[1]


[1]
الله أكبر ،ماذا حدث للدنيا !!" صرخت مثل ملسوع عندما ضبطت جارنا "خليفة العياري" بصدد
ارتكاب جريمة التفكير مع سبق الإصرار وهي جريمة يعاقب عليها القانون في بلداننا العربية!!
والذي ضاعف من حيرتي ،أنه لم يُعرف عن جارنا خليفة أنه فكر يوما!!فالرجل معروف بأنه من جماعة
"الله ينصر من صبح " كما نقول بالتونسي أو "مات الملك يحيا الملك " كما يقول غير التوانسة !!
وهو مؤيد على طول لكل قرارات الحكومة ،يؤيدها حتى قبل صدورها ،ويدافع عنها حتى إذا لم يطلع على محتواها ،يكفي بالنسبة إليه أنها صادرة من أولياء الأمور لتكون فوق النقد ،ولتكتسب الشرعية المطلقة !!وهو يردد على الدوام حكمة شعبية شائعة عندنا:"أمر السلاطين طاعة" ويزيد عليها من عنده:أنا أطيع فأنا موجود
ولكنني اليوم ضبطته يُفكر،لدرجة أنه لم ينتبه لوجودي إلا متأخرا بعدما هززتُ كتفيه بعنف لأعيده
إلى الأرض!!
-اعترف أنك كنت تفكر ،بادرته متكلفا الجد والحزم
-لالالا ،اتق الله يارجل ،لم أكن أفكر،رد علي ثائرا يكاد الغضب يخرجه عن طوره ،قبل أن يضيف:
كنت فقط أتأمل!!
-أها ،تتأمل ،يعني تفكر ،اليس التأمل شكلا من أشكال التفكير،اعترف ،ولن أخبر أحدا ،فيم كنت تفكر؟
وكأنه أدرك أنه لا فائدة من مواصلته للعبة الإنكار ،فقد رد علي هامسا:
-كنت أفكر :إذا كان أولياء أمورنا حكماء كما يدعون ،لماذا تتدهور حياتنا بهذا الشكل الكارثي،حتى طوقنا اليأس من كل جانب،وبرّح بنا الفقر والعنف والقهر!!تصور :لم أستطع اليوم دفع معاليم فاتورة الكهرباء!!وإذا لم أتدبر المبلغ ،فسيقطعون عني الكهرباء ويغرقونني في الظلام
رددت عليه كمن تفاجأ بأمر جلل:
-هل تكون بصدد التشكيك في حكمة القيادة؟
-لالالا ،رد علي مستعطفا ،بالتأكيد هناك أطراف خارجية دفعت بنا إلى هذا الوضع ،أصلا قيادتنا لا تتخذ إلا القررات الصائبة..
قال ذلك واندفع خارج المقهى لا يلوي على شيء ،وقهقهات الزبائن الساخرة تلاحقه..