الأخ الكريم الفاضل
أحمد جنيدو
أسعد الله أيامك بالطاعات
وأسأل الله أن يتقبل صيامك ويجزيك به الحسنى
أما وقد طابت النفس
فقد آن لنا الحديث عن القصيدة
كما تعلم- بورك فيك- أن قصيدة التفعيلة ليست كالقصيدة العمودية
من حيث "الوزن" ولو أنك بنيت إيقاع قصيدتك هذه
على فاعلاتن ثم عدلت عن ذلك في مقطع أو مقطعين وغيرت
النغم إلى تفعيلة سواها لما عُدّ ذلك خللا أبداً
وما عنيتُ أنا ذلك حين أشرت إلى إيقاع القصيدة
كما أنه لم يجر في أسطري كلمة "خلل" وإنما
قلت ضبط إيقاع القصيدة
ولعل لك الحق في فهم مقصدي على غير ما أبغي
فلربما لم أحسن التعبير عنه
ولكني سأفصّل مقصدي ها هنا ما أمكنني ذلك
وشفاه الحب تهفو باردهْ.
لملمي هذا الغناء الحر،
فالنسيان يأتي دفعتين
الموت, و الموت,
و ليست حالة الإتيان تبدو سائدة .
هذا المقطع استهللت به قصيدتك
ولعلك أخطأت إذ جعلت نغمه هذا مستهلا لها
وهو ما عنيته (بمبتدأ القصيدة)
فالملاحظ أن نغم القصيدة متسق في ثناياها ووسطها
غير أنه منهك شيئا يسيرا في مبتدأها عند
فالنسيان يأتي دفعتين
الموت والموت
وهذا في رأيي البسيط جدا يعكر على المتلقي
متعة النغم لمتابعة القصيدة
أمر آخر...
الإيقاع في القصيدة قيّدك في بعض المواضع
فجعلك قليل العناية بنسق البناء
وأعني به البناء اللفظي وليس المعنوي
ومنه قولك
وخطى المجهول تدنو
تبلع النور كأفعى
وكرأس اليأس ساميّ
يطال الأفق من ضعف
الخطايا الرائده
أو عند
وعليهم إصبعان
الوقت والقبح حكايات التي تعرج
فوق المستحيل
وهذا - كما لا يخفى- يحرم المتلقي من فهم
النص المراد منه فضلا عن استساغته
فلا يتأتى له استكشاف جمال الصورة إذا قرأ الجملة
وكرأس اليأس ساميّ يطال الأفق من ضعف الخطايا الرائده
وكأنه يحلل شيفرة رقمية
وهذا تماما ما عنيته بضبط الإيقاع
فالشاعر غير مطالب بالوزن من حيث صحته وحسب
لكنه أيضا مطالب بتنغيم القصيد والمعنى واللفظ
كي يكونا نسقا متكاملا متوازناً
أقول هذا الكلام وأنا على يقين أن قلمك يملك كنوزا دفينة
وما وظيفة القارئ إلا أن يحثك على إخراج تلك الدفائن
وهو حقنا الذي هو عليك
وما زلنا ننتظر