ما زلت ألهج بالشكر لك وللأخ الشاعر لطفي الياسيني , وعلى بركة الله أبدأ :
البدايات الأوليكان السلم التعليمي أربع سنوات لكل مرحلة من مراحل التعليم العام , تبدأ بالمدرسة الأولية أو الابتدائية ثم المدرسة المتوسطة وأخيرا المدرسة الثانوية , وكان المعلمون معلمين بحق وحقيقة , يرعون أبناءهم ويغرسون فيهم حب المطالعة والقراءة منذ البدايات الأولى لحياتهم , حتى وإن كلف ذلك المعلم ان يدفع من جيبه مالا لإنفاقه على شراء بعض الكتب لبعض الطلاب ممن لهم نهم للقراءة ولإشباع ميولهم خصوصا ممن كانوا فقراء من الطلاب أو من أسر لا تستطيع توفير الكتاب للطالب رغم ظهور نبوغه ورغبته فى المطالعة والقراءة .
وكان وما يزال بوزارة التربية والتعليم مديرية عامة تعنى بطباعة ونشر مجلتين هما الصبيان والكبار وكانتا شهريتين بغض النظر عن محتوى المجلة سابقا وحاليا , فحاليا انقطعت الصلة بيني وبين ما يجري في هذا الصدد, وكانت تصل هذه المجلات لكل المدارس فى كافة أنحاء السودان , وثمن المجلة قرشان فقط , كنا نعمل حسابنا لتوفير القرشين طوال الشهر حتى إذا وصلت المجلة اشتريناها ومن لم يستطع توفير القرشين , فإن معلمه يعطيه المجلة ويطلب منه تسديدها لاحقا وقبل أن يصل العدد التالي , ومن يفشل فى تسديد المبلغ , فإن المعلم يقوم بدفعه فى رضا تام خصوصا متى آمن بمصداقية التلميذ وفى الغالب كان المعلمون يلمون بظروف كل تلاميذهم وأسرهم , ورغم مرتباتهم الضعيفة نسبيا , إلا أن راتب أي موظف دولة كان يكفيه ويكفي أسرته ويوفر منه ويتزوج ويربي عياله , فالحياة كانت ميسرة وكل ما تحتاجه كان رخيصا . لم ندخل وقتها في فترات الانقلابات العسكرية والتخبط والتخطيط العشوائي ولم تبدأ حينها ما يعرف بالعولمة واقتصاد السوق وأثره العالمي على البلدان خاصة النامية منها.
كانت المجلتان بهما الكثير من القصص الممتعة والأناشيد المتخصصة التي تناسب سن الطفل وتناسب الكبار ممن فاتهم ركب التعليم فالتحقوا بفصول محو الأمية وتعليم الكبار . وأشهد أننا بدأنا مع تلكم المجلتين , ننتظرهما شهريا مثلما يرقب المسلم الحق بزوغ هلال شهر رمضان المبارك بشوق ولهفة حبا في أداء شعيرة الصيام التي تقربه من الخالق عز وجل وتجعل منه الورع التقي .
مع ذلك كانت هنالك بعض القصص الصغيرة توزع علينا فى الفصول في حصة المكتبة لنطالعها ويمكن استلافها وإرجاعها لإدارة المدرسة أو مرشد الصف وفق ضوابط محددة ومعروفة .
تلك كانت الابتدائية والتي بدأنا منها ومعها حبنا للقراءة والكتاب , وما زالت المسيرة مستمرة ,