هاتي يديكِ أقبِّلُ المنثــــورا*
وأخط ُّ في لهفي عليكِ ســطورا
هاتي يديكِ ولا تـُـرِبْكِ حَرارتي**
فاللوعُ أوقدَ في الحشـا تنـَّـورا
شــفتايَ جمرُّ من مواقِدِ لوعتي***
جنـَّـت غراماً هائجاً مَسـعورا
هيا اطفئي حَمَّ الشــفاهِ بمثلهِ
وتوقدي فوقَ السَــعيرِ سعيرا
ودعي جريحَكِ من عبيرِكِ ينتشي
ويغبُّ من أحلى الكروم ِ خمورا
أرِجَتْ ورودكِ, بالطيوبِ تضوَّعت****
فشَمَمتُ أذكى ما شَمَمتُ عطـورا
لا تلجميني واطــــلقيني هائماً
مهما بلغتُ تهوراً وجُســــورا
لأعانقَ النجماتِ, أكشِفَ سِـترَها
وأقبِّلَ المســـموحَ والمحظورا
في شَعركِ الفتـَّـان ِ سرُّ صبابتي
فلقد عشـــقتُ لأجلهِ الديجورا
من عَتمهِ غُررُ الشـموس ِ توهَجت
فوق الجبين ِ بشارة ً وســرورا
هاتي يديكِ فقد ذويتُ صَـبابة ً
وذرفتُ من دمع ِ الحنين ِ بحورا
كان الزمانُ, بغيرِ أنسكِ, وحشـة ً
وحضرتِ فأتلقَ الزمانُ حُضـورا
سَجَدَ الربيعُ أمامَ حُسـنكِ فاشمخي
تيهي عليهِ نضـارة ً وغُــرورا
يا من سكبتِ رحيقَ سِحركِ في دَمي
فغدوتُ فيكِ متيَّماً مَســــحورا
للهِ دَرَّكِ بالحنان ِ غمَــــرتِـني
ومَلكتِني عبداً لديكِ أســـــيرا
كيفَ اختَرَقـت ِ وتينَ قلبٍ ماحِل ٍ
كيفَ استطعتِ إلى الخريفِ عُبورا
كَم كُنتُ أحلمُ أن أراكِ رفيقتــي
أيامَ كان ليَ الشبابُ نصــــيرا
ولى الشـــــبابُ, تبددت أيامُهُ
لكنَّ ذاكَ الحُلمُ ظـَــــلَّ أثيرا
يا حُــلمَ عُمري لن أكونَ مُكابراً
إني خبرتُ من الحياةِ أمـــورا
الحُبُّ, دونَ تكافؤ ٍ, مهما ســـما
ســيحُط ُّ في جوفِ الثرى مقبورا
لكِ بهجة ُ الدُنيا ومثلي ســـائرُّ
نحو المصير ِ مهمَّشـــاً مقهورا
ـــــ
* المنثور هو الزهر المعروف, شُبهت به يدي الحبيبة.
** تربكِ: الريبة تعني الشك والتوجس.
*** جنَّت: جَنَّ أخفى وستر.
****أرِجَت: أرِجَ الطيبُ, يأرجُ أرجاً : فاحَ.
وتضوَّعت: تحركَت, انتشَرَت, نفَحَت.
ـــــ
من الكامل