المورمونية ديانة جديدة التصقت بالمسيحية

قد يظن المرء لأول وهلة أن طائفة المورمون هي إحدى الكنائسالمنشقة عن أحد المذاهب المسيحية الكبرى ، والواقع غير ذلك تماماً. فمؤسسها لم تكنله علاقة بالمسيحية أصلاً ، وإنما هو شخص ادعى أنه يوحى إليه من السماء بصفته رسولابعث في القارة الأمريكية ، وبذلك فهي ديانة قائمة بذاتها أكثر منها مذهبمسيحي.



*
فمن هو رسول هذه الديانة ؟

إنه جوزيف سميث (Joseph Smith) الذي ولد في مطلع القرن التاسع عشر بمنطقة (بالميرا) الواقعة شمالي نيويوركفي أسرة فقيرة من أب فلاح. وقد نشأ في هذه الفترة التي كانت أرض أمريكا تعجبالمذاهب والطوائف المسيحية التي حملها المهاجرون إلى العالم الجديد. ولم يكن يعلمأو يعلم الناس أنه سيكون له ( شأن عظيم) في القارة الأمريكية إلا في عام 1823م الذيأعلن فيه نبوته ، وادعى أن ملكاً نزل عليه من السماء وأخبره بأنه رسول القارةالأمريكية الذي ستظهر على يديه الألواح الذهبية المخفية ، والتي عرفها بأنهاالألواح المصرية القديمة ، غير أن الملك غاب عنه سنوات ولم يعد إليه إلا في عام 1827م حيث جاءه (بنص اللوح المقدس) ليقوم بترجمته إلى اللغة الإنجليزية ويصبح ( كتاب المورمون المقدس) الذي اعتبره تكملة للعهد القديم أو التوراة.

وفي عام 1830 أسس جوزيف سميث كنيسته التي أطلق عليها اسم (كنيسة) يسوع المسيح للقديسينالجدد أو العصريين) وعرفت ديانة هذه الكنيسة (بالمورمونية) التي اعتنقها العديد منالمسيحيين ، غير أن نظام هذه الكنيسة وعقيدتها أثارت حفيظة المذاهب المسيحية الأخرىالتي اعتبرت جوزيف سميث مرتداً حيث سمح بتعدد الزوجات وتسبب في نشوب فتنة بينأتباعه وأتباع المذاهب الأخرى أسفرت عن اغتياله عام 1844 وإحراق الكنائس المورمونية، وقتل العديد من أتباعها ، وهجرة الناجين من القتل إلى ولاية يوتاه التي أصبحتالآن مقراً لكنيسة المورمون.

كتاب المورمون المقدس:

يعتقد المورمونأن كتابهم المقدس هو تكملة للتوراة ولألواح موسى عليه السلام ويؤمنون بقصة هجرةمجموعة من أسباط بني إسرائيل في عام 600 ق.م من القدس إلى القارة الأمريكية تحتقيادة الرسول ليهي(Lehi) ويروي الكتاب أن هذه المجموعة المهاجرة انقسمت على نفسهاإلى طائفتين.

الأولى : لامتس (Lamaites) التي نسيت ديانتها مع تقادم العهد ،وهم الذين عرفوا لاحقاً بالهنود الحمر ، أما الطائفة الثانية فعرفت باسم نفتيس (Naphaites) التي حافظت على ديانتها ، وأقامت حضارة كبيرة في مدن مناطقها. غير أنالصراع بين هاتين الطائفتين قضى على تلك الحضارة حوالي 400 ق.م ولم يبق منه إلا مادون في ألواح ذهبية في عهد رسول يسمى: مورمون ، ودفنها بعلمه ابنه : ورونى ، وظلتمخفية إلى أن تسلمها سميث عبر ملك من المساء.

ورغم أن بعض المورمون لايؤمنون بهذه الرواية كما جاءت في كتابهم المقدس ، ويعتقدون أن جوزيف هو الذي كتبه ،إلا أنهم يؤمنون بأنه كتاب مقدس ومكمل للتوراة.

نظام الكنيسة المورمونية:

يتألف الهيكل التنظيمي للكنيسة المورمونية من مجموعة مجالس تختلف باختلافالمهام التي تقوم بها يأتي في مقدمتها مجلس الرئاسة الذي يتكون من رئيس الكنيسةومساعديه الذي يقبلون بالرسل أو الحواريين ، ويمثل هذا المجلس السلطة التنفيذيةللكنيسة ، يليه مرتبة مجلس الكنيسة العالمي الذي يتألف من اثني عشر عضوا ، ثم يليهمجلس السبعين الذي يمثل جميع الكنائس المورمونية في العالم ، وهناك أيضاً ما يمكنتسميته بالمجلس الإقليمي الذي يضم رؤساء الكنائس على مستوى كل إقليم يرأسهم رئيسالكنيسة الإقليمية ، والمعروف أن لكل كنيسة شعبا أو أتباعا يتراوح عددهم بين 4000 و 5000 فرد موزعين بين مجموعات صغيرة حسب مهمة كل مجموعة ثقافية كانت أو اجتماعية أواقتصادية أو غيرها ، وهذا الهيكل التنظيمي هو السائد في كنيسة يوتاه ، لكن الكنائسالمنشقة عن الكنيسة الأم تنفرد بنظم مختلفة إلى حد ما ، لكنها تصب جميعها في خدمةالمجتمع المورموني ، ونشير إلى أنه يتعين على كل مؤمن بهذه الديانة أن يدفع عشردخله للكنيسة لتمويل خدمات الإرساليات والبعثات المورمونية في العالم.

مبادئالعقيدة المورمونية:

تقوم عقيدة هذه الطائفة على الإيمان بأمرين أساسيين ،أولهما الإيمان بالألواح الذهبية التي تحدثنا عنها فيما سبق ، باعتبارها أساس ظهورهذه الديانة ، والأمر الثاني : الإيمان بما يعرف بفترة الألف سنة السعيدة ، التييطلق عليها في اللغة الإنجليزية اسم (Millennium) وهو المبدأ الذي نصت عليه التوراةوتبنته المسيحية على كنيسة واحدة ، ويقتل الكفار (الخارجين منها) ، وينشر العدل فيهذه الفترة التي يعمها الرخاء وتستمر ألف سنة ، ويكون إبليس خلالها مقيداً ، لكنهعندما ينفلت من قيده ، تقوم قيامة الناس جميعا ، غير أن المورمون انقسموا في تفسيرهذه العودة إلى فريقين : الفريق الأول يراها عودة حقيقية بجسده وروحه: في حين يذهبالفريق الثاني إلى أن هذه العودة تعنى سيادة الديانة المسيحية فيما يسمي (العصرالمسيحي الذهبي) الذي يتم القضاء فيه على غير المؤمنين بها ، وهو نفس التفسير الذيذهبت إليه جماعة ( شهود يهوه).

*
ورد في المصادر التي تناولت الديانةالمورمونية أن أتباعها بلغوا في الوقت الحالي حوالي سبعة ملايين مؤمن بها موزعينبين بعض بلدان العالم ، وتأتي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك وبعض الدول الأوربيةفي مقدمة الدول التي ينتشرون فيها. فهم يشكلون حوالي 60% من سكان ولاية يوتاهالأمريكية.

*
ويرتكز نشاطهم الأساسي على الدعوة التي ديانتهم وتحويلالمسيحيين إليها عبر تأسيس الكنائس الإقليمية، والبرامج الموجهة عبر وسائل الإعلامالتلفزيونية والإنترنت والمجلات بالإضافة إلى الإرساليات والبعثات التبشيرية وتسمىكنيستهم Church Juesus Christ of Latter – day Saints والتي تعني كنيسة يسوع المسيحللقديسين العصريين.

*
من الواجبات المهمة في عقيدة هذه الكنيسة أن أي منتملها لا بد أن يعمل مبشراً لمدة عامين في أي مكان تحدده له فيالعالم.

المرجع: مجلة الكوثر ، العدد 44 ، يونيو 2003