هل الجيوش المتاخمة لفلسطين جيوش جبانة؟
=========================

لا نامت أعين الجبناء.
إلى حدود تاريخ كتابة هذا المقال وصل عدد الشهداء بقطاع غزة إلى 360 شهيدا وأكثر من 1700 جريحا، ولا تزال الآلة العسكرية بدعم مكشوف من الغرب وبعض العرب تُدمِّر وتقتل وتُشرِّد وتُنكِّل وتثكل وتُيتِّم، ولا تنفلت من همجيتها طفولة بريئة ولا كهولة معطلة ولا أمومة مفجعة، ولا مؤسسة تعليمية وسيارات إسعاف ومساجد ومدارس وبنية تحتية...
ولا غرابة فالقتل والتدمير طبيعة صهيونية وسجية يهودية نبتت من ثقافة الاستلذاذ بالدم غير اليهودي وخصوصا دم الجويم...
وفي المقابل يقف العرب والمسلمون من الحكام والمسئولين إزاء ذلك على مواقف ما بين التستر والصفاقة والشماتة، فمبارك صفيق يمارس القوادة السياسية، فهو مشارك فعليا في قتل الفلسطينيين ويشاركه الجيش المصري ولا شك؛ لأن عدم منع الاعتداء على الفلسطينيين تواطؤ ومشاركة، والمتسترون خلف أعمال إنسانية وتصريحات مشاعرية استهلاكية كاذبة لا يتسترون خلف حجاب سميك ساتر فعلا، بل هم عراة خلف حجاب شفاف يظهر عوراتهم وصفاقتهم ومشاركتهم اليهود وأمريكا في قتل الفلسطينيين وخصوصا المقاومة.
والجيش المصري جيش جبان بامتياز؛ لأنه يمثل الأخ الأكبر الذي لا يحرك ساكنا لإنقاذ إخوته في غزة، وإذا رفض هذه الصفة المقيتة وأعتقد بوجود رجال فيه وفي غيره من الجيوش العربية والجيوش في العالم الإسلامي كله يرفضونها، فما عليهم إلا أن ينتفضوا على مبارك وأعوان مبارك وعلى كل متواطئ ويطيحون بهم وبكل خائن لشعبه وأمته ويفتحون جبهة مع اليهود على الأقل لإيقاف القتل والتدمير..
كما يجب أن يفعل ذلك الجيش الأردني الذي ظهر فيه في الخمسينات جندي تمرد على أوامر قادته بعدم إطلاق النار فأطلق النار حماية لإخوانه الفلسطينيين الذي كانوا يقتلون أمام عينيه، وكان الجيش الأردني على هضبة يتفرج ويمنع أي عمل يوقف قتل القيادة الفلسطينية في المخيمات، وكانت فعلته رائعة بحيث توهم اليهود أن الجيش الأردني قد نقض العهد أو انقلب على الملك فرجعوا القهقرى وهربوا وهم في دباباتهم ولحقهم الفلسطينيون وشرعوا يخرجونهم من الدبابات كالأرانب والدجاج، ثم يذبحوهم..
هذه وقفة الرجال الأبطال الذين أطاعوا الله ورسوله وعصوا الملك.
فهل تعصي الجيوش ملوكها ورؤساءها وأمراءها وتطيع الله ورسوله؟
هل تبدأ طاعة الله ورسوله وعصيان مبارك في مصر بالإقلاع بالطائرات لقصف تل أبيب بغية نوال رضوان الله، ثم تنتقل إلى الأردن وسوريا والسعودية ولبنان ماداموا هم الذين يتاخمون فلسطين..
الجيش الأردني الآن جيش جبان يشارك الجيش المصري في قتل الفلسطينيين، والجيش السوري جيش جبان أيضا لأنه لا يحرك ساكنا، بل لم يحرك ساكنا حتى عند قصف بلاده بالطائرات الإسرائيلية داخل سوريا وفي محيط دمشق، فهل مثل هذا الحاكم يمكن أن يتحرك لنصرة الفلسطينيين؟
يقبع أهل الجولان تحت سلطان اليهود وهي جبهة ممتازة للمواجهة، فلماذا لا يفتحها بشار الممانعة ولو ببروباكاندة أن الذين قاموا بالفعل هم أناس مجرمون أو إرهابيون تسللوا عبر كذا وكذا ويسرد كيت وكيت، المهم أن تفتح جبهة هناك للتخفيف من معاناة الفلسطينيين، فربما تكون سببا لوقف العدوان؟.
والجيش اللبناني أما يكفيه أن يغض الطرف ويترك الناس تتسلل في الجنوب إلى ضرب إسرائيل، ثم ادعاء ما يمكن ادعاءه وتكون جبهة ثانية؟.
وحزب الله أما يستطيع فتح جبهة في الجنوب اللبناني حتى يخلط الأوراق ويخفف الضغط على الفلسطينيين، وربما يكون سببا في وقف العدوان؟ أما يستطيع تقديم صواريخ فعالة لترويع الآمنين في تل أبيب وغيرها كما يروّع إخواننا في غزة كلها؟.
إن ما أخشاه على الجيوش العربية أن يتم استعمالها لحرب مرسومة على طاولة الخونة ضد بعضها البعض لخلق واقع جديد تعسر خلقه بالعملية السلمية والحراك السياسي، ولنا في تاريخنا القريب عدة أمثلة منها ضرب العراق ومحاصرته بنفس الذين يدعون الممانعة، فالحذر الحذر يا ضباطنا ويا جنودنا، هبوا إلى نصرة ربكم قبل أن تُحْملوا حَمْلاً على نصرة عَدُوِّ ربكم فتخسروا دنياكم وآخرتكم ويلحقكم العار في الدنيا والخزي في الآخرة، تفطّنوا لما يجري ففيه أيادٍ عربية متواطئة تعمل في خدمة المخطط الأمريكي والإسرائيلي وأبرزه محو المقاومة وإخضاع ما بقي من العرب والمسلمين لإرادة أمريكا وإسرائيل.
إن أي دعم إذا لم يكن بمقاتلين وعتاد حربي وأسلحة هو خيانة لله ورسوله والمسلمين، لأن المخطط هو القضاء على صوت الرفض والجهاد والمقاومة واستبداله بصوت الانبطاح والاستسلام، ولا أحب أن يتذرع أحد بالمساعدات الإنسانية، فالمساعدات الإنسانية يقدمها كثير من الدول بشكل مستمر، بينما مساعدات الحكام العرب والمسلمين مساعدات مؤقتة ظرفية تبغي رفع الحرج والتستر خلف الفقاعات الشفافة.
فليبيا مثلا التي تدعي مساندة الفلسطينيين، أما بمقدورها أن ترسل سلاحا ومقاتلين ليبيين وهم بمئات الآلاف وعلى استعداد للذهاب للقتال جنبا إلى جنب مع إخوانهم الفلسطينيين؟ أما تستحي من المساعدات الإنسانية وقد سبقها أجانب كسروا الحصار سابقا بتاريخ: 23 غشت سنة 2008 بـ 44 فردا، ثم تبعه كسر آخر... ؟ هل في ذلك كفاية؟.
والجيش السعودي يقبع في ثكناته منتظرا الإشارة للخروج لمطاردة متظاهر أو مقاوم رافض للطغيان الأمريكي وما شابه ذلك، هذا الجيش أليس به مسلمون؟ أما كان الواجب أن يتحركوا لنصرة إخوانهم بفلسطين السليبة؟
والسلطة الفلسطينية، لماذا تمنع المظاهرات؟ أليس ذلك تواطؤا؟ لماذا لا تترجم رفضها المعلن والكاذب إلى أعمال فدائية تخفف على الأقل من الضغط على جبهة واحدة فتفتح جبهة أخرى أم أنها تنتشي بالشماتة على لسان الصفيق الشامت محمود عباس وتنتظر تصفية المقاومة للرجوع إلى غزة لقمع من بقي يرفض الانبطاح والاستسلام تحت مسمى العملية السلمية المهينة؟.
وإيران التي تتاجر في القضية الفلسطينية، أما بإمكانها أن ترسل مقاتلين، أو تقوم على الأقل باستغلال حزب الله للقيام بعمل ما؟
إن تقديم المساعدات موازاة مع القتل المتعمد ليس عملا إنسانيا، بل هو عمل بربري، فما فائدة المساعدات المقدمة من جهة، وسقوط القتلى حتى من الموظفين والعاملين على توزيع تلك المساعدات؟ هل المساعدات للأحياء أم للأموات؟ إن كانت للأحياء فأحيوهم بقتل الذين يقتلونهم، ثم أطعموهم وطببوهم، وإن كانت للأموات فلا حاجة إلى تلك المساعدات.
ما كنا لننسى مشاركة هذه الدول مجتمعة في قتل العراقيين ومحاصرتهم، فهل يمكن أن يأتي الخير والدعم منهم؟
قد أصدق إذا كنت ذلك الذي نصّب عليه جحا فكريا وسياسيا، ولكنني لست ضحية جحا.
ومن أطرف ما ظهر في طنجة بالمغرب البارحة التي تصادف فاتح محرم لسنة 1430 هـ ذهاب تلاميذ إلى مدرستهم التقنية مولاي يوسف قرب ولاية أمن طنجة، ذهب التلاميذ في الساعة الثامنة والنصف صباحا ظنا منهم أن اليوم يوم دراسي؛ وهو يوم عطلة رسمية في المغرب كله، وحين أُسْقط في أيديهم شرعوا في الضحك على فعلتهم، ونشطوا متحركين جماعة وكان اتجاههم إلى ساحة الأمم حيث تعودت الجمعيات والأحزاب أن تتظاهر وتعتصم، فتحرك لتحركهم رجال الأمن، استُنفرت القوات وتحركت السيارات والجيبات وبها ضباط وبوليس وتبعوا التلاميذ؛ والتلاميذ في عالم آخر لا يحفلون بما يجري للفلسطينيين بغزة، ينكتون على بعضهم البعض طلبا لإعجاب تلميذة من رفيقاتهم، وكان أحدهم يرتدي على عنقه كوفية فلسطينية فتقدم إليهم البوليس وطوّقوهم، وبعد استفسار وبحث علموا بخوائهم؛ فعنّفوهم، ثم فرّقوهم .
انظروا إلى الأمن في بلد عربي يتحرك لأي حركة تنديدية ضد الهمج اليهود ومن والاهم، يركل ويلطم ويضرب بالهراوات ولا يسمح بالتظاهر إلا إذا دعت إليه أحزاب طناجر الضغط لأن فيها طمأنينة للدولة، وقد كانت الأحزاب التقدمية تستغل أحداث الشرق في العراق وفلسطين لكسب شعبيتها، ولكنها اليوم قد أفلست وسخر منها الشعب والناخب المغربي.
نشاهدک يا غزة مروّعة
في الفضائيات
ونعيد المشاهدة
لم ننصفک ِ
وهل ينصفک الجبان؟
نحن الجبناء
وحکامنا أجْبن
حتى التمثيليات عدمناها
ماتت قلوبنا
سقطت حجّتنا
.......................
محمد محمد البقاش

طنجة في:
30 دجنبر 2008

الساعة: الرابعة و20 دقيقة صباحا ( ليلا) بتوقيت غرينتش
===========
ملاحظة:

كتب هذا المقال قبل تصريح الصفيق الفرعون حسني مبارك، وعليه أود لفت النظر إلى وضوح الصورة فيما يجري في غزة، فلقد صرح الرجل وبكل وقاحة أنه معنيّ تماما بالقضاء على المقاومة، وفيها قتل الفلسطينيين المدنيين ما داموا وسط المقاومة أو مؤيدين لها، فعدم فتح معبر رفح بحجة غياب السلطة الفلسطينية والمراقبين الأوروبيين بحسب تصريحه يدل بما لا يقبل مجالا للشك أن الرجل جزء من مخطط ضرب المقاومة، ومن سار على دربه ولو لم يعلن عن ذلك، فهو معني أيضا مثل السعودية.. وعليه فالجرحى الفلسطينيون الذين يُنْقلون إلى مصر للاستشفاء يجب الحذر ممن يطببهم؛ لأن مصر مبارك قاتلة، والقاتل لا يتورع في الإجهاز على الجرحى وأكثر من 200 منهم حالتهم خطرة، فحذار أن يكون الأطباء والمعالجون من الجيش المصري المؤتمر بأمر السفاح مبارك.
إن من لم يساهم عسكريا في رد العدوان على أي شعب مسلم ومنه شعب غزة المذبوح؛ خائن لله ورسوله والفلسطينيين والمسلمين، وحسبنا الله ونعم الوكيل.