صفحة 4 من 7 الأولىالأولى 1 2 3 4 5 6 7 الأخيرةالأخيرة
النتائج 37 إلى 48 من 74

الموضوع: شخصيات إسلاميـــــة

  1. #37 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    سالم ، مولى أبى حذيفة
    رضي الله عنه

    كان رقيقـا وأعتـق، وآمن بالله وبرسوله إيمانا مبكرا، وأخذ مكانه بين السابقيـن الأولين، هذا هو الصحابي سالم بن معقل أو سالم مولى أبى حذيفة، لأنه كان رقيقا ثم ابنا ثم أخاً ورفيقاً للذي تبناه وهو الصحابي الجليل أبو حذيفـة بن عتبة،
    فضله

    كان سالم -رضي الله عنه- إمامـاً للمهاجريـن من مكة الى المدينة طوال صلاتهم في مسجد قباء وكان فيهم عمر بن الخطاب وذلك لأنه أقرأهم، وأوصى الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم- أصحابه قائلا: (خذوا القـرآن من أربعـة: عبدالله بن مسعـود، وسالم مولى أبى حذيفـة وأبي بن كعب ومعـاذ بـن جبـل).
    وعن عائشة -رضي الله عنها- أنّها قالت: (احتبستُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (ما حَبَسَكِ ؟)... قالت: (سمعت قارئاً يقرأ)... فذكرتُ من حُسْنِ قراءته، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رِداءَ ه وخرج، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة فقال: (الحمدُ لله الذي جعل في أمتي مثلك)... وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(إن سالماً شديد الحبِّ لله، لو كان ما يخاف الله عزَّ وجلّ، ما عصاه).
    وقد كان عمر -رضي الله عنه- يجلّه، وقال وهو على فراش الموت: (لو أدركني أحدُ رجلين، ثم جعلت إليه الأمرَ لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح).
    كان فزعٌ بالمدينة فأتى عمرو بن العاص على سالم مولى أبي حذيفة وهو مُحْتَبٍ بحمائل سيفِه، فأخذ عمرو سيفه فاحتبى بحمائله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:(يا أيها الناس! ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله)... ثم قال: (ألا فعلتم كما فَعَل هذان الرجلان المؤمنان).

    يوم اليمامة
    تعانق الأخوان سالم و أبو حذيفة، وتعاهدا على الشهادة وقذفا نفسيهما في الخضم الرهيب، كان أبو حذيفة يصيح: (يا أهل القرآن، زينوا القرآن بأعمالكم)... وسالم يصيح: (بئس حامل القرآن أنا لو هوجم المسلمون من قِبَلِي)... وسيفهما كانا يضربان كالعاصفة، وحمل سالم الراية بعد أن سقط زيد بن الخطاب شهيدا، فهوى سيف من سيوف الردة على يمناه فبترها، فحمل الراية بيسراه وهو يصيح تاليا الآية الكريمة: {وكأيّ من نبي قاتل معه ربيّون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين}.


    الشهادة
    وأحاطت به غاشية من المرتدين فسقط البطل، ولكن روحه ظلت في جسده حتى نهاية المعركة، ووجده المسلمون في النزع الأخير، وسألهم: (ما فعل أبو حذيفة ؟)... قالوا: (استشهد)... قال: (فأضجعوني الى جواره)... قالوا: (إنه إلى جوارك يا سالم، لقد استشهد في نفس المكان !)... وابتسم ابتسامته الأخيرة وسكت، فقد أدرك هو وصاحبه ما كانا يرجوان، معا أسلما، ومعا عاشا، ومعا استشهدا، وذلك في عام (12 هـ).
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  2. #38 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية مروان قدري عثمان مكانسي
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    المشاركات
    405
    مقالات المدونة
    6
    معدل تقييم المستوى
    19
    بارك الله في الأقلام الصادقة
    والأفكار البناءة
    وامقاصد الحسنة .
    لك شكري وتقديري .
    رد مع اقتباس  
     

  3. #39 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    مروركم أسعدني
    ودعاؤكم نورني
    تعارفت الأرواح وأتلفت .. وأن شاءالله القلوب
    ماأختلفت
    تحياتي وامنياتي لك أخي مروان.. مع فائق شكري وتقديري
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  4. #40 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19


    ثابت بن قيـــــــــــــــــــس
    رضي الله عنه

    لمّا نزلت الآية الكريمة: {ان الله لا يحب كل مختال فخور}... أغلق ثابت باب داره وجلس يبكي... وطال مكثه على هذه الحال، حتى دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-وسأله عن حاله، فقال ثابت: (يا رسول الله، اني أحب الثوب الجميل، والنعل الجميل وقد خشيـت أن أكون بهذا من المختاليـن)... فأجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يضحك راضيا: (انك لست منهم.. بل تعيش بخير.. وتموت بخير.. وتدخل الجنة).
    ولما نزل قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي * ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض، أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}.
    أغلق ثابت -رضي الله عنه-عليه داره، وطفق يبكي، وافتقده الرسول -صلى الله عليه وسلم- فسأل عنه، ثم أرسل من يدعوه، وجاء ثابت ،وسأله النبي عن سبب غيابه، فأجابه: (اني امرؤ جهير الصوت، وقد كنت أرفع صوتي فوق صوتك يا رسول الله، واذن فقد حبط عملي، وأنا من أهل النار).
    وأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (انك لست منهم... بل تعيش حميدا... وتقتل شهيدا... ويدخلك الله الجنة) ... فقال: (رضيتُ ببُشرى الله ورسوله، لا أرفعُ صوتي أبداً على رسول الله)... فنزلت الآية الكريمة: قال تعالى: {إنَّ الذينَ يغُضُّونَ أصواتَهُمْ عند رسولِ الله أولئِكَ الذَّينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلوبَهُم للتَّقْوَى، لهم مَّغْفِرةٌ وِأجْرٌ عَظِيمٌ}.
    شهد ثابت -رضي الله عنه- مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- غزوة أحد والمشاهد بعدها، ولم يشهد بدراً، وشهد بيعة الرضوان، وكانت فدائيته من طراز فريد.
    في حروب الردة، كان في الطليعة دائما، يحمل راية الأنصار، ويضرب بسيف لا يكبو... وفي موقعة اليمامة، رأى ثابت -رضي الله عنه- وقع الهجوم الذي شنه جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة فصاح بصوته: (والله، ما هكذا كنا نقاتل مع رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم-)... ثم ذهب غير بعيد، وعاد وقد تحنط، ولبس أكفانه.
    وصاح مرة أخرى: (اللهم اني أبرأ اليك مما جاء به هؤلاء -يعني جيش مسيلمة- وأعتذر اليك مما صنع هؤلاء)... يعني تراخي المسلمين في القتال... وانضم اليه سالم مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وكان يحمل راية المهاجرين، وحفر الاثنان لنفسيهما حفرة عميقة ثم نزلا فيها قائمين، وأهالا الرمال عليها حتى غطت وسط كل منهما.
    وهكذا وقفا طودين شامخين، نصف كل منهما غائص في الرمال مثبت في أعماق الحفرة، في حين نصفهما الأعلى -صدرهما وجبهتهما وذراعاهما- يستقبلان جيوش الوثنية والكذب، وراحا يضربان بسيفيهما كل من يقترب منهما من جيش مسيلمة حتى استشهدا في مكانهما، وكان مشهدهما -رضي الله عنهما- هذا أعظم صيحة أسهمت في رد المسلمين الى مواقعهم، حيث جعلوا من جيش مسيلمة ترابا تطؤه الأقدام.
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  5. #41 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    صهيب الرومــــي
    رضي الله عنه

    لقد كان والده حاكم (الأبله) ووليا عليهـا لكسرى، فهو من العرب الذين نزحوا الى العراق قبل الإسلام بعهد طويل، وله قصـر كبير على شاطئ الفرات، فعاش صهيب طفولة ناعمة سعيدة، إلى أن سبي بهجوم رومي، وقضى طفولته وصدر شبابه في بلاد الروم، وأخذ لسانهم ولهجتهم، وباعه تجار الرقيق أخيرا لعبد اللـه بن جدعان في مكة وأعجب سيده الجديد بذكائه ونشاطه وإخلاصه، فاعتقه وحرره، وسمح له بالاتجار معه
    إسلامه
    يقول عمار بن ياسر -رضي الله عنه-: (لقيت صهيب بن سنان على باب دار الأرقم، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيها ... فقلت له: ماذا تريد؟ ...
    فأجابني: ماذا تريد أنت؟ ...
    قلت له: أريد أن أدخل على محمد، فأسمع ما يقول...
    قال: وأنا أريد ذلك...فدخلنا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعرض علينا الإسلام، فأسلمنا ثم مكثنا على ذلك حتى أمسينا، ثم خرجنا، ونحن مستخفيان)... فكان إسلامهما بعد بضعة وثلاثين رجلاً...عندما هم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالهجرة، علم صهيب بها، وكان من المفروض إن يكون ثالث الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر، ولكن أعاقه الكافرون، فسبقه الرسول -صلى الله عليه وسلم-وأبو بكر، وحين استطاع الانطلاق في الصحراء، أدركه قناصة قريش، فصاح فيهم:(يا معشر قريش، لقد علمتم أني من أرماكم رجلا، وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرمي بكل سهم معي في كنانتي ثم أضربكم بسيفي، حتى لا يبقى في يدي منه شيء، فأقدموا ان شئتم، وان شئتم دللتكم على مالي وتتركوني وشأني)...فقبل المشركين المال وتركوه قائلين: (أتيتنا صعلوكا فقيرا، فكثر مالك عندنا، وبلغت بيننا ما بلغت، والآن تنطلق بنفسك و بمالك؟؟)... فدلهم على ماله وانطلق الى المدينة، فأدرك الرسول -صلى الله عليه وسلم- في قباء ولم يكد يراه الرسول -صلى الله عليه وسلم- حتى ناداه متهللا: (ربح البيع أبا يحيى... ربح البيع أبا يحيى)... فقال: (يا رسول الله، ما سبقني إليك أحدٌ، وما أخبرك إلا جبريل)...فنزل فيه قوله تعالى: {ومِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفسَهُ ابتغاءَ مَرْضَاةِ اللهِ، واللهُ رءُوفٌ بالعِبادِ}... (البقرة آية 207)...يتحدث صهيب -رضي الله عنه- عن ولائه للإسلام فيقول: (لم يشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مشهدا قط، إلا كنت حاضره، ولم يبايع بيعة قط إلا كنت حاضرها، ولم يسر سرية قط إلا كنت حاضرها، ولا غزا غزاة قط، أول الزمان وآخره، إلا كنت فيها عن يمينه أو شماله، وما خاف -المسلمون- أمامهم قط، إلا كنت أمامهم، ولا خافوا وراءهم، إلا كنت وراءهم، وما جعلت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيني وبين العدو أبدا حتى لقي ربه)...وكان إلى جانب ورعه خفيف الروح، حاضر النكتة، فقد رآه الرسول -صلى الله عليه وسلم- يأكل رطبا، وكان باحدى عينيه رمد، فقال له الرسول -صلى الله عليه وسلم- ضاحكا: (أتأكل الرطب وفي عينيك رمد)... فأجاب قائلا: (وأي بأس... ؟ اني آكله بعيني الأخرى!!)...قال عمرلصهيب: (أيُّ رجلٍ أنت لولا خصالٍ ثلاث فيك)... قال: (وما هُنّ؟)... قال: (اكتنيتَ وليس لك ولد، وانتميت إلى العرب وأنت من الروم، وفيك سَرَفٌ في الطعام)... قال صهيب: أمّا قولك: اكتنيتَ ولم يولد لك، فإنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كنّاني أبا يحيى، وأمّا قولك: انتميت إلى العرب وأنت من الروم، فإنّي رجل من النّمر بن قاسط، سبتني الروم من الموصل بعد إذ أنا غلام قد عرفت نسبي، وأمّا قولك: فيك سرفٌ في الطعام، فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (خياركم من أطعم الطعام)... قال رسول اللـه -صلى الله عليه وسلم-: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليُحبَّ صُهيباً حُبَّ الوالدة لولدها)... وقال: (لا تُبغضوا صُهيباً)... وقال الرسـول -صلى اللـه عليه وسلم-: (السُّبّاق أربعة، أنا سابقُ العرب، وصهيب سابق الروم، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبش)...... وكان ممن اعتزل الفتنة وأقبل على شأنه...
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  6. #42 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    حذيفة بن اليمان
    رضي الله عنه

    حذيفة بن اليَمان بن جابر العبسي وكنيته أبا عبد الله وكان صاحب سر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، جاء حذيفة هو وأخـوه ووالدهمـا الى رسـول الله واعتنقوا الإسلام ولقد نما -رضي الله عنه- في ظل هذا الديـن، وكانت له موهبـة في قراءة الوجوه و السرائر، فعاش مفتوح البصر والبصيرة على مآتي الفتن ومسالك الشرور ليتقيها، فقد جاء الى الرسول يسأله: (يا رسول الله ان لي لسانا ذربا على أهلي وأخشى أن يدخلني النار)... فقال له النبي: (فأين أنت من الاستغفار ؟؟... اني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)... هذا هو حذيفة -رضي الله عنه-.


    يوم أحد

    لقد كان في ايمانه -رضي الله عنه- وولائه قويا، فها هو يرى والده يقتل خطأ يوم أحدبأيدي مسلمة، فقد رأى السيوف تنوشه فصاح بضاربيه: (أبي، أبي، انه أبي !!)... ولكن أمر الله قد نفذ، وحين علم المسلمون تولاهم الحزن والوجوم، لكنه نظر اليهم اشفاقا وقال: (يغفر الله لكم، وهو أرحم الراحمين).
    ثم انطلق بسيفه يؤدي واجبه في المعركة الدائرة... وبعد انتهاء المعركة علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فأمر بالدية عن والد حذيفة (حسيل بن جابر) ولكن تصدق بها حذيفة على المسلمين، فزداد الرسول له حبا وتقديرا.


    عندما دب الفشل في صفوف المشركين وحلفائهم واختلف أمرهم وفرق الله جماعتهم، دعا الرسول -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان، وكان الطقس باردا والقوم يعانون من الخوف والجوع، وقال له: (يا حذيفة، اذهب فادخل في القوم فانظر ماذا يصنعون، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا!)... فذهب ودخل في القوم، والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء.
    فقام أبو سفيان فقال: (يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟)... قال حذيفة: (فأخذت بيد الرجل الذي كان الى جنبي فقلت: من أنت؟.. قال: فلان بن فلان)... فأمن نفسه في المعسكر، ثم قال أبو سفيان: (يا معشر قريش، انكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنوقريظة، وبلغنا عنهم الذي نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، ما تطمئن لنا قدر، ولا تقوم لنا نار، ولا يستمسك لنا بناء، فارتحلوا فاني مرتحل).
    ثم نهض فوق جمله، وبدأ المسير، يقول حذيفة: (لولا عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الي الا تحدث شيئا حتى تأتيني، لقتلته بسهم)... وعاد حذيفة الى الرسول الكريم حاملا له البشرى.

    كان حذيفة -رضي الله عنه- يرى أن الخير واضح في الحياة، ولكن الشر هو المخفي، لذا فهو يقول: كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني.
    قلت: (يا رسول الله، انا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟)... قال: (نعم).
    قلت: (فهل من بعد هذا الشر من خير؟)... قال: (نعم، وفيه دخن).
    قلت: (وما دخنه؟)... قال: (قوم يستنون بغير سنتي، ويهتدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر).
    قلت: (وهل بعد ذلك الخير من شر؟)... قال: (نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم اليها قذفوه فيها).
    قلت: (يا رسول الله، فما تأمرني ان أدركني ذلك؟)... قال: (تلزم جماعة المسلمين وامامهم).

    قلت: (فان لم يكن لهم جماعة ولا امام؟)... قال: (تعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض على أصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك).

    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  7. #43 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    تميم الداري ( رضي الله عنه )

    تميم بن أوس بن خارجة بن سُود بن جَذيمة بن وداع الدَّاري، أسلم في السنة التاسعة من الهجرة، وروى عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كانت له ابنة اسمها رقية ...
    إيمانه
    كان من علماء الكتابين (نصرانياً)، وكان يختم في ركعة، وكان كثير التهجّد، وقام ليلة بآية حتى أصبح وهي قوله تعالى: {أم حَسِبَ الذين اجترحوا السّيئات} سورة الجاثية...
    كما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أقْطَعه بيت حَبْرون عندما سكن في فلسطين، وهو أول من أسْرَج السِّراج في المسجد، وأول من قصّ القصص في عهد عمر...


    حديث تميم الكبير


    نادى منادي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (الصلاة جامعة)... فخرج المسلمون الى المسجد وصلوا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلمّا قضى رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- صلاتـه جلس على المنبـر وهو يضحـك فقال: (ليلْزَمْ كلُ إنسانٍ مصّلاه)... ثم قال: (أتدرون لِمَ جمعتُكم؟)... قالوا: (الله ورسوله أعلم)... قال: (إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا رهبة، ولكن جمعتكم لأنّ تميماَ الداري كان رجلاً نصرانياً، فجاء فبايعَ وأسلمَ، وحدّثني حديثاً وافقَ الذي كنتُ أحدّثكم عن المسيح الدَّجال...
    حدّثني أنه ركب في سفينة بحرية، مع ثلاثين رجلاً من لخم وجُذام، فلعب بهم الموجُ شهراً في البحر، ثم ارْفَؤوا إلى جزيرةٍ في البحر، حتى مغرب الشمس، فجلسوا في أقْرُب السفينة -أي في السفن الصغيرة تكون مع السفينة الكبيرة- فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابّةٌ أهلب -أي غليظة الشعر- كثيرة الشعر، لا يدرون ما قُبُلُـه من دُبـُره، من كثرة الشعـر، فقالوا: (ويلك ما أنتِ؟!)... فقالت: (أنا الجسّاسة)... قالوا: (وما الجسّاسة؟)... قالت: (أيها القوم! انطلقوا إلى هذا الرجل في الدّير، فإنه إلى خبركم بالأشواق)... قال: لمّا سمّتْ لنا رجلاً فرِقْنا منها -أي خِفنا منها- أن تكون شيطانة...
    قال: فانطلقنا سْرَاعاً، حتى دخلنا الدّير، فإذا فيه أعظمُ إنسانٍ رأيناه قطّ خَلْقاً، وأشدُّهُ وِثاقاً، مجموعةٌ يداه إلى عُنقه، ما بين رُكبتيه إلى كعبيه بالحديد، قلنا: (وَيْلَك! ما أنت؟)... قال: (قد قَدَرْتُم على خبري! فأخبروني ما أنتم؟)... قالوا: (نحن أناس من العرب، ركبنا في سفينة بحريّة، فصادفنا البحر حين اغتَلم -أي هاج- فلعب بنا الموجُ شهراً، ثم أرفانا إلى جزيرتِكَ هذه، فجلسنا في أقرُبها، فدخلنا الجزيرة، فلقِيَتْنا دابّة أهلبُ كثير الشعر، لا يُدرى ما قُبُلُهُ من دُبِرِه من كثرة شعره، فقلنا: (ويلك! ما أنتِ؟)... فقالت: (أنا الجسّاسة)... قلنا: (وما الجسّاسة؟)... قالت: (اعمِدُوا إلى هذا الرجل في الدّير فإنّه إلى خبركم بالأشواق)... فأقبلنا إليك سْرَاعاً، وفزِعْنا منها، ولم نأمن أن تكون شيطانة؟)...
    فقال: (أخبروني عن نخـل بَيْسَـانَ -قرية بالشام-)... قلنا: (عن أيِّ شأنها تَسْتَخْبـِر؟)... قال: (هل في العيـن ماءٌ؟ وهل يزرع أهلهـا بماء العيـن؟)... قلنا له: (نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها)... قال: (أخبروني عن نبيِّ الأمّيّين ما فَعل؟)... قالوا: (قد خرج من مكة ونزل يثرب)... قال: (أقاتله العرب؟)... قلنا: (نعم)... قال: (كيف صنع بهم؟)... فأخبرناه أنّه قد ظهرَ على من يليه من العرب وأطاعوه)... قال لهم: (قد كان ذلك؟)... قلنا: (نعم)...
    قال: (أما أنّ ذاك خيرٌ لهم أن يطيقوهُ، وإني مخبركم عني... إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يُؤذن لي في الخروج، فأخرج فأسير في الأرض فلا أدعُ قريةً إلاّ هبطتها في أربعين ليلة، غير مكة وطيبة فهما محرّمتان عليّ كلتاهما، كلّما أردت أن أدخل واحدةً أو واحداً منها، استقبلني مَلَكٌ بيده السيفُ صلْتاً، يصدُّني عنها، وإنّ على كلِّ نقبٍ منها ملائكةً يحرسونها)...
    فقال رسـول اللـه -صلى اللـه عليه وسلم- وطعَنَ بمخْصرتِهِ في المنبـر: (هذه طَيْبَةٌ! هذه طَيْبَةٌ! هذه طَيْبَةٌ -يعني المدينة-، ألا هلْ كنتُ حدّثتكم ذلك؟)... فقال الناس: (نعم)... قال: (فإنّه أعجبني حديثُ تميمٍ أنّه وافق الذي كنت أحدّثكم عنه وعن المدينة ومكة: ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قِبَلِ المشرق ما هو، من قِبَلِ المشرق ما هو، من قِبَلِ المشرق ما هو)... وأوْمَأ بيدِهِ إلى المشرق...
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  8. #44 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    كاتب مسجل الصورة الرمزية محمد عبدالله
    تاريخ التسجيل
    Mar 2009
    الدولة
    مصر
    العمر
    57
    المشاركات
    183
    معدل تقييم المستوى
    16
    نعم ايها الأخ الرائع علينا بأعادة القاء الضوء على الشوامخ والأنجاد وذكر تجليات نفوسهم الطاهره من اجل اجيالنا القادمة
    الأخ الكريم الرائع
    تذكيرك لنا بالسلف الصالح عمل جليل جعله الحق فى ميزان حسناتك
    شكرا لك وتقبل مرورى المتواضع
    زوجت قلمى لبنت من بنات افكارى!
    انجبا كلمات تشــابهنى وتحاكينى !
    رد مع اقتباس  
     

  9. #45 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    شجاع بن وَهْب بن ربيعة بن أسد

    رضي الله عنه

    صاحب سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- ، من السابقين الى الإسلام

    الهجرة
    هاجر الى الحبشة ، الهجرة الثانية ثم عاد الى مكة لمّا بلغهم أن أهل مكة أسلموا ، ثم هاجر الى المدينة ، وآخى الرسول -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين أوس بن خَوْليّ

    جهاده
    شهد شجاع بن وهب بدراً هو و أخوه عقبة بن وهب ، وشهد المشاهد كلّها مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ، وأرسله الرسول الكريم الى المنذر بن الحارث بن أبي شمر الغسّاني ، وإلى جبلة بن الأيهم الغسّاني
    وقد بعث الرسول -صلى الله عليه وسلم-شجاع بن وهب في سريّة في أربعة وعشرين رجلاً الى جمع هوازن بالسِّيّ من أرض بني عامر ناحية ركيّة ، وأمره أن يُغيرَ عليهم ، فصبّحهُم وهم غارّون ، فأصابوا نَعَماً وشاءً كثيرا

    الشهادة
    استشهد شجاعُ -رضي الله عنه- يوم اليمامة ، وهو ابن بضع وأربعين سنة
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  10. #46 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    الإمام محمد الباقر ( 57 هـ - 114 هـ ).


    مارس الإمام الباقر و في تلك الظروف العصيبة بثّ المعارف والعلوم الإلهية وحلّ المعضلات العلمية وأحدث حركة علمية عظيمة مهدت لتأسيس جامعة إسلامية ضخمة بلغت ذروتها في عصر ابنه الإمام الصادق ، فقد كان الإمام الباقر أبرز وجهاء بني هاشم في العلم والزهد والفضل وعلو المنزلة، وقد اعترف العدو والصديق بمنزلته العلمية والأخلاقية الكبيرة، ولم يخلف أحد من أبناء الإمام الحسن والإمام الحسين عليمها السَّلام إلى ذلك الحين بقدر ما خلفه الإمام الباقر من الروايات في مجال الأحكام الإسلامية والتفسير و تاريخ الإسلام والمعارف الأُخرى.
    و قد أفاد رجال وشخصيات علمية كبيرة وأيضاً بعض من أصحاب الرسول الذين كانوا على قيد الحياة من نمير علومه، منهم:
    جابر بن يزيد الجعفي وكيسان السجستاني (من التابعين) وفقهاء أمثال: ابن المبارك، الزهري، الأوزاعي، أبو حنيفة، مالك، الشافعي، وزياد بن منذر النهدي كلّهم قد أفادوا من معارفه ونقلوا أحاديثه بشكل مباشر تارة وبغير مباشر مرة أُخرى وانّ كتب ومؤلفات علماء أهل السنّة ومؤرّخيهم مثل :الطبري، البلاذري، السلامي ،الخطيب البغدادي، أبو نعيم الاصفهاني وكتب مثل موطأ مالك، سنن أبي داود، مسند أبي حنيفة، مسند المروزي، تفسير النقاش، تفسير الزمخشري والعشرات من أمثالها فيقولون :قال محمد بن علي، أو قال محمد الباقر.
    كتب ابن حجر الهيتمي: «أظهر من مخبئات كنوز المعارف و حقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلا على منطمس البصيرة أو فاسد الطويةوالسريرة، و من ثمّ قيل فيه هو باقر العلم وجامعه، وشاهر علمه ورافعه».
    و قال عبد اللّه بن عطاء ،أحد الشخصيات البارزة ومن العلماء الكبار المعاصرين للإمام: ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين، ولقد رأيت الحكم بن عتيبة مع جلالته في القوم بين يديه كأنّه صبيٌ بين يدي معلمه.
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  11. #47 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19
    الأمام جعفر الصادق
    رضي الله عنه

    تميز عصر الإمام الصادق بأنه عصر النمو والتفاعل العلمي والحضاري بين الثقافة والتفكير الإسلامي من جهة, وبين ثقافات الشعوب ومعارف الأمم وعقائدها من جهة أخرى. ففي عصره نمت الترجمة, ونقلت كثير من العلوم والمعارف والفلسفات من لغات أجنبية إلى اللغة العربية, وبدأ المسلمون يستقبلون هذه العلوم والمعارف وينقحّونها أو يضيفون إليها, ويعمقون أصولها, ويوسعون دائرتها. فنشأت في المجتمع الإسلامي حركة علمية و فكرية نشطة.
    وسط هذه الأجواء والتيارات والمذاهب والنشاط العلمي والثقافي, عاش الإمام الصادق ومارس مهماته ومسؤولياته العلمية والعقائدية كإمام وأستاذ, وعالم فذّ لا يدانيه أحد من العلماء, ولا ينافسه أستاذ أو صاحب معرفة, فقد كان قمة شامخة ومجدا فريدا فجّر ينابيع المعرفة, وأفاض العلوم والمعارف على علماء عصره وأساتذة زمانه فكانت أساسا وقاعدة علمية وعقائدية متينة ثبت عليها البناء الإسلامي, و اتسعت من حولها آفاقه ومداراته. وقد اشتهر الإمام الصادق بغزارة العلوم ولا سيما في الطب والكيمياء وخلف آثارا عجيبة من ذلك (طب الصادق) و(أماليه). هذا بالإضافة إلى علم الكلام والفقه والحديث و قد روى جابر بن حيان الكيمياوي العربي الشهير الشيء الكثير من الآراء الكيمياوية في مؤلفاته عن الإمام جعفر الصادق .


    ومن أقواله رضي الله عنه :
    في (حليه الأولياء) لأبي نعيم بعد ما جاء بأسماء أعلام الإسلام روايتهم عنه قال, واخرج عنه مسلم في صحيحه محتجا بحديثه, وكان ان قدرت على أن لا تخرج من بيتك فافعل، فان عليك في خروجك ان لا تغتاب ولا تكذب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن، ثم قال : نعم صومعة المسلم، بيته، يكفُّ فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه.)

    قال لحمران :( يا حمران انظر إلى من هو دونك ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فان ذلك أقنع لك بما قسم لك، واحرى ان تستوجب الزيادة من ربك، واعلم ان العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند اللّه من العمل الكثير على غير يقين واعلم انه لا ورع أولى من تجنب محارم اللّه والكف عن اذى المؤمنين واغتيابهم، ولا عيش أهنأ من حسن الخلق، ولا مال انفع من القنوع باليسير المجزي، ولا جهل اضر من العجب.)
    من أنصف الناس من نفسه رُضي به حكما لغيره
    (لا تسخطوا الله برضى أحد من خلقه, ولا تتقربوا إلى الناس بتباعد من الله)
    (أحب أخواني إليّ من أهدى إليّ عيوبي).
    (من سرته حسنته وساءته سيئته فهو المؤمن).
    الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض.
    (من أعطي ثلاثا لم يمنع ثلاثا، من أعطي الدعاء أعطي الإجابة، ومن أعطي الشكر أعطي الزيادة، ومن أعطي التوكّل أعطي الكفاية)
    (هل الإيمان إلا الحب والبغض).
    من أقواله : (ما منا إلا مقتول أو مسموم)، ويقصد أن الأئمة كلهم مقتولون أو مسمومون وقد ثبت ذلك في التاريخ بأن الأئمة إحدى عشر من مات مقتولا أو مسموم مالك بن انس إذا حدث عنه قال "حدثني الثقة بعينه" و"ما رأت عين, و لا سمعت أذن, ولا خطر على قلب بشر, أفضل من جعفر الصادق, فضلاً وعلماً وعبادةً وورعاً".
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

  12. #48 رد: شخصيات إسلاميـــــة 
    مشرف الصورة الرمزية عماد ابو رياض
    تاريخ التسجيل
    Mar 2008
    المشاركات
    1,366
    معدل تقييم المستوى
    19


    الأمام الحسن البصــــري
    رضي الله عنه

    كان مولده في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، إذ كانت أمه مولاة لها ، وزاده قدر الله ميزة أخرى ، فلم يكن بيت أم سلمة رضي الله عنها مولده فحسب ، بل لقد كان حجرها غطاءه ، وصدرها سقاءه ، فأدفته بصدرها ، وأرضعته لبنها ، وشاء الله أن يدر له منها لبنـًا ، فكان لبنـًا مباركـًا ، غدى به ذرب اللسان ، قوي الحجة والبيان ، إن تحدث فجدير لأن يسمع له ، وإن سئل فجدير بأن يجيب ، إن وعظ علا صوته ، وجرى دمعه ، وبدا إخلاصه ، فيظهر على الناس الأثر ، يسبق فعله كلامه ، كما يسبق ضوء الفجر وهج الشمس .
    هو أبو سعيد ، الحسن بن أبي الحسن بن يسار ، كان أبوه مولى لزيد بن ثابت الأنصاري ، وكان يسار من سبي حسان ، سكن المدينة ، وأعتق وتزوج في خلافة عمر رضي الله عنه بأم الحسن وأسمها خيرة، كانت مولاة لأم المؤمنين أم سلمة المخزومية .

    ولد الحسن رحمه الله لسنتين بقيتا من خلافه عمر رضي الله عنه وذهب به إلى عمر فحنكه ، ولما علمت أم المؤمنين أم سلمة بالخبر أرسلت رسولاً ليحمل إليها الحسن ، وأمه لتقضي نفاسها في بيت أم سلمة رضي الله عنها ، فلما وقعت عينها على الحسن وقع حبه في قلبها ، فقد كان الوليد الصغير قسيمـًا وسيمـًا ، بهي الطلعة ، تام الخلقة ، يملأ عين مجتليه ، ويأسر فؤاد رائيه ، ويسر عين ناظريه ، وسمته أم المؤمنين رضي الله عنها بالحسن ، ولم تكن البشرى لتقتصر على بيت أم سلمة رضي الله عنها فحسب ؛ بل عمت الفرحة دار الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه ، فهو مولى أبيه .
    وكان كرم الله على الحسن أن نشأ في بيت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، وكانت أمه تتركه عند أم المؤمنين ، وتذهب لقضاء حوائجها ، فكان الحسن إذا بكى ألقمته أم المؤمنين ثديها ، فيدر عليه لبنـًا بأمر الله ، على الرغم من كبر سنها فضلا عن أنه لم يكن لها ولد وقتها ، فكانت أم سلمة رضي الله عنها أمـًا للحسن من جهتين : الأولى كونها زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، فهي أم له وللمؤمنين ، والثانية كونها أمـًا له من الرضاعة .
    عاش الحسن رضي الله عنه دنياه غير آبه بها ، غير مكترث لها ، لا يشغله زخرفها ولا يغويه مالها ، فكان نعم العبد الصالح ، حليف الخوف والحزن ، أليف الهم والشجن، عديم النوم والوسن، فقيهـًا زاهدًا، مشمرًا عابدًا، وفي هذا يقول : إن المؤمن يصبح حزينـًا ويمسي حزينـًا وينقلب باليقين في الحزن، ويكفيه ما يكفي العنيزة، الكف من التمر والشربة من الماء، وقال عنه إبراهيم بن عيسى اليشكري : ما رأيت أحدًا أطول حزنـًا من الحسن، وما رأيته قط إلا حسبته حديث عهد بمصيبة، وقال عنه علقمة بن مرثد : انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين ، فمنهم الحسن .
    ولقد شهد له أهل البصرة بذلك، حدث خالد بن صفوان، وكان من فصحاء العرب، فقال لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال لي : أخبرني عن حسن البصرة ، فقال خالد : أنا خيرٌ من يخبرك عنه بعلم، فأنا جاره في بيته وجليسه في مجلسه وأعلم أهل البصرة به، إنه امرؤٌ سريرته كعلانيته ، وقوله كفعله، إذا أمر بمعروف كان أعمل الناس به ، وإذا نهى عن منكر كان أترك الناس له، ولقد رأيته مستغنيـًا عن الناس زاهدًا بما في أيديهم، ورأيت الناس محتاجين إليه طالبين ما عنده، فقال مسلمة : حسبك يا خالد حسبك ‍‍ كيف يضل قوم فيهم مثل هذا ؟‍‍!!

    الحسن والحكام
    :
    لما كان الحسن رضي الله عنه قد طلّق الدنيا برمتها ، وقد رخصت في عينه، فقد هان عنده كل شيء، فلم يكن يعبأ بحاكم ظالم، ولا أمير غاشم، و لا ذي سلطة متكبر، بل ما كان يخشى في الله لومة لائم، ومن ذلك أن الحجاج كان قد بنى لنفسه قصرًا في " واسط " فلما فرغ منه نادى في الناس أن يخرجوا للفرجة عليه، وللدعاء له، فخرج الحسن، ولكن لا للدعاء، بل انتهازًا للفرصة حتى يذكر الناس بالله ويعظ الحجاج بالآخرة، فكان مما قال : ليت الحجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه، وأن أهل الأرض غروه، ولما حذره أحد السامعين من بطش الحجاج رد عليه الحسن قائـلاً : لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس ولا يكتمونه، وفي اليوم التالي وجه الحجاج إلى الحسن بعض شرطه ثم أمر بالسيف والنطع( البساط من الجلد يوضع تحت المحكوم عليه بقطع الرأس)، فلما جاء الحسن أقبل على الحجاج وعليه عزة المسلم، وجلال المسلم، ووقار الداعية إلى الله، وأخذ يحرك شفتيه يدندن بكلام ويتمتم ببعض الحروف، فلما رآه الحجاج هابه أشد الهيبة، وما زال يقربه حتى أجلسه على فراشه، وأخذ يسأله في أمور الدين، ثم قال له : أنت سيد العلماء يا أبا سعيد، ثم طيبه وودعه، فتعجب الناس من صنيع الحجاج فقالوا : يا أبا سعيد ماذا قلت حتى فعل الحجاج ما فعل؟ وقد كان أحضر السيف والنطع، فقال الحسن : لقد قلت : يا ولي نعمتي وملاذي عند كربتي ، اجعل نقمته بردًا وسلامـًا علي كما جعلت النار بردًا وسلامـًا على إبراهيم .
    وكتب إلى عمر بن عبد العزيز لما ولي كتابـًا جاء فيه : إن الدنيا دار مخيـفة ، إنما أهبط آدم من الجنة إليها عقوبة ، واعلم أن صرعتها ليست كالصرعة، من أكرمها يهن، ولها في كل حين قتيل، فكن فيها يا أمير المؤمنين كالمداوي جرحه يصبر على شدة الدواء خيفة طول البلاء .

    ودعاه يومـًا ابن هبيرة ،وكان يزيد بن عبد الملك قد ولي ابن هبيرة العراق وخراسان ، وكان مع الحسن الشعبي ،فسألهما ابن هبيرة في كتب تصل إليه من أمير المؤمنين فيها ما يغضب الله ؛فتكلم الشعبي فتلطف في الكلام، فلما تكلم الحسن زأر كالأسد ،وانطلق كالسهم ،وانقض كالسيف ، قائلاً : يا ابن هبيرة :خف الله في يزيد، ولا تخف يزيد في الله، واعلم أن الله يمنعك من يزيد، وأن يزيد لا يمنعك من الله، يا ابن هبيرة إنه يوشك أن ينزل بك ملك غليظ شديد لا يعصي الله ما أمره، فيزيلك عن سريرك هذا، وينقلك من سعة قصرك إلى ضيق قبرك، حيث لا تجد هناك يزيد، وإنما تجد عملك الذي خالفت فيه رب يزيد، يا ابن هبيرة، إنك إن تك مع الله وفي طاعته، يكفك بائقة ( أذى ) يزيد، واعلم يا ابن هبيرة أنه لا طاعة لمخلوقٍ كائنـًا من كان في معصية الخالق .
    لزومه حلقة ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ ، فقد أخذ عنه الفقه والحديث والتفسير والقراءات واللغة .
    ولوعه بأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ فقد راعه فيه صلابته في الدين وإحسانه في العبادة، وزهده في الدنيا، وقوته في الفصاحة والبيان .
    وفاته رضي الله عنه :
    في العام العاشر بعد المائة الأولى وفي غرة رجب ليلة الجمعة وافقت المنية الحسن رضي الله عنه ،فلما شاع الخبر بين الناس ارتجت البصرة كلها رجـًا لموته رضي الله عنه ، فغسل وكفن ، وصلى عليه في الجامع الذي قضى عمره فيه ؛داعيـًا ومعلمـًا وواعظـًا ، ثم تبع الناس جنازته بعد صلاة الجمعة ، فاشتغل الناس في دفنه ولم تقم صلاة العصر في البصرة لانشغال الناس بدفنه .
    رحم الله أبا سعيد ، وتقبله في الصالحين ، وجمعنا الله به في دار كرامته .
    حياة المرء ثوب مستعار
    رد مع اقتباس  
     

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 13/11/2011, 11:13 PM
  2. مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 22/05/2008, 10:39 PM
  3. شخصيات ثقافية تؤكد ان حلب تستحق ان تكون عاصمة للثقافة الاسلامية
    بواسطة طارق شفيق حقي في المنتدى فسيفساء المربد
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 27/03/2006, 10:21 PM
ضوابط المشاركة
  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •