مذ قرأت مجموعة عدي القصصية .. تملكتني رغبة في الكتابة عن المجموعة المبشرة .. بقلم شاب واعد .. في مجال القصة ..
بل وكلما سألني أحدهم عن ترشيحي لاقتناء الجديد .. كانت " حكاية الصبي الذي رأى النوم " إجابتي المثالية .
الكتاب الذي استحوذ على جل اهتمامي في أوقات الفراغ ,خلال شهر رمضان .. وأصبح يعلو جبين قائمتي المفضلة .. تهافتت عليه الأذواق الأدبية .. و تنامى إلى مسامعي.. أن نفاذ النسخ من بعض المكتبات الكبرى بالرياض ..حدث ,كان من شأنه أن عجل بـقرار إصدار طبعة ثانية في فترة قياسية .
تتكون المجموعة من 18 قصة قصيرة ، هي الأولى للكاتب عدي جاسر الحربش مزج فيها مابين الفلسفة ، الخيال ، الدراما ، الشعر من جهة .. ومابين التاريخ والأساطير من جهة أخرى .
متلبساً بشبح دستويفسكي ، متدثرا عباءة هانس أندرسن ,وروح الأدب الروسي ,استحوذت حرفية الكاتب وثقافته وولعه بالأدب العالمي على ذوق القارئ فنا وأدبا وفكرا وفلسفة ، فظهرت الخطوط العريضة لأسلوبه الأخاذ في الطرح وحبك الحوار وجني الفائدة والخلاصة ..
وشغفه بالمعالجة الفكرية لبعض النصوص التاريخية التي مثلت المادة الخام لأكثر القصص .. حتى صرح أن هذه المعالجة,ما هي إلامحاولة لإعادة خلق التاريخ .. أو استبصار لغة الشفاه المصمتة للرواية التاريخية .. !
مابين طيات القصص,استطاع الكاتب,أن يركز بمخيلته ,على هامش الحياة اليومية غير المعروفة للشخصيات الأعلام من أزمنة مختلفة " كابن النفيس ، والفيلسوف الفرنسي ديكارت ، والأميرة صبح ، ابن سينا " .. الخ
.. كما تمكن من معالجة شتى القضايا بسلاسة, دون خطابية مملة, أو تقديمها بقالب نصائح ,أو ثوب أدبي رث ، بل تسامى بلغته, وطرحه, في معالجته قضية الأخلاق في قصة "الإسطرلاب" ،
واختلاف الأديان في "طاووس ملك"
ومحاولة اللجوء لحكايا وأساطير التاريخ في صنع ملاحم وطنية خاصة بنا، تقدم الأحداث التاريخية غير المعروفة الى شريحة
اعرض من القراء كما كان في قصة "حصار الرس" زمن الأتراك .
ثم نجده يلتفت للفلسفة في قراءة بعض الروايات المتواترة, كما فعل مع كتاب فتوح البلدان في قصة "من قتل الواقدي؟"
وقصة "كلب مدينة افسس".
طرح حداثي يندر ان تجده مع الأدباء الكلاسيكيين من عشاق التاريخ .. إنه أدب مسكون بالفلسفة !
فقد لايوجد لدى الفيلسوف العظيم, شيء من روح الكاتب, وتلك هي حال أكبر المفكرين في الغرب ( كانط مثالاً ), بالمقابل, كل كاتب عظيم لابد أن يحمل في ذاته فيلسوفاً, وهو يعي تلك النقطة تماماً. لو لم يكن عدي ذكياً وقارئاً مثقفاً ,لما وصلت مجموعة حكاية الصبي إلى أكبر شريحة من الناس.
وتلقت الإعجاب,حتى أعلن عن فوزها بجائزة كتاب العام,
مناصفة في النادي الأدبي بالسعودية .