صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 25 إلى 36 من 38

الموضوع: مشاركات قسم القصة

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    5
    معدل تقييم المستوى
    0
    إسماعيل ابوبكر..

    إجابة العم رمزي..

    فكرة: إسماعيل أبوبكر وبكر رواشده.

    عدت مسرعا إلى البيت وأنا الهث من السعي، ودموع تنساب من عيني حال تذكّري لما قاله ذلك الرجل الطيب. وأخرجت ذلك الصندوق من خزانتي، وأوقدت نار تلك المدفأة وبدأت ارمي بتلك الأوراق وأرقبها وهي تحترق شيئا فشيئا، فلم تكن يوما ما حقيقة، ومع احتراقها شعرت براحة نفسية بعد انقضاء تلك الأعوام التي ظل فيها قلبي خاويا.

    كنت أراه جالسا في تلك المكتبة كلما توجهت إلى اقتناء كتاب معين، بمنظره الهادئ، وبسمته المتواضعة، واضعا نظارته على انفه وهو عاكف يقرأ ذلك الكتاب. كنت آتيه فور رجوعي من الجامعة لأخبره عن مغامراتي وما رأيت وما سمعت. كان نعم الموجه بالنسبة إلي، فقد كان يستمع إلى همومي ويتعاطف معي ويرشدني بخبرته. أخبرته ذلك اليوم عن "سلمى"، عن تلكم الساحرة الجميلة التي أحبتني، فاقتربت مني وطلبت مني أن أكون كاتبا لها في مجلتها الالكترونية.

    لم أكن اقترب من الفتيات، لكني شعرت أنها مختلفة عنهن جميعا، فقد كنا نتشارك نفس الاهتمامات والأفكار، وشعرت أن روحنا واحدة وان القدر قد كتب مصيرنا سوية في لوح واحد. أحببتها من كل قلبي وصارحتها بمشاعري حال تلاقينا. واذكر أنها قالت لي في المرة الأولى التي تحدثنا فيها، أني ما أن تركت مجلسها حتى تبعتني بدموع فاضت من عينيها، وسُكبت على خدودها، وأنها شعرت بروحي تلامس روحها وأنها أخيرا وجدت فيّ توأم روحها.

    مضت الأيام ونحن نزداد محبة لبعضنا، وتقوى أواصرنا. كانت تشاركني خلالها مشاعرها وآلامها ومخاوفها وكنت أراني بطلا ينتشلها من ذلك كله، وكم كان شعورا جميلا. وبعد أيام وشهور، لا ادري ما حدث فيما بيننا، فقد كثر خصامنا وجدالنا وهجرنا، وأخبرتني أنها تشعر بفتور العلاقة، وحينما سألتها عن سبب ذلك، ذكرت لي أن الوضع قد أصبح صعبا بالنسبة لها، وأنها ما عادت تشعر بمشاعر الحب مثلما كانت تشعر من قبل.

    أصبحت حائرا ومشتتا، وتمردت على ظروفي المعيشية وكرهتها، وكنت احكي كل ذلك للعم "رمزي" والذي كان يبتسم لي كالعادة، ويسألني: "كيف شعورك تجاهها؟"، فأجيب: "إني اعشقها واعشق تربتها وكل ما يتعلق بها". فيسألني مرة أخرى: "وما شعورها تجاهك؟؟"، فأجيبه: "هي كذلك". فيصمت قليلا ويقول: "إذن كل شيء على ما يرام".

    وفارقتني "سلمى" ذلك اليوم، واذكر تلك اللحظة التي قالت لي فيها أن علاقتنا صعبة وان الظروف والأوضاع لا تسمح بارتباطنا. فثرت عليها وقلت لها: "أين كلام الحب والتضحية والصبر؟ أين التوأمة الروحية والأحلام والآمال". وتركتني وحيدا أسائل نفسي عما جرى، حتى أني كنت ألوم نفسي أحيانا، بأنه كان علي أن ابذل مجهودا اكبر كي أحافظ عليها.

    تحطمت بعد ذلك وتبلدت مشاعري وكفرت بالحب وحقيقته وتملكني اليأس، ومع هذا كله والعم رمزي يقول لي كلما ذكرنا الموضوع: "أن الحب الحقيقي لا يموت". وطلب مني أمرا عجيبا، وهو أن اجمع كل رسائل الحب واضعها في صندوق، وانتظر حتى تأتيني الإجابة يوما ما عما حدث وفرّق بيننا. وتُوفي العم رمزي.

    وبعد أعوام رأيتها في إحدى الحفلات، ورأيت معها رجلا لا اذكر أني رأيته من قبل، وعرفتني به كخطيبها، واقتربت مني وسألتني عن حالي. فأخبرتها أن الأمور على خير ما يرام، وتحسّنت ظروفي، وحققت كل آمالي وطموحاتي. وهنا تبسّمت ومالت برأسها وهمست في أذني: "أتذكر تلك الأيام؟ لقد كانت أيام مراهقة وتجربة جميلة". تبسمت لها مجيبا: "لكنها كانت حقيقية بالنسبة لي، ولازلت احبك، لكني أخيرا تلقيت إجابة العم رمزي".

    تمت..
     

  2. #2  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    5
    معدل تقييم المستوى
    0
    إسماعيل ابوبكر

    الزهرة..

    إنها زهرة ولا كأي زهرة.. بهذه العبارة بدأ المدرس يشرح لطلابه قصة الزهرة التي أقلقت كبير العلماء وسببت له تلك الحادثة التي ربما أودت بحياته.. اسماها علماء النبات بالزهرة القاتلة، ولم تكن يوما كذلك.. كم كان يوما رائعا حين قص علينا قصتها..
    توسط المدرس الصف بشعره المشيب ووقفته المستقيمة التي تشبه وقفة الجندي المعتز بوسامه وعلى وجهه رُسمت خطوط الزمان.. حكى لنا تلكم الحكاية الغريبة عن احد العلماء الذين نذورا أنفسهم للبحث عن تلكم الزهرة العجيبة.. تلكم الزهرة التي تفوح منها روائح زكية، ولها منظر بديع، وينساب على جنبات أوراقها الندى بصورة رائعة.. زهرة تذكرك بكل ما هو جميل في هذه الحياة..

    لم يعرف الجميع سبب هوس هذا العالم بها بحيث انه كرّس كل حياته للبحث عنها.. كم ارتحل من مدينة لأخرى، ومن بلد لأخر، وعانى الضياع جامعا للمعلومات ومتحملا أعباء الغربة.. تسلق الجبال وهبط الوديان وعكس مسار الشمس بحثا عنها.. كان يرتدي ذلك القفاز الأسود وهو يتفحص الزهرة تلو الزهرة حتى يتأكد من أنها هي الزهرة التي يريد.. كان قد وعد نفسه بعدم مس أي زهرة ما لم يتأكد من أنها هي لا غيرها..

    لم تكن هذه الزهرة مختلفة عن غيرها من ناحية الشكل، لكنها كما تذكر الروايات: متينة الأوراق، وشذاها يملأ الآفاق، صحراوية تعيش في أحلك الظروف، الزهور التي تحتفظ برونقها ونضارتها على مدى الزمان وكأنها تفتحت بالأمس..

    وهنالك من يذكر كأسطورة أن جد هذا العالِم هو من غرس تلكم الزهرة بنفسه، وسقاها من ماء إناءه الذي شرب منه ذلك العالم حينما كان صغيراً، ولذلك نشئت تلكم العلاقة الغريبة بين الزهرة والعالِم.. ولم يترك أي إشارة إلى مكان وجودها، وان القدر وحده هو الكفيل بنقلها إلى حفيده..

    بعد البحث في أمهات الكتب والاستنتاجات منها استطاع أخيرا أن يصل إلى تلك الزهرة العجيبة.. وجدها على سفح جبل شاهق تسلقه على فترات من شدة ارتفاعه، حتى كادت رئته إن تتفجر من ضغط الهواء وقلّته، وكلما اقترب كلما اشتد خفقان قلبه من شدة الفرح، وشعر بدنو الوصول.. فكم هو جميل أن تحقق أمالك، فما بالك بحلم حياتك..

    وجد تلكم الزهرة كما هو موصوف عنها: وحيدة ذات بهجة، منفردة عن بقية الزهور.. اقترب منها، ولم يرتد قفازاته هذه المرة.. وكانت الإشارات والمصادر تقول أن من اقترب منها أسكرته رائحتها فيتهاوى متى ما هزّها، فقام بهزها فانتشى بتلكم الرائحة حتى كاد أن يفقد وعيه.. لمس أوراقها فكانت كالحرير على يديه ومالت على أنامله وكأنها تخطب ودّه..

    أزاح التراب من حولها وانزاحت معه كل آلامه ومعاناته في طلب تلك الزهرة، وصار يحفر ويحفر كي يصل إلى جذورها.. أحس بلحظة سكينة وراحة لم يعهدها من قبل في حياته.. امتلأت عيناه بالدموع وانسابت على خديه لتسقي تلكم الزهرة.. إنها لحظة اجتماع محبوب بمحبوبته بعد فراق طويل..

    امسك بساق الزهرة وشدّها لأنه أراد أن ينقلها إلى مكان مناسب لها لطالما سهر على تنظيمه، لتعيش الزهرة في كنفه حتى يفارق الحياة.. لم يرد أبدا أن يستخدم عطرها، أو أن يقتلع جذورها للأبد، أو تجفيفها ووضعها في متحف كما يفعل بقية العلماء ومروجو العطور.. كل ما أراده هو أن تظل بجانبه ويأنس بها ما تبقى من عمره..

    جذب الوردة برفق فأبت التحرك معه فأعاد الكرة ولم تفلح محاولاته.. شدها مرة أخرى فقطف جزء منها عن طريق الخطأ، ويا ليته لم يفعل، فقد أحس بقلبه يتفطر حزنا على ذلك الجزء، وكأنه اقتطع جزءا من جسده.. وبرزت تلكم الأشواك التي لم تكن في الحسبان ووخزت ذلك العالم في يديه.. إنها طريقة حماية لم يكن يتوقعها، ولم يقرأها قط في أي كتاب بأنها من صفات تلكم الزهرة.. كانت تساوره الشكوك والآلام، إن كان يتوجب عليه ارتداء قفازه المتين هذه المرة وإعادة الكرّة..

    لكنه اختار عدم ارتداء القفاز وحاول السحب مجددا وازدادت معه كل آلامه، وفي كل الم هنالك الم في داخله وخوف من أن يكرر قطع جزء منها.. ولم تكن تلك نهاية القصة.. فقد وُجد ذلك العالم مغشيا عليه على سفح ذلك الجبل وعلى يديه أثار تلكم الأشواك، وجسده متجمد كالثلج بجانب الزهرة.. لم يعلم العالِم المسكين أن أشواك تلكم الزهرة كانت مسمومة، وان سمّها كان قد انتشر في أنحاءها لوجودها في تلك المنطقة التي لم يكن لها أن تعيش هناك..

    رفعت يدي وأنا أتساءل كالمجنون عن مصير العالِم ومصير تلكم النبتة، وهل عاش أم مات؟.. لكن المدرس نظر إلي وفي عينيه حيرة كحيرتي، فهو أيضا لم يعرف نهاية تلك القصة.. ورن جرس نهاية الحصة وطُلب من الطلاب الانصراف إلى منازلهم، وألا ينسوا رسم تلكم الزهرة كواجب مدرسي، وودعنا بابتسامة..

    وها أنا ذا بعد سنواتي الدراسية لا زلت انظر إلى الآن إلى صورة الزهرة التي رسمتها على كراستي، واسأل نفسي عن نهاية ذلك العالم وتلك الزهرة وهل سأجدها يوما ما ..

    تمت ..
     

  3. #3  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    5
    معدل تقييم المستوى
    0
    القصة التي ارغب في المشاركة بها:

    إجابة العم رمزي..

    إسماعيل ابوبكر

    بالتوفيق للجميع
     

  4. #4  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    5
    معدل تقييم المستوى
    0
    إسماعيل أبوبكر..

    الأسطورة

    جاء صوت صارخ من المذياع يقول: "أيها الناس اتقوا الله، اتقوا الله كي تُسقى الأرض، فقد حلّت علينا لعنة السماء"، فأطفأ خالد المذياع. فالأسطورة القديمة تقول أن أخر حكيم الأرض حذرهم من أن لعنة عظيمة ستحل عليهم بسبب سوء قلوبهم، ولن تزول حتى يجدوا لها حلا يرتضيه رب السماء وطوبى لمن يزيلها. أدار خالد محرك سيارته، ومضى يشق مسيره في تلك البلاد.

    فهو مهندس زراعي كان قد تخرج منذ سنوات طويلة، ويعمل موظفا في البلدية. يعاني مثلما يعاني الجميع، لكنه كان رجلا صالحاً، عادلا، أمينا صادقاً، لم يقبل في حياته رشوة قط. وما دفعه للخروج بعد الدوام هو رغبته في جمع بعض المال كي يتسنى لأبنائه إكمال دراستهم ليصبحوا شيئا عظيما في المستقبل، فكم امن بهم وأحبهم ولم يدخر جهدا في إسعادهم.

    لم يكن اليوم جيدا بالنسبة له، فهو قحط ككل الأيام في هذه البلاد، يرى فيها نفس المشاهد طوال سنوات عمره. رأى في الطريق رجالا يذبحون أناساً من بلاد أخرى بطرق وحشية لغرض إزالة اللعنة، ومن حولهم يصفقون. ورأى فيها نساء مستضعفات يلوكون في شرف أخريات بأنهن سر اللعنة. ورأى أناسا أوباشا يسجدون لآخرين -يعلمون الحل بنظرهم- فيصدقونهم ويتعلمون منهم الكره والبغضاء، فيسمعون ويبكون.

    ورأى منهم من يفجّر نفسه على قارعة طريق فيها طفل ورجل عجوز ودار عبادة، راجيا إله السماء أن يقبل قربانه ويخلصهم. ورأى أناسا يضربون آخرين بالهراوات والعصي ومن خلفهم تمثال كبير، ومجموعة من الكسالى يتابعون أخبارا، وبها يتخاصمون. ورأى في بعض أزقتها أناس يترنحون ويرقصون، وبينهم نساء عاريات. وشاهد أطفالا جوعى ملابسهم ممزقة يستجدون الناس. لم يستطع رؤية ذلك كله أو حتى سماعه، فأغلق نافذته ومضى في طريقه يبحث عن زبون.

    وبينما هو في مسيرته، إذ استوقفه رجل يبدو من شاكلته انه من البلاد الأخرى التي طالما سمع أنها سر البلاء واللعنات في أرضه وسبب نكبته. لكن حاجته أوقفته كيلا يعود خالي الوفاض إلى بيته. فركب الغريب وكان يتوق إلى التحدث معه، لكن خالدا لا زال يتملص من الحديث معه، لبغضه إياهم. وكان الغريب يتحدث عن انه سيذهب أخيرا لرؤية أبنائه بعد سنتين كاملتين، وكم يشتاق إليهم. وفي حركة ودية عرض بعض الصور لخالد الذي لم يبد اهتمامه.

    توقف خالد وابلغه بالوصول، فلم يخف الرجل دهشته وقال: "أتعرف؟، هذه هي المرة الأولى التي يوصلني فيها سائق أجرة إلى العنوان من طريق مختصرة، مع أني اعرف الطريق جيدا". رد خالد بابتسامة باهتة وهز رأسه في أدب، واخذ المبلغ ورد الباقي للرجل الغريب الذي بدا مصدوما مرة أخرى من المبلغ الزائد المتبقي.

    وبينما خالد ماض في طريقه، لاحظ حقيبة. وجد فيها مبلغا كبيرا من المال، ومضى يفكر في تلك الفرحة التي سيراها في وجه زوجته الحبيبة سلوى وابنيه خليل وزياد. لكنها لم تلبث أن تلاشت وحل محلها صورة أبناء ذلك الرجل، ليرى الحسرة في وجههم والألم. أحس بضيق، فأدار مقود سيارته.

    شاهد رجلا مذعورا، طمأنه بابتسامة صادقة في وجهه، وقال له: "أنسيت شيئاً مهما قبل سفرك؟". بكى الرجل وتناول محفظته لأخذ بعض المال، لكن خالداً تركه ومضى في سبيله.

    سالت قطرات دمع على خد خالد فتحسس وجهه فإذا عيناه تذرفان، ولم يدر لماذا، فمسحها بأطراف أصابعه، وإذا به يرى قطرات أخرى متتابعة، لكنها لم تكن من عينيه هذه المرة، بل كانت من قطر السماء.

    تمت..
     

  5. #5  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الأخت الكريمة عبير الشاوي

    نقبل القصص التي أرسلت كمشاركة واحدة
    حيث شرط القصة القصيرة جدا أن يتقدم القاص ب 5 أعمال
    ويمكنه إرسال قصتين قصيرتين تكملة للشروط
    أو 10 قصص قصيرة جداً أخرى
    التعديل الأخير تم بواسطة طارق شفيق حقي ; 12/03/2010 الساعة 09:27 PM
     

  6. #6  
    كاتب مسجل الصورة الرمزية تركي ناصر الحربي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2008
    المشاركات
    10
    معدل تقييم المستوى
    0



    لقـــاء السحــــاب




    ذات ليل دثرني بعباءته الحزينة ليغزو الظلام مشاعل مدينتي المطوقة بمرتزقة الفراق , ولتتيه قوافل الشوق في بيداء الفقد تعصف بها رمال التنائي.
    في زمهرير الوجع ,استوقدت ناراً من لهيب زفراتي , علــّي أفزع تساؤلات الصقيع وأُخيـــف بها رؤوس الوحشة المتجهمة حولي , فأنجم السماء أمسكت عن الهدايـــة والقمر حُفـــرت له كوة من عدم ليسقط فيها.
    مكثت ردحاً من زمن الضعف ابتلعُ عروق نبتة مسكنة لأزيز الذكرى المتناثرة دماملها على صفحة القلب ولما أشفى بعد.
    ما عاد يجدي ضّرس أشواك الملح وحتى ينابيع الجبل ضيعتها غيوم الحزن فتقطعت عروق الجريان.
    لينبلج في هزيع الليل عامود نوراني تحفه أصداء صوت أوقظ َ الروح..!!
    تناهى الصوت أكثر فـأكثر مردداً
    (أود رؤيتك قبيل سفرك ....هــلم إلــّـيَ أرجوك!)
    كفرحة الأسير بتحريره استنطقت جوارحي لتصدع بالقبول.
    توكأت على منسأة الحلم الأجمل ميماً قبـــلة الهيــــام للذة الموعد , مطهراًً من طريقي قبائل الشك البربرية حائلاً بنحري رؤوس حرابها المتوثبة عن يقين اللقاء .
    فما أسقطه بروعي عن أنباء آياته الكبرى عصمني من غياهب صدع حفرته معاول السراب .
    هاهو القدر أخيراً يجلب مقعد النجاة فوق ركام سحابة ستقلني الجانب الغربي من أفاق الهداية لجنان العشق.
    امتطينا و روح الوله أخر راحلة لـــّدي _ مزن الغرام_ من حسن حظي لم تنفق كمثيلاتها عطشى لــ أنجلاء العذاب , ممتثلاً لدعوة تمنحني فرصة البعث لأطياف الوجد النافض عنه رماد بيات الجمود.
    قبيل الميقات المعلوم في يوم التجسد الكبير حُوصرت بدوامة الأفكار وحلت بروحي الهشة زلازل الحيرة , إذ ستبصرها عيني بعد انقشاع حجب التخيل وانسدال ستــر التشبيه
    كيف سأبدو لمن بادلني العطـــاء ولم نبرز حقاً حتى في أصدق أحلامــــنا.
    أو سنصدم بيقين الرؤيــــــا وإنعتاقنا من مجهر أوغل في تصوير أيقونـــات لربما ستُــفجع من حقيقة أصول قشورها .!!
    والسؤال المحال ... هل سنوفق......؟
    استكت أوداج العشق ولبست حـــلة الربيع وغمست روحي في عطــــر زنابق البراري حتى فـــــــــر مني الوقت سريعـــاً ولمـــا أعقد العــزم على اختيار أضحية الرؤيـــــا العظيمـــة .ربما أعددت نفسي لتكون كذلك.
    هززتُ منسئتي فاستحالت قلمـــاً سطّــــرَ ملاحم فؤادي مخضبة بماء الروح مسومــة بأوجاع المغيب ,ثم قطفتُ من حدائق اللهفة وروداً يقطر شوقــــــاً شـــذاهـــا .في غمرة انشغالي جاءني صوتها من بعيد
    _( هل وصلت من مهاجرك ؟)
    قلت مرتبكاً ( أنني قريب جداً أحانت ساعة اللقاء؟)
    _(نعم , أني أنتظرك في الدور الثاني من البناية الزجاجية
    ستجدني عند أول منضدة على اليمين )
    ( حسنــــاً)
    ويــــلي لم أفرغ بعـــــــــــــد!

    ***



    في البقعة المباركة صوبت بصري لشاهق الملاذ الأخير تحيطه هالات النور. هاأنذا على مرمى خطوات من تعديل مسار كيــــــــاني وإعادة رســـم خطــــى أفـــــلاكي بعيد ما سامتني مدائن الرماد سوء العذاب .
    على بعد كبسة ( زر) انزلقت أمامي لجـــــــة إضــــــــاءات خافتــــة تتهادى في جوف ممر طويـــــــــل ترتمي على جنباته منضدات بيضـــــــــاء. بالكاد تحملني قدماي وأنا القابض على ( بوكيه الورد) يتفصد جبيني عرقاً قبل لحظة النشوة.
    _(من هنـــــــــــا)
    فجأة انداحت موسيقى نــــاعمة تسكبها أوتار قيثارة ديــــانا الأوليمبوس لأجد ضالتي المنشودة تعتمر وشاحها الأسود المطرز بالنجوم , تخبئ عينيها خلف نظارات سوداء, تجلس بركنها الركين .
    صافحتني قائلة ( وأخيـــــــــــــراً. حمدلله على سلامتك)
    أطبقت على يديها وأنــــا مســـافر في وجهها تضربني صواعق الدهشة! حتى نطـــق ( بوكيه الورد) بأن لــــــــــه علــــي حــــــــق التقديــــم.
    جلسنــــــــــــا والصمــــــت عقد على ألسنتنا مستبدلها بحـــواريات الأعين بعدما أزاحت نظارتها جانب كأس العصير الاستوائي.
    ( ممممممم ... تفضل أشرب العصير) بحياء يقطر
    ( هـــا ؟ أي عصير؟أوووه شكراً)
    ربـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاه. ....ماهذا؟
    يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ألهـــي أحقاً ما أرى؟
    لوجهها قدرة على إعادة توقيت الزمن.... ولعينيها القوة في تجميده!
    وجنتيها المكتنزة قليلاً تجري من تحتها أنهار من دم وردي , والأنف الأقني يتعالى بشموخ الأنثــــى.
    شفتيها تفرج عن صفوف من اللآلئ تغتسل دوما في بحر لجي من الشهد المصفى.
    يخرج من بينها صوت ملائكي رخيم يضفي على الصورة ألق حورية بحر ساحرة.
    ماذا عن شعرها.... حتى ملحمة هــوميروس لا تقارع طوله . خروبي اللون يضوع منه رائحة اللافندر
    رباه... ربـــــــــاه رحمــــــــــــــاك!!!
    بذكائها لمحت ضياعي فحاولت إنقاذي من دوائر ذهولي .
    ( عساك ما تعبت بالسفر؟)
    ( ......................)
    ( مممم كـــم يوم بتجلس قبل سفرتك للخارج؟)
    ( ......................)
    ( بربك هل أنت بخير؟)
    ( أنا؟ أجل أجل )
    ( رح توحشني كثير )
    ( وأنتي أكثر)
    ( أ حبــــــــــك جداً) قالتها وتعللت بانهزام الوقت المصلوب من أجلنا في صومعة الوله...
    ( أذن لـــــــــي حبيبي بالمغادرة , بودي المكوث لكن.... تعرف)
    ( لا عليــــــــــــــــك , سعدت برؤيتك )
    ***
    ذهبت تتهادى خطانا وكل منا يلتفت عقب كل مــــــــــتر يفصلنا أكثر وهانحن نغرق بطود الفراق مجدداً.
    خرجت مسرعاً ولم أعقب , أحمل قلبها بين جناحي , أسلكه في روحي لتتوهج بيضاء من دون مرض , أتلقف ألواح العشـــــــــــق بشرائع سأنسخ بها عقيدة اليأس والموت وستنبجس من قلبي أثنتا عشر عيناً لكل أسباط الاشتياق .
    وداعـــــــــــــــاً مهوى الفؤاد مسطورة كتبتها فوق جوانح السلوى.......

    انتهـــى


    بقلم تركي ناصرالحربي



    Romeo
     

  7. #7  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    44
    معدل تقييم المستوى
    0
    قصة قصيرة
    عبدالرضا صالح




    القادم من المنفى



    مثلما تاتي الطيور المهاجرة ، السابحة في ظلمة الليل وسكونه 00لتستقر في واحات الدفء والأمان 00تجد مكامنها في الفجر السافر بين ألأعشاب وأعواد القصب والبردي 0
    يفاجئك الصباح بكل جديد 00بكل غريب , وفي احضان ألأهل والأحبة بعد عناء الغربة وكلل الترحال 00تضع رحالها 0
    الفجر ياتي 0، ويأتي نكرة 00يحمل انباء00بعضها أتراحا وأخرى مسرات 00انه ياتي من المجهول 00من خلف ألأسوار ونهايات العالم السحيق 00لم يكن في الحسبان 00يفاجئك بالحضور 0
    الخروج في الصباح الباكر 00الى طرقات المدينة الناعسة ، وأطيافها الحالمة 00تنبئك بمفاجئات00لم تكن في يوم على البال00
    أعمدة النور الغافية تواً ، ومناقل الشاي التي بدأ دخانها يتصاعد ، ورشقات الماء من صانع المقهى لترطيب الجادة ، وعلى الرصيف شيخ ملتحف بالسواد 00راسه الحاسر ،وشعره ألأبيض الذي يشبه نتف القطن ، وحاجباه الراقدتان على جفنيه لتستريح من تعب الغربة ، وتضاريس وجهه تعلمك بان الدهر قد ترك بصماته بوضوح0
    - مددت يدي في جيبي لأستخرج قطعة نقود –حسبته محتاج – وقبل ان اخرج القطعة اشار لي بالرفض 00وضع يده على صدره واشار لي بسبابته الى السماء 00عرفت انه محتاج لله لا لغيره 00نظرت في وجهه00تمليت فيه 00لاح لي وميض من بريق عينيه00اني اعرفه لاشك في ذلك 00مضيت الى عملي وانا افكر فيه 0
    - انني اعرفه 00نعم انه قابع في زاوية من زوايا الذاكرة 00في ركن مجهول من اركانها 00حفزتها لكني لم افلح 00قلت لعلي على خطأ ، اوشبه لي 0
    عدت الى البيت منهكاً بعد انهاء عملي 00جلست على اريكة الخشب القديمة ، خلعت حذائي واستلقيت عليها وانا سارح افكر برجل الرصيف 0
    - قالت امي : اراك متعباً , هائما هذا اليوم !
    - قلت : نعم 00اني احاول ان اتذكر ذلك الرجل الجالس على الرصيف 0
    - قالت : لعلك تقصد ( العم نعمة ) ؟ 00 لقد عاد !
    - العم نعمة !!
    - العم نعمة !!
    فترة من الصمت 00ثم بدات ذاكرتي تنشط 00تخرج ما اكتنزته في السنين القاحلة00 من وجهه الممتلئ بالدم ، ونظراته الحادة ، وضحكته المدوية التي كانت تملأ الشارع 0
    وانا صغير كنت امر امام محله وهو واقف في الحفرة المربعة ، والى جانبه الكورة الحجرية ، ومنفاخ الجلد ( الكير ) ومن خلفه كومة الحديد ، وامامه كتلة ضخمة من الحديد يدعونها ( السندان ) ، ويقف امامه ابنه الذي كان يخلع قميصه اثناءالعمل فتظهر عضلاته المفتولة 0
    كنت اتسلى حينما انظر اليه وهو يدس حفنة من الفحم الحجري في الكورة المشتعلة ثم يداعبها بدفقات من الهواء الذي ينفثه منفاخ الجلد ( الكير ) وهو يضغط فيه ؛ ثم يدس قطعا صغيرة من الحديد في الكورة 00يخرج واحدة منها وهي تتلظى ، صفراء تتوهج ، تكاد تضيء المكان 00يضعها على السندان ، ويبدآن الضرب عليها بصورة متتالية ، كأنه إيقاع منظم ، ثم يعيدها في الكورة ويخرج غيرها ، وبين الحين والآخر يأخذ استراحة قصيرة ليحتسي قدح الشاي الذي كان ينتظره 0
    سمعت الكثير عن ابنه البكر , ذلك البطل الذي كنت أتصوره وكأنه عملاق أسطوري ، عرفت عن بطولاته الكثير ، لقد قضى معظم حياته في السجون ليس لشئ سوى انه (من المعارضة )0
    في المساء كان يجتمع عنده عدد من الفلاحين من المزارع القريبة ومن بينهم ابي يشترون المناجل ، وسكاكين التكريب ، والفدادين ، وكانوا يتبادلون الأحاديث والقصص الشعبية ، ويضحكون 0
    أغلق دكان العم نعمة ، ولم اكن اعرف سبب ذلك 00بقيت أراقبه ايام طويلة وهو مغلق وهكذا بقي حتى غاب في عالم النسيان ورقد بين طيات الذاكرة 0
    في اليوم التالي ،وجدته كما كان في ألأمس جالسا على الرصيف0
    سلمت عليه وسألته :
    هل تعرفني يا عم ؟ رفع رأسه ونظر في عيني وقال :
    لا00من تكون ؟
    قلت انا احمد ، وابي ( العراف ) 0
    استبشر الرجل وقال :
    رحم الله اباك كان صديقي ، وانا اول ما وضعت قدمي على ارض الوطن ، سالت عنه 0
    بادرته : واين كنت يا عم ؟
    قال : خمس وعشرون سنة في المنفى 00غائبون عن ألأهل ولأحبه 00كانوا يخافون من افكارنا ان تفسد الناس !!
    - وماذا ستفعل ألان ؟
    - سأفتح محلي واعمل فيه 0
    - حقاً !! أولك قوة على ذلك ؟ !
    - نعم00ولدي وأحفادي 0
    - آه ومن سيشتري منك ؟
    - أصدقائي القدامى 0
    - كلهم ماتوا0
    - حتى أبنائهم وأحفادهم ؟
    غمرتني نشوة من الفرح والأمل الآتي وأنا أودعه

    قصة قصيرة

    عبدالرضا صالح






    أطياف المــوتى


    انه00لا يخيفه الموت ان أتى مرة، قد يكون الموت بلسماَ 00تكرار هو الذي يخيف 0
    والعاصفة عندما تمر واحدة لا تدمر 00قد تمر برعونة فتستقطب ما خلفها ،ولكن تعددها يعني 00الدمار 00الخراب
    انها قتلته مرات بعد رحيلها الأخير أقبلت كقبسه ضوء 00زهرة طافية 00اقبلت وتوارت كحــلم ضبابي دافئ في ثنايا ذاكرته الخرقة 0
    ليس هناك أدنى شئ ينسيه احباطاته سوى التأسي بأوراقه القديمة وقصاصاته المتعفنة / المتناثرة في زوايا غرفته الصدئة ليحصل على تميمة يطفئ بها شغفه0
    يقتفي أثرها على هاوية النهر الساكن ومائه الآسن 00يلقي حجرا فيخط النهر دوائر صغيرة ، تتوالد وتتسع شيئا فشئ وهو ينظر إليها 00يتأملها 00يرى وجهها الدائري فيها 00يكبر الوجه كلما كبرت الدوائر ، ثم يختفي باختفائها0
    وفي المساء كانت تاتي مع النسيم ، تمد يدها ، تمس قميصه الذي تلاعبه نسمات الهواء البنفسجية 00يحاول احتوائها لكنها تمضي مسرعة ًلتتلاشى خلف الظلام 00 خلف الأسوار0
    في المحطة - محطة التيه الممل - ينتظر سنين ضوئية لا يعرف مداها المحبط 00نثات من المطر00تخفي الرؤيا تجعلها بلون رمادي قاتم وهو ينظر الى نهاية السكة في نقطة التلاشي من تحت المظلة 0
    انه قادم00يتوهم
    أشباح تظهر وتختفي مع اختفاء السكة في هاوية الضباب خلف التلال
    - واحدة منها هي00قد يكون ذلك 00ولم لا ؟
    - نعم أنها هناك 00غير إنها تذوب مع نثات المطر والرمل المتطاير و أوراق الشجر ودخان القطار0
    - انه قادم 00ارى لهاثه المنهك يتطاير مع الريح
    - انه قادم 00يحمل زهرتي في احد المقاعد قرب النافذة 00تنظر الى النوارس اللاعبة ، وأعمدة النور والمارة ومساحات المزارع الشاسعة
    - انه يقترب 00يقترب 00يقف
    يقف متعبا ً، يلفظ أنفاسه 00يمسح العرق عن جبينه من عناء المسافات البعيدة ، يتعالى الصياح والضجيج وأصوات الباعة 00ببسي بارد00سندويتش00سكاير,سكاير00جرائدمجلات00مئات من الوجوه تترجل ، حاملة أفراحها وأحزانها ، ولكن الجميع متساوون في لحظة اللقاء 00كل الوجوه تتشابه الا هي فقط طليت عينيها بلون العشب 0
    تلك هي!!
    يهرع إليها , لكنها تضيع في الزحمة كبلورة سكر في قدح شاي 0
    عاد متعبا يلملم خيبته ، ويجر حظه ، خرج منذ انفلاق الفجر 00 لم يحتس شيئا، والطريق إلى البيت يمتد بعيدا ً ، ولا بد من الوصول في الزقاق تراءى له صبية يلعبون لعبهم الساذجة وصفقاتهم المختلة وأهازيج عبثية 00لا يدركها0
    وقبل ان يلج البيت سمع من خلفه صريرا ً 00لم يشك لحظة ً انه بابها ، تنتظره كما اعتادت 00 يلتفت إليها 00 يراها ، هي كما هي ، بلونها البرونزي ، وبهجتها الطافحة ، تلوح له – ولكن هذه المرة – بإصبعها المطوق بحلقة – حلقة الموت – موته المتعدد0
    قصة قصيرة
    عبدالرضا صالح




    ســخط الرذيــلة


    ( الفضيلة ) : وعاء صفته النقاء , وانبعاث في نبوءات الخير , وسفر نحو الخلود 00 ترقى الى المقامات العالية , وتتنزه من براثن ألآثام 0 نقيضها هاوية في العوالم السفلية , وخوض في وحول الخطايا , وسقوط في شباك ( الرذيلة ) 0
    منذ زمن طويل وهي تأتي بثيابها الرثة , ووجهها الحالك وعينيها الغائرتين 00 تجلس على حافة الشاطئ قرب القمامة 00 تجلب معها وعاء فارغا فيه قليل من الماء00 تهذي بكلام لا يفقهه الناس 00 تنتظر وليدها يخرج من النهر الذي لفظه00 تضمه إليها وتعود به إلى البيت0
    كانت على قدر كبير من الجمال 00تمتلك من الحسن ما لم تمتلك غيرها 00 تتغزل بها النساء قبل الرجال00 ممشوقة القامة 00 باسقة 00 مضيئة الوجه 0 الكل يحب ان يراها ويتمتع بحسنها 0 وهي على هذا الوصف تتصف بالحشمة والرزانة مما زادها تألقا . لم يشاهدوا عليها يوما خلة 0 رفضت كل من تقدم لخطبتها 00 من أشراف المدينة وتجارها ووجهائها 0 حتى انقطعوا عنها ووصفوها ( بالمتعففة )0
    تبنت ابن أختها وأشرفت على تربيته حتى كبر وأصبح صبيا 00 لم تشأ ان ترسله للمدرسة كأقرانه , ولم تدعه يخرج الى الشارع كي يلعب مع الصبيان , حتى صار بدين مترهل لا يعرف غيرها 00 تحبه وتدلله وتكنيه ب ( الدمية ) 0
    ليلة ظلماء , فيها من الغيوم ما يشبه الدخان , والبرد شديد , والريح عاصفة 00 طائف يجتاح الدار , وشبح يجوب البيت 00 رائحته نتنة وشعره أشعث وثيابه وسخة 00 اعتلى سريرها 00 تغشاها وهي ساكنة لا تمانع ولا تتحرك0
    تكرر الموقف مرات 0
    رأى الدمية ذلك ,لكنه لم يصدق عينيه وحواسه في البدء 00 تراءى له انه حلم 00كابوس 00 لكنه وبعد أيام تكرر ذلك المشهد 0
    كانت الصدمة كبيرة على نفسه وهو يراها وهي تخرج خلفه وتقبل يده , وتهمس له أن لا يتأخر 00 في المرة ألأخيرة خرج خلفه ولم يرجع إلا عند الفجر 0
    بعد ايام شوهد الرجل قتيلا في قمامة المدينة قرب الشاطئ 0
    ساءت حالة الصبي وقطع علاقته بها , ولم يعد يكلمها 0
    حاولت إرضاءه 00
    - لقد اشتريت لعبتك التي تحبها
    - لا حاجة لي بها 0
    - تعال 00 تعال انظر اليها كم هي جميلة 0
    - قلت لا أريدها 0
    - وهذه تفاحتك التي تحبها 0
    ليس بي شهية 0
    اخذ يخرج من البيت ولا يعود الا متأخرا ويسلك سلوكا شاذا 0
    خرج ( الدمية ) يوما , وتوجه الى النهر 00 وبقرب القمامة وقف على الشاطئ وهو يهمهم ويقول : أنها تقر فني 00انها تخيفني 00 اني اكرهها 00 سأحطمها 00 سأنتقم منها , ثم مزق ثيابه وبدا عاريا ثم تقدم نحو النهر 00 وضع قدميه في الشاطئ ولما لامسها الماء صاح : اه يا للراحة 00 اخذ يتقدم في أعماق النهر وهو يردد : لقد بدأت ارتاح 00 ارتاح 00 وصل الماء الى رقبته 00
    - اني الآن ارتاح 00 ارتااااااح0
    - لفظه النهر بين طياته 00واغشاه وانقطع خبره0
     

  8. #8 بقايـــا جثـــة 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    52
    مقالات المدونة
    17
    معدل تقييم المستوى
    15
    بقــايـا جثــة

    كمَا لو أنَ الزمنَ يمرُ بطيئًا هذه الليلة، تظلُ مزروعًا على حافةِ الوقتِ المتآكلِ، كقطعةِ حديدٍ مهملةٍ في ركنٍ من الحديقةِ.
    صدأُُ الجسدِ يُكوِرُكَ كومةَ حلمٍ غير قابل للتأجيل. تراقبُ جحافلَهم تقتحمُ خلوتك،
    ثم تجرُ جسدَك..وتجعلك تركضُ ما قُدِر لك من العمرِ، خلف حلمٍ مُوَشمٍ بخدوشِ أظافرِهم.

    الآنَ تنتعلُ ما تبقَى من جروحِ حلمٍ..! لتبحثَ لكَ عن مكانٍ يُكَمِلُ نقصَك.
    وعبثًا تحاولُ أن تمحوَ تلك الخدوشَ بريشةِ ألوانِك الليلكيةِ، وقبلَ انتصافِ حزنِك على قارعةِ الأرصفةِ التي عبَدُوها، بنتوءاتِ أجسادٍ صدئةٍ، للحالمين الذين مَرُوا قبلَك في هذا الدربِ، وأسَالُوا جرحَ ألوانهم جدائلَ شمسٍ تُغرقُ الكونَ بعطرِ الخزامى، من أجل عيونِ وطنٍ سَلَبَ لُبَ ريشًَتهم الشقية، تقفُ هنيهةً لِتَتَثَبَتَ من ملامحِ صورةٍ ..فعلت بك كل هذه الجروح !.

    تُطالعك الثقوبُ في كل الجهاتِ، حُزمًا من العتمةِ التي إنهمرت كوابيسَ شُؤمٍ، تستحيلُ إلى ماضٍ قريبٍ.. عندما حذَرتك أمٌك، وأنتَ تزرعُ على جبينِها قبلةَ الوداعِ، على مشارفِ مزرعِة شهدت طفولتك الحالمة. أن لا تثق في ذئابِ المدينةِ!.
    كانت دموعُها الساخنة ممزوجةٌ ببسمةٍ متخفيةٍ..!. تمسحُ عنها الدموعَ، ثم تُطمئِنُها أنَك لن تغيبَ طويلا، كي يتسنى لك إكمالُ النصفِ الآخرِ من جسدِ وطنٍ متآكلٍ ..!
    تنحني وتقبلُ يديها، وتطلبُ منها أن تدعو لك.
    ثم تغوصُ في إمتدادِ الشارعِ الملتوي.

    أخيرًا تستفيقُ من جنازتِك التي أُقيمَت على شرفِ جرحِك، متأملاً تلك الجثةِ التي تلاحقُها الكلابُ المدربةُ والمسعورةُ، يُصيبُك الغثيانُ والخوفُ مرةً واحدةً..وتدركُ في زحمةِ الضجيجِ أنك وقعتَ مرةً أخرى.

    تراقبُ أعدادَهم التي كانت بأعدادِ أصابعِ يديكَ المقيدتينِ الى آخر المنعطفِ، يجرُون جسدَك المشتتِ الواهنِ، لكنهم لا يعبأون لما قد يُصيبك، كان كل ما يهمهم هو فصلُ رأسِك عن جسدِك، وعَرضه على لجنةِ التَفتِيشِ، فقد تناهَى الى مسامعِهم أنَك خبأتَ صورةً مَا ..!
    وإحتفظت بأسرارِها النديةِ داخل فكرِك.

    لم تكن تذكرُ عمَا كانوا يبحثون بالضبطِ !. لكن وفي غفلةٍ من كرابيجِهم الحادةِ، تذكرتَ أنَك رسمتَ جثةً مفصولةَ الرأسِ، معلقةً على مشجبِ المساءاتِ الحارقةِ بصهدِ أسلاكِ الكهرباءِ، التي غُرِزَت بجسدِكَ الهزيلِِ.
    وببساطةِ مواطنٍ عادِي قلتَ لهم:

    - كيف يمكن للإنسانِ أن يتوبَِ عن حبِ وطنِه؟.
    صفَعكَ صاحبُ الجثَةِ الضخمةِ، الذي ظننته ثورًا، لكنه لا يحملُ قرونًا..!
    ولكن يحملُ صحراءً قاحلةً، لا تصلحُ إلا لتَزَلُجِ الصَرَاصِيرِ! هكذا تخيلتَه وأنتَ تتلمَسُ مواطنَ الألمِ، الذي تحَوَلَ فجأةً الَى انتصارٍ، حيث قِيلَ لك، أن تحبَ وطنَك في صمتٍ دون ثرثرةٍ مزعجةٍ!.

    تغوصُ في الوهنِ أكثر، ويتملكٌك الرعبُ مما قد يأتي..!
    يفتشون زوايا الفراغِ، ثم فراغَ جيوبك، ليس إلا قصاصاتِ ورقٍ كٌتِبَت بقلمِ رصاصٍ باهتِ اللونِ، كالغرفةِ التي تحوي جسدَك المنهكِ. تتنبهُ الى فراغِ الغرفةِ، وأنها بدون لونٍ !.
    لا تعرفُك التفاصيلُ الغارقةُ حدَ الوجعِ..تواصلُ التحديقَ بعينينِ منفرجتينِ، وكأنَك تتحققٌ من تاريخِ المكانِ، وعَبَقَهُ الذي ينبعثٌ بروائحٍ تُزكِمُ الأنوفَ، لم تعهدها من قبل.

    تُراودُك الأسئلةُ وأنتَ معلقٌ على مشجبِ الحيرةِ ..؟؟ فتستحيلُ علاماتُ الإستفهام الى مشنقةٍ باردةٍ، تنتظرُ حرارةَ عنُقِكَ لتلتهبَ صهدًا يَحرقُ جلودَ الحالمين.
    تتقافزُ أنفاسُك ذُعرًا من المكانِ، وقد غطَ في فراغٍ مخيفٍ، ومن تلك الوجوهِ المسرفةِ في الكبرياءِ والقسوةِ، والتي أَلقَت القبضَ عليك وأنتَ تتأبطُ جثةً لم تكن لغيرِك..!.
    تزحفُ على ركبتيكَ لتلتحقَ برأسكَ المُتَدَلي من شرفةِ قسوتِهم، ثم تلتحف الصمت رداءًا من الخشوعِ، وأنتَ تمدُ قامتَك المتناسلةِ كشجرِ لبلابٍ يتدلى على السقوفِ، طالعًا توًا من نُثارِ الإنكسارِ ..!.
    رافضًا أن تنحني لهباتِ الريحِ الصفراءِ اللعينةِ، التي تثقبُ ما تبقى لديك من ألوانِ المساءِ المشعِ. وطامعًا في الإغتسالِ، تسكبُ دمعًا كهطولِ مطرٍ، يغدو رُكامًا من الوحلِ،تنتشلُ جثتَك من الهزائمِ التي مَدَت عُرُوقََها، كي تنخرَ عظامَ خيبَاتِك المعلقةِ في العراءِ.
    وكما لو أنَك كنتَ في حلمٍ أرعنٍ، تستفيقٌ على دمعةٍ غارقةٍ في الشجنِ، كنتَ قد خبأتَها طيلةَ مُرَاودتِك للحلمِ..تَفرِكُ عينيك المتثائبتين، ثم تمسحٌ عنهما غبارَ تلك الدُمى التي كانت تعبثُ برأسِك.

    يزدادُ طعمُ الملوحةِ في مذاقِ صبحِك البُنِي، المتثاقلِ، تصفعُك صورةُ الجثةِ التي ما تزالُ معلقة وقد اِستَحَالت الى بالونةِ هواءٍ فارغٍ .
    تتحسَسُ رأسَك بأطرافِ أصابِعِك، ثم تتحسسُ باقي الجسدِ، لتُثبتَ لعينيك كذبةَ ما ترَى. ثم تغوصُ في حزنِ الهزيمةِ، حيثُ أنتَ لا أنتَ ..! وجُثَتُك ما تزالُ معلقة..
    فهل غادرتَ المكانَ، وهذه رُؤَى حلمٍ متصدعٍ في هَدأةِ صمتِك الأخيرِ.
    فربما فعلتَ مثل فِعلتهم ،" عندما لم يجدوا من يهزمهم ثانية هزموا أنفسهم".
    ورُحتَ تتلصصُ، وتسترقُ النظرَ، ثم توقظُ حُلمَك من غفوتِهِ ثانيةً، وتُقررُ أن تُهاتِفَ أمَك لتسألها عن بقايَا جثتِكَ .
    فريدة ابراهيم بن موسى
    وهي التي أشارك بها في المسابقة

    التعديل الأخير تم بواسطة فريدة ابراهيم ; 11/03/2010 الساعة 07:31 PM
     

  9. #9 مــدن الخواء.. 
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    52
    مقالات المدونة
    17
    معدل تقييم المستوى
    15
    مدن الخواء

    في لحظة ما.. قد يبدو لك الرحيل فرحا، تزهو كل الأشياء أمامك، وتحسها أكثر ابتهاجا، وكلها تتحرك صوب فرحك اليتيم، لتقيم لك العرس الجميل !.
    وحده قلب أمك يحس الفجيعة، ويقيم للفرح مأتما حزينا. فلإنتقال من بلد الأهل إلى بلد فارغ من الحب، كان بالنسبة إليك فرحا تصنعه رقصات حلم في عينيك المنفرجتين عن آخرهما.. على غير العادة.
    فهل تصنع الفرحة بك كل هذا المأتم الذي حل فجأة بقلب أمك؟.
    أنت لم تفكر بهذا القلب الضعيف الحزين بعدك، وكل ما فعلته بعض القهقهات والحركات البهلوانية التي تعزز قمة النشوة لديك، وتغرز دبابيس الأسى في قلب أمك..أمك التي لم تستوعب شرحك الطويل لها عن أزمة البطالة في مدينتك.

    كانت في ركن البيت قابعة ككومة ملابس تنتظر من يرفع عنها أدران الزمن الآسن.
    كان خدها يتكئ على يدها اليمنى النحيلة، وحدها العروق الخضراء البارزة أصبحت زرقاء اللون ترتسم على طول اليد خطوط حكاية تروي.

    (أسيدي امحمد خدك ينور ..عند طلوع النجمة زاد الرسول..خرجت احليمة لدار..
    زاد المختار..بخَتُو بالعنبر والمسك يفوح ..خرجت احليمة تشكي..زاد المكي..
    بختو بالعنبر والمسك يفوح..)

    تواصل أمي ترنيمات المولد النبوي بصوت جميل، وبحة حزينة تميزه عن آلاف الأمهات، صوت يراقص أشعة الشموع المنتشرة في أركان البيت..
    هذه عادتها منذ سنين، تقول الحكاية، في كل مولد تحتفل، وتغرس فينا حب نبينا.
    كان هذا آخر مولد نبوي أشهده مع قلب أمي، ومع بحتها الخاصة جدا..!.

    - ستجرب الغربة وستندم.
    بحسرة يقولها قلبها الواسع الذي لم يسع فكرة رحيلي..

    وتقول الحكاية كذلك..
    بعد رحيلي لم تعد أمي تردد ترنيمات المولد النبوي، غاب صوتها الشجي، وجفت الدموع في محاجرها، لم تبق إلا العروق البارزة تنبض، وتنتظر القادم.


    من مدينة إلى أخرى ينقلني الضباب البني..يتكدس على قامتي الهزيلة، تتكوم الثلوج، وتتكوم أحزاني يوما بعد يوم..يتجمد الزمن في مدن الخواء.
    يحتويني الخواء أبحث لاهثا عن فرحة متبقية في أحداقي، ليس غير الدمع يفارق حنجرتي، وأحرص أن لا ترى هذه المدن خيبتي، أندس في ليل مظلم، على حلم أن نلتقي..


    لا أرى غير العروق البارزة من يديها النحيلتين تمدني بعنقود عنب فارغ..
    سقطت كل حبيباته قبل أن يصل يدي، أحاول لملمة الحبيبات من على الارض، تبتلع الأرض كل الحبيبات، فلا أرى اليدين، ولا القلب، ولا هي..!.

    أستقبل صباح المدينة الخاوية بكثير من الضجر، وقليل من الأفكار التي كانت تتجاذبني، أحاول أن أفتح النوافذ لأتنفس أكثر وأستعيد القليل من القوة، تأبى النوافذ، أكوام الثلج قد أغلقت كل القلوب، وسدت كل النوافذ.
    أحن إلى قهوة أمي..وقبلة أمي..وحضن أمي، تلسعني الذاكرة، فأضع البن في "لبراس"، وأشعل النار لعلها تدفئ فائض البرد المتأبد في كوة الجرح .
    القهوة المٌرة مسكنة لبعض الجروح، وأنا لا أملك إلا جرحا واحدا، بيدي فتحته، وبقسوة أناملي أعدت خياطته، وهاهي المدن الخاوية تفتق الجرح من جديد..

    في الشوارع التي صارت تعرف هزيمتي القسوى، تقاذفتني موجة أفكار ذات سلالة لا أعرفها، أو بالتحديد لا أعرف وصفها.
    الضجيج الصاخب يكورني في مساء مظلم معتم، بعد نهاية ساعات التعذيب الجسدي، غسلت وجهي بضباب ذلك المساء الشاحب، أخذت كرسيا على رصيف الذاكرة، في مقهى المشردين، لأحد المغتربين، رميت بجثتي المنهكة،أحرقت ألف سيجارة، ونبهت أفكاري ببرميل قهوة مُرة، ولم ترسُ على ميناء.
    تسرح المخيلة بدون قيود، صورة لهيكل عظمي مسجى وسط بيتنا، لا يُرى منه إلا عروق زرقاء بارزة، لحاف أبيض يلف الحزن المكوم، وجوه غريبة بدون أجساد تجوب بحرية أطراف بيتنا، تصرخ بدون أصوات، تبكي بدون دموع.
    تختلط الصور، وتحلُ الظلمة على الهيكل العظمي الممدد مكانه، عيون جاحظة، وعيون بدون وجوه تجوب صحراء بيتنا..
    ضجيج المكان، ونعيق البوم والغربان، يوقظ المخيلة فجأة..أواصل التحديق في الطيور..لا شئ غير الطيور، وهي تعانق الفضاء دون قيد ..
    صوت موؤود بداخلي يستجدي، لا بد لهذه المدن الخاوية من ستار يحجب الظلمة، وشاطئ يستقبل فرح الحقائب.

    فريدة ابراهيم بن موسى
     

  10. #10  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    52
    مقالات المدونة
    17
    معدل تقييم المستوى
    15
    السلام عليكم,,

    يشرفني جدا المشاركة معكم..
    وأفضل القصة الثانية كقصة للمسابقـــة وهي:

    قصة : بقــــايـــا جثــة

    أ
    تمنى التوفيق للجميع
    تقديري لمجهوداتكم
    فريدة ابراهيم
     

  11. #11  
    كاتب مسجل
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    52
    مقالات المدونة
    17
    معدل تقييم المستوى
    15
    السلام عليكم
    أشارك معكم ولأول مرة بثلاث قصص هي :

    _ للإنتظــار وجـه لا يشبهني
    _ بقــايــا جثــة
    _ مــدن الخـــواء

    اسم الكاتبة: فريدة ابراهيم بن موسى
    طالبة دراسات عليا أدب ونقد




    للإنتظار وجه لا يشبهني..

    فجأة.. وفي انحناءة خاشعة، يولد الصبح من زفرة طاعنة في عمر الإنتظار. وفي منتصف اللهفة، أغتسل بماء الرجاء، فتذرفنــي آهــاتــي المتوسدة وجع الصمت الليلي. أتدحرج كـكرة ثلجية على قامة الصبح الوليد من تلافيف الحزن الــى أخمص الإنتظــار.


    كم مرَ من الوقت، وأنا أجمع صخب رحيلك في علب على شكل هدايا، أنثرها كل مسـاء في حديقة بيتنا، فتلد حزنـــي الليلــي، الممتد في كوة الجرح !..
    أغوص في مواسم الوحدة متجردا من كـل الآخرين الذين قد يصيبوا صمتــي بزعيق الأسئلـة، أو حب الفضول لمعرفة سبب إبتعاد الورد عن حرف الجسد..ثــم أزرع قلبي حرفا متوهجا في غيمة غيـابـك الماطر.
    ينبت في أحداقــي دمع حافي من تفاصيل الذكريات، فـ أتأهب أخيرا لدفء قد يأتي من حلم مسروق، كنت قد تدثرت به، ذات مساء بارد، وأنا أتفقدك في رفوف مكتبتـي ..لكن سرعان ماصحوت على قامتي، تهوي بين يدي النسيان.
    جمعت رماد حكايتي بين دفتــي كتاب، وتمددت الى جوار وجعي المتثائب من أرق ليلة البارحة، وعبثا رحت أنبش بقايا الرماد، عـلنـي أعثر على حلم يشبهك !.
    وفي مملكة -الحاء- نبتت علاقـة حميمة بين الحب والحرف.
    -فبـــربٍك .. ! مالذي يحِول الحروف الـى نثــــــار رماد، غير حلم متوهـج طاعـن في الإنتظار..
    وللإنتظار وجه غريب، لا يشبه أحدا.

    علمتنـي أحزانــي -وأنا ما أزال طفلا يحبو في حبك- أن الإنتظار يـأتـي ملثًمَ التفاصيلِ، وينفذُ من خلال الشقوقٍ والنوافذِ والأبواب المواربةِ، التي نصفها حزنٌ، والنصف الآخر ألمٌ يختزل نزيف الوقت المتآكلِ ببطءٍ.

    فلا ضير الآن أن أُشرع للإنتظارِ، صفحات كتابي، كـي يعصر ليلـي بصبحي كؤوسا مترعة بطعم الحزن والإنكسار.
    فقد مللت رقص الحروف على السطورِ، كفراشات تَعلقُ بخيطِ فجرٍ متلهفٍ لعناقِ الكون..كحبَك ذات عمر، عندما غزا شراييني وأوردتي.
    لقد أنهكني الصبح، والتفكير في قتل الحروف شنقا، بتهمة إنتظارك الذي يأتي في شكل غياب.
    فلطالما راقصتُ الفرحَ الهاربَ، وطبعتُ على جبينِِ حروفهِ المتناثرةِ إعتزالي لعبـــة الإنتظارِ.

    تمت / فريدة ابراهيم بن موسى

    التعديل الأخير تم بواسطة فريدة ابراهيم ; 11/03/2010 الساعة 07:33 PM
     

  12. #12  
    المدير العام الصورة الرمزية طارق شفيق حقي
    تاريخ التسجيل
    Dec 2003
    الدولة
    سورية
    المشاركات
    13,620
    مقالات المدونة
    174
    معدل تقييم المستوى
    10
    الأخ الكريم ناصر الحربي

    يرجى إرسال قصتين إضافيتين
    فشروط المسابقة أن يرسل كل متسابق ثلاثة اعمال ويحدد العمل الذي يريد أن يشارك به
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات قسم الشعر
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 29
    آخر مشاركة: 14/03/2010, 04:26 PM
  2. مشاركات قسم الشعر
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 05/12/2008, 11:18 AM
  3. مشاركات قسم القصة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 27/11/2008, 04:21 PM
  4. نقد مشاركات المسابقة
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 16
    آخر مشاركة: 22/12/2007, 12:05 AM
  5. مشاركات مسابقة المربد (( قسم القصة))
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى مسابقة المربد الأدبية الرابعة
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 01/12/2007, 04:11 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •