للجمــــل العــــراق
بقلم أخينا الكريم
قاف العراق
ماذا ستفعل في الصحراء يا جمل
إذا اختفت فوقها
الواحات والسبل
ماذا ، وجوفك كالرمضاء مشتعل
قد حملت الذي لا تحمل
الإبل
حزٌ ، ولزٌ ، وجرح فاغر فمه
ضماده السوط والقطران والجزل
ترغو
وترزم ، ليس الدرب منتهيا
ونزف قرحك طاغ ليس يحتمل
يحز جنبيك سوط حاقد نهم
من لحمك الحي في حافاته كتل
وسرت في طرق عذراء موحشة
ما كل من خب في
مجهولها يصل
ما في سنامك للصحراء تطعمه
وليس تطعمك الصحراء يا جمل
ما
أوحش الدرب لا ماء ولا ثمد
ولا صديق ، ولا أهل ، ولا أمل
يمشي السراب ،
وتمشي انت يا جمل
والعمر بينكما كالظل منتعل
هل الذين وهبناهم مناكبنا
يرون ما لا يراه الذئب والحمل
وهل تأكدت أن غير السراب لنا
وهل
تأكدت أن الدرب تتصل
وهل تأكدت أن الشوك يطحنه
ضرس بحلقك لا سوس ولا
علل
كيف السبيل إذا جفت حناجرنا
والبيد لا علل فيها ولا نهل
ما زلت اخصف
خف الابل في أمل
على حوافر خيل ضبحها هلل
بالأمس كنا على الصحراء نقضمها
واليوم تقضمنا الصحراء يا جمل
ليت الطريق التي تغتال حكمتنا
تدري لماذا
يصون الدمعة الرجل
يسلسل الرمل انهار السراب لـه
ويكذب الرمل ، لا ماء ،
ولا وشل
وليس ينكص عن غاي وإن نفثت
في صدره من عوادي سمها أصل
رغاء صدرك
قد صار لي أغنية
على مقاطعها الصحراء تختزل
كنا اذا البيد من لفيح الهجير
شكت
نعير للبيد صدرينا فتحتمل
وما عليك اذا شد السراب بنا
إليه . ان
هوانا عارض هطل
يطغي السراب على من لا غمام لـه
ويهزم الرمل من في ساقه خلل
معاً نسير ، وأن طالت مسيرتنا
يموت من ليس في صحرائه جمل
صحراء ، أي فم
لا تصرخين به
لكن مؤامرة الاطلال تكتمل
كم تصبحين على غيم ، ويسرقه
لص
، على قدميه تنبت الدول
لص يعب من الصحراء نخوتها
وأخر من جواري نفطها ثمل
صحراء هل من سوءة أخرى لنسترها
راح الرجال ، ومات الصدق والخجل
ما بال
وجهك لا يغسله غير دمي
أنا غريمك ، لكن حبك شعل
نحب هذا الذي يغتال هدأتنا
لكن لماذا الى الواحات لا تصل ؟
وتصبحين لنا سجنا على دعة
ما أثقل السجن
اذ جدرانه الدول
تقلبي يا بلاد الله في جسدي
فالرمل أخرني ، والعمر يرتحل
كان السنام على صحرائنا جبل
واليوم أقفر من أسلافه الجبل
وشيجة أن يظل
الموت عملتنا
للعيش في عصر ما قالوا وما فعلوا
وأرضنا أخرجت أثقالها فبكت
لأنها خجلت من حيث ما خجلوا
تقيء نفطاً وأصناما وأحذية
وحُصلَ المختفي
في القوم يا جمل
انا حلفنا بما قد ظل من دمنا
ألا نقر ، وفي صحرائنا هبل
حسب الجنازة أن يمشي القتيل بها
وحسب منسمك الصحراء تختزل
وحسبنا أننا
نمشي لغايتنا
وحسبنا ان نعاني أيها الجمل
وقد نجوع ، وقد نظمأ ، ولا نصل
لكننا لن نضيع الدرب يا جمل
وقد تكون أمانينا مصائبنا
وقد تضج بصدرينا
وتقتتل
وقد تفاوضنا السكين يا جمل
وقد نبذر عمرينا ، ولا نصل
لكن ماء
بعيد عن حناجرنا
ينبوعه الأرض ، لا ينبوعه زحل
خذ ما تشاء وهات الصبر يا
جمل
فسوف بالماء لا بالرمل نغتسل
لم يتعب الرمل ، والصحراء ما تعبت
ولا
الغدو ، ولا نحن ، ولا الأصل
ولا نزال بصدرينا نرى افقاً
لغير أقدامنا
الصحراء لا تكل
نخب بين صلال الواد رامضة
فلا نجور ، ولا نشكو ، ولا نجل
وسرت في جسد عار لمملكة
تخومها بزعاق الجن تتصل
تركت خلفي الدجى ينتاب
غاشية
بعض النجوم على وجهي لها خصل
رغم الرمال التي تغتال ذاكرتي
رأيت
عشب بلادي فوقه بلل
تهادن الريح صدري وهو يسعفها
كأن أحزانه في صدرها أسل
أضج مثل ذوات ( البوّ) في لهف
صوب الحمى وجنين الروح يبتهل
دخلت في الرمل ( والسلماس ) ذاكرتي
ولم يضفني إلى أشيائه الطلل
أنا من الحاملين الشمس في دمهم
من الذين لهم في موتهم مثل
من الذين اعتادت بصائرهم
على
الحرائق لم تدمع لهم مقل
بحيث لا تلبس الأفكار أقنعة
وحيث لا يستحي من فعله
الرجل
لندفع الموت نمشي صوبه أبدا
والموت في الشمس نعم الموت يا جمل
ورب أمنية في الدرب تلبسها
تكاد من زفرات الصدر تشتعل
إن السيوف زنود
في حقيقتها
ليس الحديد الا ما يضمر البطل
وليس يسمح أن نعي ، وإن أكلت
أقدامنا ناطحات الرمل يا جمل
معاً نعيش ، معا نشقى ، معا نصل
معا نحاول ألا يقتل الأمل
د. أبو شامة المغربي