النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: الطب في الشعر(لمحة مختصرة عن الرجز الطبي)

  1. #1 الطب في الشعر(لمحة مختصرة عن الرجز الطبي) 
    طبيب وأديب وشاعر الصورة الرمزية د.فادي محمد سعيد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    السعودية-سورية
    العمر
    69
    المشاركات
    415
    معدل تقييم المستوى
    16
    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وأسعد الله أوقاتكم بكل خير وبعد:

    لغتنا العربية,لغة القرآن الكريم,قادرة على تعريب كل المفردات والمسميات بحياتنا اليومية وذلك لما تتصف بها من صفات حباها الله تعالى وحفظها إلى يوم القيامة بكتابه تعالى القرآن الكريم...

    ومن قال بأنها غير قادرة على مواكبة العلم والطب وغير قادرة على تصدير الإشتقاقات اللغوية فهو بلاشك مخطىء تماماً...

    يُدَرَّس الطب بسوريا قلب العروبة النابض منذ مائة سنة تقريباً باللغة العربية, وعلماء النفس وجدوا أنه يمكن حصول الفهم والإدراك للعلم بشكل ممتاز لو كان يدرس بلغة القوم..وتخرج آلاف الأطباء من سوريا وهم على فهم ووعي طبي وتفوق علمي ومتابعة للتخصصات بشكل لا غبار عليه...ولو رجعنا إلى تاريخنا الإسلامي لوجدنا ما يلي:

    ولنأخذ أراجيز ابن سينا مثالا ,فلابن سينا سبع أراجيز في الطب هي:-

    ا- أرجوزة في التشريح مطلعها:
    الحمد الله على تهذيبي وعاصمي من أمم تهذي بي

    2- أرجوزة في تدبير الصحة مطلعها:
    الحمد الله اللطيف الكافي الواحد الفرد الحكيم الشافي

    3- أرجوزة في الوصايا الطبية 71 بيتا مطلعها:
    - أول يوم تنزل الشمس الحمل تشرب ماء فاترا على عجل

    4- أرجوزة في المجربات الطبية في خمس وثلاثين ومائة بيت مطلعها:
    بدأت باسم الله في النظم الحسن اذكر ما جربته طول الزمن

    5- أرجوزة في الفصول التي فيها تناول الطعام مطلعها:
    يقول راجي ربه ابن سينا ولم يزل بالله مستعينا

    6- أرجوزة في حجر الذخيرة وتسمى أيضا أرجوزة في ألباه مطلعها:
    يا سائلي عن وجع في الوسط ونقطة تأتي له لم تخطى

    7- أما الأرجوزة السابعة أشهر الأراجيز وأطولها والمسماة بألفية ابن سينا في الطب ولو أنها تحتوي على ألف وثلاثمائة وعشرين بيتا وموضوعها حفظ الصحة ومطلعها:
    الطب حفظ صحة برء مرض ومن سبب بدن عنه عرض
    ونلاحظ أن ابن سينا ضمن المطلع أقسام الطب الخمسة- الأسباب (الايتولوجيا) وعلم المرض االباثولوجيا)، والأعراض (عنه عرض) والوقاية (حفظ الصحة) والعلاج (برء)

    اذن الأمر لم يتوقف عند علمائنا العرب عند تأليف الكتب فحسب ..
    ولو لم يؤلف ابن سينا إلا القانون فى الطب لكفاه
    وما أدراكم ما قانونه فى الطب والذى قال عنه الطبيب الشهير وليام أوسلر بأنه أشهر كتاب طبي على الإطلاق

    ويعد هذا الكتاب فريدا من نوعه، إذ يمثل وثيقة تحوي كل علوم الطب منذ أقدم الأزمنة (كالطب الفرعوني والإغريقي والهندي) وحتى عصر ابن سينا. وتميز هذا الكتاب بعرضه مواضيع الطب وفق خطة منهجية قريبة جدا لما تتبعه الكتب الطبية المدرسية الحديثة، خصوصا فيما يتعلق بطريقة سرد الأمراض من حيث التعرض لتصنيف الأمراض ثم ذكر أسبابها وأعراضها وعلاماتها وسرايتها، ثم ذِكْر علاجها وإنذارها. ويمكننا القول بأن حسن ترتيب كتاب القانون فضلا على شموليته جعلاه الأكثر انتشارا في الأوساط العلمية الطبية في كل من الشرق والغرب وذلك حتى أواخر القرن السابع عشر.

    وضع ابن سينا هذا الكتاب ولما وجد أن همم الطلاب قاصرة عن تعلمه كاملا أراد أن ييسر الأمر عليهم فاختصره فى ألفيته , وقد وضعت عدة شروحات لهذه الأرجوزة، أشهرها التي وضعها العالم الفيلسوف ابن رشد والذي توفي سنة 595 هـ – 1198 م. وترجمت هذه الأرجوزة إلى اللغتين اللاتينية والعبرية.
    و قسّم ابن سينا أرجوزته إلى قسمين؛ الأول نظري، والثاني عملي.

    ولنأخذ مثلا جزءا من الأرجوزة يتحدث فيه عن الطفل في بطن أمه:

    الطفـل يحفـظ ببطـن أمــــه .. كي لا يُصيبَ آفةً في جسمه
    فاحتط على الحامل في معدتها .. كي لا ترى الفسادَ في شهوتها
    ويُصلَحُ الـــدمُ ويُنْقــَى الفضْلُ .. ذاك الذي يكون منه الطفـــل
    إن هاجها الدمُ فلا تَفْصِدْها .. بل بالبرود والتطافي اقصدهـــا
    أو هــاجها خلط فلا تُسهلها ..بل بتلطف لـــه عامـلها

    وهكذا نرى أن ابن سينا قام باختصار الطب فى زمانه ( أو لنقل أساسياته ) فى قصيدة يحفظها الطلاب يتعلمون فيها أساسيات الطب ويدرسون شروحها وتطبيقاتها .

    تخيلتنا ونحن ندرس الطب بهذه الطريقة ..
    أبيات رشيقة جميلة نحفظها نلخص فيها الكثير من المعلومات التى يشق علينا تذكرها .. ويكون الأهم لدينا هو معرفة الشرح وفهم التطبيقات
    ربما تكون تجربة لطيفة
    وأخيرا ..
    هذه لغتنا .. نظنها غير قادرة على استيعاب بعض المصطلحات وهى هى نفسها تلك التى امتطاها أجدادنا وخاضوا بها كل علم .. واخترقوا بها كل جدار



    للموضوع تكملة......
    التعديل الأخير تم بواسطة د.فادي محمد سعيد ; 25/02/2010 الساعة 11:04 AM
    كم يرفع العلم أشخاصا إلى رتب *** و يخفض الجهل أشرافا بلا أدب --- الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس  
     

  2. #2  
    طبيب وأديب وشاعر الصورة الرمزية د.فادي محمد سعيد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    السعودية-سورية
    العمر
    69
    المشاركات
    415
    معدل تقييم المستوى
    16
    الأراجيز الطبية

    الأراجيز الطبية
    يعتبر الشعر الفن الرئيس الذي برع فيه العرب، حيث كان في المقدمة بالنسبة لما أنتجته البشرية جمعاء. فهو ديوانهم، سجلوا فيه أنسابهم، وأشواقهم وعشقهم، وتاريخهم.
    وكنت في كتابي دراسات فلسفية جمالية عن الحصان العربي برهنت على أن الشعر مأخوذ من إيقاع ضربات حوافر الحصان، ومن إيقاع مسيرات الإبل.
    ولقد ساعدهم على ذلك ذاكرة قوية، وموهبة فطرية. وربما كان من العوامل المساعدة أيضا كثرة تنقلاتهم الشيء الذي لا يسمح بالتدوين والكتابة، لأن المكتبات تحتاج إلى استقرار، وإلى أبنية لاحتواء الكتب، وهذا ما رأيناه في فصل المكتبات. كما أن تفشي الأمية فيما بينهم منعتهم من الكتابة. هذا وتمتاز اللغة العربية بالأفعال الثلاثية الشيء الذي يسهل النظم نسبياً.
    ومن المعلوم أن الشاعر كان مرآة القبيلة الفكري، وكان ينعت بكلب الحي (أي القبيلة) لأنه حارسها ولأنه كان يرد على كل من يحاول أن ينال منها.
    كان كبار الأطباء العرب موسوعيين. وذلك لأن مجال الطب كان غير متسع، وغير متخصص كما هو اليوم. لذا نراهم قد زاولوا الكتابة والفلسفة والشعر والموسيقى ... الخ.
    ولا نستطيع طبعاً أن نصفهم بالشعراء، لأنهم لم يبدعوا، بل استعملوا بحر الرجز الملقب بحمار الشعراء، عن حق. لأنه كالحمار سهل الركوب، وليس كالحصان الذي يتطلب ركوبه خبرة وتجربة.
    لذلك كانت الأرجوزات أو الأراجيز التي سكب فيها هؤلاء العلماء علمهم. وهذه خصوصية لاتوجد عند أي من شعوب العالم قاطبة.
    وعلى رأس هؤلاء الأطباء الكبار الشيخ الحسين عبد الله بن سينا. فإلى جانب قصيدته العينية الشهيرة التي يصف فيها النفس والتي مطلعها :

    هبطت إليك من المكان الأرفعورقــاء ذات تعـــــزز وتمنع.
    له قصائد في مواضيع مختلفة، كموضوع المرأة، والمعروف أنه كان عندما ينتهي من عمله يستدعي القيان والحسان من النساء ويشرب الخمر، ويقضي الليالي الحمراء كما يقال.
    قال في المرأة (1):
    أسجيه الجفون أكل نجودسجاياها ستعرن من الرحيق.
    هي الصهباء مخبرها عدووإن كانت تناغي عن صديق
    وقال أيضاً:
    وقلت دموع عيني دون سعدىعلى أطلال ما وجدت سبيلا
    على جفني لسعدى فرض دمعأقمت له به قلبي كفيلا
    عقدت لها الوفاء وإن عقديهو العقد الذي لن يستحيلا
    وكان الشيخ فخوراً متعاظماً، عن حق وفخر واستحقاق، مما زاد في حسد الحساد، وكيدهم ورغبتهم في تدميره. فكان يصفهم بقوله:
    عجباً لقوم يحسدون فضائليمابين شبابي إلى عذالي
    عتبوا علي فضلي وذموا حكمتيواستوحشوا من نقصهم كمالي
    إني وكيدهم وما عتبوا بـه ٍكالطود يحقر نطحه الأوعال
    فهو يشبه حُساده بالوعل الذي يحطم قرونه إذ يحاول نطح وتكسير الصخر القاسي، ثم يزيد في احتقارهم وتحقيرهم فيقول :
    سيان عندي أن يروا أن فجروافليس على أمثالهم قلم
    وللحقيقة فلقد مضى أكثر من ألف سنة على هذا الشعر فأين هؤلاء الحساد التافهون ؟ وأين أشباه العلماء من الناقدين ؟ ذهبوا جميعاً إلى غير رجعة بينما يظل الشيخ الرئيس، رئيساً وعلماً وعبقرياً من أعلام الفكر الإنساني بحيث يقارنه بعض الأوروبيين بعبقري عصر النهضة ليونارد دو فانسي.
    وللشيخ الرئيس قصيدة في العشق الصوفي يقول فيها :
    هبت نسيم وصالكم سحــــرابحدائق للشوق في قلـبي
    فاهتز غصن العقل من طربفتناثرت درر من الحــب
    وبدت شموس الوصل خارقةلشعاعها السرادق القـلب
    فبقيت لاشـيء أعـانيــــهإلا ظننـــــت بأنه ربـــــي
    إن من النذالة والسفالة، والجبن والدناءة أن تطعن ميتاً. وهكذا عندما توفي (أو بالأحرى انتحر ابن سينا)(2) راح الحساد يقولون فيه أقبح القول، وهاكم نموذجاً من هذا الكلام :
    رأيت ابن سينا يعادي الرجال(3)وبالحبس مات أخس ممات
    فلم يشف ما ناله بالشفاولم ينج من موتهبالنجاة
    أما أشهر قصيدة لابن سينا فهي الأرجوزة في الطب، التي مطلعها :
    الحمد لله الملك الواحد رب السماوات العلي الماجد
    كم يرفع العلم أشخاصا إلى رتب *** و يخفض الجهل أشرافا بلا أدب --- الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس  
     

  3. #3  
    طبيب وأديب وشاعر الصورة الرمزية د.فادي محمد سعيد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    السعودية-سورية
    العمر
    69
    المشاركات
    415
    معدل تقييم المستوى
    16
    ومن الأراجيز المعروفة والمشهورة أرجوزة ابن زهر التي يصف وينتقد فيها كتاب حيلة البرء لجالينوس.
    حيلة البرء صدفت لعليليترجى الحياة أو لعليله
    فإذا جاءت المنية قالت :حيلة البرء، ليست في البرء
    وللرازي قصيدة في مصير الروح بعد الموت، يقول فيها :
    لعمري ما أدري وقد آذن البلىبعاجل ترحال إلى أين ترحالي
    وأين محل الروح بعد خروجه من الهيكل المنحل والجسد البالي ؟
    ولشرف الدين الرحبي قصيدة طويلة :
    سهام المنايا في الورى ليس تمنعفكل له يوما وأن عاش مصرع
    كل وإن طال المدى سوف ينتهيإلى مقر لحد في ثرى منه يودع
    ومن الذين قرضوا الشعر من الأطباء، ابن بطلان الذي يقول :
    ولا أحد يبكي لميتتيسوى مجلسي في الطب والكتب باكيا
    وفي كتابه دعوة الأطباء(4) وموضوعه أن طبيباً يدعو زميلاً له فيسأله عن هويته فيدعي أنه طبائعي أي طبيب طب عام، ثم جرائحي، ثم كحال ثم صيدلاني. وفي كل مرة يبدأ ببيتين من الشعر. فيقول الطبائعي :
    اعذرني رب من حصر وعي ومن نفس أعالجها علاجا.
    ومن زلات نفسي فاغتفرهافإني لا أطيق لها لجاجا
    ويقول الكحال :
    مريض العيون بلا علةومكتحل الطرف لم يكتحل
    شكا حسنه قبح أفعالهفأثر في وجنتيه الخجل
    ويقول الفاصد :
    فصدت عرقاً تبتغي صحةألبسك الله به العافية
    فأشرب بهذا الكأس ياسيديمستمعاً من هذه الجارية
    واجعل لمن أهداكها زورةتحظى بها في الليلة التالية
    ويقول الطبيب:
    قالت له النفس كن طبيباًتقني على الناس بالذهاب
    تأخذ مال العليل قهراثم تؤاتيه إلى التراب
    ويروى أن أحد الشعراء قال :
    جس الطبيب يدي جهلاً فقلت لهإليك عني فهذا يوم بحرانــي
    فقال لي ما الذي تشكو فقلت لهأشكو إليك هوى من بعض جيراني
    فقام يعجب من قولي وقال لهمإنسان سوء فداووه بإنسان
    فأجابه طبيبه :
    ومابك علة تشكي لطبهولكن المليح له دلال
    والأمثلة على هذا كثيرة. وكتاب ابن أبي أصبيعة مليء بمثل هذه الأمثلة بل وأكثر. وليس هذا قصدنا، بل الإشارة إلى استعمال الشعر كوسيلة تعليمية طبية.
    إن للشعر مزايا متعددة، فهو أولاً يختصر معاني كثيرة في بيت واحد، ولكن لهذه المزية بعض الشطط لأن الرغبة في اختصار الفكرة في بيت واحد يجعلها صعبة الفهم أحياناً، خاصة بالنسبة للطالب المبتدئ، لذا نجد كتباً تحاول شرح هذه الأبيات، كما فعل ابن رشد حينما شرح أرجوزة ابن سينا.
    ثانياً : أنها سهلة الحفظ، ولذلك استعمل العلماء بحر الرجز. وهو معروف بإيقاعه وقصره ونغمته الموسيقية. وهي صفات تساعد على بقاء القصيدة محفورة في ذاكرة الطالب حسب القول المعروف " العلم في الصغر، كالنقش على الحجر". وما زالت بعض أبيات ألفية ابن مالك ترن في ذاكرتي حتى الآن، وكنت قد حفظت بعضاً منها عرضاً.
    ولقد انتشرت هذه الطريقة في كل العلوم وعند كل العلماء، فاستعملها النحويون واللغويون والفقهاء والخطاطون ... إلخ.
    وكان الشيخ الرئيس يجيب على أسئلة مرضاه من علية القوم بالشعر. وهكذا عندما شكى له الوزير أبو طالب العلوي آثار بثر بدا على جبهته ونظم شكواه شعراً :
    صنيعة الشيخ ومولانا وصاحبهوغرس أنعامه بل نشء نعمته
    يشكو إليه أدام الله مدتهآثار بثر تبدى فوق جبهته
    فامنن عليه بحسم الداء مغتنماًشكر النبي له مع شكر عترته
    فأجابه ابن سينا بوصفة منظومةشعراً استعملها الوزير فشفي، وهي:
    الله يشفي وينفي ما بجبهتهمن الأذي ويعافيه برحمته
    أما العلاج فإسهال يقدمهختمت به آخر أبياتي بنسخته
    وليرسل العلق المصاص يرشف دم القذال ويغني عن حجامته
    واللحم يهجره إلا الخفــيف ولايدني إليه شراباً من مدامته
    والوجه يطليه ماء الورد معتصراًفيه الخلاف مدفاً وقت هجعته
    ولا يضيق منه الـــرز مختنـقاًولا يسجن أيضاً عن سخطته
    هذا العلاج ومن يعمل به سيــرىآثار خير يكفي أمر علته
    ويروى أن ابن التلميذ عالج الشاعر أبا القاسم علي بن أفلج، وحماه عن بعض المأكل، فكتب إليه الشاعر يقول :
    أنا جوعان فأنقذني من هذه المجاعـة
    لا تقل لي ساعة تصيرمالي حين ساعــة
    ... اليوم لا يقبــــلفي الخبز شناعـــة
    فأجابه ابن التلميذ بأبيات شعر لطيفة منها :
    هكـــذا أديــــان مــثلييتشاكون المجاعة
    غير أني لست أعطيكمنبرا بشناعة
    وأعتقد أن العرب هم الذين بدأوا في استعمال الشعر في التعليم. رغم أن مدرسة باليرمو، اعتمدت تقليداً للعرب، بعض الأشعار الطبية، ولكن لا يمكن مقارنتها بالأشعار العربية الطبية.
    ولابد لنا أن نذكر أرجوزة الشيخ الرئيس ابن سينا :
    الحمد لله الملك الواحدرب السماوات العلي الماجد
    سبحانه منفرداً بالقـدممخرج موجوداتنا من عدم
    يفيض نوره على عقولـناحتى بدا النفس من معقولنا
    قد خلق بفضله الإنسانافضله بالنطق واللسانـا
    حتى يقول :
    والشعراء أمراء اللسـنكما الأطباء ملوك البــدن
    هذا يسن النفس بالفصاحةوذا يطلب الجسم بالنصاحه
    وهذه أرجوزة قد اكتمـلفيها جميع الطب علما وعمل
    فهأنا مبتدىء بنظمه منثور ما حفظته من علم
    أي أنه يريد وضع كل ما جاء في القانون من علم في هذه الأرجوزة فيعرف الطب قائلاً :
    الطب حفظ صحة، برء مرضمن سبب في بدن عنه عرض
    وفي العمل في " الشرايين" نجده يصف طريقة فصد الشريان وبتره، ويصف أيضاً طريقة إرقاء الدم بكيِّ الشريان وربطه فيقول:
    وامنعه بالربط أو المكواءعن نزف ما يجري من الدماء
    وداومه تدويه الجراحـــةحتى ترى صاحبه في راحـــــة
    وتسمى الأرجوزة في الطب أوألفية ابن سينا، رغم أن عدد أبياتها يجاوز الألف بكثير.
    ولقد لاقت نجاحاً كبيراً في الشرق والغرب، وترجمت إلى اللاتينية في القرن الثالث عشر الميلادي بعنوان : Cantica Avicennae.
    ولقد طبعت باللغة العربية في أواسط القرن التاسع عشر في الهند.
    وكان ابن زهر يفضلها على القانون، ويقول إنها اشتملت على أهم قواعد الطب، وأنها تقوم مقام جملة كتب في هذه الصناعة. ونجد في بعض المخطوطات مقدمة كتبها الشيخ الرئيس نثراً، وفيها يشرح السبب الذي دعاه إلى وضعها، فيقول : " لما جرت عادة الحكماء وفضلاء القدماء بخدمة الملوك والأمراء والخلفاء والوزراء ورؤساء القضاء والفقهاء، بتصنيف المنثور والمنظوم، وتواليف الصنائع والعلوم، لا سيما شعراء الأطباء، فإنهم كثيراً ما نظموا الأراجيز وألفوا الكنانيش ليبني كلهم من راجزهم وما هو من عاجزهم، فجريت على سنن القدماء، واتبعت سنة
    كم يرفع العلم أشخاصا إلى رتب *** و يخفض الجهل أشرافا بلا أدب --- الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس  
     

  4. #4  
    طبيب وأديب وشاعر الصورة الرمزية د.فادي محمد سعيد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    السعودية-سورية
    العمر
    69
    المشاركات
    415
    معدل تقييم المستوى
    16
    الحكماء".
    ثم يصف فوائد الأرجوزة بقوله : " كسوتها رداء الكمال، وحلة الجمال بسهولة المضمون، وخفة الموزون، لتكون أيسر طلباً، وأقل تعباً. وهو إذا نظر إليها بفهمه، وحصلت في خزانة علمه، استعان منها على العلم الجليل بالجرم القليل، وميز بين الصناع والرعاع، والمبتدئ والمنتهي، والمحقق والممزق".
    ولم تقتصر شهرتها على الشرق بل تعدته إلى أوروبا وكان أول من ترجمها هو جيرارد الكريموني Gerard de Cremone الذي ترجم القانون أيضاً في طليطلة.وطبعت في بال عام 1556.
    وفي عام 1284م ترجم أرماندو دوبليز Armamdo de Blaise الأرجوزة مع شرح ابن رشد لها. ولقد طبعت في البندقية (1522-1520) مع كتاب الأدوية القلبية الذي ترجمه أرنولد دو فيلانوفـا Arnauld de Villanova عم بليز.
    وتقع هذه الأرجوزة في 1326 بيتاً وتنقسم إلى جزئين : عملي ونظري. النظري مؤلف من ثلاثة فصول، والعملي من فصلين.
    أقتطف منها هذه المقاطع : في ذكر العلامات المنذرة بالموت
    كراهة النور ودمع جــــــاربشدة التحريك وازورار
    وصغر في العين فرد جانبوالفم مفتوح بلا تثاؤب.
    والمرء يستلقي على قفاهقد ارتخت يداه أو رجلاه
    وإن بدا ينزل عن مرقدهوكاشفاً عن رجله ويـــــده
    وأن تشكل بشكل منكــــــروقد بدا يعنى بنتف الزئبر
    أو ثقلت أطرافه في المنتهىوقد بدا ممتلئاً بما يرى
    وعبره الأسنان دون عــادةوواسع اليدين بالوسادة
    وإن تخيل غلاماً أســــــــودايريد أن يقتله إذا بدا
    وإن يكن في مرض ذي حدةفموته منه قريب المدة"
    والواقع أن هذه الأوصاف نادراً ما تكون مجتمعة سوية وكلية، والأغلب أن يجتمع البعض ويغيب البعض الآخر.
    تصف الأبيات الثلاثة الأولى ـ على ما نخمن ـ حالة ورم دماغي حار، أو التهاب سحايا في أطواره الأخيرة.
    أما الأبيات التي تليها فلربما كانت أقرب إلى الحميات الشديدة القاتلة (كالحمى التيفية) في مراحلها الأخيرة، إذ يبدأ المريض بالهذيان، والحركات اللاإرادية.
    وكمثل على الجانب العملي من الأرجوزة أقدم المقطع الذي يصف " العمل باليد" في نوع من الجراحة التي برع فيها العرب ألا وهي جبر الكسور، فيقول :
    وكل ما تحدثه من صنعفي العظم مثل الكسر أو الخلع
    وكل ما تطلبه من كسرفإنما علاجه بالجبر
    رد الشظايا فيه حتى تتطبعونشر ما ينخس فتنـتجع
    وشدها بصنعة حكميةلا ضاغط فيها ولا مرخية
    عصائب يبدو بها من الوسـطثم يزداد الشد حتى ترتبط
    من قوتها رفائد ملفوفةمن فوقها جبائر مصفوفة
    وفي العام نفسه أي 1522م صدرت طبعة لها في مدينه ليون في فرنسا ثم تلتها طبعة أخرى في البندقية عام 1527م، مع مراجعة وتصحيح من قبل أندريا ألباغو Andrea Alpago.
    ثم طبعت في الأعوام 1562م و1608م و1620م و1649م. وكانت آخر طبعة للقانون في بلجيكا بدون الأرجوزة، في مدينة لوفان عام 1658.
    وقد تأثر علماء الغرب بفن الأراجيز الطبية العربية فحاولوا أن ينسجوا على منوالها، إلا أن نفسهم كان قصيراً إذ سرعان ما اختفى هذا الفن في أدبهم الطبي.
    من أشهرهم جاك ديسبارس Jacques Desparse الذي كان عميد كلية الطب في باريس.
    ومن شعره قوله في تقديم كتاب القانون.
    لقد هجرت المجتمع
    وآثرث العزلة والدراسة،
    وبعد وقت طويل اكتسبت الحرية
    التي ساعدتني كثيراً على هذا الالتزام.
    لقد أخذت عن القدماء،
    ومدحت العرب واليونان،
    أطباء اعترف بهم الجميع،
    بعد أن كانوا في عداد المنسيين تقريباً،
    والصدفة جمعت لي من مؤلفات ابن سينا
    الكتاب الأول بكامله،
    والثالث أيضاً والجزء الأول من الرابع.
    يارب، أنت من خلقت الطب،
    احمل الناس على احترام الأطباء،
    وليعالج هؤلاء بدورهم مرضاهم،
    بكل شفقة وأخلاق دمثة رحيمة.
    تلك هي طريق الجنة
    طريق المجد الخالد الوعرة
    ولتنقش في ذاكرتنا أبداً
    كي نحصل على الفرح الأبدي.
    وكان الأستاذ الطبيب أرنولد دو فيلانوفا (توفي عام 1311م) يدرس الطب في مونبيليه قد اهتم بالكتب الطبية العربية وترجم عدداً منها، كما أنه تأثر بالأراجيز الطبية العربية، فألف قصيدة من 370 بيتاً عن الحميات(5).
    ومنهم الفرنسي بيير دو كوربيل Pierre De Corbeil الذي درس الطب في مدرسة ساليرنو التي كانت الكتب الطبية العربية تدرس فيها بعد أن قام بترجمتها قسطنطين الإفريقي.
    ولقد نظم كوربي كتاب البول لإسحق بن سليمان في أرجوزة باللغة اللاتينية. وكان كتاب البول قد اشتهر أمره بعد ترجمة قسطنطين له، ودرس في الجامعات الأوروبية، فترة طويلة جاوزت القرن السادس عشر. وترجم شعر مورني من اللاتينية إلى الفرنسية ونشر في بداية هذا القرن ويبدو أن ابن سينا ألف أراجيز طبية أخرى وهي :
    أرجوزة في المجربات، وعدد أبياتها مائتان واثنان وخمسون بيتاً. وتبدأ بقوله :
    بدأت باسم الله في النظم الحسن أذكر ما جربته طول الزمن
    وتحتوي على نصائح طبية مختلفة، ويختمها بقوله :
    هذا الذي جربته في عمري نظمته للمقتفي أثري
    وأرجوزة في التشريح وعدد أبياتها مائة وثمانية وستون بيتاً، تبدأ بقوله :
    الحمد لله على تهذيبـي وعاصمي من أم تهذي بي
    ويشرح فيها معلومات عن العظام والعضل والأعصاب والعروق والدماغ. وأرجوزة في الفواصل الأربعة وهي مؤلفة من مائة وأربعين بيتاً، أولها :
    يقول راجي ربه ابن سيناولم يزل بالله مستعينا
    يا سائلاً عن صحة الأجساد اسمع صحيح الطب بالإسناد
    وتتناول اختلاف تدبير الصحة باختلاف الفصول، وتنتهي بقوله :
    فهكذا علمني العليموقال احفظ ما حكى الحكيم
    منعلم بقراط وجالينوسوفضل سقراط وبطليموس
    وله أيضاً أرجوزة في النبض والبول أولها :
    وبعد فالنبض دليل صادق عرفه من الأطباء الحاذق
    وآخرها :
    وآن أن نختم ما نظمته بحمد مولانا تعالى ذكره
    وله أيضاً أراجيز أخرى : كالأرجوزة في حجر الذخيرة، وفي التشريح، وفي تدبير الصحة، والوصفات الطبية، ووصايا أبقراط الخمس والعشرين. وأتساءل فيما إذا لم تكن هذه الأراجيز أجزاء أو أقساماً من الأرجوزة الألفية، كان بعض المتطببين ينقلونها ويعطونها عناوين جديدة ؟.
    وقد لا تكون نسبتها إلى ابن سينا أكيدة. فلربما وبسبب انتشار ونجاح الأراجيز كان البعض ينظمها وينسبها للشيخ الرئيس بغية شهرتها وانتشارها.
    ومن الأطباء العرب الذين نظموا أراجيز نذكر :
    ابن عزرون، وله أرجوزة في الحميات، وابن مناصف، في خلق الإنسان، ومحمود الشيباني، في الفصد، والمفضل بن ماجد، في الطب، ومحمد بن عباس، في الترياق، وأحمد بن حسن الخطاب، في الطب، والخضر بن علي، في الطب كذلك، ولسان الدين بن الخطيب، في الأغذيه وفي الترياق،ووليد بن الشحنه في الطب، ومحمد بن قبرقماس، في البلاذر، ومنصور بن عبد الرحمن، في حفظ الصحة، ومحمد بن إبراهيم، نظم كتاب برء الساعة للرازي، وداود بن الأنطاكي له ألفية في الطب، وعلي بن عبد الواحد السلجماني في الطب، وعلي بن الطحان الأزهري في الطب أيضاً، وشمس الدين محمد بن مكي في عدد العروق المفصودة، ومحمد بن مكي، في الختان.

    انتهى مقالي(( المنقول والمعدل والمنقح ))بعون الله
    كم يرفع العلم أشخاصا إلى رتب *** و يخفض الجهل أشرافا بلا أدب --- الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس  
     

  5. #5  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    المشاركات
    2
    معدل تقييم المستوى
    0
    الموضوع شيق وثرى بالمعلومات اشكرك على تك الاضافة الرائعة لمعلوماتنا ودمت لنا دكتور فادى
    وما نيل المطالب بالتمنى*****ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
    أحمد شوقى
    رد مع اقتباس  
     

  6. #6  
    طبيب وأديب وشاعر الصورة الرمزية د.فادي محمد سعيد
    تاريخ التسجيل
    Oct 2009
    الدولة
    السعودية-سورية
    العمر
    69
    المشاركات
    415
    معدل تقييم المستوى
    16
    أشكرك أستاذ صقر قريش على مرورك الكريم ولطف تعليقك, ودمت بمودة....


    وبالمناسبة لابد من ذكر شعر شاعر النيل حافظ ابراهيم(1870م-1932م) على لسان اللغة العربية وهي تنعي حظها بين أهلها إذ يقول:

    رجعت لنفسي فاتَّهمت حصاتي && وناديت قومي فاحتسبت حياتي

    رموني بعقم في الشباب وليتني && عقمت فلم أجزعْ لقول عداتي

    ولدت ولمَّا أجد لعرائسي &&رجالاً وأكفاءً وأدت بناتي

    وسعت كتاب الله لفظاً وغاية && وما ضقت عن آيٍ به وعظات

    فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة && وتنسيق أسماءٍ لمخترعات

    أنا البحر في أحشائه الدّر كامنٌ && فهلْ ساءلوا الغواص عن صدفاتي

    فياويحكم أبلى وتبلى محاسني && ومنكم وإن عز الدواء أساتي

    فلا تكلوني للزمان فإنني && أخاف عليكم أن تحين وفاتي

    أرى لرجال الغرب عزاً ومنعةً && وكم عزَّ أقوام بعزِّ لغات

    أتوا أهلهم بالمعجزات تفنّناً && فياليتكم تأتون بالكلمات
    التعديل الأخير تم بواسطة د.فادي محمد سعيد ; 26/02/2010 الساعة 07:25 AM
    كم يرفع العلم أشخاصا إلى رتب *** و يخفض الجهل أشرافا بلا أدب --- الإمام الشافعي

    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. لمحة مختصرة عن (هولاكو)
    بواسطة د.فادي محمد سعيد في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 19/05/2010, 09:23 PM
  2. الطب البديل والطب المكمل
    بواسطة د.فادي محمد سعيد في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 17/05/2010, 08:08 PM
  3. القسم الطبي قسم جديد في المربد
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04/04/2010, 11:26 AM
  4. التشخيص الطبي وأحكامه الشرعية،،،
    بواسطة د.ألق الماضي في المنتدى إسلام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 11/08/2009, 10:49 PM
  5. الطبخ المربدي
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى الواحة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03/03/2006, 08:33 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •