بسم الله الرحمن الرحيم وبعد
لقد قرأت ما كتبتَ باهتمام والحديث ذو شجون وأردت أن أسجل تعليقاً ووجدتُ موضوعاً يُحاكي ما كتبتَ هن القدس العربي وسأسجله تعزيزاً لما قُلتَ .
وأقول فقط : أحسنتَ وأصبت . وإليك ما كتبه الكاتب الجزائري :
كل عام والعرب قبائل.. كل عام والعرب أسوأ
د. خليفة قرطي
2011-01-06
يحل على العرب عام آخر يضاف إلى الأعوام السابقة، ولا جديد عندالعرب يفتح أمامهم أفقا ما للأمل، هو رقم آخر وفقط، لا يعني شيئا كثيرا، بل إنهخطوة عملاقة في طريق التدحرج نحو الهاوية. عليّ أن أستدرك أيها السادة، كيف لا يكونفي هذا العام أي جديد على العرب وهو عام بدايــــة تفتيـــت أكبر بلد عربي؟ كيف لايكون فيه جديد وهو الذي سيشهد آخر تفاصيل التنازل عن قضية العرب الأولى، وإهداءفلسطين إلى الصهاينة بمفاوضات أزلية وانبطاحات لا تنتهي واستجداء لوسيط يصرخ للعربفي السر والعلن، انه صهيوني الهوى؟ وكيف لا يكون في هذا العام جديد وملامح التفتيتوالتشتيت المذهبي والطائفي تلوح في سماء لبنان ومصر والعراق؟ ومن يدري ربما فيمملكة آل سعود واليمن؟
لا.. إن كل هذا الجديد يدفعني إلى الاستدراك، بلوالاعتذار من العرب الذين يتهمون بأنهم لا يصنعون التاريخ المعاصر، فلننظر في أحداثالعالم كله من العام المنصرم إلى الأعوام الخمسين السابقة: من كان يصنع التاريخ فيهذا العصر؟ أوليس العرب.. كم مر علينا من يوم أو ساعة أو ثانية لم تزهق فيها روحعربية أو إسلامية على أيدي (أصدقاء تربطنا معهم أحلاف وأعلاف) أو معادية نمد إليهاأيدينا وأرجلنا نتسول منها استسلاما ترفضه وتزداد ازدراء لنا وعدوانية وقتلا.
كملحظة مرت من عمرنا في العام المنصرم لم يقتد فيها مقاوم أو من لديه نية المقاومةوالرفض إلى السجون والمعتقلات مكبلا بأغلال هذه الجهات المعادية أو أجهزة الأمنالوطنية التي باتت تتحالف، بل تلح على التعاون مع العدو لتصفية حساباتها مع الأصواتالمقاومة خدمة لراحة السلطان العربي، الذي يبدو أن مفردة 'المقاومة' أسقطت منقاموسه، كما تغيرت عنده معاني مفردات أخرى من قبيل 'العمالة' و'الخيانة'.. لقد باتتالعمالة عند هذا السلطان مجانية وخدمة لنفسه قبل عدوه، عندما تحولت الشعوب إلىأعباء على حكامها، بل أعداء حقيقيين.
كم لحظة مرت من العام المنصرم، وستمر حتمامن العام الجديد، من دون أن تنهب ثروات العرب وتهرب في السر والعلن نفطا ودولاراتوذهبا وقمحا وزيتونا، وعرقا وأوجاعا وحبا للأوطان؟ وكلما جاء عام تصاعدت في بلادالعرب حمى التنقيب عن النفط والغاز، وأعلن عن اكتشاف حقول جديدة يقدر مخزونهابالملايين والبلايين، وتتفتح شهية الناهبين والمهـــربين من الداخل والخارج، فكلماازدادت الثروة ازداد العرب بؤسا وفقرا واحتــــقارا، حتى بات الخيرون يدعون الله،في السر والعلن، أن يجفــــف كل الحقول عسى أن نغيب عاما واحدا عن المشهد العالمي،وأن نحتفظ ببلد آخر كاملا ليس مرشحا للتفتيت أو الغزو. فلا خير في نفط وغاز يجوع بهالحكام شعوبهم ويبيعون به أوطانهم وكرامتهم وأعراضهم .
وستمر في هذا العاموالأعوام المقبلة لحظات أخرى مشابهة يحدث فيها في بلاد العرب كل ذلك، بل أسوأ منذلك، والمرجع في هذا الاستمرار في نهج التآمر على الشعوب والاستجداء والخيانةوالمزيد من التنازل والانبطاح. ربما سيستعين بعض الحكام العرب بأمريكا وإسرائيل،أكثر من ذي قبل، للتخلص مما تبقى من الخصوم المشاكسين أو المهادنين، على حد سواء،وسيتزاحمون أمام سفارات البلدين الرسمية وغير الرسمية للإدلاء بمزيد من النصحو'العمالة' التي لن تجد مستقبلا 'ويكيليكس' آخر يفضحها، فقد كان هذا الذي انبثـــقفي العام المنصرم أول الويكيليكسات وآخرها .
وستمر على العرب في هذا العاموالعام المقبل لحظات أقسى وأمر، فالأنظمة العربية تعشق الاحتكار بطبعها ستعمل، لامحالة، على احتكار العمالة، ومن أجل ذلك ترى في كل قوة غير عربية ناهضة تهديدالوجودها ووظيفتها التي تؤمن لها البقاء والاستمرار، وجريا على مبدأ احتكار العمالةستطلب من أمريكا وإسرائيل ضرب أعداء إسرائيل من فرس وترك، وحتى روم إن هم هموا بمايهم به الأتراك والإيرانيون. وفي هذا فإن حكام العرب أصحاب أفعال لا أقوال، وستتبينأمريكا وإسرائيل، في ما لو لبتا لحكام العرب أحلامهم، كم ستكون تلك الأفعال مغدقةبما لا يحصى من ثروات العرب المنهوبة والمهربة.
ستستمر قصة العشق العذري وغيرالعذري بين حكام العرب وأمريكا، وقد لا يكون هذا العام آخر فصولها، إنها قصة أزلية،في ما يبدو، لا تنتهي بموت زعيم، بل هي محكومة بقانون الميراث، وللحاكم الوارثالميراث كله، فهو ليس قابلا للمرابعة أو المثالثة أو المناصفة. سيرث اللاحقون منأسلافهم السلطة والتسلط والعمالة لأمريكا وإسرائيل.. وبالمقابل فإن نقائض الأعرابمستمرة أيضا، هذا العام قد يتحول بعضهم إلى المجاهرة بأن المقاومة المسلحة فيفلسطين ولبنان والعراق إرهاب، وسيضاعفون جهودهم بأن يكونوا يد أمريكا وإسرائيلالأولى في محاربتها، أكثر مما يفعلون اليوم من حصار لهذه المقاومة وتضييق وتجويعوتآمر.
وعلى المستوى الاقتصادي سيستمر تدفق النفط، وهيهات أن يكون النفط منمنظور حكامنا نقمة، وسيستمر معه تدفق مليارات الدولارات على خزائن تجار الأسلحة فيأمريكا وسائر البلاد التي تستثمر في الدماء العربية والمسلمة، ترصد لحروب يستعجلوناندلاعها في منطقتهم وليسوا بقادرين على حسمها.. ونسأل الله أن لا يستمع إليهمالأمريكيون والإسرائيليون الذين هم أخوف على أنفسهم ومستقبلهم وشعوبهم من رؤساءالقبائل الأعرابية... تركيا ليست قبيلة، كما قالها أردوغان، وإيران ليست قبيلةكذلك، كما تحتدم في صدر أحمدي نجاد ويتحاشى قولها أمام أعراب يبحثون عن مبرر لقرعطبول الفتنة المذهبية والعرقية.
ولأن الزعماء في هاتين الأمتين لا يتصرفون منمنطلق رئيس القبيلة، وإنما ينظرون إلى مصالح شعوبهم ويخططون بحكمة وبعد نظر، فإنتهديدات أمريكا وإسرائيل لن تكون إلا صرخات في قاع سحيق، ذلك لأن الزعماء فيالأمتين لا يستجدون أمريكا ولا يركعون لها خوفا وطمعا، وإنما يتعاطون معها بندية منيثق في قدراته المستمدة من إرادة شعبه... هذا العام أيضا سيستمر حكامنا في إبداءالخوف من (المد الشيعي وعودة الخلافة العثمانية)، وكأن الشيعة قوم دخلاء علىالإسلام، أو كأن هؤلاء الخائفين سنيون جدا يخافون زوال مذهبهم قبل زوال كراسيهم،سيستمر الصراخ، لكن أمريكا لم تعد تسمع، ولن ترسل إلى (الخطر الإيراني) بوارجهاوجنودها للدفاع عن عروش حلفائها من أعراب المنطقة، أمريكا حفظت درسي العراقوأفغانستان، وستسعى جاهدة للحد من قدرات إيران العسكرية والعلمية وتجربتهاالديمقراطية، لكنها ستوكل هذه المهمة لحلفائها في الخليج، ومن أجل ذلك هي تسارع إلىسلبهم أموالهم التي يحصلونها من نفط الله الذي هو نفط الشعوب مقابل أطنان منالأسلحة قد لا يتمكنون من استخدامها إذا كانت مصلحة أمريكا وإسرائيل في عدماستخدامها..
فكل عام والعرب قبائل.. كل عام والعرب أسو.