من الناس من صنع اله من التمر
و عندما جاع اكله
و في قراءة اخرى
انه عرف حقيقة معبوده
و استثمره احسن استثمار
و كثير منا كبطل قصتنا
عندما يعلم الحقيقة

قصة قصيرة

انكمش هريدى فى مقعده ,فى ركن ذلك المقهى الصغير ,فى قريته

الرابضة فى حضن الجبل,فى أعماق أعماق الصعيد,وهو يستمع الى حكايات رواد المقهى

عن بطولات شبابها ,الذين ثأروا لقتلاهم , عبر تاريخ القرية الطويل,

والذين حملوا السلاح, وأطلقوا الرصاص على القتلة بلا تردد...

كان يعلم كغيره ان تلك البطولات الزائفة قد كلفت اصحابها الكثير

,أنها قد القت ببعضهم خلف القضبان لمدد تتجاوز اصابع اليدين

والقت بالبعض الاخر لمدد تزيد على عدد اصابع الجسم كله

,فى حين تدلى من أجلها البعض فى حبل المشنقة....

وكان يعلم ان الثأر قد حرم القرية خيرية شبابها

على مر الزمن ...

الا انه كان يشعر بالخزى والعار...

كان محروما من البطولة ...

ومن الثأر...

لم يكن فى عيلته كلها ثأر يستوجب السعى خلفه,

والاخذ به ...

لم يكن هناك امل واحد فى البطولة.....

كم حلم هريدى ان يثأر من شخص ما ,من اجل شى ما

حتى يوضع اسمه فى سجل الابطال ,وتتحدث القرية كلها عنه

فى مجالس المقهى والمجالس العامة

لابد له من ثأر.....

اى ثأر...

وفجاة برزت فى راسه الفكرة......

برزت صورة والده المشلول.....

ها هو ذا ثأر يلوح فى الافق...

انه يذكر فى سنوات طفولته الاولى ,ان والده كان سليما معافى..

ثم انطلقت رصاصة طائشة من بندقية ما, واصابت عموده الفقرى..

ومن يومها ووالده مشلول...

سيثأر له ...

هذا هو الثأر...

نهض من مقعده فى حزم,وارتفعت هامته فى اعتداد

وهو يتجه الى منزله فى خطوات سريعة,ويحمل بندقيته,

التى دفع ثمنها عشرة قراريط كاملة من ارضه ,

ثم يتجه الى منزل ابيه...

لابد ان يعلم من اصاب والده بالشلل...

لابد ان يثأر له ..

ولم يكد يلج منزل والده, وبندقيته معلقة خلف كتفيه,

وعيناه تبرقان بذلك البريق ,حتى توجست امه خيفة ,

فسألته وقلبها يرتجف مع صوتها :

عم تبحث يا هريدى

اتجه اليها وهو يقول فى حزم:

عن الثأر يا اماه

سألته فى جزع :

اى ثأر يا ولدى؟ليس لعائلتنا ثأر فى اى جهة.

هتف فى صرامة:

ثأر ابى يا اماه

رددت خلفه فى دهشة وحيرة ::

ثأر ابيك؟!! ولكن اباك حى يرزق .

صاح فى حدة :

سأثار ممن اصابه بالشلل ... سأقتل الفاعل .

انقبض قلبها فى قوة وخوف ,وهى تقول :

رويدك يا بنى .. هذا امر قديم قدم الدهر ,ووالدك

لم يطلب الثأر.

صاح هادرا:

ولكنى انا اطلب الثأر يا اماه.

انكمشت فى رعب ,وهى تقول:

صدقنى يا ولدى ,من فعل بوالدك هذا لم يكن يقصد اصابته..

لقد كان يعبث بالبندقية ,وانطلق منها عيار طائش,.....

قاطعها فى ثورة :

سيدفع الثمن .

ازداد انكماشها ورعبها ,وهى تقول:

لا يا ولدى ..لا احد يطلب الثأر..

هتف فى قسوة :

اخبرينى من فعلها يا اماه... اخبرينى واقسم ان اقتله,

حتى ولو كان........ حتى ولو كان...

صمت لحظة ,قبل ان يضيف فى وحشية :

حتى ولو كان انت .

انكمشت تماما فى رعب هائل, وهى تقول ,وقد انهمرت دموعها فى غزارة:

لم يكن ذلك متعمدا يا ولدى ..اقسم لك ..

حتى والدك لم يحمل فى نفسه اى ضغينة للفاعل

امسك معصمها فى قوة ,وهو يهتف :

من فعلها يا امى ؟... من فعلها ؟

انحنت امامه , تقول فى ضراعة :

لا يا ولدى ... لا تفعلها

صرخ :

من فعلها؟...

ثم اتسعت عيناه ,وهو يستطرد:

اهو انت يا اماه ؟...انت فعلتها؟؟!

هتفت فى هلع:

لا ...لست انا.

ثم خفضت عينيها ,وعادت الدموع تنهمر منهما فى

غزارة,وهى تستطرد:

إنه أنت.

ومن يومها ,لم يعد هريدى الى حمل بندقيته ابدا..

ولم يجلس فى المقهى بعدها قط..

أو يبحث عن الثأر..





مأخوذة من الرويات المصرية للجيب

انتهة القصة

و لكن ابطالنا من لحم و دم منهم من يذر الرماد في العيون و يهرب الى الامام
و منهم و منهم
و لكن مواجهة الحقيقة هي اللحظة الاصعب
و في النهاية ل يصح الا الصحيح