أرضعونا ونحن صغار السن وأقسموا أن يتموا الرضاعة بدل الحولين عقودا وأجيالا.قليل منامن عجل بالفطام وكثير تشبث بالضرع لا يبغي عنه حولا ولا بديلا.أرضعونا حليبا مفعوله أقوى من أشد أنواع المخدرات تأثيرا.قد تستفيق يوما ما سريعا من هلوسة "لحشيش ...وتبويقةالسبسي... ومن غيبوبة لهروين والكوكاكيين" إلا من هلوسة حليبهم فهي تغشاك من المهد إلى اللحد فتجد حسابك عند ربك خاطئا مغلوطا.فتقول في نفسك:
"واحسرتاه..! كم كنت غبيا مستغبيا..!"
علمونا كيف نزهد في الدنيا ونرغب عنها وأنسونا حظنا وحقنا منها.حببوا لنا الدار الآخرة وأوصفوا لنا الجنة بأحسن الأوصاف مما لاعين رأت ولا أذن سمعت وجعلوا أكثر أهلها الفقراء .ولم يسئلوا يوما انفسهم عن سبب هذا الفقر ومن المسؤول الحقيقي عنه؟
حذرونا من أعلى المنابر من جهنم.وجعلوا أكثر أهلها النساء,لا لشئ إلا لكونهن يلعن كثيرا ويكفرن العشير.ومن هذا العشير الذي من أجله دخلت النساء جهنم واحترقت بنارها؟لعله ذلك الرجل القابع بخيمته من وبر النوق ممتلئ البطن ومكتنز الردفين والفخدين يداعب الحسان من السبايا والغلمان وهو يعقر الخمرة المعتقة مع جلسائه.تدخل النار المسكينة ولم يشفع لها تسعة شهور من الحمل ولا وجع الوضع ولا الرضاع ولا الكنس ولا الطهي ولا سهر الليالي في تطبيب الأبناء وتربيتهم.تدخل العاصية ويلقي بها الزبانية جهنم وبئس القرار من أجل الحفاظ على مزاج عشير عتل وزنيم لا يقبل منها طلب ولا آهة من رحم الشقاء.أ بالنار خوفتموها واخرستموها سنين عددا حتى لا تطالب بحقوقها الكاملة..!؟
تبا له من حليب مغشوش وتعسا.يسقى منه الفرد والجماعة عبر العصور للحفاظ على ميراث أبي جهل وينتصر لقيم الجهالة باسم الدين.ولعل من تجليات هذا الميراث اللعين في عصرنا الحديث عن رضى الرب عن الحكومة كما جاء على لسان رئيسها ومباركته لكل ما تقوم به من أعمال.وبذلك يكون قد منحها قداسة وحصانة تجعلها في منأى من كل نقد ومساءلة في الحاضر والمستقبل.مع أننا لا ندري عن أي رب من الأرباب هذا يتحدث.
في بحر هاته التساؤلات مازال العديد من الناس في غمرة الرضاعة يعمهون رافضين كل أشكال الفطام ويقبلون بكل ما جاء معنعنا بسند وغير سند.فكل ذي لب لا يسعه إلا أن يقف حائرا أمام هذا الخطاب الديني المدعوم بهذا الكم الهائل من الأحاديث المتداولة لدى عامة الناس وخاصتهم. هل كانت متداولة بهذا الشكل الذي عليه الأن في عهد النبي محمد صلوات الله عليه وسلم أم جاء محمد بإسلام مبسط.وكان إسلام العامة يقتصر فقط على ماورد في القرآن من تعاليم سماوية وما بلغهم من سنة رسوله العملية فيما يفيدهم دنياهم وآخرتهم.لعل إسلام المتأخرين فقد بساطته وسماحته بكثرة الآحاديث التي تعادل آيات القرآن مرتين وأكثر صحيحها وضعيفها وموضوعها. آحاديث لا تخلو من تعصب ديني وطائفي ومن بصمات فقهاء البلاط المحسوبين على هذا الحاكم أو ذاك.وآحاديث تم تلفيقها عبرقنوات الطبع للتقاة من الروات لتلبيس على الناس دينهم.إن القارئ لهذه الكتب الدينية والتي تعتبر من أمهات الكتب الاسلامية ومرجعيتها لقرون عديدة ليجد فيها اختلافا كثيرا وكلاما لا يقبله العقل ويدحضه العلم.ألا يكفي مسلمي اليوم إسلاما مبسطا بساطة إسلام الأولين..!؟يبدو كان إسلاما رائعا تهفو له النفوس غير هذا الذي نحن عليه اليوم يبدو صعبا ومعقدا اعتلاه تجار الدين .عين يدعون الناس بها للآخرة وأخرى على دنيا يصيبونها أو نساء ينكحوهن وتكفيريون جعلوا من الدين صناعة للذبح والتقتيل .