وأنت تسير في سراديب الحياة ،حتى لو كانت كل الأضواء منارة لن تجعل ظلامها

يتبدد وسوادها يختفي.

فالسواد الذي تتركه النفوس القذرة ليس من السهل انقشاعه.

في بعض الأحيان تلوح لك من بعيد بعض المعالم لأنعكاس بقايا ضوء عليها، فيغريك

ضوءها الوصول اليها.ليس لأنك

تحب بقايا الأضواء فنحن عادة لا نهوى إلا الأضواء الساطعة .لكن في نفسك تقول

هذه بداية جيدة لمعالم أوضح.

لكن....ما أقبح الواقع الذي يجعلك تكتشف بعد ذلك أن ذلك النور لا يتعدى أن يكون

مجرد فجرا كاذبا....سرعان ما

يختفي مثل السراب.

فتغضب من نفسك لأنخداعها بتلك السهولة ، وتتمنى في أعماقك أن لا يتكرر ذلك

معك من جديد.

الحياة دائما هكذا ....كانت ولا زالت مجرد مستنقع قبيح ليس فيه إلا التماسيح

التى لا ترحم أنيابها ،تنتظر غفلة

منك في الظلام الدامس لتخطفك ومن ثم تختفي بك تحت الطين في القاع.

وحتى وإن حالفك الحظ فنجوت بنفسك ،فإنك لو التفت للوراء تجد أن هناك نابا جائرا

قد تغلغل في جسدك فأصاب

أعماق الأعماق.

المشكل ليس هنا فالتماسيح بطبعها ماكرة .الأمر من ذلك أن يكون من بينها من

له القدرة على المداهمة

أكثر فتصور حجم الكارثة.

كثيرا ما نسمع عن الحكايات التى تعكس قذارة الحياة بعمق ،ونتأثر لذلك .لكن إن

جاء الوقت الذي يذيقك غيرك

شئ منها ،ماذا يبقى لك بعد ذلك في قرارة النفس إلا الحسرة و المرارة.

والأعظم من ذلك ادراكك أن الذي تسبب في ذلك لم يفعله براءة بل سادية وتلذذ

بإذاءك.

ولكنه ينسى أن القذارة قد تطاله هو أيضا لأننا نعيش في عالم واحد .والحياة لا

ترض بالإستثناءات.فقانونها يسير

على الجميع.

ماذا نفعل بعد ذلك غير الإنزواء في مكان بعيد عن زحمة الحياة علنا نجد الأمان

فيه، رافضين أن نمارس أو يمارس

علينا قانون الغاب.

تصور لو جاء مرة أخرى من يقتعك أنك مخطئ في انزواءك ، فيعطيك الدوافع لتغادر

مكانك.ظانا أنك سترحل لمكان

أأمن.لكن الواقع أنه ضحك على ذقنك ليبعدك عن حصنك .ليقدمك مكرا على طبق

من ذهب إلى تماسيح

المستنقعات.....تصور