التياسة في السياسة
بقلم : تحسين يحيى أبو عاصي – كاتب فلسطيني مستقل -
----------------------------------------------------
التيس هو الذكر من الغنم المعروف بالسواد ، وكلمة تياسة هي مصطلح في الوعي الشعبي يرتبط بمن يقوم بعمل خاطئ ثم يصر عليه ، فنقول عنه تيساً أي لا يفهم ولا يفكر تفكيرا صحيحا ، ولا يدرس عاقبة أعماله التي يقوم بها ، وينطبق عليه المثل : عنزة ولو طارت .
ما أكثر التيوس في هذه الأيام والتي تحتاج إلى أن تعيش بين الأغنام ، فهي لا تفكر وتصر بقوة على أفعالها الخاطئة ، ولا يمكنها أن تفتح عقولها لتفكر ولو قليلا بمآل أفعالها ؛ لأنها لو فكرت قليلا لما وقعت في هذا المنحدر من التياسة ، ويا ليته فكر ولو قليلا لأراح نفسه وأراح غيره من العناء الشديد ، ولكن التياسة تأبى أن تفارق أهلها ولو ضربت بكل النعال ودوست بكل الأقدام .
التيس لا يتعلم مطلقا لا من أخطائه وتجاربه ، ولا من أخطاء وتجارب غيره ، لأنه لو تعلم لفقد جنسية التياسة ، ويرفض أن يتعلم لأنه تيس ، ويعتقد أنه على صح وأن غيره على خطأ ولو جئنا له بكل البينات والأدلة ؛ لنثبت له أنه على خطأ فهو تيس وابن تيس ، ولا شك أنه من سلالة التيوس ، ومن مدرسة التيوس ومن بيئة التيوس .
فالتيس تيس ولو بين الأسود ربى ، والحمار حمار ولو بين الخيول ربى ، والكلب كلب ولو بين البغال ربى ، فهو لا ينظر لا إلى بعيد ولا إلى قريب ، أكبر همه الطعام والشراب والملذات ، ويراه كل ذي عين مبصرة يرتع ببهيميته وغريزته وحيوانيته لأنه تيس ، وتراه ينطح بقرنيه كل من لا يعجبه لأنه تيس ، وأحيانا ينطح حائطا أو شجرة أو تيسا مثله ، هو يريد أن ينطح أي شيء ، وأحيانا ينكسر قرنيه ولكنه لا يشعر بهما ، ولا يزال يعتقد اعتقادا جازما أنه يملك قرنين من الفولاذ ؛ لأنه تيس . ويذهب إلى حتفه بيده طائعا غير مكرها لأنه تيس ، فتنقض عليه الأسود ولا تذر منه بقية لأنه تيس ، وهو أمام الأسود تيس ابن تيس ، ولا يمكن مطلقا أن يتحول في أعين الأسود إلى أسد أو نمر، هكذا خلقه الله ولا اعتراض على خلق الله ، وجعله مدرسة لمن أراد أن يتعلم ، وعبرة لكل من أراد أن يعتبر ، فتأكل الغربان والكلاب الضالة من لحمه حتى تشبع وهذه عاقبة التيوس أبناء التيوس .
الفاتحة على أرواح موتاكم

زيارتكم لمدونتي وتعليقاتكم عليها شرف كبير لي
www.tahsseen.jeeran.comمدونتي : واحة الكتاب والأدباء المغمورين
tahsseen.maktoobblog.com قلب يحترق في واحة خضراء