جاسم الرصيف
ــــــــــــــــــــــــ
خطوط الحرب العنصرية في العراق ( 2- 2 )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
من الواضح ، وبمعزل عن المظاهر المزورة الخدّاعة التي تصنعها وسائل إعلام الإحتلالين والثلاث ورقات كوندية ، وتساهم فيها وسائل إعلام عربية ، بلا أسف منا ولا إنسانية منها ، لأنها توثق وتكشف في آن أجندات من يمولها ويديرها في المنطقة ،، أن أميركا وبريطانيا خسرتا الحرب بصيغتها العسكرية ، وانهما ماعادتا قادرتين على تحمل ( حرب الإستنزاف ) التي شنتها المقاومة الوطنية العراقية ، فلجأتا الى إعتماد الحرب النفسية الإعلامية بصورة مكثفة جدا في الأشهر الأخيرة كخطّ دفاع أخير ، حتى ان بعض وسائل الإعلام العربية تكاد تقول ان العراق صار : ( جنة ) تتوافد جموع الدبلوماسيين العرب اليها .
وقد يلمس بعض المتابعين ( نجاحا ) لحروب الإحتلال النفسية والإعلامية صاغته في الأصل فخاخ حروب محلية تجيدها الدولتان ( الأعظم في حقدهما على المسلمين والعرب ) من خلال :
اولا : تفجير مرقد سامراء ، عندما نالت المقاومة الوطنية درجة الذروة في عملياتها ، واتهام العرب السنة بذلك ، مع ان المرقد عاش بحمايتهم مئات السنين ، وصلوا به مئات السنين ، ولم يفكر احد بمسّه بأي سوء طائفي ، وحتى سياسي مجرد ، وفي كل العهود ومنها عهد الزرقاوي الذي سيطر على سامراء عدة مرات وتحت انف الإحتلال .
وكان اوّل ردّ فعل على التفجير ، موثق ، مدبر مرسوم ، من مقتدى الصدر ، الذي كان في جولة عربية ، ومحطته الأخيرة لبنان ، فاذا به يتهم ( النواصب ) فور سماعه الخبر ( !! ؟ ) بشناعة هذه الجريمة ، ودلالة مفردة ( النواصب ) في ثقافة مقتدى واتباعه تعني : العرب السنة ، ثم تلت ذلك فتاوى من حازم الأعرجي أباح بها علنا دماء العرب السنة في بغداد والعراق ، ولم يتورع عن تسمية الأحياء البغدادية ذات الأكثرية السنية التي لابد ان تذبح وتحرق ليظهر ( مهدي ) الإحتلالين الأمريكي والأيراني .
ثانيا : صمّم بعد ذلك ظهور قوات ( الصحوات ) السنية لتظهر ( كضد نوعي ) تحت السيطرة الامريكية ، يدافع عن الأحياء السنية ضد إجرامية فرق الموت التي ولدتها عباءة مقتدى الصدر ، فإرتكبت ( الصحوات ) جرائم فاقت جرائم فرق مقتدى الطائفية العنصرية ، اذ تعدتها الى محاربة قوى المقاومة الوطنية السنية بكل اشكالها ، علنا ودون لف ولا دوران ،،
من خلال التجسس لصالح قوات الإحتلال ، ومن خلال حمل السلاح ضد المقاومين الوطنيين مقابل ( 300 ) دولار شهريا لكل فرد ،، ثم ضخ فيها الإحتلال نزعة التسلط الوظيفي المرضي ، كما ضخ هذا المرض في ميليشيات مقتدى من قبل ، فصارت ( الصحوات ) السنية مثل ( الغفوات ) الشيعية تسعى لتاسيس احزاب سياسية تؤازر الإحتلال في حكومة المضبعة الخضراء ، وعلى دلالات آخرها صفقات التطبيع في ما اعلنته قوات الإحتلال بأنها ستسلم قيادة ميليشيات الصحوة لحكومة بغداد في الأيام القادمة .
ثالثا : كل ماتقدم ، في حرب مفتعلة مخطط لها بين عرب شيعة وعرب سنة ، أختتم ( بمعجزة ) زج ّ قوات إضافية امريكية الى العراق حصدت ( مجد ) تحسن الأمن في العراق ، تمهيدا لظهور رئيس جمهوري جديد في اميركا يواصل مابدأه بوش الأب في ( 1991 ) ثم بوش الإبن في ( 2003 ) ، ولكن على حساب استشهاد مئات الألوف من ( الجثث مجهولة الهوية ) من عرب العراق ، شيعة وسنة ، وبأياد ( عراقية ) وظفت كفرق موت أجيرة لهذا الغرض من قبل اميركا وبريطانيا وايران واسرائيل واكراد كوندي ،،
ولكن ، هل هذا يعني أن الإحتلالات المركبة في العراق قد ( نجحت !! ) ، كما تدّعي ، في فرض الأمن الذي تريده لنفسها ولحكومة المضبعة الخضراء وحواضن تجار الحروب المحليين ، وفي تمرير خطوط حرب عنصرية تمهيدا لتقسيم العراق ، ثم تقسيم دول الشرق الأوسط بعده ؟! .
لاتصعب الإجابة بكلمة ( لا !! ) عن هذا السؤال الذي يفرض نفسه اليوم وعلى جملة من الدلالات :
اولا : مازالت المقاومة الوطنية ، السنية بشكل خاص ، تتقاذف قوات المضبعة الخضراء من محافظة الى اخرى ، مع ان ظروف عملها صارت اكثر صعوبة بوجود مرتزقة ( صحوات ) سنية و( غفوات ) شيعية تفضل عطايا الإحتلال السخية على تحرير العراق ،، ولا احد قطعا من قوات الإحتلالات المركبة جميعا يستطيع القول :
ان المقاومة العراقية قد ( إنتهت ) .
ثانيا : تحييد ، وحتى تطويق ، نشاط المقاومة الوطنية العراقية لفترة ما ، لايعني بالمطلق انه سيستمر ،، وعلى دلالات تأريخية تفيد ان معظم حركات المقاومة الوطنية في العالم مرت بفترات تخفيف نشاط ، إما للظهور بمظهر أكثر فاعلية بعد إعادة تنظيم ، او لظروف عمل غير ملائمة حرصا على الشعب وافراد المقاومة في آن ، ولنا في المقاومة العربية الفلسطينية والجزائرية اكثر من عبرة .
ثالثا : ثمة حقيقة صارت من ثوابت العيش في العراق ، ولها أعمق الدلالات واكثرها وضوحا في ان المقاومة الوطنية العراقية حاضرة في كل مكان ، وكل زمان عراقي ، وهي : ان مامن مسؤول اميركي او بريطاني او مرتزق عراقي يستطيع التجوال في مدن وقرى العراق دون حماية مباشرة من الجيش الأمريكي او غير مباشرة من قبل قوات المرتزقة في شركات الأمن الأجنبية .
رابعا : كل المؤشرات تفيد ان المقاومة الوطنية تعمل على ( تنظيف بيتها ) من المحسوبين على ( بيتها ) من قوات الصحوة والغفوة ، سنية وشيعية ، دون ان تغفل عن الفرص الآمنة السانحة لها للتعامل المباشر مع قوات الإحتلال بكل صورها : اميركية وبريطانية وايرانية واسرائيلية وكوندية ، وهذا ما تضطر وسائل الإعلام لإعلانه مرغمة على شكل خسائر ( حرب إستنزاف ) في اخبارها يوميا .
وفي العودة الى مابدأناه عن خطوط الحروب العنصرية التي خططت لها مافيات النفط الأمريكية البريطانية منذ عام ( 1991 ) ، وربما قبل ذلك حتى ، نجد ان القوى الوطنية العراقية ، من عرب العراق ، شيعة وسنة ، واطراف وطنية تركمانية وكردية ويزيدية ، قد اجمعت على رفض اي حرب عنصرية في العراق تمهّد لتمزيقه ، ومن ثم فإن هذه القوى حمت ، دون شكر ولا منّة ، دول الجوار العربي بشكل خاص من سرطان فرق الموت العنصرية لأنها نجحت ، وخلافا لما تدعيه قوات الإحتلال ، في إسقاط كل الخطوط جحيما على رؤوس من رسموها .