" انهُ الخَريفٌ يَطرُقُ أبوابَنا "


ها قًَََد رَحَلَ الصَيفُ وَاَنزَلَ على مَسرَحِهِ الأصفَرَ جَميعَ السَتائر..
اَخَذَ مَعهُ لَيلَةَ الأنسِ وَالسَمَر..
وَاَخَذَ مَعَهُ تِجوالَنا الليلِي..
ما بَينَ الشَوارِعِ الخاويةِ والقَناديلِ المٌضيئةِ..
وها انِه الخَريفُ يَطرُقُ أبوابَنا..
جاءَنا زَائِراً وَضَيفاً لِبَعضِ الوَقتِ وَيَمشي..
جاء لنا بالِريحِ الشَديدَةِ الجافة..
والهِدوءِ الذي يَسبِقُ العاصِفَة..
فَل نَفتَحُ أبوابَنا لِهذا الطارِقِ الجَميل..
الموشَحِ بِنَكهةِ التُفاحِ الأخضَرِ والأحمَرِ..
وَرائِحَةِ البَطيخِ الأصفرَ المَليءَ بِطَعمٍ لا يُضاهى أو يُقاوَم..
الخَريفُ وما أدراكَ ما الخَريفُ..
فَصلٌ يَحلوا بيهِ العُشاقُ و يَنفَرِدوا..
عَلى شَواطِئِ الحُبَ وِالعِشقَ يَسرَحون..
وَالأيادي تَتَشابَكُ وَالأحضانُ تَمتَلِئُ بِلَهفَةِ الحُبِ وَالشَغَفِ لِلِقاءِ الحَبِيبِ..
تَتَساقَطُ الأوراقُ من عَلى الأشجارَ..
لِتَتَلَقَفها الأرضُ و تَتَغَطى بِلَحافِ الطَبيعَةِ الخاليَةِ مِنَ الوَحشيَةِ الهَمَجيَةِ..
تُداعِبُ الأوراقَ أرصِفَةَ الشَوارِعَ وَتَطيرُ سَنابِلَ الحُقولِ إلى سَفحِ الوِديانِ..
وَالنَهرُ يَبدَأُ بِالتَمَوجَ..
وَتَشتَدُ أشرِعَةِ السَفينَةِ وَتَرفَعُ المَرساةَ..
إعلاناً بِأننا أمامَ الوَقتِ الفاصِلَ ما بَينَنا وَما بَينَ الشِتاءِ..
حَبيبَتي دَعِ ريحَ الخَريف تُداعِبُ شَعرَكِ الأحمَرَ..
وَدعي اَلأوراقَ تَسقُطُ عَلى أكتافِنا...
حين نَكُونُ جَسَداً وَاحد مُحتًضِناً لِلأخر..
تعالي وَدَعيني أكُونُ مِعطُفُكِ الخَريفي الأصَفر..
تعالي حَتى أكونَ عَلى جَسَدَكِ العاري..
قِطعةٍ مِن حَريرٍ يَنسُجُها الوَرَقُ البُنيُ اللون..
كَلُفافَةٍ مِن تبغٍ صُنِعَت لِنَنتَشي مِنها الحَياةُ..
صَديقَتي الغالية هاتي يَدَيكِ لِنُسافِرَ بِقِطارِ العُمرِ..
إلى مَدينةِ الحُبِ في فَصلِ الخَريفِ..
هيا نَجولُ في أزِقَةِ الأغصانِ اليابِسَةِ..
وَنَشتَمُ رائِحَةِ الصَفارِ لِلوَرَقِ المُستَلقي..
على سَطح البُحَيرةِ التي فيها يَنتَعِشُ سابِحاً البطُ الأبيضُ..
تعالي هيا يا صَديقتي وأنتِ يا حَبيبَتي..
تَعالوا جَميعَاً يا نِساء الأرضِ في هذا الفَصلِ..
فَلي بِالقَلبِ وَالصَدرِ حُباً و شَوقاً..
لا يُضاهى أو يُقَدرُ في أي فَصلٍ أخرَ..
اِنَهُ الخَريفُ يا حَبيباتي يَطرُقُ أبواَبنا..
اِفتَحوا لِلحُبِ الأصفَرِ جَميعَ القُلوب..



" اِنَهُ الخَريفُ يَطرُقُ أبوابَنا "
" فادي البابلي "