[align=center:324d066f03]ثقـل الولايــة [/align:324d066f03]

‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‏ ‏ يؤتى بالولاة يوم القيامة، فيقول الله عز وجل: أنتم كنتم دعاة خليقتي، وخزنة ملكي في أرضي. ثم يقول لأحدهم: لِمَ ضربت عبادي فوق الحد الذي أمرت به؟‏ ‏ فيقول: يا رب لأنهم عصوك وخالفوك. ثم يقول لأحدهم: لم عاقبت عبادي أقل من الحد الذي أمرت به؟‏ ‏ فيقول: يا رب إني رحمتهم، فيقول تعالى: كيف تكون أرحم مني؟‏ ‏ خذوا الذي زاد والذي نقص، واحشوا بهما زوايا جهنم. ‏

************************************************** *************

حفـظ الســر

‏ قال الوليد لأبيه:‏ ‏ إن أمير المؤمنين أسرّ إليّ حديثاً ولا أراه يطوي عنك أفلا أحدثك به؟‏ ‏ قال:‏ ‏ لا يا بني إن من كتم السر كان الخيار له،‏ ‏ ومن أفشاه كان الخيار عليه،‏ ‏ فلا تكن مملوكاً بعد أن كنت مالكاً. ‏

*******************************************

وصيـة حكيم لابنــه

قال حكيم لابنه:‏ ‏ يا بني إني موصيك بوصية، فإن لم تحفظ وصيتي عني لم تحفظها عن غيري:‏ ‏ اتق الله ما استطعت، وإن قدرت أن تكون اليوم خيراً منك أمس وغداً خيراً منك اليوم فافعل، وإياك والطمع فإنه فقر حاضر، وإياك وما يعتذر منه، فإنك لن تعتذر من خير أبداً، وإذا قمت إلى صلاتك فصلّ صلاة مودع، وأنت ترى ألا تصلي بعدها. ‏

********************************************

تواضــع

قال الحسن بن الربيع:‏ ‏ خرج فارس من المسلمين ملثم فقتل فارساً من العدو كان قد نال من المسلمين، فكبر له المسلمون وعاد فدخل في غمار الناس ولم يعرفه أحد، فتتبعته حتى سألته بالله أن يرفع لثامه فعرفته وقلت:‏ ‏ أخفيت نفسك مع هذا الفتح العظيم، الذي يسره الله على يدك فقال:‏ ‏ الذي فعلت له لا يخفى عليه شخصي. ‏

*********************************************

أخلـص قلبـك لله

قال مالك بن دينار، رضي الله عنه:‏ ‏ خرجت إلى الحج، وفيما أنا سائر في البادية، إذ رأيت غراباً في فمه رغيف، فقلت:‏ ‏ هذا غراب يطير وفي فمه رغيف، إن له لشأناً، فتبعته حتى نزل عند غار، فذهبت إليه، فإذا بي أرى رجلاً مشدوداً لا يستطيع فكاكا، والرغيف بين يديه، فقلت للرجل:‏ ‏ من تكون؟ ومن أي البلاد أنت؟ فقال:‏ ‏ أنا من الحجاج، أخذ اللصوص مالي ومتاعي، وشدوني وألقوني في هذا الموضع كما ترى، فصبرت على الجوع أياما، ثم توجهت إلى ربي بقلبي وقلت:‏ ‏ يا من قال في كتابه العزيز: "أمـّن يجيب المضطر إذا دعاه" فأنا مضطر فارحمني، فأرسل الله إليّ هذا الغراب بطعامي.‏ ‏ قال مالك: فحللته من الوثاق، ثم مضينا فعطشنا، وليس معنا ماء، فنظرنا في البادية فرأينا عليه ظباء، فدنونا منه فنفرت الظباء، وأقامت غير بعيد، فلما وصلنا إلى البئر كان الماء في قعره، فاحتلنا حتى استقينا وشربنا، وعزمت ألا نبرح حتى نسقي الظباء، فحفرت وصاحبي حفرة وملأناها بالماء، وتنحينا فأقبلت الظباء فشربت حتى رويت، فإذا هاتف يهتف بي ويقول: يا مالك، دعانا صاحبك وتوجه إلينا بقلبه ونفسه فأجبناه وأطعمناه، وحللنا وثاقه وسقيناه، وتوكلت علينا الظباء فسقيناها

*********************************************

هكـذا تفعـل الأمانــة

‏ قال أبو المظفر الوزير، عون الدين بن يحيى بن هبيرة: كان سبب ولايتي الوزارة، أنني ضاق ما بيدي، حتى فقدت القوت أياماً، فأشار عليّ بعض أهلي، أن أمضي إلى قبر معروف الكرخي رضي الله عنه، فأسأل الله تعالى عنده، فإن الدعاء عنده مستجاب، قال:‏ ‏ فأتيت قبر معروف فصليت عنده، ودعوت ثم خرجت لأقصد بغداد، فمررت بعطفاء (محلة من محال بغداد) قال:‏ ‏ فرأيت مسجداً مهجوراً، فدخلت لأصلي فيه ركعتين، وإذا أنا بمريض مقعد على بارية، فقعدت عند رأسه فقلت:‏ ‏ ما تشتهي؟ قال:‏ ‏ سفرجلة. قال:‏ ‏ فخرجت إلى بقال هناك، فرهنت عنده مئزري على سفرجلتين وتفاحة، وأتيته بذلك، فأكل من السفرجلة ثم قال:‏ ‏ أغلق باب المسجد فأغلقته فتنحى عن البارية وقال:‏ ‏ احفر هاههنا، فحفرت وإذا بكوز، فقال:‏ ‏ خذ هذا فأنت أحق به. فقلت:‏ ‏ أما لك وارث؟ قال:‏ ‏ لا، وإنما كان لي أخ وعهدي به بعيد، وبلغني أنه مات، ونحن من الرصافة. قال:‏ ‏ فبينما هو يحدثني إذ قضى نحبه، فغسلته وكفنته ودفنته، ثم أخذت الكوز وفيه مقدار خمسمائة دينار، وأتيت إلى دجلة لأعبرها، وإذا ملاح في سفينه عتيقة، وعليه ثياب رثة، فقال:‏ ‏ معي معي، فنزلت معه، وإذا به من أكثر الناس شبهاً بذلك الرجل، فقلت:‏ ‏ من أين أنت؟ فقال:‏ ‏ من الرصافة، ولي بنات، وأنا صعلوك، فقلت:‏ ‏ فما لك أحد، قال:‏ ‏ لا، كان لي أخ ولـّى منذ زمان ما أدري ما فعل الله به، فقلت:‏ ‏ أبسط حجرك، فبسطه فصببت المال فيه فبهت، فحدثته الحديث فسألني أن آخذ نصفه فقلت لا والله ولا حبة، ثم صعدت إلى دار الخلافة وكتبت رقعة، فخرج عليها أشراف المخزن، ثم تدرجت إلى الوزارة. ‏

*************************************

وفـاء زوجــة

‏عن رجل من بني أسد قال:‏ ‏ أضللت إبلاً لي، فخرجت في طلبهن، فهبطت وادياً، وإذا أنا بفتاة، أعشى نورُ وجهها نورَ بصري، فقالت لي:‏ ‏ يا فتى، مالي أراك مولـَّها (ساهي القلب ذاهل العقل) فقلت: أضللت إبلاً لي فأنا في طلبها، فقالت:‏ ‏ أفأدلك على من هي عنده وإن شاء أعطاكها؟ قلت:‏ ‏ نعم، ولك أفضلهن، قالت:‏ ‏ الذي أعطاكهن أخذها، وإن شاء ردهن، فسله عن طريق اليقين، لا من طريق الاختيار، فأعجبني ما رأيت من جمالها وحسن كمالها، فقلت:‏ ‏ ألك بعل؟ قالت:‏ ‏ قد كان، ودُعـِيَ فأجاب، فأعيد إلى ما خـُلق منه، قلت فما بالك في بعل تـُؤمن بوائقه (شروره) ولا تـُذم خلائقه؟‏ ‏ فرفعت رأسها وتنفست وقالت: كنا كغصنيـن فـي أصـل غذاؤهمـا ماء الجداول فـي روضـات جنات فاجتثّ خيرهمـا من جنـب صاحبه دهــر يكِــرُّ بترْحــات وفرْحــات وكان عـاهدنـي إن خـاننـي زمـن ألاَّ يُضـاجـع أنثــى بعـد مثْـواتـي وكـنت عاهدتــه إن خانـه زمـــن ألا أبــوء ببعـــل طـول مَحْيـاتـي فلـم نـزل هكـذا والـوصل شـيمتنـا حـتى تـوفـى قريبـاً مـذ سِـنيـات فاقبض عِنانك عمَّـن ليس يردعـه عـن الوفــاء خِـلاف بالتحيـــات

*****************************************

وشايـة حاقــد

‏كان محمد المنصور بن أبي عامر المعافري، من ملوك العرب بالأندلس، وكان خطيباً بليغاً، تـُوُفـِّيَ سنة ثلاثمائة وأربعة وتسعين هجرية. قال يوماً لأبي عمر يوسف الرمادي، الشاعر المشهور، كيف ترى حالك معي؟ فقال الرمادي، فوق قدري ودون قدرك، فأطرق الملك كالغضبان، فانسلَّ الرمادي، وقد ندم على ما بدر منه، وكان في المجلس من يحسده على مكانته من الخليفة، فوجد فرصة قال:‏ ‏ وصل الله لمولانا الظفر والسعد، إن هذا الصـِّنف، صنفُ زور وهذيان، لا يشكرون نعمة، ولا يرعون إلاًّ ولا ذمة، كلاب من غلب، وأصحاب من أخـْصب، وأعداء من أجـْدب، وحسبك منهم أن الله جل جلاله يقول فيهم "والشعراء يتبعهم الغاوون، ألم تر أنهم في كل واد يهيمون، وأنهم يقولون ما لا يفعلون" والابتعاد منهم أولى من الاقتراب، وقد قيل فيهم، ما ظنك بقوم، الصدق يستحسن إلا منهم.‏ ‏ فرفع الملك رأسه وكان محاميَ أهل الأدب والشعر، وقد أسودَّ وجهه وظهر فيه الغضب المفرط ثم قال في المجلس:‏ ‏ ما بال أقوام يشيرون في شيء لم يـُستشاروا فيه، ويسيئون الأدب بالحكم فيما لا يدرون، أيـُرضي أم يـُسخط؛ وأنت أيها المنبعث للشر دون أن يـُبعث، قد علمنا غرضك في أهل الأدب والشعر عامة، وحسدك لهم، لأن الناس كما قال القائل: ‏ من رأى النـاس له فضـلاً عليهـم حســدوه وعرفنا غرضك في هذا الرجل خاصة، ولسنا إن شاء الله نبلغ أحداً غرضه في أحد، ولو بلغنا في جانبكم، وإنك ضربت في حديد بارد، وأخطأت وجه الصواب، فزدت بذلك احتقاراً وصغاراً، وإني ما أطرقت من كلام الرمادي إنكاراً عليه بل رأيت كلاماً يجل عن الأقدار الجليلة، وتعجـَّبت من تهدِّيه بسرعة، واستنباطه على قلة من الإحسان الغامر، ما لا يستنبطه غيره بالكثير، والله لو حكمته في بيت المال، لرأيت أنها لا ترجح ما تكلم به ذرة، وإياكم أن يعود أحد منكم إلى الكلام في شخص، قبل أن يؤخذ رأيه فيه، ولا تحكموا علينا في أوليائنا ولو أبصرتم منا التغير عليهم، فإنا لا نتغير عليهم، بغضاً لهم وانحرافاً عنهم، بل تأديباً وإنكاراً، فإنا من نريد إبعاده لم نـُظهر له التغير، بل ننبذه مرة واحدة، فإن التغير يكون لمن يـُراد استبقاؤه، ولو كنت مائل السمع لكل واحد منكم في صاحبه، لتفرقتم أيدي سبا، وجونبت مجانبة الأجرب، وإني قد أطلعتكم على ما في ضميري، فلا تعدلوا عن مرضاتي، فتجنبوا سخطي بما جنيتموه على أنفسكم، ثم ردَّ الرماديَّ ووصله في حديث طويل. ‏

***************************************

الرسول ينصف طائـراً

عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال:‏ ‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر.‏ ‏ فرأينا حـُمـَّرة "طائر أحمر اللون" معها فرخان لها فأخذناهما، فجاءت الحمرة تعرش (تظلل بجناحيها) من أجل فرخيها.‏ ‏ فقال الرسول عليه السلام:‏ ‏ من فجع هذه بولدها؟‏ ‏ ردوا ولدها إليها. ‏

******************************************

صدقـت الرؤيــا

‏حكى أبو محمد الصالحي قال:‏ ‏ كنا حول سرير المعتضد بالله، ذات يوم نصف النهار، فقام بعد أن أكل، فانتبه منزعجاً وقال:‏ ‏ يا غلمان، فأسرعنا الجواب، فقال:‏ ‏ ويلكم!! أعينوني والحقوا بالشط، فأول ملاح ترونه منحدراً في سفينة فارغة، فأتوني به، ووكلوا بالسفينة من يحفظها، فأسرعنا فوجدنا ملاحاً في سفينة فجئنا به المعتضد، فلما رآه الملاح، كاد يتلف، فصاح عليه صيحة عظيمة، كادت روحه تذهب منها، وقال:‏ ‏ أصدقني يا ملعون عن قضيتك مع المرأة التي قتلتها اليوم، وإلا ضربت عنقك، فتلعثم وقال:‏ ‏ كنت في الشـّرعة الفلانية وقت السحر، فنزلت امرأة لم أر مثلها، عليها ثياب فاخرة، وحلي كثير وجواهر، فطمعت فيها، واحتلت عليها، حتى سددت فمها، وأخذت جميع ما كان عليها، ثم طرحتها في الماء، ولم أجسر على حمل سلبها إلى داري لئلا يفشو الخبر، فعوَّلت على الهرب والانحدار إلى الشط، فصبرت حتى خلا الشط في هذه الساعة من الملاحين، فأخذت في الانحدار، فتعلق بي هؤلاء القوم، فحملوني إليك. فقال:‏ ‏ وأين الحلي والسلب؟ قال:‏ ‏ في صدر السفينة تحت البواري، قال المعتضد:‏ ‏ عليّ به الساعة، فلما أحضروه، أمر بتغريق الملاح ثم أمر أن يـُنادَى في بغداد، من خرجت له امرأة من الشرعة الفلانية سحراً، وعليها ثياب فاخرة وحلي، فليحضر، فحضر في اليوم الثاني أهلها، وأعطوا صفاتها وصفة ما كان عليها، فسلم ذلك إليهم، قال:‏ ‏ فقلت يا مولاي، من أعلمك؟ أؤحي إليك بأمر هذه الصبية، قال:‏ ‏ بل رأيت في منامي رجلاً أبيض الرأس واللحية والثياب، وهو ينادي، يا أحمد، أول ملاح ينحدر الساعة، فاقبض عليه، وقرِّره على المرأة التي قتلها اليوم ظلماً، وسلبها ثيابها وأقم الحد عليه، ولا يفتك، فكان ما شاهدتم. ‏

************************************

مرحبـاً بـك

عن أنس رضي الله عنه قال:‏ ‏ أرسل الفقراء رسولاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:‏ ‏ يا رسول الله، إني رسول الفقراء إليك، فقال النبي صلوات الله عليه:‏ ‏ مرحباً بك وبمن جئتَ من عندهم، جئت من عند قوم أحبهم، فقال: إن الفقراء يقولون لك، ذهب الأغنياء بالخير كله، يحجون ولا نقدر أن نحج، وإذا مرضوا، بعثوا بفضل أموالهم ذخيرة لهم، فقال الرسول:‏ ‏ بلغ الفقراء عني، أن لمن صبر واحتسب ثلاث خصال ليست للأغنياء، الأولى أن في الجنة غرفاً من ياقوت أحمر، ينظر إليها أهل الجنة كما ينظر أهل الدنيا إلى النجوم في السماء، لا يدخلها إلا نبي فقير، أو مؤمن فقير، أو شهيد فقير، الثانية يدخل فقراء أمتي الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم، وهو خمسمائة عام، الثالثة إذا قال الغني: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، وقال الفقير مثل ذلك، لم يلحق الغنيُ الفقير، وإن أنفق معها عشرة آلاف درهم، فرجع الرسول إليهم بذلك فقالوا:‏ ‏ رضينا ربنا رضينا. ‏