يصحو و النوم مازال يعبث بأهدابه ..يقبض على الغطاء يشده إليه .. ليس هناك ما يغري على الاستيقاظ .. ينتظر للحظات .. فلعل أحدا يصرخ في وجهه ( استيقظ .. طال نومك ..؟ ) لا أحد يأتي و لن يأتي أحد على ما يبدو ..!
يستلقي من جديد مواصلا نومه ..! فأمامه ليلة طويلة .. من العبث ..! و العبث فقط هو ما يستولي على تفكيره .. من شرفة قريبة .. أصوات متعالية .. و صراخ .. و أصوات قاذفات الصواريخ تدك الحياة ..! يستيقظ متأخرا ..! غزة تحت الموت ..!
.
.
أحيانا أشعر بنعمة الحياة و البقاء .. و أحيانا أخرى أشعر بأن الموت أيضا نعمة..!
لا أدري لماذا أشعر ببعض الأمور أكبر من طاقتي فلا أحتملها أبدا ..
أشعر بأنها ستقصم عقلي لينفلق فلقتين..!
حينما أبحث عن مخرج لا أجد سوى مخرج واحد يفضي إلى مكان مظلم ..!
لا مكان للنور فيه أبدا ..حتى بفانوس معتم ..!
أتابع ما يعرض على صفحة تلفاز بائد .. لا شيء يرضي غروري بالمشاهدة ..
ما عادت الإثارة كما كانت ..!
عارضات يعرضنّ أجسادهن.. أصبحنّ غباء يسير بأقدام خشبية ..! و عارضات لأعراضهن .. ماعدت أحتمل النظر لهن فقد بليت تلك الأعراض ..!
أصحاب الموسيقى .. و المتغنين بجمالي و روحي و أرواح نساء العالم معي ما عادت تلك النغمات تستثير عواطفي ..!
شيء واحد استوقفني .. أيقض فيّ شيئا نائما منذ زمن .. أقبض على جهاز التلفاز البالي .. أتسمر أمام الشاشة .. الدماء تنزف حتى عيني .. تبللني .. تبكيني .. الأشلاء تستقر بين كفي .. ترطبهما .. صرخات تنتشر بين أذني .. من لم يمت حتى الآن .. فغزة تحت الموت ..!
.
.
.
باحة المدرسة تضمهما .. و إلى جوارهما الفتيات الصغيرات يلعبن .. و يقفزن الحبل .. و يرمينّ ما تبقى من كسر خبز ..
- هيا معي ..؟
- أين ..؟
- نجمع خبزا ..
- ألا تكفي وجبتي و وجبتك ..!
تهز رأسها بغضب ..
- لا .. لا .. دعينا نجمع كل الخبز .. ليكفي كل الصغار ..
تتسابقان لجمع الخبز .. تبتسمان بطفولة مزهرة .. و هما تلتقطان ما أمامها..
-هل تعلمين ..؟!
- ماذا ..؟
- لقد جمعت عددا من ضمادات الجروح ..
تقترب منها .. تهمس بخفاء ( سرقتها من صيدلية البيت ..)
بفرح تقول الأخرى ..
- لنرسلها إلى غزة ..!
.
.
