التعايش مع الفشل:

يقول وليس قال: الإمام علي(ع):

الدهرإن أنصفك!! يومان، يوم لك ويوم عليك.

إن الشرطية في حديث الإمام(ع)لها معنى عميق، ودلالة واضحة، بإن الإنسان قد نال إنصافه، لوإتزنت أيامه وأحلامه، بين النجاح والفشل.

يعني الإمام عليه السلام، يريد أن يخبرالمسلم، بإنك غيرمغبون أومظلوم. لوصادفك فشل في الحياة. لأن النجاح قد صادفك في محل آخر. يعني إقبل الحياة، وإقبل فيهاسموك، وأيضادنوك. هكذاهي الحياة، فيهاالغني وفيها الفقر. وفيهاالقوة وفيهالضعف، يعني الثنائية تلازم حياة الفرد منا.

وعندمايتضح معنى الحياة ومافيها، يصبح التعايش مع الفشل أمرطبيعي. وليس مدعاة لليأس والضجروالأسى.

طالب جامعي، لايحالفه الحظ في سنة دراسية. أورجل أعمال لاينجح في صفقة تجارية. أوعسكري لاتسعفه الظروف ليحقق مايصبوإليه في حملة عسكرية.......الخ.

ثم ماذا؟ ليست نهاية العالم، أمامك المستقبل ولازلت في دور الشباب،أبحث عن أسباب سقوطك، وحاول تجاوزها لتحقق طموحك.

فالتعايش مع الفشل، مع كل مافيه من شعوربالإحباط المر، وإحساس بالقصور، هوإبعاد لليأس عن النفس، والتطلع لغدفيه عمل وأمل، ونجاح أفضل.

وهناوقفة تأمل، في تدبرقول الإمام(ع) والتمعن فيه. فالإمام ليس شخصاعاديامن عوام الناس، بل هوأخو الرسول(ص) ووارث علومه، وهوالقائل:

(علمني رسول الله، الف باب من العلم، يفتح لكل باب ألف باب)

وعندمايصبح التعايش مع الفشل أمرطبيعي، ولم يخرج عن مستوى العدل إلى مستوى الظلم، يصبح القبول به آنيا، أمراطبيعيا، لتختفي المرارة من نفس الفاشل، ويعتبربماحصل ومر، لأخذالعبرة والخبرة للمستقبل.

ويقول بهذالخصوص الفيلسوف الأغريقي أرسطو، والذي لقبه الفلاسفة المسلمون القدامى، بالمعلم الأول.

ليس الفشل في الحياة، أن يسقط فيهاالإنسان. لكن الفشل، أن يبقى الإنسان حيث سقط.

ومن التعاليم الأخرى التي ينشرهادينناالحنيف، ويدعوالمسلم أن يتمسك بها، هي تفهم الحياة فهماعميقا، وليس فهماسطحياصفيقا.

هكذايصف المأثورالشريف:

الدنيا دارممر، وليست دارمقر، وخيركم من أخذ من ممره لمقره.

بمعنى هذه الحياة مهماطالت، بغض النظر، إن زهت لك أوخذلتك فهي زائلة.

فالمتنعم فيها، وهي مارة عليه، ينعم على المحتاج بماأنعم الله عليه. وهذاالأخذ من دارالممر، لغد في دارالمقر.

والمحروم فيها، يتعفف ويصبر، ليقنع نفسه. بإنها مجرد مرور، وليست دارأنس وسرور، لكن في غد سيكون اللقاء بالحوروالزهور.

يتناقل الإخوة الأردنيون عن ملياديرإردني أسمه(تانكو)،وكان قدأوصى بعد وفاته أن تنقل جنازته، وواحدة من يديه خارج الجنازة وفارغة من كل شئ، لتصبح عبرة لكل حي.

بإن تانكو، ترك الدنيابيد فارغة، رغم كونه كان مليارديرا في الغنى والجاه.

اللهم أبعدناعن كل فشل، وصبرناعلى حكمك وبلواك إن حصل، لنرضى بماقسمت، يامن فيك كل أمل.