هــــــــذا الـجَــــسَــــد[1]
محمد علي الرباوي
جَسَدِي قَطْرَةً قَطْرَةً يَتَسَاقَطُ. آهْ . أيُّ عَاتِيَةٍ قَدْ رَمَتْهُ عَلَى بُعْدِ شِبْرَيْنِ مِنْ مِخْلَبِ الشَّمْسِ كَيْفَ ٱسْتَطَعْتَ عُبُورَ ٱلْفَيَافِي وَلَمْ تَتَوَقَّفْ أَمَامَ الْمَحَطَّاتِ بِضْعَ دَقَائِقَ كَيْفَ ٱسْتَطَعْتَ التَّوَغُّلَ فِي جَوْفِ ذَاتِي الَّتِي نَسَجَتْ كَفَنَيْنِ. لِحُلْمِكَ يَا جَسَدِي كَفَنٌ وَلِصَحْوِكَ يَا جَسَدِي كَفَنٌ وَالْفَضَاءُ أَمَامَكَ يَرْسُمُ نَافِذَتَيْنِ ٱثْنَتَيْنِ فَوَاحِدَةٌ قَدْ تُسَافِرُ مِنْهَا إِلَيْكَ وَوَاحِدَةٌ أَغْلَقَتْهَا الشَّوَارِعُ وَٱشْتَبَكَتْ مَعَ كُلِّ خُيُوطِ ٱلْعَنَاكِبِ. كُلُّ الْغُصُونِ الَّتِي رَافَقَتْنِي تُنَازِلُ قَافِلَةَ الأَهْلِ هَذَا ﭐلنِّزَالُ الْمُكَثَّفُ يَجْرِي عَلَى جَسَدِي فَتَوَالَدَ فِيَّ حَنِينُ ٱلْوُقُوفِ عَلَى طَلَلِ الرَّاحِلِينَ وَهَلْ فِي شَوَارِعِ وَجْدَةَ يَا جَسَدِي طَلَلٌ دَارِسُ الْوَجْهِ إِلاَّيَ هُمْ رَحَلُوا مَوْهِناً وَبَقَايَا ٱلْأَثَافِي عَلَى كَتِفِي وَسُطُورُ السُّيُولِ عَلى شَفَتِيْ قِصَّةٌ هَدَّمَتْنِي قِراءَتُهَا
جَسَدِي مَرْتَعٌ لِصَهِيلِ الصَّدَى هَجَرَتْ رَبْعَهُ الْقَطَوَاتُ وَأَعْطَتْ لِهَذِي الطَّحَالِبِ حَقَّ التَّسَكُّعِ فِي كَهْفِ ذَاتِي لَقَدْ بَشَّرَتْنِي اللَّيَالِي بِهذَا الْعَذَابِ الْعَظِيمِ فَخُضْتُ مَتَالِفَهُ زَمَناً ذُقْتُ فَيهِ لَذِيذَ التَّغرُّبِ. يَا صَاحِبِي كَمْ تَغَرَّبْتُ بَيْنَ دَوَائِرِ دُنْيَايَ دَهْراً بَطِيءَ الْفُصُولِ وَتِهْتُ حَيَاتِـيَ حَتَّى ٱسْتَضَأْتُ بِنَارِ التَّتَارِ وَذاتِيَ مِنْها ٱنْسَحَبْتُ وَأَخْرَجْتُ أَثْقَالَهَا لِلتَّنَائِفِ. يَا صَاحِبِي أَنَا رَافَقَنِي الْيُتْمُ رَافَقْتُهُ زَمَناً.. لَيْتَ نَاقتَكَ الْيَوْمَ تَبْرَكُ فِي مِرْبَدِي هِيَ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ ضِفَافِ الْخَلِيجِ مُحَمَّلَةً بِسِلاَلِ الصَّبَاحِ هِيَ الآنَ مَأْمُورَةٌ أَنْ تَدُكَّ جِبَاهَ ﭐلطَّوَاغِيتِ..هَذِي الْجِبَاهُ الَّتِي غَرَّبَتْنِي عَنِ الأَهْلِ سَوْفَ تَزُولُ تَزُولُ تَزُولُ وَيُزْهِرُ هَذَا الْجَسَدْ
وجدة: 1/6/1980
[1] - الرمانة الحجرية