ماذا بقي لأمريكا لم تفعله ؟
--------------------------------------------------------------------------------
تعامل بعض العرب مع أمريكا منذ زمن طويل وبغض النظر عن دعمها المطلق لإسرائيل على أمل أن تتغير أو تتعاطف أو تعود إلى رشدها أو خوفا منها ، لكن أمريكا لم تتغير وتبرهن الأحداث والأيام بأنها تتغير نحو الأسوأ ، هي تكشف عن خطط واستراتجيات سلبية تجاهنا ، وهذا البعض يبرر لها على إنها العاصفة التي يجب تجنبها ، وتمشيا مع ذلك أصبح هذا البعض يستعدي الآخر من هو جاره وابن جلدته من أجل إرضائها ، بدا و كأنه تم ضبط عقيرته على إيقاع المزاج الأمريكي ( بكاءً فيبكي ، وغما فيحزن ، وطربا فيرتاب ماذا يفعل هل يبكي أم يولول ؟ ) .
هل تستحق دولة تحمل لنا الكراهية أن نحترمها ، دولة مارست وتمارس كل أشكال التجاوز ضدنا ، ثم ندافع عن مصالحها إلى درجة تناسي مصالحنا المحلية ، برهنت وتبرهن وبالصوت العالي ” إنها ضدنا” قولا وفعلا وممارسة ، وعلينا أن نحبها ، وبرهنت على ذلك بممارساتها اليومية بدءا من اختراقها للقوانين الدولية ، وقالت بأعلى صوتها فلتمت الأمم المتحدة ، واعتقد ذلك البعض أنه مجرد صوت في الفراغ وتجاهلوه ، لكن الأخطر حدث ، ومن يتجاوز القانون مرة سيتجاوزه ألف مرة تالية إذا لم يمنعه أحد .
بالفعل ارتكبت أمريكا حماقة وشنت الحرب على العراق في نيسان 2003 ، ومن يرتكب مثل هذه الحماقة لن يتوقف عن فعل أسوأ منها ، ولم تتوقف ، فلا تزال تقتل وتشرد وتحرق دون هوادة ، ومع كل ما تفعله ظلت تضلل وتبرر أفعالها على إنها من أجل عراق حر ديمقراطي غني ومتفوق وعزيز ، وبعد احتلالها العراق بطوله وعرضه تبين كذبها بشأن أسلحة الدمار الشاملة الباطلة ، وشهادة ابن الشيخ الليبي حول علاقة صدام بالإرهاب كانت على علم ببطلانها قبل زمن طويل من بداية الحرب ، ولم تتوقف ، أو تغير فسلفتها من التدمير والتخريب .
وكذبة الأكاذيب قصة الحرية التي جاءت من أجل نشرها ، فضحها سجن أبي غريب، ثم فضيحة استخدام الفوسفور الأبيض في معارك الفلوجة ، وفضيحة أن رامسفيلد هو الذي وقع مذكرة التعذيب في أبي غريب ..
وماذا بقي لأمريكا لم تفعله في العراق ، فبعد أن حولت العراق إلى سجن كبير ووسعت دائرة الإرهاب ليصيب الدول المجاورة بشره ، أفاق العالم على فضيحة جديدة تتعلق بخبر صاعق نشرته صحيفة ” واشنطن بوست ” في عدد 2 تشرين ثاني عن وجود معتقلات أميركية سرية للـ «سي آي ايه» في دول أوربا الشرقية ، ثم يعلق المتحدث باسم البيت الأبيض سكوت ماكليلان على ذلك ” إن ممارساتنا منسجمة مع قيمنا ”
ويتم ذلك كله بقيادة رجل يدعي بأن الرب أسر له بأن يحتل أفغانستان والعراق ، ويتحكم في سلوكه هذيان ديني - نفسي يسمى “هذيان الموسوية “(Délire Mosaique) التي كان مصابا به الرئيس ويلسون .
وفضيحة أخرى حول شركة هاليبرتون، التي شغل فيها نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني منصب الرئيس التنفيذي بين أعوام 1995 و 2000، و فازت بأول عقدٍ لإعادة إعمار العراق ما بعد الحرب، ومثيلتها الشركة بكتيل دون أن يعرف أحد أين هو ذلك الإعمار المزعوم .
ماذا لم تفعله أمريكا بعد ؟ لن نستغرب أن نسمع أسوأ من ذلك ، ومن تسريبات أخطر تعبر عن حقد وتربص وتخريب وهذيان في سلوكها وعملها اليومي في العراق المحتل وخارجه ، لن نستغرب إذا سمعنا عن مقابر جماعية ، عن أطفال قتلوا ، عن تمثيل في الجثث .سنسمع عما قريب بأن جنودهم أخذوا أعضاء الموتى وتاجروا بها ، ونتوقع وصول أخبار عاجلة حول بعض الذين فقدوا وقد استخدموا كتجارب في المختبرات الحيوية أو غيرها ، و نتوقع أن يصلنا شريط مصور ، يلتقط حوارا بين جنديين واحد اسمه مايكل وآخر اسمه بيل :
مايكل : هل تعتقد أن في بطنها ذكر أم أنثى ؟
بيل : ( يبتسم ، ويلعب في أخمص رشاشه ) يمكن توأم .
مايكل : ( يقهقة ) يا شقي ، حذرت ، بطنها كبير .
بيل : وما ذا تعتقد أنت ؟
مايكل : ( يضغط على زناد رشاشه و يقتلها ، ثم يسرع ، ويبطر بطنها ويخرج الجنين منه ، ثم يمسكه من رجليه ويلوح به أمامها قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة ) هه ، لم تحذر ، إنه ذكر ، كان سيكبر ويقاتلنا .
ركض طفل باتجاههما ، وهو يصرخ :
- ماما ، ماما .
بيل : ( يرشقه عدة طلقات ، تجعل دماغه يتطاير ) أنت قتلت أمه ، وأنا لي شرف قتله ، قبل أن يكبر ويحاربنا .
مايكل : ( يقهقه ) أحسنت يا بيل ، أحسنت .
هل نستعد لاستقبال مثل هذا الخبر ؟ هل نستعد لمصافحة واحد مثل مايكل أو بيل ، أو نقيم لهما الولائم ، ونفتح لهما صدر الدار لعملهما البطولي ، أم ماذا ..؟!
ماذا لم تفعله أمريكا بنا ؟ وماذا بقي لم نفعله نحن بأنفسنا من أجل أمريكا ؟
ها هو نصف مليون كوري يخرج ضد بوش ، والأرجنتينيون استقبلوه بالبيض والبندورة ، فكم عربي خرج ضد رايس في زيارتها لديارنا وكأنها مبعوثة سلام ، ومن أهل الدار ، بل أعز .
::. د.أسد محمد