كما هي الحال , أي سبب يبقى للإصرار على الاعتقاد بأن هذا الجدول يشير الى فتوحات آشورية في الشام وفلسطين , حيث لا يمكن العثور على أي من هذه الأسماء ؟

    على أمل الانتقال في الاضافة القادمة الى " رسائل العمارنة " .

    تعقيب ضروري ..

    مما سبق , وحتى لا يضيع القصد من وراء القول بأهمية هذا الكتاب وعلميته , يجب دائما التذكير بأن الكاتب " الدكتور كمال الصليبي " , اختصاصي باللغات القديمة , اذا هو قام بعمل من ضمن اختصاصه وعلمه .

    وعاد الى التوراة القديمة , بنصها الأول , أي قبل عمل " المصوراتيين " في القرن العشر الميلادي كما ورد في المقدمة , كما وأعاد قراءة السجلات " الجداول " الاشورية والبابلية والمصرية " , بلغتها التي كتبت فيها , وليس بترجماتها الى اللغات الحديثه كالانكليزية والفرنسية والالمانيه , وصحح في احيان كثيرة ليس فقط الترجمات وانما الكلمات في قرأتها بحرفها ولغتها التي " نقشت " بها ,

    واذا وافقنا على ان علماء اليهود التوراتيين , لم يحسنوا اعادة تشكيل التوراة في القرن العاشر الميلادي بسبب انقطاع الزمن , ثم زوروا قصدا في العصر الحديث , وكما برهن الدكتور الصليبي , ترجمة النقوش المكتشفة في فلسطين , وأولوها بغير معناها .

    تصبح الردود التي قام بها كتاب عرب من امثال " فراس السواح " و " أحمد داوود " , واللذين لا يجيدان اللغات القديمة , وليسا اختصاصيين في التاريخ القديم اكاديميا , نوع من العبث الفكري المستند الى ترجمات مشكوك بها لنصوص لم يحسن علماء الاثار واللغات القديمة قراءتها في احسن الافتراضات , هذا اذا ابتعدنا عن نظرية المؤامرة في موضوع يتعلق بأكبر مؤامرة في التاريخ " دولة اسرائيل " .
    رد مع اقتباس  
     

  6. #18 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    ما لم يكتشف في فلسطين .. 5

    وبالإضافة إلى الجداول الطبوغرافية المصرية والآشورية والبابلية, فان هناك سجلات قديمة أخرى للشرق الأدنى تورد أسماء أماكن توراتية, والأهم بين هذه السجلات ما يسمى " رسائل العمارنة ". وهذه عبارة عن لوحات مسمارية تعود بتاريخها الى القرن الرابع عشر قبل الميلاد اكتشف أولها في مصر في العام 1887.

    وهذه اللوحات التي كتبت بأكّادية محرفة, وأحيانا بالكنعانية, تفيد عن مشاكل كان يواجهها عملاء الحكومة المصرية مع الزعماء المحليين لبعض المقاطعات الآسيوية, التي ساد الاعتقاد حتى الآن بأنها من الشام وفلسطين.

    والواقع أن بعض أسماء الأمكنة المفردة الواردة في رسائل العمارنة تطابق فعلا أسماء أمكنة موجودة في فلسطين وفي غرب شبه الجزيرة العربية في آن معا, وأبرز هذه الحالات تلك المتعلقة ب آكا ( عكا ) و يافو ( يافا ). أمّا إذا أخذت أسماء أماكن العمارنة جماعيا, فإنها لا تندرج عمليا إلا في غرب شبه الجزيرة العربية. وفي ما يلي أمثلة على أسماء الأماكن هذه, والأمثلة تقتصر فقط على الأسماء التي استمرت في الوجود في جنوب الحجاز وفي عسير بالصيغة الأصلية لأحرفها الساكنة من دون أن يطرأ عليها أي تغيير:

    1_ أدورو( ءد أو عدر ): العذرا في رجال ألمع, العذرة في بني شهر.

    2_ آكّا ( ءك أو عك ): العكّة قرب النماص, عكوة في منطقة جيزان.

    3_ أكشف ( كشف ): الكشفة قرب جدة, الكشف في رجال ألمع.

    4_ أفيرو ( ءفر أو عفر ): العفراء قرب النماص, عفراء في وادي أضم..

    5_ أرارو ( ءرر لأو عرر ): عرار في منطقة جيزان, العرارة قرب ظهران الجنوب.

    6_ أزّاتي ( ءزت أو عزت ): آل عزّة في بلّحمر, العزّة في المجاردة.

    7_ بورقونا ( برقن ): البرقان قرب خميس مشيط. البرقان في في بني شهر..

    8_ بوروزيليم ( برزلم, والظاهر بر زلم ): براء ( بر ) في رجال ألمع, المعرفة بكونها تلك الواقعة في أراضي بني ظالم ( ظلم ) في المنطقة نفسها..

    9_ جارو ( جر ): الجرو ( جر ) في سراة عبيدة, جراء في رجال ألمع..

    10_ جزري ( جزر قارن مع " جازر " التوراتية ): الغزر في وادي أضم..

    11_ جي-ءم-تي ( جمت ): الغماط ( غمط ) في منطقة جيزان, الجمّة ( جمت ) في بني شهر..

    12_ جنتي كرمل ( جنت كرمل ): جناة, وهي منسوبة هنا الى جبل كرمل, وكلاهما في منطقة جيزان.

    13_ جبلا ( جبل ): مترافقة مع بوروزيليم ( رقم 8 ) في التقرير نفسه, ولا بدّ ان جبلا هذه هي اليوم قبلة في رجال ألمع..

    14_ هارابو ( هرب ): هروب ( جبل هروب, أو هروب الملقا ) في منطقة جيزان.

    15_ خازاتي ( خزت أو خزعت التي اعتبرت خطأ حتى الآن تفريعا ل أزّاتي, أو غزّة, مع العلم أن أزّاتي هي آل عزّة ): هي الأسم القبلي خزاعة ( خزعت ), من غرب شبه الجزيرة العربية, والأسم ذاته يرد في جدول سرجون الثاني الطبوغرافي على شكل خا-زا-أت-آ-آ .

    16_مجدلو ( مجدل ): في إطار ما ورد يجب أن تكون الإشارة هنا إلى القرية الحالية المجدل في ناحية تنومة القريبة من رجال ألمع, وليس أيا من الأماكن العديدة الأخرى التي تحمل الاسم نفسه.

    17_ مجدّو ( مجد, قارن مع / مجدّو / التوراتية التي لم يعثر عليها إطلاقا في فلسطين بهذا الاسم, خلافا للاعتقاد السائد): اطار الكلام يوحي بأن مجدو هذه بالذات هي مقدي أو مقدّي ( مقد ) الحالية في منطقة القنفذة.

    18_ مشقو ( مشق ): إطار الكلام يشير إلى المشقا في رجال ألمع, وليس إلى المشقة في وادي أضم.

    19_ محزّو ( محز ): المحظي قرب ظهران الجنوب, أو إحدى قريتين تسميان محضة في منطقة نجران, علة أن إطار الكلام يشير إلى قرية آل مزاح ( مزح بالاستبدال ) في رجال ألمع.

    20_ فيلاّ ( فل أو فلل ): الفلل في وادي أضم, الفيل ( فل ) في منطقة القنفذة..

    21_ قنو ( قن ): قنا ( قن ) في منطقة قنا والبحر.

    22_ ريموني ( رمن ): الريمان في بلّحمر..

    23_ سيلي ( سل ): إطار الكلام يشير إلى السيول, في منطقة قناوالبحر..

    24_ سوتو ( ست ): آل صوت ( صت ) في منطقة جيزان, إلا إذا كانت الاشارة هنا الى قبيلة السواطي ( والمفرد ساطي ) بجوار مكة المكرّمة, أو قبيلة سوطه في منطقة الطائف.

    25_ شي-ءي-ري( شعر ): الشّعراء ( شعر ) في منطقة جيزان.

    26_ شوناما ( شنم ): سنومة في رجال ألمع.

    27_ أودومو ( ءدم ): الأرحج هنا أنها وادي أدمة في منطقة بيشة, وليس وادي

    ادّام جنوب مكة المكرّمة..

    28_ أوروساليم ( ءرسلم أو ءر سلم ): حول تعريفها المقترح ب " أوروشليم " التوراتية, أو يروشليم, باعتبارها آل شريم الحالية قرب النماص, الفصل 9 .

    وأوروساليم هنا يحتمل أن تشير إلى القريتين التوأمين أروى ( ءرو ) وآل سلام ( سلم ) قرب تنومة, جنوب النماص, حيث تنسب أروى هنا الى آل سلام المجاورة تفريقا لها عن مكان آخر في الناحية ذاتها يحمل الاسم نفسه, وهو قرية آل عمر أرواء.

    29_ يافو ( يف ): وفية في منطقة جيزان, الوافية قرب خميس مشيط.

    30_ زرقو ( زرق ): الزرقاء أو الزّرقة في منطقة جيزان.

    وهذه كلها ليست, بشكل من الأشكال, أسماء الأماكن الوحيدة في رسائل العمارنة الموجودة الى اليوم في غرب شبه الجزيرة العربية, بل هي فقط تلك التي حافظت, بأحرفها الساكنة, على التهجئة نفسها التي أعطيت لها في لوحات العمارنة.

    أضف إلى ذلك أن الطريقة التي جمعت بها هذه الأسماء في تقارير معينة توضح كيف أن مجموعات مختلفة من رسائل العمارنة تتحدث عن مناطق مختلفة من غرب شبه الجزيرة العربية حصرا دون غيرها, إذ منها ما يتحدث عن مناطق شمالية, ومنها ما يتحدث عن مناطق جنوبية أو داخلية, وبهذا فأنها تقدم مغزاها الجغرافي في إطار غرب شبه الجزيرة العربية كاملا.

    وفي جميع الأحوال, تبقى القصة هي نفسها دوما: لقد أخذت هذه المنقوشات والسجلات القديمة على أنها تتعلق بفلسطين لأنها تورد أسماء أمكنة توراتية ( وهذا صحيح ), ولأنه يعتقد بأن أسماء الأمكنة التوراتية تخص فلسطين ( وهذا خطأ ). وكلما أعيد تفحص هذه السجلات القديمة ظهر أنها بدلا من ذلك تتعلق بغرب شبه الجزيرة العربية, تماما كما هو الأمر بالنسبة للتوراة العبرية نفسها, وربما كان الوقت قد حان لاعادة دراسة هذه السجلات, جنبا إلى جنب مع دراسة التوراة العبرية, في هذا الضوء الجديد.
    رد مع اقتباس  
     

  7. #19 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    الفصل السادس

    تهامة في التوراة.. 1

    إن رسم مشهد شبه الجزيرة العربية الخاص بالتوراة العبرية لا يحتاج إلى تحديد نقطة معينة للانطلاق, ولا إلى اختيار نماذج معينة من الطبوغرافيا التوراتية لدراستها, فكل الدلائل, من سفر التكوين إلى سفر ملاخي, تشير إلى الاتجاه نفسه.

    وفي الفصول السابقة جرى التلميح إلى أن أرض يهوذا التوراتية تضمنت البلاد الهضابية في الجانب البحري من مجال عسير, التي تنتهي بالصحراء الساحلية المسماة تهامة. وما يمكن عمله كبداية هو إيضاح كيف أن تهامة هي في الواقع / تهوم / المشار إليها ثلاثين مرّة في النص ألتوراتي. وعند البرهان على هذا يكون قد تم تثبيت حقيقة قد تفيد كقاعدة جيدة للجغرافيا التوراتية ككل.

    من الناحية البنيوية, ليس أسم تهامة / تهم / بلا تصويت, اسما عربيا. لكنّه مشتق من جذر عربي هو " هيم " ( المصوّت هام ), بمعنى " عطش ". ومنه " الهيام ", وهو أشد العطش. وأحد الاشتقاقات العربية من هذا الجذر هو المصدر هيام ( بفتح الهاء )الذي يشير إلى " ما لا يتمالك من الرمل ". وهناك " الهيماء ", وهي " الفلاة بلا ماء ". وتربة تهامة الساحلية, التي تمتد على طول غرب شبه الجزيرة العربية بأسره, هي المثل الساطع على معنى " الهيام " و " الهيماء ". وسواء في الحجاز أم في عسير أم اليمن, نجد أن مياه الأمطار التي تنحدر من المرتفعات باتجاه الساحل عبر عدد لا يحصى من جداول الوديان الموسمية أو الدائمة, تتلاشى في هذه التربة الساحلية الراشحة قبل الوصول إلى البحر, مخلفة وراءها آثار على شكل مثلثات جافة تنتهي عند حد الشاطىء.

    بالعربية, كان لأسم الصحراء الساحلية لغرب شبه الجزيرة العربية أن يكون " الهيماء ". أما اسمها الفعلي, تهامة, فهو استمرار في الوجود لمصطلح / تهوم / المثبت في التوراة. وكما تظهر في التوراة, فان / تهوم / هي أسم الفعل أو المصدر المؤنث من / هوم / ( قابل بالعربية هيم ), والتاء في بداية الاسم هي الضمير المتصل المؤنث المفرد للغائب, وهذا الضمير, وكذلك الضمير المتصل المذكر المفرد للغائب, وهو الياء, يدخل في تركيب أسماء العلم, ومعظمها على ما يبدو من أسماء الأماكن والقبائل, مثل تدمر, وتغلب, وتنوخ, ويثرب, وينبع, ويكرب, وجميعها أسماء جغرافية أو قبلية مشهورة في العرف العربي. وفي حين أن المختصين بالعبرية التوراتية كانوا قد وجدوا دوما في اللفظة العربية " تهامة " المثيل للفظة / تهوم / التوراتية, فقد شاع القول بأن اللفظة في العبرية مشتقة من مصدر ممات هو / تهم /, وأنها تعني " الغمر " أو " اللجّة " أو " المحيط الأقدم " أو " المياه ألجوفيه ". والواقع أن / تهم / كمصدر بهذا المعنى, لا وجود له في أي نصّ ساميّ قديم. وكما أن اللفظة العربية " تهامة ", التي هي أسم جغرافي لا يحمل أداة التعريف العربية " أل ", فان اللفظة العبرية / تهوم / لا ترد في أي مكان في النصوص التوراتية مرفقة بأداة التعريف العبرية / ه / ( التي تصوّت تقليديا / ها / ). وقواميس العبرية التوراتية تشير إلى هذا الواقع دون أن تقدم تفسيرا, مثله مثل أمور كثيرة أخرى, بسبب عدم توفر المعرفة الضرورية بشأنه. والتفسير طبعا هو أن / تهوم / التوراتية, مثلها مثل تهامة العربية, ليست أسم نكرة يمكنه أن يأخذ أو لا يأخذ أداة التعريف, بل هو أسم جغرافي لا يحمل أداة التعريف أصلا. والواقع أن جميع الأسماء الجغرافية والقبلية العربية المبنية على وزن " يفعل " أو " تفعل " لا تحمل أداة تعريف. ولو كانت / تهوم / اسم نكرة يعني " العميق ", أو مهما افترض خطأ أنها تعني, لكانت ما اقتصرت على الظهور فقط بصيغة النكرة / تهوم /, بل أيضا بصيغة المعرفة / ه- تهوم / حيث يتطلب أطار الكلام هذه الصيغة, وهي ليست الحالة في أي مكان من التوراة.

    عمليا, إن / تهوم / تعطي معناها الأفضل, حيث ترد في التوراة العبرية, بكونها الاسم السامي القديم للأراضي الساحلية لغرب شبه الجزيرة العربية التي تسمى اليوم تهامة. وورود الاسم في بعض الجمل التوراتية في صيغة الجمع المؤنث / تهو موت / أو / تهموت / أو / تهمت / بالأحرف الساكنة وحدها يشير إلى أمرين:

    الأول هو أن / تهوم / كانت تعتبر اسما مؤنثا (إذ إن تاء البداية فيها هي ضمير تأنيث, كما لوحظ سابقا), والثاني هو أن / تهوم / التوراتية, مثلها مثل تهامة العربية, لم تشر يوما إلى امتداد مفرد مستمر للصحراء الساحلية لغرب شبه الجزيرة العربية. بل إلى أشرطة مختلفة من هذه الصحراء, يعرف كل منها باسم

    فرعي استنادا إلى موقعه المعين. وهناك اليوم تفريق واضح بين تهامة الحجاز, وتهامة عسير, وتهامة اليمن. وربّما هناك تفريقات إضافية بحسب الاسم بالنسبة لكل من هذه ال " تهامات " الثلاث في المصطلح الجغرافي المحلّي لكل منطقة. ولا شك أن الأمر نفسه كان متبعا في أيام التوراة
    رد مع اقتباس  
     

  8. #20 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    تهامة في التوراة.. 2

    ولأن / تهوم /, كما تظهر في التوراة العبرية, التي يظهر فيها الاسم, سواء بصيغة المفرد أو بصيغة الجمع, قرئت خطأ, وترجمت بالتالي خطأ, وكمثال أول ندرج هنا الترجمات المعتمدة في العربية ل " البركات " التي أسبغها على قبيلة يوسف الإسرائيلية كل من إسرائيل ( وهو يعقوب أبو الأسباط ) وموسى.

    وهذه الترجمات مأخوذة من الكتاب المقدس الذي ترجم إلى العربية من اللغات الأصلية بإشراف " جمعية التوراة الأمريكية " و " وجمعية التوراة البريطانية والأجنبية ", وهو أوسع ترجمة للكتاب المقدّس انتشارا في العالم العربي:

    آ- يباركك / يبركك /, تأتي بركات السماء من فوق / بركت شميم م_عل /, وبركات الغمر الرابض تحت / بركت تهوم ربصت تحت /, بركات الثديين والرحم / بركت شديم ورحم / (سفر التكوين 25:49).

    ب- مباركة من الرب أرضه / مبركت يهوه ءرصه / بنفائس السماء بالندى / م_مجد شميم م_طل / وباللّجة الرابضة تحت / م_تهوم ربصت تحت /.*

    * هامش.

    الميم التي هي حرف جر " من " في / م_مجد و م_ تهوم / أربكت المترجمين لهذا النصّ في جميع اللغات. وقد ترجمت إلى العربية على أنها حرف جرّ آخر هو " الباء ", وفي ذلك تحوير جذري للمعنى, لأن الباء كحرف جرّ تفيد معنى معاكس تماما للمعنى الذي تفيده " من ".

    ................................

    ويبدو أن قبيلة يوسف شغلت أرضا تقع في وادي أضم وجواره, في المرتفعات المطلّة على صحراء تهامة الساحلية قرب بلدة الليث (وهي / ليش / التوراتية).

    وفي هذا المكان توجد حتى اليوم قرى تسمّى ركّة / ركه أو ركت /, والربيضة (/ ربضت / بلا تصويت, قارن مع / ربصت /) والثديين (قارن مع / شديم / بالعبرية), والرحم / رحم /, والبركة (/ بركه / أو / بركت /), والمقدّة, وهي شعيب المقدة, ( قارن مع / مجد /), وكذلك مجموعتان من القمم التوائم, كل منها تسمى السماين ( سمين, قارن مع /شميم/ بالعبرية التي تصوّت /شمايم/).

    وإذا أخذت أسماء الأمكنة هذه في الاعتبار, وأعيدت قراءة مجموعتي "البركات" التي أسبغت على قبيلة يوسف على ضوء أسماء الأمكنة هذه, من دون الالتفاف إلى التصويت المصوريتي, يتبّين أنها لا تتعلق عمليا ب " بركات ", بل بتحديدات لأراضي القبيلة أو الأراضي التي كانت تدعيها لنفسها:

    أ?- سوف ينزلك /يبركك/ في ركّة السماوين من أعلى/ ب_ركت شميم م_عل/, في ركّة تهامة الربيضة من أسفل / ب_ركت تهوم ربصت تحت/ في ركّة الثديين والرحم / ب_ركت شديم و_رحم/.

    ب?- من البركة تكون أرضه /م_بركت يهوه ءرصو/, من مقدّة السماين /م_مجد شميم/, من القمة /م_طل/, ومن تهامة الربيضة أسفل / و_م_تهوم ربصت تحت/.

    والقرية الصغيرة المسماة ركّة اليوم, والتي يبدو أنها كانت الموطن الرئيسي لقبيلة يوسف في وادي أضم في أيام التوراة, معرّفة في "البركة" الأولى بالنسبة إلى قمم السماين وقرى الربيضة والثديين والرحم, مع إشارة إلى وجود السماين والربيضة في أعلى الهضبة وأسفلها على التوالي, ومع وجود الربيضة في أراضي تهامة.

    وفي "البركة" الثانية يشار إلى حدود أراضي يوسف الداخلية بأنها قريتا البركة والمقدّة المجاورتان للسماين ( حيث هناك قرى أخرى تحمل الاسمين نفسيهما في غرب شبه الجزيرة العربية), والى الحدود الساحلية بأنها صحراء تهامة قرب الربيضة.

    ولعّل هناك تلاعبا بالكلمات في كل من هذين التحديدين لأراضي قبيلة يوسف.

    وكثيرا ما تحاول النصوص التوراتية أن توحي معاني لأسماء الأعلام عن طريق مثل هذا التلاعب الكلامي, خصوصا في الأسفار التي تعالج فترات ما قبل التاريخ, والتي تعنى بالأساطير أكثر من واقع الأحداث. والتلاعب في الفقرتين اللتين هما قيد البحث هنا قد يكون بالكلمات التالية:

    أ?- /يبركك/: فعل /برك/ بالعبرية يفيد معنى " البركة", ويفيد أيضا معنى "الركوع" (وفي العربية "الاستناخة"). ويقال بالعربية "برك بالمكان" أي "ثبت وأقام به". /يبركك/ بالعبرية إذن, قد تعني "يباركك" أو "ينزلك", أي "يجعلك تثبت وتقيم".

    ب?- /بركت/: المعنى هنا قد يكون "بالركة" إذا قرئت الباء على أنها حرف جر. وقد يكون "بركة" إذا اعتبرت الباء جزءا من الكلمة.

    ت?- /شميم/: الكلمة بالعبرية, وهي في صيغة المثنى أو الجمع المذكر, تفيد معنى "السماوات" (جمع مؤنث "السماء"). وهي تتطابق تماما مع اسم الموقع "السماين" في الوقت ذاته, لأن لاحقة جمع المذكر العبرية, وهي حرف الميم, محوّلة في الاسم الحالي إلى ألاحقة العربية للجمع المذكر, وهي النون.

    ث?- /ربصت/: فعل /ربص/ بالعبرية يقابله بالعربية "ربض", وبالمعنى ذاته. /وربصت/, بالتالي, قد تعني "رابضة", بالإضافة إلى إشارتها إلى مكان اسمه "الربيضة".

    ج?- /شديم/: الكلمة بالعبرية في صيغة المثنّى المذكر, ومفردها /شدي/ بمعنى "الثدي". ولذلك /شديم/ تعني بالعربية "الثديين", بالإضافة إلى أنها تشير إلى مكان اسمه بالشكل العربي الحديث " الثديين".

    ح?- /رحم/ العبرية قد تعني "الرحم" بالعربية, وقد تشير إلى مكان اسمه " الرحم".

    خ?- /مجد/ العبرية تعني "الهدايا الثمينة", أي "النفائس", بالإضافة إلى إشارتها إلى مكان اسمه باللفظ العربي اليوم " المقدّة".

    د?- /يهوه/: قد تعتبر هذه الكلمة بالعبرية على أنها الاسم الذي تطلقه التوراة على الله, وهو اسم لا يلفظ بالقراءة إجلالا بل يكنى عنه بكلمة "الرب", وهكذا يترجم إلى العربية. ويعتبر علماء اللغة أن /يهوه/ هي أيضا صيغة مضارع لفعل /هيه/, بمعنى "كان". والمضارع في هذا الفعل هو عادة /يهيه/. كلمة /يهوه/, إذن, قد تعني " الرّب" وقد تعني "يكون"*.

    كل هذا صحيح. ومع ذلك تبقى حقيقة أن "البركات" الاثنين المسبغتين على قبيلة يوسف, في سفري التكوين والتثنية, توردان أسماء أمكنة, وتقودان بالتالي إلى معنى ملموس. ومهما كان المعنى التصويري الذي ربما قصد بهذا التلاعب بالكلام فانه يجب أن ينظر على أنه أمر له أهميته ثانوية, إن وجد.

    ..................................

    * أحد أكثر الأخطاء شيوعا في القراءة التقليدية للتوراة تتعلق بالخلط بين /يهوه/ بمعنى "هو يكون", أو "سيكون هو", مع /يهوه/ كاسم لله.

    وعلى سبيل المثال, فان الجملة غير ذات المغزى "الرب /يهوه/ أمطر على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب /ءش م_ءت يهوه/ من السماء" (سفر التكوين24:19), تقرأ عمليا "الرب /يهوه/ أمطر على سدوم وعمورة كبريتا, وهو نار موت /و_ءش مءت يهوه/ من السماء".

    و/مءت/ العبرية هنا يجب أن تقرأ كمتهجية منوعة ل /موت/, التي تعني بالعربية "الموت". وفي اللغات السامية يبقى التوقف الحنجري المعروف بالهمزة قابلا للتبادل مع الحرفين شبه الصوتيين, الواو والياء.
    رد مع اقتباس  
     

  9. #21 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    تهامة في التوراة.. 3

    وهنا علينا أن نعود إلى النقطة الرئيسية لهذا الفصل. ففي فقرتي "البركات" هاتين, كما ترجمتا عن العبرية التوراتية الأصلية, يتضح أن /تهوم/ ترد بمعنى شريط من أرض تهامة في غرب شبه الجزيرة العربية, محدد بالعلاقة بما هو اليوم قرية الربيضة, في محيط بلدة الليث بالحجاز. والاستمرار في قراءة /تهوم/ العبرية, في هذا السياق على الأقل, كاسم نكرة يعني "الغمر", أو "اللجّة", سيكون تكرارا لخطأ يكون تكرّس بمضي الزمن, ولكنه يبقى مع ذلك خطأ.

    وهناك مقاطع أخرى في أسفار مختلفة من التوراة تتحدّث عن /تهوم/ بالعلاقة مع أماكن ما زالت موجودة بأسمائها نفسها, في جزء أو في آخر من تهامة عسير وجنوب الحجاز. ومن نافل القول الإضافة بأنه يجب إعادة تأويل كل هذه المقاطع بشكل جذري. وعلى سبيل المثال, فان سفر الخروج 5:15 يتحدث عن /تهوم/(/تهمت/, بلاحقة التأنيث المفرد أو الجمع) بالعلاقة مع مكانين في وادي مدركة, في تهامة الحجاز جنوب الليث, هما المصلاة والبناية (التوراتيتان: /مصلوت/ و /ءبن/). والمزمور 7:33 يتحدث عن /ءوصروت تهوموت/, و /ءوصروت/ هي جمع /ءوصره/, ولا بد أن الاشارة هنا هي إلى أكثر من مكان اسمه / وصره/ في أماكن مختلفة من تهامة, ولذلك تظهر /تهوموت/ هنا في صيغة الجمع. ومن هذه المواقع التهامية اليوم " وذرة" في جوار القنفذة, و "وزراء" على مسافة قصيرة إلى الجنوب في جوار "حليّ".

    وفي يونان 2:6 تشير /نفش تهوم/ بالتأكيد إلى قرية من تهامة هي اليوم " النّفش", في منطقة جيزان. ويتحدث عاموس 4:7 عن "نار" الإله /يهوه/, التي تلتهم / تهوم ربة/ و /ه_حلق/, وهما ليسا "الغمر العظيم" و "الحقل" كما في الترجمة العربية المألوفة, بل "تهامة الرّبة" في منطقة قنا والبحر, وقرية "الحقلة" (مع أداة التعريف, كما في العبرية) في منطقة جيزان. و"نار" يهوه كانت بلا شك بركانية. ومباشرة إلى الغرب من الربّة, في منطقة قنا والبحر, يوجد أكبر حقول الحمم البركانية في عسير الساحلية. أما بالنسبة "للحقلة" فهي تقع بالقرب من الفوهات البركانية لجبل القارعة. ويجب أن تكون زلازل هذه المناطق البركانية في عسير الساحلية هي ما أشير إليه في المزمور 17:77 في الجملة /ءف يرجزو تهموت/. وهذه يجب أن تترجم لتقرأ "زلزلت أيضا التهامات", بدلا من الترجمة المألوفة الملتبسة "ارتعدت أيضا اللجج".

    وبغض النظر عن الجمل التوراتية التي تورد أسماء أمكنة موجودة على امتداد ساحل تهامة في جنوب الحجاز وعسير, هناك جملتان لهما مغزى جغرافي خاص تشيران إلى أمكنة في المرتفعات "المواجهة ل" أو "المشرفة على" (وبالعبرية/عل فني/) تهامة هذه. واحدة من هاتين الجملتين, في سفر التكوين 2:1, تتحدث عن /حشك عل فني تهوم/. وقد ترجمت هذه الجملة إلى العربية "وعلى وجه الغمر ظلمة". والترجمة الصحيحة هي "وعلى وجه تهامة ظلمة". والواقع أن هناك قرية اسمها "الخشقة" (خشق, قابل العبرية /حشك/ بمعنى ظلمة) في منطقة قنا والبحر, والقرية هذه في تهامة عسير. ولعلّ في الأمر هنا أيضا تلاعبا في الكلام, إذا اعتبرنا أن الجملة العبرية قد تعني أيضا "الخشقة المشرفة على تهامة".

    وإحدى هذه الجمل الأخرى في هذا الصدد ورد فيها /حقو هوج عل فني تهوم/ ( الأمثال 27:8), أي "حقو هياج المشرفة على تهامة", والحقو والهياج هما اليوم قريتان من منطقة جبل هروب, شمال شرق جيزان, وتشرفان في الواقع على تهامة. وفي النص العبري جاءت الحقو معرفة بالنسبة إلى الهياج المجاورة لتمييزها, بلا شك, عن عدد من القرى الأخرى المسماة "حقو" والتي ما زالت موجودة في مناطق مختلفة أبعد شمالا. والجملة التالية في الفقرة نفسها (الأمثال 28:8) تذكر أسماء أمكنة أخرى موجودة في أجزاء مختلفة من عسير, من بينها /عزوز عينوت تهوم/, أي "عزيزة عينات تهامة", وكل من عزيزة والعيينات ما زالتا موجودتين كقريتين تهاميتين في الجوار المباشر لليث. وفي الترجمات الراهنة تؤخذ /ب_حقو هوج عل فني تهوم/ على أنها تعني "لّما رسم دائرة على وجه الغمر". أما /ب_عزوز عينوت تهوم/, فقد جعلت في الترجمة العربية المألوفة "لما تشددت ينابيع الغمر" ويقرّ علماء التوراة بالنسبة لهذه الجملة الأخيرة بأن "معنى النص العبري غير مؤكد".

    والواضح من هذا الفصل أن /تهوم/ التوراة العبرية كانت صحراء تهامة الحالية في غرب شبه الجزيرة العربية, وليست "غمرا" أو "لجّة" من أي نوع.

    والدليل الاسمي يؤكد هذا من دون أدنى شك. وأكثر من هذا, فان ترجمات المقاطع التي تتحدث عن /تهوم/ آخذة في اعتبارها هذه الحقيقة يمكنها أن تجتاز الاختبار العملي والدقيق بكونها تحمل مغزى جغرافيا واضحا لا لبس فيه, وهو مغزى ملموس وغير تصويري. وحيث هناك معنى ملموس لأي نصّ لا يبقى هناك مجال للبحث عن أي معنى آخر.

    هذا, إذن, هو واقع الأمر بالنسبة إلى /تهوم/ التوراة, وهي اليوم ساحل تهامة على البحر الأحمر, من شبه الجزيرة العربية, ومن هنا نبدأ.

    .................................................. ........

    على أمل الانتقال في الفصل السابع القادم إلى " مسالة الأردن.
    رد مع اقتباس  
     

  10. #22 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    مسألة الأردن.. 1

    "الأردن" /ه_ يردن/ لم يكن في التوراة العبرية نهرا /نهر/ بالعبرية والعربية على السواء. وأكثر من ذلك, فان أهل الاختصاص يعرفون تماما أن ما من مكان وردت فيه هذه الكلمة في النصوص التوارتية معرّفة على أنها اسم نهر*.

    ..........*

    انظر سايمونز, الفقرة 137. ومع ملاحظة أن "أكثر أنهر فلسطين أهمية" لم يشر إليه أبدا في التوراة العبرية على أنه نهر, يضيف سايمونز في هامش أن "مشكلة أصل ومعنى كلمة /يردن/, التي اختلفت الآراء حولها, ما زالت بلا حل "

    .................................................. .....

    أما كيف أصبح النهر الفلسطيني الشهير يعرف بهذا الاسم فهي مسألة تستحق التمحيص بحد ذاتها, ولكنها ليست المسألة التي سنتطرق إليها هنا*.

    ..........*

    أطلق الجغرافيون العرب في الأصل اسم "الأردن" على أراضي الجليل والأجزاء المجاورة من وادي نهر الأردن وليس على نهر الأردن نفسه الذي يسمّى محليا "الشريعة", وليس "الأردن".

    .................................................. ......

    والمسألة المباشرة والآنية هي التالية: إذا كان أردن التوراة العبرية ليس نهرا, فماذا يمكن أن يكون ؟

    من ناحية علم أصول الكلمات, إن /يردن/ التوراتية هي اسم مشتق من المصدر/يرد/, والذي يعني "انحدر, هبط, سقط". ومن الجذور التي تقابل /يرد/ بالعربية "ردى" بمعنى "سقط, تهوّر من جبل عال".

    ومن هذا الجذر على الأرجح يشتق الاسم العربي "ريد" وصيغته المؤنثة "ريدة".

    و"الريد" هو "الحرف الناتىء من الجبل ". وربما "الريدة", وهي غير قاموسية, هي "النتوء الجبلي", و "القمة الجبلية", و "خط لقاء الجبل أو الجرف مع السماء".

    واستخدام التعبيرين بالعلاقة مع الأرض الجبلية ينحصر من الناحية العملية بغرب وجنوب شبه الجزيرة العربية, حيث ترد ريدة و ريدان (ريدن من ريد, قارن بالعبرية /يردن/, ولعل لاحقة النون هي في الأصل أداة تعريف مماتة) كأسماء أمكنة نكرة, أو كتعبيرين جغرافيين يدخلان في تشكيل أسماء أمكنة مركبة. وفي عسير وحدها هنالك خمس قرى جبلية على الأقل, في أقاليم مختلفة, تسمى ريدة (أو ريدة... كذا وكذا), وقريتان على الأقل تسميان ريدان. ناهيك عن ريدة وحصن ريدان التاريخي باليمن.

    في الاستعمال التوراتي, تؤخذ كلمة /ه_يردن/ تقليديا على أنها اسم النهر المعرف في فلسطين, ولكنها ليست اسما دوما بل (كما في العربية) تعبير طوبوغرافيا يعني "جرف" أو "قمة" أو "مرتفع". وفي المبنى /عبر ه_يردن/ ("عبر" أو "ما بعد" ال /يردن/), الذي أخذ حتى الآن على أنه يعني "عبر الأردن" (أي شرق الأردن), تشير /ه_يردن/ بلا استثناء إلى الجرف الرئيسي لسراة عسير الجغرافية, الذي يمتد من الطائف في جنوب الحجاز إلى منطقة ظهران الجنوب قرب الحدود اليمنية. وفي معظم الحالات, تشير /عبر ه_يردن/ إلى أراضي عسير الداخلية تفريقا لها عن عسير الساحلية التي كانت أرض يهوذا الإسرائيلية. وعلى العموم, فان /ه_يردن/, من دون /عبر/, يمكنها أن تشير إلى أي جزء من جرف عسير,

    وهي كثيرا ما تشير أيضا إلى أي من قمم والمرتفعات التي لا تحصى في الجانب البحري من عسير وجنوب الحجاز, وتشير في الحقيقة إلى قمم الجبال أو إلى الجروف في أي مكان آخر (وعلى سبيل المثال, تلك التي في جبل أبو همدان في إقليم نجران). وهذا واضح من تراكيب مثل /يردن يرحو/ الذي لا يعني "أردن أريحا" (كما في الترجمة العربية المألوفة), بل "جرف يرحو", و /يرحو/ هنا تشير إلى مرتفع من جبل عيسان, في بلاد زهران, حيث يبدأ وادي وراخ /ورخ/, وفية أيضا قرية اسمها "وراخ". وحقيقة أنه كانت هنالك أكثر من /يردن/ (وليس "أردن") واحدة تظهر أيضا في التعبير /ه_يردن هزه/ ("هذا الجرف" أو "هذا المرتفع", وليس "هذا الأردن") الذي يرد ما لا يقل عن ست مرات في أسفار مختلفة من التوراة (التكوين 11:32 , والتثنية 27:3 و 2:31 , يشوع 2:1و11 و4:22). ولو كان /ه_يردن/ اسما لنهر معين, أو في هذه الحالة اسما لجرف أو مرتفع معين, لكان يصعب التفكير بسبب يقضي بالإشارة إليه بهذه الكثرة بالتعبير "هذا الأردن" إلا إذا كانت هنالك أنهر أخرى أو أجراف ومرتفعات أخرى تحمل الاسم نفسه *. وعمليا, إن تعبير /ه_يردن هزه/ يعني ببساطة "هذا الجرف" أو "هذا المرتفع" أو "هذه القمّة", تفريقا عن أجراف أو مرتفعات أو قمم أخرى.

    .............*

    هناك عدد لا يحصى من الجداول الموسمية والدائمة التي تنبع من الأنحاء المختلفة لجرف عسير, وهو ما يفسر التعبير التوراتي /مي ه_يردن/ أو /ميمي ه_يردن/ ("ماء" أو "مياه" ال /يردن/, انظر ما يلي). وعلى العموم, فان تعبير /يردن/ يظهر في بعض الحالات في التوراة بمعنى "جدول ماء" أو "بركة". وبهذا المعنى, تكون الكلمة مشتقة من /يرد/ (وبالعربية ورد) بمعنى "ذهب إلى الماء". و "الورد" بالعربية هو "نصيب من الماء". وهكذا, فان /ه_يردن/ التي "غطس" فيها نعمان الآرامي "سبع مرات" (الملوك الثاني 14:5) ليعالج نفسه من الجذام كانت بالتأكيد بركة ماء أو نبعا أو جدولا. وإذا أخذ في الاعتبار أنها كانت قرب السامرة /شمرون/, التي هي اليوم شمران في منطقة القنفذة, فان / يردن/ نعمان كانت بلا شك تشير إلى مجمع مياه في وادي نعص الذي يجري هناك. وموطن نعمان, المسمى آرام /ءرم/, يمكنه أن يكون اليوم وادي ورم /ورم/ في النهايات السفلى لرجال ألمع. و"دمشق" /دمسق/ أو / د مسق/ التي تخصه هناك هي اليوم ذات مسك /ذت مسك/ وليس هناك نهر "فرفرة" /فرفر/ ولا نهر "أبانة" / ءبنء/ يتدفق في جوار دمشق الشام. وهذان النهران في موطن نعمان, التي يقارنهما باستحسان مع ال /يردن/ التي عولج فيها, يحملان اسمين هما اليوم لقريتي الرّفرفة (مع قلب الأحرف) والبنا /بنء/ في الجوار العام نفسه من عسير الذي هو حوض وادي حلي وروافده الكثيرة.
    رد مع اقتباس  
     

  11. #23 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    مسألة الأردن.. 2

    ولإثبات حقيقة أن "أردن" التوراة لم يكن نهرا بهذا الاسم بل مجرد تعبير طوبوغرافي يشير إلى أجراف أو قمم ومرتفعات جبلية في جنوب الحجاز وعسير,

    سيكون من المفيد تحديد كيفية ورود الاسم بالترابط مع مجموعات مختلفة من أسماء أماكن من غرب شبه الجزيرة العربية في نصوص مختلفة من التوراة. ويمكن أخذ المثال الأول من الرواية المفصلة للعبور الإسرائيلي لل "أردن" بقيادة يشوع, منذ اللحظة التي انطلق الإسرائيليون فيها إلى العبور من "شطيم", وحتى الختان الجماعي ل "شعب إسرائيل" في "تل القلف" (بالعبرية /جبعت ه_عرلوت/) (يشوع 1:3 و 3:5). في البداية, سيكون من الملائم تحديد النقاط الدقيقة للانطلاق والوصول.

    ونقطة الانطلاق, "شطيم" (وتهجئتها التوراتية هي /ه_شطيم/), كانت في الظاهر قمة بجوار وادي وجّ (يحتمل أن تكون جبل سويقة الحالي, إلى الشمال مباشرة من الطائف) ورد اسمها في الكتابات التاريخية العربية على أنها جبل شتان /شتن/*.

    .................*

    استنادا إلى المؤرخين العرب, ذهب الرسول محمد (ص) في حجه الأخير من المدينة إلى مكة بطريق جبل شتان والقرية المجاورة كداء, التي ما زالت هناك, واسمها اليوم الكدا.

    .................................................. ..

    ويمكن تأكيد كون موقع "شطيم" يوجد هناك من خلال تحديد المنطقة التي وصلها الإسرائيليون بقيادة موسى, التي شملت بوضوح أجزاء منطقة الطائف الواقعة شرق الشق المائي*. ونقطة الوصول, التي جرى فيها الختان الجماعي للإسرائيليين غير المختونين, هي اليوم قرية ذي غلف, التي يكاد يكون اسمها الحالي ترجمة حرفية للاسم التوراتي /جبعت ه_عرلوت/, أي "تل القلف" أو "تل الغلف". والقلفة أو الغلفة في العربية هي الغرلة (بالعبرية /عرله/, وجمعها /عرلوت/). وفي حين أن جبل شتان يقع شرق الشق المائي لغرب شبه الجزيرة العربية, فان ذي غلف تقع غربه, في وادي أضم, في مرتفعات منطقة الليث.

    وللوصول من جبل شتان إلى ذي غلف يجب على المرء أن يتجه جنوبا, ثم أن ينعطف غربا ليعبر الشق المائي عند مضيق وادي بقران, جنوب الطائف.

    ومن جبل شتان إلى ذي غلف كان العبور الإسرائيلي لل "أردن", كما وصف في سفر يشوع.

    ................*

    استنادا إلى سفر العدد 41:33 _ 49, فان موسى قاد الإسرائيليين في المرحلة الأخيرة من تيههم من جبل "هور" /هر ه_هر/ إلى "صلمونة" /صلمنه/, ثم إلى فونون /فونن/, و"وأوبوت" /ءبت/, و"عيي عباريم" /عيي ه_عبريم/في تخم "مؤاب" /موءب/, و"ديبون جاد" /ديبن جد/, و"علمون دبلاتايم" /علمن دبلتيم/, و"جبال عباريم" / هري عبريم/ أمام "نبو" /نبو/, و"عربات مؤاب" /عربت موءب/ "على أردن أريحا" /عل يردن يرحو/, حرفيا: "على" /يردن يرحو/. ثم نزلوا (أي خيموا) "على الأردن" /عل يردن/, (حرفيا: "على الأردن") بين "بيت يشيموت" /بيت ه_يشمت/ و"آبل شطيم" /ءبل ه_شطيم/ في "عربات مؤاب" /عرب موءب/.

    والأمكنة الثمانية الأولى المشار إليها موجودة في بلاد غامد وزهران, وهي اليوم: "مرتفع" /هر/ الهرّة /هر/, وسلامان /سلمن/, وجبل النوف, ووادي بات /بت/, و"الحجارة المكومة" /عييم/ في العرباء /عربء/ في جبل شدا, وما زالت هناك كبلاطة حجرية مثلثة مسطحة مرفوعة على ثلاثة أحجار أخرى كبيرة ومبجلة باعتبارها من آثار إبراهيم المقدسة وتسمى " مصلى إبراهيم ".

    رد مع اقتباس  
     

  12. #24 رد : التوراة جاءت من جزيرة العرب .. 
    محلل سياسي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2006
    المشاركات
    382
    معدل تقييم المستوى
    19
    مسألة نهر الأردن.. 3

    ويمكن تتبع هذا العبور حتى في أدق تفاصيله في مسرح غرب شبه الجزيرة العربية, مع الأخذ بعين الاعتبار أن أحدا لم ينجح في تتبع مسار هذا العبور في مسرحه المفترض تقليديا أنه من شرقي الأردن إلى فلسطين, عبر نهر الشريعة.

    وقد جاء أن الإسرائيليين انطلقوا إلى عبورهم في وقت الحصاد, عندما كانت الوديان على جانبي ال /يردن/, أي "الجرف", ممتلئة بمياه السهول الغزيرة (16:3)*.

    ....................*

    نهر الأردن لا يفيض في وقت الحصاد, وهو آخر الربيع. وعلى العموم, فان هذا موسم الأمطار الغزيرة في عسير الجغرافية, وهي الأمطار التي يمكنها أن تتسبب أحيانا في سيول هائلة. وقد زرت المنطقة في أواخر أيار (مايو) وتأكدت من ذلك بنفسي.

    ملاحظة: الأعداد تشير إلى آيات من سفر يشوع.

    .................................................. ......

    وعندما وصلوا إلى النقطة التي يمكنهم عبورها, تراجعت المياه لتسمح لهم بالمرور (16:3). وعن النص الأصلي بالعبرية, نقلت الترجمات العادية الحدث كما يلي:

    " وقفت المياه المنحدرة من فوق / م_ل_معله/ وقامت ندّا واحدا بعيدا جدا /ند ءحد ه_رحق مءد/ عن أدام /ءدم/, المدينة التي إلى جانب صرتان /صرتن/, والمنحدرة إلى بحر العربة /عل يم عربه/, بحر الملح /يم ه_ملح/ انقطعت تماما, وعبر الشعب مقابل أريحا /يريحو/".

    تقليديا, ترجمت العبرية /يم عربه يم ه_ملح/, خطأ, على أنها "بحر عربة, بحر الملح", وأخذت على أنها تشير إلى البحر الميت الفلسطيني. ومع ذلك, فان /يم/ العبرية يمكنها أن تعني "بحر" وأن تعني "غرب". ولهذا, فان الترجمة الصحيحة للجملة /عل يم عربه يم ه_ملح/ تصبح "غرب /عربه/ (اسم مكان), غرب /ه_ملح/ (اسم مكان آخر)". والموقعان موضوع البحث هما غرابة (/غرب/ بلا تصويت) في وادي بقران, مباشرة شرق الشق المائي, والقرية القريبة منها, الملحة /ملح/, مع أداة التعريف العربية, قابل مع الاسم بالعبرية /ه_ملح/ الذي يحمل أيضا أداة التعريف. وهناك ترجمات أخرى خاطئة في الفقرة المستشهد بها, وهي:

    1- أن /م_ل_معله/ العبرية هي طريقة غير معقولة للقول "من أعلى", لأنها تعني حرفيا "من إلى أعلى". وبالشكل الصحيح, يجب أن تقرأ /م_لمعله/, أي "من /لمعله/" (اسم مكان). و/لمعله/ هذه هي اليوم قرية أسمها المعلاة /ءل _معله/ بلا تصويت في منطقة الطائف, قرب غرابة والملحة.

    2- أن /ند ءحد/ العبرية, في هذا الإطار يجب أن تترجم "سدّا واحدا", وليس "ندا واحدا" بمعنى "أكمة واحدة".

    3- أن /ه_رحق مءد/, إذا قرئت فيها /مءد/ ككلمة واحدة, تعني حرفيّا "المسافة الكثيرة", ولهذا ترجمت "بعيدا جدا". والتركيب "المسافة الكثيرة" غير معقول. أما إذا هي قرئت /ه_رحق م_ءد/, فيمكنها أن تعني "الممتد من /ءد/ (اسم مكان)". و/ءد/ هذه هي اليوم قرية ودّ, في الجزء نفسه من منطقة الطائف حيث توجد غرابة والملحة والمعلاة.

    أما الأمكنة الباقية التي هي بحاجة إلى تحديد فهي "أدام" و "صرتان" و "أريحا", مع الأخذ بعين الاعتبار القرب بين المكانين الأول والثاني. و "أدام لا بد أن تكون اليوم أضم /ءضم/, تحوير عن /ءدم/ التوراتية, وهي القرية الواقعة غرب الشق المائي إلى الجنوب من الطائف, والتي يسمى بأسمها وادي أضم.

    وأما بالنسبة ل "أريحا" /يريحو/, وهي في التهجئة التوراتية غير /يرحو/ التي هي اليوم وراخ, فهي اليوم قرية الرخية في وادي أضم. وعلى ضوء هذا كله يجب أن تترجم جملة يشوع 16:3 كما يلي:

    "المياه المنحدرة من المعلاة ارتفعت في سدّ واحد يمتد من ودّ, عند أضم, المدينة التي هي بجانب الرزنة. وتلك المتدفقة نزولا غرب غرابة, غرب الملاحة, انقطعت تماما, وعبر الشعب مقابل الرخية".

    ومن الواضح أن المياه التي "وقفت" لتسمح لبني إسرائيل بعبور الجرف عند عقبة بقران (وذلك لأنها ووجهت بسدّ أقيم خصيصا لهذه الغاية, على ما يظهر) كانت مياه سيل وادي أضم, الذي يجري من الشق المائي غربا باتجاه البحر. وهكذا تكون نقطة العبور قد حددت في نص سفر يشوع بدقة مذهلة.

    وعندما عبر رجال إسرائيل (إذا كان للنص العبري أن يقرأ صحيحا) عقبة بقران بين غرابة وأضم, "حملوا اثني عشر حجرا" من الجرف /ه_يردن/ "حسب عدد أسباط بني إسرائيل" ( 8:4 ). وعندما وصلوا "الجلجال" /جلجل/, أخذ يشوع الأحجار ألاثني عشر ونصبها كمعلم لذكرى عبور /ه_يردن هزه/ ("هذا الجرف" أو "هذا المرتفع"). ولا شك في أن هذه الحكاية, كما وردت, تشكل محاولة لتفسير كيفية وجود رابية "جبل جلجلة" الصخرية في سهل "جلجل" في وادي أضم. وما زال السهل والرابية هناك حتى اليوم, باسميهما التوراتيين دون أي تغيير.

    وللوصول إلى سهل جلجل (وهو "الجلجال" في الترجمة العربية المألوفة), كان بنو إسرائيل قد نزلوا وادي أضم "مقابل أريحا /يريحو/" ( 16:3 ), أي مقابل قرية الرخية, وهذا صحيح جغرافيا (أنظر أعلاه). وجلجل أو "الجلجال", حيث حلوا, كانت في تخم أريحا الشرقي, كما جاء في الترجمة العربية /ب_قصه م_زرح يريحو/ بالعبرية ( 19:4 ). و/قصه/ العبرية أخذت هنا على أنها تعني "تخم", و /زرح/ على أنها تعني "شرق", وهما عمليا اسمان لقريتان في وادي أضم, وهما "القصية" و "الصرحة". وقد عرّفت الثانية منهما بصرحة الرخية /زرح يريحو/, نسبة إلى قرية الرخية المجاورة لها, لتمييزها عن قرية أخرى اسمها الصرحه في المنطقة ذاتها. وبالتالي, فان الترجمة الصحيحة للجملة يجب أن تكون: "حلوا في جلجل, في القصية, من صرحة الرخية", وهكذا يكون قد أشير إلى كامل امتداد مكان حلولهم.

    ومثل قصة أحجار جلجل أو "الجلجال" الأثني عشر, هي قصة الختان الجماعي لرجال إسرائيل غير المختونين عند /جبعت ه_عرلوت/ (التي هي اليوم ذي غلف, انظر أعلاه), إذ تمثل هذه القصة محاولة لتفسير ظاهرة غير معتادة, وهي في هذه الحالة الاسم الغريب لمكان يسمى "تل القلف". وليس موضع الاهتمام هنا عمليا معرفة سبب تسمية المكان بهذا الاسم*.

    والمهم هو أن قرية ذي غلف الحالية في غرب شبه الجزيرة العربية – مثل الرخية (أو"أريحا") وجلجل (أو "الجلجال") والقصية والصرحة _ تقع في وادي أضم, وهو ما يطابق تماما التأويل الجغرافي الصحيح للعبور الإسرائيلي لل "أردن" بقيادة يشوع. أما إحداثيات نقطة العبور في عقبة وادي بقران, جنوب الطائف, فهي 21 شمال 40ْ 30 َ شرق.

    ................*

    يروي الرحالة الذين زاروا ساحل عسير في القرن لحالي أن الشباب كانوا يؤخذون إلى رابية خارج قريتهم ليختنوا هناك علنيا. والكلمة التي تستخدم محليا لفعل الختان هي "علّى", أي "رفع" أو "أخذ إلى مكان عال". وربما كانت ذي غلف, التي كانت تسمى في القديم /جبعت ه_عرلوت/, موقعا لرابية كانت تستخدم في السابق لطقوس ختان الشبان البالغين.

    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. هل تعتقد أن الغرب سيدخل أزمة مالية جديدة بسبب الثورات العربية
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 24/11/2011, 11:21 PM
  2. الغرب و الثورات العربية – مقال للدكتور يحيى أبو زكريا
    بواسطة زائر في المنتدى مجلة المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27/05/2011, 01:28 PM
  3. صور من جزيرة لانكاوى ماليزيا
    بواسطة سفير ماليزيا في المنتدى الواحة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09/04/2011, 07:12 PM
  4. حالة حب
    بواسطة عبد الله نفاخ في المنتدى الرسائل الأدبية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 18/03/2010, 09:23 AM
  5. سفير اسرائيلي عار و في حالة سكر
    بواسطة رزاق الجزائري في المنتدى قبة المربد
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 16/03/2007, 07:42 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •