تخوم الألم
مقاربة سيميولوجية لقصة " دنيا " * للقاص فيصل الزوايدي....
بقلم الناقد المغربي محمدمهيم

إليكما : فيصل الزوايدي وسارة حين يعتصر الألم قلوبنا ويعمد صهيل الخزامى بياض تخوم ليل النشوى.....
ما قبل الحكي :
" فالإنفتاح الدلالي لايمكن فصله بحال عن القراءة الإبداعية المنتجة للنصوص ، و المنسجمة مع الكيان الروحي و الإنساني لمبدع النص و منشئه، ومن هذا البيان علم أن تقييد هذا الانفتاح بالمرجعية النصية و الحضارية لاينافي ثراء العمل الأدبي ولايجافيه، بل إن الانفتاح المسؤول هو وفاء لمشروعية القراءة الهادفة و الراشدة ". 1
بداية الرحلة :
كل حكاية عليها ـ ضرورة ـ أن تؤسس بنية تخييلية ، كونا ما ، من خلاله يتم تسريب القيم المثمنة ورسم القصديات وأقامة ميثاق للقراءة التي تتكفل بالتأشير عليها أدوات التوسط ، لذا نجد أن من بين وظائف الاستهلال السعي إلى بلورة بعدا تخييليا ، يهيئ المتلقي ، ويعمل على توريطه في اللعبة السردية ، فيعمد هذا الأخير إلى تلمس أفق انتظار يمكنه من الإبحار في رحلة مغامرة بحثا عن المتعة الفنية و الجمالية والمعرفية التي يستضمرها الخطاب . و" دنيا " من النصوص التي تستقبلك عتبتها بهمس الغواية والتوريط ، عبر ذات الحالة / سارد بضمير المتكلم داخل حكاية intradiégetique 2 باشرت حكايتها بتوصيف حدث سيكون بؤرة لانتشار الدلالة ، و توزيع المحافل السردية والخطابية. و كبوابة إلى عالمها / عوالمها التخييلية ، ستضطلع فيه بوظيفة إدارت توزيع الأبعاد التصويرية و الخطابية و القيمية بمهارة فائقة ، محيلة على عالمها الذاتي الخالص( الخطاب الجواني) . ضمن خطاب فوق ـ سردي métalinguistique " لم أعرف كيف أمضيت ليلتي ، لكنني أفقت صباحا فأدركت أنني نمت " * فكيف تمكنت من تمرير خطابها هذا ؟

البنية العامة للنص :

يبدو أن الوضعية البدئية حبلى بالتحولات ، مانحة بذلك احتمالات عديدة لحالات الوضعية النهائية ، الشيئ الذي يجيز لنا اختيارا / اختيارات ــ بوعي أو دونه من ذات الحالة ـ نرصد عبره المحور التداولي المتولد عن التناص الداخل نصي ( تبعا لنوعية الخطاب كما سنرى )، حيث أن كل عنصر سوف يتمفصل عبر أدوات التوسط بواسطة المحور التركيب نصي ، يتجسد من خلال البنية العامة للخطاب ، أو المحور الدلالي بوصف هذا الأخير رحما لتوالد العوالم الدلالية ، فيتخلق التماسك و الانسجام عبر تعالق كل مكونات الخطاب . وهذا ما يمنحنا ترسيم المحور الدلالي ل " دنيا " كالتالي :

الوضعية البدئية ............... .التحول ........................ الوضعية النهائية

اللاإدراك..................... الرحلة ........................ .إدراك

اتصال سلبي[ رحلة الحياة مع دنيا ]........موضوع القيمة......... اتصال مثمن[ رحلة الذات إلى ذاتها ]


لذا نلفي ذات الحالة تحاول بدءا طرح عدم استيعابها لأبعاد الضحك المسترسل ل"دنيا " ، مندهشة من إقبالها الجنوني [ لم أدرك ليلتها مما كان ضحكها ]*ـــ لكن الإدراك سيأتي متأخرا [ أدركت متألما ساعتها أنني أنا كنت الراحل ] * وذلك أمر طبعي لأن ذات الحالة ستعيش رحلتها في فضاء متاخم لحدود اللاإدراك و الإدراك الحضور و العبور . غير أن الإدراك اليقيني لذات الحالة تجلى في وعيها أو قل تذكرها لخصوصية الزمن ، وتميزه على غير العادة " ليلة " 3 باعتباره الإطار الذي سيحتضن عوالم الرحلة ..

التقطيع والمستوىالتصويري :

يعتبر التقطيع النصي الإجرائي أول العتبات التأويلية و منفذا إلى تلمس عملية كيفية تأثيث ذات الحالة // السارد لخطابها ، وتوزيع الأدوار بين المحافل السردية ، ورصد للحالات و التحولات ، ونمو الحدث ، وتتبع انتشار الدلالة عبر الأبعاد التصويرية .لذا أفضى بنا تتبع نمو البنية التكوينية في علاقتها بالوضعيات السردية إلى الترسيمة التالية :

المقطع الأول : من : لم أدرك.............................................. ... إلى : اكتفت بابتسامة غامضة .
المقطع الثاني : من : حاولت النوم بعدها ......................................إلى : قالت إني عنك راحلة ؟
المقطع الثالث : من : أحسست ثقل الهواء.......................................إلى : هي دنيا ، بنفس فتنتها و ضحكها ونهمها .
المقطع الرابع : من : في تلك اللحظة دخل القطار.............................إلى كنت الراحل .


بدءا من العتبة النصية تشرع ذات الحالة في تسريبي المحافل السردية التي ستتكفل بتوزيع الأدوار: العامل الذات ممثلا بواسطة ذات الحالة / السارد ، ثم " دنيا " ممثل لعاملين المعيق والمساعد حسب الدور التي يمنحها لها تطور الحدث ، و " ليلة " بوصفها الزمن الذي سيحتضن الرحلة إلى الذات ، بوصفها موضوع القيمة المثمن ، كما سنرى . ذلك أن حدث الضحك المسترسل والإقبال الجنوني لدنيا على ذات الحالة ، أثارا اندهاش هذه الأخيرة ، لعدم إدراكها سر ذلك ، لكن المؤكد أيضا إدراكها الواعي للزمن " ليلة " . غير أن ما يتثير الاستغراب فعلا هو وقع إعلان دنيا الارتحال ـ بعد إشباعها لمتعها الحسية ـ بعيدا عن ذات الحالة رغم كونه كان أمرا مسلما به . هذا الإعلان ـ إني عنك راحلة ـ * الذي سيكون المرسل المستفز لذات الحالة على الرغبة في الفعل ، كما أن الابتسامة الغامضة ستزيد وضعها تأزما ، باعتبارها الشرارة التي ستوقد لهفة البحث ، و مؤشرات ذلك المصوغات التالية : هزني قولها ـ فسألتها بتوسل قلق ـ حاولت النوم بعدها ـ تناومت ـ تقلبت * ..... الشيء الذي سيجعلنا نرتاب في سر العلاقة التي تربط بينهما . فعلا ، هل كانت ذات الحالة ستهتاج لو غادرت دنيا دون أن تنبس ببنت شفة ؟! ولماذا هذا الارتباك والقلق و التوجس الناتج عن هذا الملفوظ / الصدمة ؟ " إني عنك راحلة " . هل حدست ذات الحالة منازعة دنيا لها الرحلة ؟ الرحلة هنا بوصفها تيمة الولوج إلى عالم (فيصل الزوايدي ) لأني أعتبرها النواة التي ترفد الرؤى المؤثثة لعوالمه الدلالية الذاتية والإنسانية ، تتلون عبر إشراقات التيمات التي تغريه بفتنها الحارحة غالبا ـ على الأقل فيما قرأت له : (ـ الرحيل ، بيني وبينك ، الغروب ـ ) . إن ذات الحالة تعيش مفارقة عميقة تغذي مسار الحالات و التحولات ، و نمو الأحداث عبر الرحلة الوهمية وراء دنيا بوصفها صورة سردية نووية، لكونها تكتنه ــ تارة ــ الإجابة عن السؤال المعلق : من كان الأجدر بالارتحال عن الآخر ؟ من كان في حاجة ماسة إلى الآخر ؟ ، بل من كان وجوده رهين بوجود الآخر ؟ دنيا أم ذات الحالة ؟ ذلك ما دفع بذات الحالة نحو البحث ، رغم أن حضور دنيا يعتبر مصدر إزعاج وارتباك لها، وتكبيل لحريتها ، واستشراء للحزن فيها ــ وتارة أخرى ــ يعد غيابها فرصة لاختلاء الذات بذاتها مؤول ذلك عامل الزمن المصاحب لتواجد دنيا " تنبهت فجأة إلى الساعة التي شغلتها دنيا ، عقاربها تتكتك ( مفردها عقرب )، كم أكره صوتها ، (.......) ، دقات العقرب تلسعني ، كل ثانية تنقصني ، أوقفت الساعة بعنف " .* فذات الحالة تفقد إدراكها بحضور دنيا / اللذة ، لكنها تستعيده بغيابها . ففي حضورها ـ الفعلي أو الذهني ـ يمارس الزمن بعده الكرونولوجي الضاغط على ذات الحالة و الخانق لانتعاشها الروحي ، باعتباره زمنا تاريخيا ، مأساة ذات الحالة 4 . ففي غيابها تعانق الذات زمنها الحميمي ، كما سنرى ، زمن الذاكرة ، والحيرة ، والألم ، زمن الصفاء الروحي ، فيه تتملى الذات بهويتها الباطنية النقية وقد تخلصت من كراهات الزمن الملوث : " لكنها كانت ليلة "ــ " هل أحتاج معرفة الزمن في ليلتي هذه ؟ " * حيث الزمن فيها يفقد كل مؤشرات الاستمرارية و التحول , ففي الملفوظ الأول نجد لفظة " ليلة " نكرة مطلقة ، تجريد زمني ، صورة سردية على التوحد و السرية ، ليلة غادرت فيها دنيا وعي ذات الحالة ، لذا نلفيها في الملفوظ الثاني منسوبة إلى هذه الأخيرة لا إلى دنيا أو إلى أي معطى آخر، لأنه زمنها الخالص ، سيولة زمنية تتولد عبر حركة الحضور / دنيا والعبور / الذات ، فدنيا كانت المستفيد الوحيد من اللقاء الحسي و المتعي ، تعيش زمنها الخطي ، لأن الإقبال كان من طرف واحد ، مرتبط بالرغبة النفسية والمتعية ، غير المرغوب فيه من طرف ذات الحالة " لم أدرك ليلتها مما كان ضحكها المتواصل .. أدهشني أيضا إقبالها علي " ، " أخذت ترتدي ثيابها.." * إنها " ليلة " مثمنة عجزت فيها ذات الحالة عن توصيف هذه اللحظة الغامضة غموض بهاء الليل و أسراره ، لحظة انتشاء قصوى " لم أعرف كيف أمضيت ليلتي، لكنني أفقت صباحا فأدركت أنني نمت " . * إن النوم ، والقلق ، والحيرة ، والألم ، و الذاكرة ، وكذا المرآة أبعاد تصويرية تتوسلها ذات الحالة جسرا للعبور إلى كينونتها لترى الأشياء في صفائها ، ليتخلق الإبداع من رحم اللحظة العابرة ، وتفاصيل الحياة البسيطة ، لحظة تخلصها من أعباء الزمن التاريخي " انعكاسات الأضواء على السقف ، خيالات من حياة باهتة و أشباح تمر سراعا وأنا على فراش الحيرة ".* ـ إنها طقوس الاستعداد لخوض المغامرة " في الطريق كانت شاب يعاكس..... "ـ وعلى إحدى الشرفات المجاورة كانت امرأة مترهلة..." * صور من الذاكرة و الحياة تتحول عبر عمق التجربة الذاتية الصادقة إلى مرافيئ لانطلاق الرحلة / اسراء الروح إلى عوالمها الحميمية . إننا أمام رحلة مضاعفة : رحلة النفس وراء الملذات الدنيوية ، والمتع الحسية ، ورحلة الروح نحو الجوهري ، والأصيل ، والنبيل ، إن ذات الحالة تعيش شرخا عميقا يعبر عن نفسه من خلال هذا الانكسار الوجودي الذي يتسبب فيه حضور دنيا المحيلة على الهش والزائل والزائف ، باعتباري خضوعه للزمن الكرونولوجي . حيث أن " الحقيقة باعتبارها فكرة ، لاتقوم على المطابقة بين الذات والذات بعينها ، بل بين الذات والواقع في رمته . يجب أن تصبح الهوية موجودة بين الذات المفكرة والموجودة لذاتها مع الوجود في ذاته الذي يحيط بالواقع برمته " 5 كل ذلك يجعل ذات الحالة تفقد تركيزها ، واستيعابها لما يجري حولها . لكن غيابها ـ دنيا ـ يفضي بذات الحالة إلى الاختلاء بنفسها ، إلى تأمل هويتها في علاقتها بذاتها و علاقتها بالآخر / المحيط من حولها . إذن عبر هذه الحركة ـ حضور / عبور أو قل عبر تخومهما يتخلق البعد الجمالي نسغا لتتولد العوالم الدلالية التي تنتشر عبر نمو الخطاب في رحلتين متوازيتين : رحلة وهمية داخل الزمن وراء دنيا ، وأخرى خارج الزمن نحو الذات . وهذه الثنائيات حضور // عبور ت داخل // خارج .... لاتتغذى من الضدية بل إنها تشير إلى " السيرورة " المنتجة للدلالة / السيميوزيس ، أي الحركة الدلالية التصاعدية جسرا من حالة الانكسار إلى أخرى متمنة .

فالنوم و النافذة والحيرة .... أبعاد تصويرية تتخذها ذات الحالة جسرا للعبور إلى الذاكرة باعتبارها المخزن الذي تمتح منه جذور هويتها ، نسغ تعلقها بالكينونة و الوجود . إنها ذات حزينة و مهمومة تعيش معاناة وجودية من خلال مشاعر التردد و الترقب و الحيرة البارزة هناك عبر بنية اللاتحديد و الأشكال اللغوية المكونة لمسار خطاب تجسدها بنية التنكير و المجاز .
فذات الحالة تبحث عن منفذ للعبور ، تتحرك في فضاء بين النوم و اليقظة ـ الليل والصباح – بين الانفتاح على الذاكرة / الذات ، و الانطواء / حين حضور دنيا ، و من خلال هذه الحركة ـ حركة الحضوروالعبور ـ تعيش معاناتها الأليمة التي تدفع بنمو الخطاب إلى التصعيد نحونهاية تراجيدية ، عبر لحظتين حاسمتين في مسار الذات نحو تنفيذ برنامجها السردي ، لحظة اختناق أولى ، [ لم أصبح الصمت ساعتها خانقا ] ،* دفعت بذات الحالة إلى التخلص من أكراهات عالم " دنيا " متلمسة مسارب تفضي بها إلى انكشاف الرؤيا لتعبر الذات إلى صفائها الروحي للكشف عن الحقائق الكامنة في الأعراض ، عن سؤال الحقيقة و الوهم ، من خلال توظيف البعد التصوير ـ المرآة ، ذلك " لأن كثيرا من هذه العوالم ـ التي تحيل عليها ـ الخاصة بالخيال الحديث تكون موضوعة هناك خلف المرآة أو من خلالها . إنها فضاءات خلف المرئي ، خلف الصورة ، تقدم مناطق مظلمة " ، 6 حيث سؤال البراءة الأزلي : سؤال الوجود [ رأيت في الصفحة أمامي صبيا يسأل أباه : أبتي ، كيف ولدت ؟ ] .* تلقائية وعفوية و توق معرفي ، يقابل برد قاس وعنيف من الأب / الوصي ، فيه غلظة و فظاظة طوحت بأحلام الصبي ، وخلقت لديه تصدعات وجدانية قد لاتلتئم أبدا ، مؤولها الملفوظ الوصفي [ وارتسمت قطرة براقة في مؤقه رفضت النزول ] . * إنها صرخة احتجاج و تنديد ضد العنف المدجن التي يتماهى مع كل مظاهر القمع الفكري والجداني والاجتماعي...... صراع الكينونة والوجود بين الرغبات الدفينة والواقع المعيش بكل أشكاله ، سؤال يحدد العلاقة بين الذات و الآخر ، "فالسؤال متى نكون أمام الشخص نفسه أو أمام شخص آخر ، متعلق بمعيار الهوية الذي نسلم بوجوده ، سواء تعلق الأمر بالذات نفسها أو بعلاقتها بالآخر " 7 . تلاه سؤال وجودي آخر لكنه يتغي وضع العلاقة بين الذات و هويتها للتداول قصد إعادة النظر في كثير من المسلمات ، [ وسألت الشاخص أمامي عابثا أو جادا : أين أنا ؟ فابتسم بحزن و أشار إلى نفسه .. ] . * تلك بعض تداعيات الرحلة في بعدها العمودي ، عبر الحقل التشاكلي 8 المحيل على العالم الجواني للذات ـ الذاكرة ، الحيرة ، القلق ، النوم .. ـ لتستمر الرحلة من جديد في بعدها الأفقي إثر لحظة اختناق ثانية ، [ أحسست ثقل الهواء ، فككت زري أغلى القميض.... ] * إثر عودة الحضور الذهني لدنيا ، عبر الملفوظ السردي المحفز و الديناميكي [ إني عنك راحلة ] . رحلة ـ ولما لانقول إسراء مادام الليل سيظل لافا لأسرارها ، و لاتنكشف إلا عبر الأبعاد التصورية التي ستتكيئ عليها الذات في استدراج المتلقي لا رتقاء مسار ها . [لبست بياص ثوبي وسرت نحو المحطة ] المحطة باعتبارها فضاء لبداية الرحلة الأفقية ونهاية " للرحلة الكبرى " حيث تبدو صورة الفتاة والمرأة المترهلة أبعادا تصويرية للعلاقات الاحتمالية التي تمر منها الرحلة في عالم " دنيا " أوهي تشريح أزلي لبداية ونهاية العلاقات المؤسسة على المتع الحسية واللذة الشبقية ، لتقف بنا الرحلة في فضاء التماهي ــ عبر زجاج النافذة [ المرآة ]ــ بين عربة القطار والغرفة والذات الجوانية لذات الحالة لتجسيد ذلك الارتباط القدري ، والذي لا مفر منه ، بين أنين وحنين الذات إلى صفائها وبراءتها ، هويتها المطمورة ، وبين أكراهات الواقع الضاغطة بكل أشكال العنف والقمع .. وعلى إثر صوت موجع فعلا تستفيق ذات الحالة من رحلتها / إسرائها لتدرك النهاية دون أن تستمع بأطوارها ،وأنى لها ذلك وقد تمت في زمن يكتنفه سحر الليل وتدعيات النوم . [ أدركت متألما ساعتها أنني أنا الرحال ] * ، رحلة كان زادها الألم ، ونهايتها ألم ....لكنها استطاعت أن تتحفنا ببنائها الفني المتقن ، وأن ترحل بنا في عوالمها الدلالية الممكنة الممتعة 9، التي تزداد فتنة و غواية كلما ازددت منها تقربا وتوددا ...

البنية السردية :

من خلال الحالات والتحولات التي عملت على نمو الأحداث وتطورها يمكننا إقامة الترسيمة التالية :


المرسل الموضوع المرسل إليه
استفزاز دنيا الرحلة ذات الحالة
الساعد الذات المعيق
الذاكرة / الليل ذات الحالة دنيا
النوم /الحيرة الزمن الكرونولوجي
القلق الصباح

البنية التكوينية :

من خلال انتشار الدلالة عبر الأشكال الخطابية والتصويرية ، يمكن رصد البنية التكوينية التي ساهمت في خلق انسجام النص و تماسكه كالتلي :

الحضور العبور



الانكسار الانتشاء

وتتجلى وحدات التأسيس لهذه الحدود القيمية فيما يلي :
الحضور : الضحك المتواصل ـ الفتنة ـ الابتسامة الغامصة ـ ......
الانكسار : الساعة ـ الصباح ـ دنيا ـ .......
العبور : ليلة ـ المرآة ـ الطريق ـ ......
الانتشاء : النوم ـ الذاكرة ـ الحيرة ...... حالات لاتستطيع ذات الحالة تمثيلها [ هل أحتاج معرفة الزمن في ليلتي هذه ؟ ] ، [ لم أعرف كيف أمضيت ليلتي ] .
لذا نلاحظ بأن ذات الحالة تكون مسلوبة الإرادة في حضور دنيا مأخوذة بفتنتها و نهمها وضحكها وهذا يقتضي حالة انكسار وارتباك ، في حين أن لحظة الانتشاء تقتضي عبور ذات الحالة إلى عالمها الجواني بعيدا عن عالم دنيا ،الشيئ الذي يجعل نمو الدلالة و تطورها يسير نحو نهاية مؤلمة فعلا لذات توزعت بين لذة عابرة وعرضية و أخرى أصيلة وجوهرية ..

ما بعد الرحلة :

تلك كانت همسات جاد بها نص الزوايدي فلتتوقف القراءة إذن ولتستمر غواية الخطاب / المحكي ، آسرة بعوالمها الدلالية والممكنة المتلقي أوقل القاريء المجرد....

ـــ محمد مهيم

إحالات :

1 ـ د عزيز محمد عدمان . مقاربات نقدية . عالم الفكر العدد 3 المجلد 37 يناير ـ مارس 2009 ص 78 .
2 ـmaingueneau , Elément de linguistique pour le texte littérraire p : 29 Dominique
3 ـ المصدر السابق : ص 25 و26
4 ـ الغروب : قصة مشورة للقاص..
5 ـ د . عز العرب الحكيم بناني : الجسم و الجسد و الهوية الذاتية . عالم الفكر العدد 4 المجلد 37 أبريل ـ يونيو 2009 ص : 112
6 ـ د. شاكر عبد الحميد : الخيال.... . عالم المعرفة ، عدد 360 فبراير 2009 ً : ص . 212
7 ـ د . عز العرب الحكيم بناني ، مرجع سابق ص : 212
8ـ Catherine fromilhague , Anne sancier – château : introduction a l’analyse stylistique .p : 63 9ـ Umberto Eco / les limites de l’interprétation . p : 215 .
* ـ القصة : دنيا .

رابط قصة "دنيا "
http://www.merbad.net/vb/showthread.php?t=13480