ابن سينا
شيخ الأطباء
(360- 428هـ / 970 – 1036م)
اسمه الحسين بن عبد الله بن الحسن بن سينا أبو علي الملقب بالشيخ الرئيس، وهو عالم موسوعي في علوم الطب والرياضيات والطبيعيات والفلك والموسيقي والفلسفة والمنطق، كما كان شاعرا.
عاش ابن سينا في القرنين الرابع والخامس الهجريين وكان يتقن اللغتين العربية والفارسية كما كان أسلوبه من أجمل الأساليب العلمية الأدبية.
ولد ابن سينا بقرية خلرمثين من ضواحي مدينة بخاري وتوفي عن عمر لم يزد عن ثمانية وخمسين عاما، وحين بلغ العاشرة من عمره كان قد حفظ القرآن الكريم، ودرس الكثير من أدب العرب وتعلم ابن سينا وهو في صباه الحساب الهندي والفقه كما درس المنطق ورياضيات وإقليدس وفلك المجسطي وشرع في دراسة الطب.
وحين بلغ السادسة عشر من عمره عالج سلطان بخاري نوح بن منصور الساماني من مرض عجز الأطباء قبله عن علاجه وحين بلغ الثامنة من عمره كان قد صار طبيبا ناجحا وذاعت شهرته كطبيب ماهر ولحسن حظ ابن سينا كانت لدي سلطان بخاري مكتبة ضخمة في قصره بها عشرات الآلاف من المجلدات فأقبل عليها ابن سيناء يقرؤها كتابا بعد كتاب.
وخلال أقل من الأربعين سنة الأخيرة من عمر ابن سيناء كان ابن سينا قد ألف 276 كتابا ورسالة وقصيدة وبين قصائده كانت أراجيز طبية.
إنجازاته العلمية
اعتمد ابن سيناء في الطب علي الملاحظة في وصفه للعضو المريض وصفا تشريحيا وفيزيولوجيا واستفاد من هذا الوصف التشريحي في تشخيص المرض، واعتمد ابن سينا في ممارسته الطبية علي التجربة والاستفادة من تجارب من سيقوه وابن سيناء هو أول من قال بالعدوى وانتقال الأمراض المعدية عن طريق الماء والتراب وبخاصة عدوي السل الرئوي.
وابن سيناء هو أول من وصف التهاب السحايا وأظهر الفرق بين التهاب الحجاب الفاصل بين الرئتين والتهاب ذات الجنب، وهو أول من اكتشف الدودة المستديرة أو دودة الإنكلستوما قبل الطبيب الإيطالي روبنتى بأكثر من ثمانمائة سنة، وابن سينا هو أول من اكتشف الفرق بين إصابة اليرقان الناتج من انحلال كريات الدم، وإصابة اليرقان الناتج من انسداد القنوات الصفراوية.
وهو أول من وصف مرض الجمرة الخبيثة وسماها النار المقدسة، وأول من تحدث وبشكل دقيق عن السكتة الدماغية، أو ما يسمى بالموت الفجائي، ومن بين إنجازات ابن سينا وإبداعاته العلمية اكتشافه لبعض العقاقير المنشطة لحركة القلب.
واكتشافه لأنواع من المرقدات أو المخدرات التي يجب أن تعطي للمرضي قبل إجراء العمليات الجراحية لهم تخفيفا لما يعاونه من ألم أثناء الجراحات وبعدها، وابن سيناء هو الذي اكتشف الزرقة التي تعطي للمرضي تحت الجلد لدفع الدواء منها إلى أجسام المرضى.
كذلك وصف ابن سينا الالتهابات والإضرابات الجلدية بشكل دقيق في كتابه الطبي الضخم "القانون" وفي هذا الكتاب وصف ابن سينا أمراض الجنسية واحسن بحثها، وقد شخص ابن سيناء حمي النفاس التي تصيب الوالدات، وقال إنها تنتج من تعفن الرحم.
وابن سينا كان أحد أوائل العلماء المسلمين الذين اهتموا بالعلاج النفسي، وبرصد اثر هذا العلاج علي الآلام العصبية وألام مرض العشق خاصة وقد مارس ابن سينا ما اهتدى أليه من علاجات وطبقة علي كثير المرضى.
وفي علم الطبيعة اكتشف ابن سينا إن الرؤية أو الضوء كضوء البرق مثلا يسبق الصوت والسماع كصوت الرعد مثلا فنحن نرى ومض برقه ثم نسمع صوته.
كذلك تكلم ابن سينا عن أن هناك علاقة بين السمع وتموج الهواء فلولا هذا التموج لما كان هناك انتقال للصوت، ولا استماع له، ولقد اخترع ابن سينا آلة تشبه آلة الورنير التي تستعمل في زماننا لقياس أصغر من أصغر وحدة في قسم من أقسام المسطرة لقياس الأطوال بدقة متناهية.
مؤلفاته
ومؤلفاته ابن سينا في الطب والصيدلة هي "القانون" وقد كتبه خلال ارتحاله الطويل في ثلاثا مدن هي: جر جان والرى وهمدان ويقع في خمسة أبواب هي: في كليات الطب والأدوية المفردة، والأمراض والأمراض الجزئية الظاهرة والباطنة في أعضاء الإنسان والأمراض التي لا تختص بعضو بعينة والأدوية المركبة وقد نقل "جيرار الكريمونى" هذه الموسوعة الطبية التاريخية من العربية إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي وانتشر كتاب القانون في أوروبا وظل يدرس بها في فرنسا في جامعتي مونبلييه ولوفان إلى سنة 1650م، وفي بلجيكا في جامعة بر وكسل إلى سنة 1909م.
وله "المجموع في الطب" و"المختصر في الطب" و"دستور في الطب" و"الدستور الطبي" و"أرجوزة في الطب" أو "الأرجوزة السينية" وقد ترجمت إلى اللغة اللاتينية.
وله "أرجوزة في الوصايا الطبية" و:" مجموعة الأراجيز الطبية" و "أرجوزة في أسباب الحميات" و: "أرجوزة في التشريح" و"بعض مسائل في كتاب التشريح الصغير": و: "الألفية في الطب" وتتألف من 1216 بيتا وقد شرحها ابن رشد وكثيرون غيره، وترجمت إلى اللغة اللاتينية في القرن 15م، وفيها يفضل ابن سيناء الطب الوقائي علي الطب العلاجي، لحفظ الصحة.
وله رسائل في: "الحميات" و: "علل الكلى" و: تفضيل عسل النحل علي السكر وهي رسالة انتقد فيها أطباء عصره، الذين يفضلون السكر علي العسل في تركيب الأدوية والأشربة.
وله "أرجوزة الخواص المجربة" و: "أرجوزة في المجربات في الطب" و"أرجوزة في تدبير الصحة في فصول السنة الأربعة": و: "دفع المضار الكلية عن الأبدان أو تدارك الخطا الواقع في التدبير" و: "التحفة العزيزة في الأغذية"، و"ومسائل معدودة في الطب" و:"الرسائل في الفصد"، و: "رسالة في ألباه" و"رسالة قولنج من مجموع نوادر الطب" و "القولنج وأنواعه ومداواته" و: "الاستبصار في علاج أمراض الأبصار". "في حد العين وماهيتها"، و: "في ذكر الأمراض الخفية عن الحس العارضة لرطوبات العين الثلاثة الجلدية والزجاجية والبيضة"، وهو في خمس مقالات، وله "في الأشياف والحبوب والسفوفات والمطبوخان" وهو في مقالة واحدة و: "أرجوزة في معرفة التنفس والنبض" و"أرجوزة في النبض"، و"رسالة في طبائع الأغذية"، و:"مقالة في الهند باء" و: "رسالة في السكنجين ومضاره"، و "فوائد الزنجبيل"، و "مختصر أقرباذين ابن سينا" و: "الأدوية القلبية" ويبحث فيه ابن سيناء عن سيكولوجية الإنسان ويربط بين عمل القلب والوضع النفسي للإنسان وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية ولابن سينا كتاب ترجمة لجالينوس بعنوان: "خصب البدن".
ولابن سبنا مؤلفات في الطبيعة والكيمياء هي : "الآثار العلوية"، و"رسالة في أبطال أحكام النجوم" و" رسالة في الأجرام العلوية" و:" العلم الطبيعي" و: "رسالة لواحق الطبيعة" وهي كتاب العلم الطبيعي ذاته وهو مطابق أيضا لقسم الطبيعيات الوارد في كتابه : "النجاة".
وله "رسالة في حدوث الأجسام"، و "ملخص كتاب الكون والفساد" و"رسالة في حد الجسد" و: "الجسم" و"الجسم"، و: "رسالة في النهاية واللانهاية"، و "الفضاء" و: في أن الكمية والبرودة والحرارة ليست بجوهر" و" كنوز المغرمين" وهو باللغة الفارسية.
وله "النفس الفلكية"و: "القوي الطبيعية" و: "رسالة في جوهر النار" و: "تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات" و"رسالة في الحدود" و: "رسالة في خطا من قال بأن الكمية هي جوهر أو إن الكمية والبرودة والحرارة ليست بجوهر" و: "رسالة أسباب الرعد والبرق" و: "رسالة في القوي الطبيعية" و: "رسالة النبات والحيوان" و"الميزان" و"رسالة في الإكسير" و"رسالة في أمر المستور من الصنعة" و: "رسالة في المغنى" في علم الصنعة وله رسالتان أجاب فيهما علي أسئلة سألة عنها معاصره البيرونى.
ولابن سينا مؤلفات في الرياضيات هي "كتاب الأرثماطيمي" و: "رسالة في أمر الطول والعرض" و"رسالة في أن الزاوية التي في المحيط والماس لا كمية لها"، و: "رسالة في الزاوية" و:" مقالة في حجج المهندسين".
وله في الفلك "أرجوزة في الفصول الأربعة" و: "بيان الأرصاد الكلية" التي علم منها الأحكام الكلية في هيئة الفلك وتقدير الحركات، و: "رسالتان في علم الهيئة" و"رسالة في سبب قيام الأرض وسط السماء" و "الأرصاد الكلية" و"رسالة في الرصد" و"رسالة في كيفية الرصد ومطابقته للعلم الطبيعي".
وله في تصنيف العلوم "رسالة في أقسام العلوم العقلية" وله رسالة "في جواب مسائل للآسناد الكامل لأبي الريحان البيرونى".
ولابن سينا فصول في علوم شتى في كتبه الأخرى في الفلسفة العامة هي: الإشارات والتنبيهات، والشفاء والنجاة وهي الكتب التي ألفها لخواص العلماء.
*******
د. أبو شامة المغربي