لعمرك ماالدنيا نعيما وجنةً
وليست مقراً للفتى صاحب الحِجْرِ
وليست له سكنٌ ينام بحِجْرَها
يغطُّ شخيرا موسد العقل والفكرِ
فكم من جموع فرّقت كل شملهم
وكم من غنيٍ أفقرته من الوَفْرِ
وكم من عظيمِ ساد قومه أزمنا
فَخَرَّ صغيراً بعدما كان ذو أمرِ
وكم بسمةٍ كانت بريقاً لطفلةٍ
فَحَلّتْ مكانَ الأنسِ قاصمةُ الظهر
وكم من ثمار أفسدت حلوطعمه
فصارت نفاياتٍ من الحلو للمر
تكونُ سعيدا ساعةً وبغدرةٍ
تباتُ من الدنيا شقيا ولاتدري
تنامُ على جنبات زهر وروضة
وتصحو على طعنات شوك على النحر
فليس لدنيانا أمانا فأمنها
تحول ذئباً صاحب الظلم والغدر
فعش موقد الفكر ولا تك مثلما
ثمودَ فلم يبقى سوى النحت والحفر
ولم يبقى من عادٍ سوى بعض فعلهم
وفرعونَ لم يبقى سوى سوءة الذكر
فلا تأمننَّ العيش إن كنت عاقلا
وكن موقظ عيناً فتحيا على الصبر
تنبه من الدنيا فإنّ مذاقها
مرير ومن يرضى حياة من المر؟
