أنارجل مسكين ، يرفض قلبي أن يستكين ، يخفق دائماً بتحقيق المستحيل ، ولاأملك غير سكين ، أسنه منذ عشرات السنين ، ليس لأي هدف ، غير أن يبقى مكين، حتى رأيتها مثل الصباح المبين ، أسرت قلبي ، وغزوت قلبها ، واحتللتوجدانها ، وأبينا إلا الوصال المتين ، فانزوينا بعيداً عن كل الحاقدين ،بحب ليس له حدود ، غير كل هذا الوجود ، ولما استقرينا على قمة الجبل ،بدأت أنا في العمل ، لأقيم بيت يؤويني أنا والأمل ، وجاءنا مطر ، ألان لناالحجر ، ورق لحالنا الصخر ، فرحت أنحت بذاك السكين مغارة في قلب الجبلالعظيم ، وغرست هي بذرة ، تبقت من تفاحة نضرة ، وومضت الأيام ، ورمقتالسنون ، وأنا أنحت في قلب الجبل العظيم ، وشجرتها تنموا ، ونستظل تحتها ،ونأكل من ثمرها ، حتى أبهجتنا السنين ، بولد من بعد ولد ، وأنا منالشاكرين ، وبدأ يأتينا الزائرين .
لم يهدأالسكين ، ورفض قلبي أن يستكين ، وراح يتململ ، ويبحث عن من يحتويه ، ومنأول نظرة ، وقعت في تلك الغلطة القذرة ، ليس بعيداً عن حدود فراشها ،وسحقت كل كبريائها ، ولما هاجمتني عينها ، والدمع ينزف من ألم جراحها ،أدركت أني فقدتها ، وركضت نحو شجرة تفاحها ، وأنا أحاول أن الحق بها ،وتسلقتها حتى احتوتها ، ومني عصمتها ، ولم تعد من وقتها ، وبقيت أناوالسكين ، وتفاحة جديدة ، تعشقني وفي عشقي عنيدة ، ولكني قربتها ، ونحتبيت جديداً لها ، زينته هي ، وتزينت لي ، وراحت تسرف في عشقها ، حتى غدتأسيرة غرامي ، وملأت أيامي ، لكن على قلبي ما قدرت ، وبقيت أنا أتذكرحبيبتي الأولى ، وأبتهل لشجرتها في كل عيد حب أن تعيدها دون جدوى ، حتىذبلت حبيبتي الأخرى ، واعتصمت بالشجرة .
ولميهدأ السكين ، ورفض قلبي أن يستكين ، وراح يعبث مع أخرى ، وكانت تلهو بي ،المرة تلو المرة ، حتى احتلت قلبي ، وتملكت عقلي ، وصرت لها عبداً ، ورحتأنحت لها بيت ، زينته بكل أنواع الزينة ، الممكنة والمستحيلة ، حتى ترضىوتأتيني أسيرة ، لكن أبى قلبها أن يلين ، ورأيتها في نفس المشهد المهين ،تحتل عمق فراشي ، مع رجل مثلي يملك سكين ، يرفض قلبه أن يستكين ، وتدفق فيعروقي غضب محموم ، وآثر السكين ، الذي نحت البيوت عبر السنين ، إلا أنيذبح ، وحكم قلبي عليها بأن لا يصفح ، وأنا لا أرضى ، وغصة في قلبي تأبىوتزلزل نفسي قائلة :
- افعل ما شئت يا مسكين ، فكما دنت تدان ، وقدرت عليهما ، ولم تقدر هي عليك ، ولا يملك العفو إلا السالمين
أدركتحقيقتي ، حين نضح على ثوبي الأبيض دماء غزيرة ، ومن وقتها ذبل قلبي الأخضر، وهجرني أولادي وأصبحت أبتر ، ورحت أبتهل من جديد ، وأرتل الترانيم ، تحتظل شجرة التفاح العتيقة ، عسى أن يرق قلب حبيبتي ، وتعود كما كانت وهجاًفي دنيتي ، وتعيد إلي بهجتي ، لكنها أبت أن تعود ، وأصرت أن تبقى غائبة عنالوجود ، وبقيت أنا بدون أن أكون هنا .
وصدأالسكين ، وآثر قلبي أن يستكين ، ونالت مني السنين ، حتى وجدتني عابراً ،ووجدتها قادمة ، حالي مثل حالها ، تعاهدنا أن نؤوي بعضنا ، حتى يأتينااليقين ، فرحت أنحت البيت الأخير ، ليس به زينة ، ولم أسع لتكون لي أسيرة، فقط أريدها مني قريبة ، ولم ترد هي غير ذلك ، وبقيت أنا والندم وذاكالسكين ، الذي نحت حتى بهت ، ولم يتبق منه غير الصدأ ، وبقيت أعيش علىذكرى حبيبتي الأولى ، أبتهل كل ليلة تحت شجرتها المهولة ، ألتمس يومعودتها ، أو صعودي أنا إليها .