على ضفاف شط العرب

أزمات الآيمو أم مأساتنا


كاظم فنجان الحمامي

ان من يسمع باسم (اثيميوس متروبولوس) يظن للوهلة الأولى إننا سنتحدث هنا عن قائد الأسطول الروماني أو الإغريقي قبل الميلاد, والحقيقة ان السيد (أثيموس) هذا من أبناء مدينة أثينا, ولا يعمل في الأسطول اليونان, لكنه يشغل حاليا منصب الأمين العام للمنظمة البحرية الدولية (الآيمو), التي كانت تتباكى على العراق, وعلى ما آلت إليه أحواله الملاحية في السنوات العجاف, التي حاصرتنا وضربت طوقها حول عنق المرافئ العراقية, وأطبقت عليها الخناق. وحالت دون مزاولتنا لنشاطاتنا الطبيعية في حوض الخليج العربي. بيد ان منظمة (الآيمو) لم تقدم لنا شيئا مذ ذاك, وبخاصة بعدما أزيلت عن موانئنا أطواق الحصار, وتكسرت قيوده.
وقف زعيم (الآيمو) منذ بضعة أيام أمام رجال الإعلام وألقى خطابا مقتضبا عن التحديات التي تقف في وجه الآيمو, وفي مقدمتها كارثة الاحتباس الحراري, وظاهرة تحمض المحيطات, وناشد في خطابه رؤساء الدول الذين سيشاركون في المؤتمر العالمي الذي سينعقد في كوبنهاكن قبيل توديع العام الحالي. ناشدهم بضرورة اصدار قرارات حاسمة لحماية المسطحات البحرية في عموم كوكب الأرض, ووضع ضوابط جديدة وصارمة للحد من الانتهاكات والتجاوزات, وأشار الى خطة العمل الطموحة التي تبنتها الآيمو, والتي ستسهم من خلالها في التصدي للظواهر البيئية الكارثية, وتذليل مخاطرها وتداعياتها السلبية, وذلك من خلال اعتماد معايير قياسية تقضي بحتمية تجهيز السفن بمنظومات الدفع النظيفة المعتمدة على تقنيات عالية الأداء, وقادرة على معالجة الوقود والاستفادة القصوى من فاعليته, والاستغلال الأمثل للطاقة, ومنع انبعاث مخلفات العادم المشبعة بالسموم والكربون.
وفي ضوء هذه السياسات المستقبلية التي ستتبناها الآيمو, يمكننا القول انه من المتوقع ان تشهد السنوات القادمة تزايدا مضطردا في حجوم السفن والناقلات, وفي اعتمادها على منظومات الدفع الاقتصادية الشديدة التعقيد, وستتوجه خطوط الشحن البحري نحو الاستعانة بمصادر الطاقة التي لا تنضب, وستتحرر تصاميم الأرصفة الحديثة من المواصفات التقليدية, ومن المتوقع أن تتغير نوعية الخدمات المينائية, التي يفترض أن تعتمد على السرعة والدقة والجودة.
قالت ألايمو كلمتها, وشدت أحزمتها استعدادا لمواجهة التحديات المستقبلية, ووضعت نصب أعينها كيف تعالج مشاكلها, وكيف تدير أزماتها, وكيف تحافظ على نظافة المسطحات المائية في البحار والمحيطات.
اما أزمات شط العرب الذي تحول إلى مثانة عملاقة ممتلئة بالفضلات والنفايات النفطية, وصار يحاكي البحر الميت من حيث الملوحة ومن حيث مفارقته للحياة. ومع ذلك لم تتحرك الآيمو التي كانت تذرف الدموع على مأساته, وتتألم للظروف القاسية التي مر بها قبل عام 2003, كنها لم تبادر إلى مد يد العون والمساعدة, بل راحت تتفرج من بعيد على تداعيات الكارثة البيئية التي ألمت به, وفضلت الوقوف على التل. باستثناء مساهمتها المريبة في برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP), وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية (UNDP), فقد كانت الآيمو على علم ودراية بأبعاد المشاريع البحرية الوهمية لهذين البرنامجين في تعميق قناة خور عبد الله, وانتشال أشلاء السفن الغارقة في واجهات أرصفة مينائي أم قصر وخور الزبير, للمدة من 2003 إلى 2004, وبتكاليف بلغت ملايين الدولارات. وكانت مجرد مشاريع متبخرة في فضاء الفساد الدولي, تم تنفيذها بين ثنايا طبقة الأوزون المتصدعة من شدة الافتراءات الدولية, وانتهت مراحل المشاريع الخنفشارية من دون أن يتحقق منها شيء ملموس على أرض الواقع, (وعصفور كفل زرزور واثنينهم طيارة). وللحديث بقية بإذن الله. .