في قاعة المطار يحمل أحمد حقيبته على ظهره ، يجلس على أريكة بعيدا عن المسافرين ، ينتظر دوره لختم جواز سفره للدخول إلى مدينة النجوم و الأضواء ، من حين لآخر يتصفح الوجوه المبحلقة ، إنها تنظر إليه نظرة استغراب و استهجان ، حاول تفادي هذه النظرات الغريبة و عدم الاكتراث بها ، يدير رأسه يمنة ويسرة ، ينظر إلى ساعته الصينية السوداء .
وبعد انتظار جاء دوره سلم جواز السفر لحارس الحدود ، نظر إليه الحارس مليا تأمل لون سحنته القمحية الممزوجة بلون البن العربي الأصيل ، حرك عينيه الغائرتين القابعتين تحت نظارته البصرية الصغيرة ، حدق جيدا في الاسم و الصورة ، وفجأة أطلق صيحة مدوية و كأن صاعقة كهربائية نزلت على رأسه أو لسعة أفعى الكوبرا أفرغت سمها في عروقه ، قال : انبطحوا جميعا على الأرض إن القنبلة التي يحملها هذا الرجل العربي ستنفجر بعد حين .
و في غمرة الازدحام والضجيج وقف أحمد منبهرا مندهشا تفاجأ بغرابة المشهد واعتقد أنه مشهد من مشاهد الكاميرا الخفية التي اعتاد مشاهدتها على شاشات التلفزيون الأوربية ، وبعدها تأكد أن المشهد كان حقيقيا . التفت يمينا وشمالا رأى الناس ترتعش من شدة الخوف و الرهبة وماء يسيل بين أفخاذ الرجال و النساء ،وكانت صفارات الإنذار عالية في المكان ، وفجأة طوقته فلول كبيرة من الجيش و الشرطة و الكلاب المدربة ، سمع لأول مرة صوت زخات من الرصاص الطائش في الهواء ، و أخبره القائد برمي المحفظة على الأرض وأن يسلم نفسه للشرطة دون مقاومة وإلا سيفرغ هذه الرصاصات المتبقية في صدره .
فك أحمد الحقيبة و أنزلها من على ظهره ووضعها على الأرض بيسر و تأن ، ثم تقدمت فرقة من المهندسين الأخصائيين في تفكيك المتفجرات ، جلس المهندس القرفصاء يلبس درعا واقيا ضد المتفجرات ، ثم فتح المحفظة وأخرج منها كتاب الأربعين نووية ومصحفا صغيرا ، وفي المساء سمع الناس في نشرة الأخبار خبرا عاجلا : لقد تم إحباط عملية تفجير طائرة على مدرج المطار و الجاني يحمل في محفظته كتابا لتعليم صناعة المتفجرات و القنابل النووية .
محمد يوب 9-04-10