و أنا طوال السهرة أنتظر بفارغ الصبر أن يقوم أحدهم بلكي يسحب البقية و يندفشوا الى رجعة ( مجرد أمنية ) ولكن ما في خواص (هكذا وردت في أغلب المسلسلات السورية )
لكن الوقت يمضي و أنا عندي دوام من الساعة التاسعة وقلت يا ولد ما لك غير تشغللهم أغنية (طل الصبح أيتها الشعوب النائمة ) قلت بلكي بيفهموها لحالهم لكن الشباب طلع بدهم بس دقة لحتى يرقصوا (شعب عربي مرح)
المهم يا شباب و بلا طول سيرة مدري كيف راحوا أخيرا لكن بعد أن ضرب الفاس بالراس و طار النوم من عيني ( الكبيرتين )
ومشان ما تروح علي صلاة الفجر (اي عادي رقص و سهرو وقت الصلاة بنصلي فالحسنات يذهبن السيئات )
طبعا لغيت فكرة الذهاب للجامعة وقلت شو بدك تعمل بهالليل اكتب رسائل لأهلك لأصحابك لحبايبك القابعين خلف قضبان الوطن (خلص نقلبها جد وفصحى ) و كتبت الرسائل التالية :
الى أبي:
أنا أعرف أنك ما زلت غاضبا منّي
اعذرني يا أبي فحقلك لم يعد يعجبني العمل فيه و أنت تعلم أن كلمة ازرع أخذت معان كثيرة هذه الأيام لذلك لا أحبها
و لا أريد أن أتوظف في دار الحكومة
و كم أستصعب العيش في ذلك البيت الطيني الذي تحكي جدرانه قصة الحكم (أو الاحتلال و الله احترت ) العثماني
أعرف أنك ستمزق هذه الرسالة بعد أن يتلوها أخي الصغير على مسامعك
و أعترف أنني ولد عاق وجازى الله من تسبب في هذا كله .
الى أمي:
هذه الرسالة محفوظة في أرشيف ذاكرتي منذ ذلك اليوم الذي حملوك فيه على الأكتاف غير آبهين بصرخاتي و أخوتي كنت يومها لا أعرف كيف تكتب كلمة "ماما"
هلاانتظرتي قليلا يا أماه لتري فرخ القطا كيف أصبح رجلا
و كيف اخترق الحدود ( على متن الطائرة الوطنية )
ولدك الذي كان يعبث في كل شيء رتيب يراه أمامه صار يرمي الأوساخ في مكانها المفضل (خوفا من أن يخالفه الشرطي )
أنا أعرف أن هذه الرسالة لن تصلك لذلك عليك الرحمة و السلام
.
الى أخي:
لن أثرثر بنصائحي كالعادة و باختصار أقول لك استفد من أخطاء أخيك و لا تتخذني قدوة أبدا
حافظ يا أخي على دينك و على درسك
و كن واثقا من نفسك
و لا تكن مذبذبا مثل أخيك الذي منذ نصف ساعة و هويحاول أن يضع عنوانا يجعل المربديين يتهافتون لكشف الغطاء عن محتواه
أخوك يا عزيزي لعب بالنار و حرق جميع أصابيعه الا الابهام( لكي يستخدمها في الانتخابات )
احذر يا أخي أن تتكلم في السياسة فأنا أحبك و أريد أن أراك دائما و أسمع أخبارك الطيبة .
الى أختي:
اعذريني يا أختي اذا قدمت أخي عليك ِولكن هكذا تعلمت منذ نعومة أظفاري أن هو تعني الرقم :1 و هي تعني :2 (كله بالمنطق )
وهل ما زلتي يا أختاه تمارسين عملك الذي اختاره العادلون لك
(جلي الصحون)
لا تغرنّك البشرة الناعمة و الرشاقة و الكعب العالي و المخ الخاوي
أنا أعرف أنني أحد الأسباب الهامة لظهور التجاعيد المبكرة في وجهك الشرقي ذي الملامح الطيبة
رغم ذلك أظن أنك ستسامحيني فقلبك كبير بحجم مأساتك
و دمعتك يوم الوداع لا يمكن أن أنساها ما حييت
.
ابنة الجيران :
أنا أعرف أنا أخاك سيمزق هذه الرسالة قبل أن تلامسها أناملك (معه حق عيال صايعة )
بصراحة أنا مخير بين ثلاثة أمور أحلاهم أمر من حصاد اليوم الاخباري
امّا أن أبقى على وعدي المشؤوم لك (هذا اذا تقطعت بي جميع السبل )
أو أعقد عزمي و أتوكل على الله مع تلك الشقراء الطويلة التي تبعد عنّي مسافات شاهقة رغم قربها منّي
أو مع تلك التي تراسلني و أراسلها و يحبّ كيبوردها كيبوردي
و ما يخيفني هو أن تكون هي نفسها جارتنا الأخرى التي لا أطيق النظر الى أنفها الطويل
(رغم أنها طيبة و ساذجة لكنّها سطحية و تفكر من فمها)
يا جارتي الغالية أنا أصبحت ديمقراطيا ككل أولئك الذين يسافرون
و أعطيك ِالحرية الكاملة
اما الانتظار و بئس المصير
و اما أن تختاري حلا أخر
الى وطني:
اعذرني أيها الغالي ان كان ترتيبك الأخير كما هو دائما
أنا أحدث رفاقي كل يوم بأن وطني هو أفضل الأوطان
و نسيمه هو العليل ( رغم خلوه من الأوكسجين)
و تاريخه أعرق تاريخ و يرثى لحال حاضره و المجهول ينتظر مستقبله
لن أشغل دماغي بالنظريتات الحديثة و لا تقلق بشأنها فهي لا تجدي معك و لا تلائمك و تطبيقها عليك يحطمها
ليس لي علاقة بالزرقاوي و لا أعرف من قتل الحريري
كل ما أعرفه و لا أستطيع نسيانه هو أصحاب البزّات المبرقشة في مخفر قريتنا الذين ينتظروني بفارغ الصبر لكي يأخذوا بيديّ نحو النصر المؤزّر نحو خدمة العلم و محاربة ( الأمريكان )
لن أنسى ذلك الشارع الترابي في قريتنا و الذي يؤدي الى الجحيم
لن أنسى كيف يأبى أولئك الأغبياء أن يُدخوا الى قريتنا تقنيات القرن ( الماضي) (أصلح الله الوزير)
لن أنسى دعاء شيخ القرية و هو يردد "اللهم يتّم أطفالهم و أرنا فيهم يوما أسودا كيوم عاد ٍ و ثمود "
لن أنسى قصة الأرنب الجبان و كيف سبقته السلحفاة
بلغ ولاة الأمر أنني ما زلت على العهد ناقم
أريد أن أقول لك أشياء كثيرة و خطيرة لكن هذا الاسم (الصريح ) الذي وقعت في فخّه يقف كالشرطي أمامي
شكرا لروحك الرياضية العالية ولاستماعك لي حتى النهاية و الى اللقاء في خطاب ٍ تاريخي جديد
لا حرمنا الله حُكّامك