رمضان بشرى ..
للشاعر : عيسى الجرابا ..
تَاقَتْ لَكَ الأَرْوَاحُ يَا رَمَضَانُ
وَهَفَتْ لِشْدْوِ طُيُوْرِكَ الآذَانُ
وَهَمَتْ سَحَائِبُكَ النَّدِيَّةُ رَحْمَةً
فَاعْشَوْشَبَتْ مِنْ فَيْضِهَا الأَزْمَانُ
وَاسْتَقْبَلَتْكَ الأَنْفُسُ الظَّمْأَى إِلَى
لُقْيَاكَ حَيْثُ النُّوْرُ وَالإِيْمَانُ
هَبَّتْ تَمُدُّ أََكُفَّهَا لَكَ تَوْبَةً
وَعَلَى الوُجُوْهِ تَذَلُّلٌ وَحَنَانُ
فَرَأَتْكَ أَعْظَمَ زَائِرٍ هَتَفَتْ بِهِ
كُلُّ الرُّبَى وَغَدَتْ بِهِ تَزْدَانُ
رَمَضَانُ جِئْتَ فَلا تَسَلْ عَنْ فَرْحَةِ ال
دُّنْيَا سَمَا بِشُعُوْرِهَا القُرْآنُ
وَعَنِ النُّفُوسِ تَوَشَّحَتْ حُلَلَ الصَّفَا
ءِ يَزِيْنُهَا الإِخْبَاتُ وَالإِذْعَانُ
وَعَنِ الأَيَادِي فِي رِحَابِكَ أَوْرَقَتْ
وَبِهَا تَنَامَى البِرُّ وَالإِحْسَانُ
الكَوْنُ كُلُّ الكَوْنِ غَنَّى مُذْ هَمَى
مِنْ رَاحَتَيْكَ العِتْقُ وَالغُفْرَانُ
رَمَضَانُ يَا أُنْشُوْدَةَ الأَمَلِ النَّدِ
يِّ وَيَا رَبِيْعاً وَشْيُهُ فَتَّانُ
يَا وَاحَةً فَوَّاحَةً جَذْلَى وَيَا
وِرْداً هَفَا لِمَعِيْنِهِ الظَّمْآنُ
رَمَضَانُُ يَا بُشْرَى لَهَا إِطْلالَةٌ
نَشْوَى وَصَوْتٌ بِالهُدَى رَيَّانُ
يَا دَوْحَةً لِلنَّصْرِ ضَاعَ أَرِيْجُهَا
بَيْنَ الأَنَامِ وَفَرَّعَتْ أَغْصَانُ
بَدْرٌ وَكَمْ بَدْرٍ رَأَيْنَا نُوْرَهَا
يَفْتَرُّ زَهْواً وَالمَدَى نَشْوَانُ!
رَمَضَانُ يَا أُنْسَ القُلُوْبِ إِذَا دَجَا
لَيْلُ الكُرُوْبِ وَسُهِّدَتْ أَجْفَانُ
كَمْ مِنْ مَعَانٍ فِيْكَ لَوْلا أَنْتَ لَمْ
تُعْرَفْ وَلَمْ يُعْمَرْ بِهِنَّ جَنَانُ!
رَمَضَانُ يَا خَيْرَ الشُّهُوْرِ تَحِيَّةً
مِنْ شَاعِرٍ عَصَفَتْ بِهِ الأَحْزَانُ
يَشْدُو وَبَيْنَ ضُلُوْعِهِ هَمٌّ وَفِي
فَمِهِ سُؤَالٌ مُثْخَنٌ حَيْرَانُ
مَا بَالُهَا تَمْضِي السُّنُوْنَ وَلَمْ يَزَلْ
يَكْسُو مَفَارِقَنَا أَسَىً وَهَوَانُ؟
لَهَثَتْ خُطَانَا وَالدُّرُوْبُ تَلُفُّهَا
ظُلَمٌ وَنَحْنُ تَلُفُّنَا الأَكْفَانُ
رَمَضَانُ جِئْتَ وَأَلْفُ خَطْبٍ هُدِّمَتْ
قِمَمٌ لَهُ وَتَقَوَّضَتْ أَرْكَانُ
وَعَدُوُّنَا مَازَالَ يُشْعِلُ بَيْنَنَا
نَارَ الخِلافِ وَيَنْفُخُ الشَّيْطَانُ
وَالقُدْسُ رَهْنُ قُيُوْدِهِ وَقُيُوْدُنَا
وَهْمٌ يُكَبِّلُنَا بِهِ الخِذْلانُ
لا الجُرْحُ مُنْدَمِلٌ وَلا دَمُهُ الزَّكِـ
يُّ رَقَا وَلا سَفَّاكُهُ سَيُدَانُ
رَمَضَانُ جِئْتَ قُلُوْبُنَا شَتَّى كَمَا
رَايَاتِنَا كُلٌّ لَهُ عُنْوَانُ
خَمْسُوْنَ مِنْ لَهَبٍ تَلَظَّى وَالثَّرَى
حِمَمٌ وَأَنْفَاسُ الوَرَى بُرْكَانُ
وَخِطَابُنَا مَازَالَ يُطْمِعُ غَيْرَنَا
فِيْنَا خِطَابٌ لَيْسَ فِيْهِ بَيَانُ
"نِقْفُوْرُ كَلْبَ الرُّوْمِ" أَيْنَ أَبُو الأَمِيْ
نِ؟ وَأَيْنَ سَيْفٌ سَلَّهُ الشُّجْعَانُ؟
خَمْسُوْنَ لَوْ أَنَّ الجِبَالَ حَمَلْنَهَا
لَغَدَتْ بِهَا وَكَأَنَّهَا كُثْبَانُ
رَمَضَانُ جِئْتَ وَلِلقُلُوْبِ مَشَاعِرٌ
وَلْهَى وَلِلشِّعْرِ الأَصِيْلِ حِصَانُ
هَذَا هِلالُكَ هَلَّ فيَّاضَ السَّنَا
فَتَرَشَّفَتْ أَنْدَاءَهُ الأَكْوَانُ
وَنُفُوْسُنَا طَارَتْ إِلَيْهِ مُنِيْبَةً
تَبْكِي وَقَدْ أَزْرَى بِهَا العِصْيَانُ
وَتَرَقَّبَتْهُ عُيُوْنُنَا مُتَلأْلِئاً
يَكْسُو سَنَاهُ سَكِيْنةٌ وَأَمَانُ
وَبِحِضْنِهِ كَمْ مِنْ مَسَاجِدَ أَنْشَدَتْ
يَحْلُو بِهَا لِلمُخْبِتِيْنَ أَذَانُ!
لَمَّا بَدَا كُلُّ البَلابِلِ رَفْرَفَتْ
فَرَحاً وَمِنْ فَمِهَا جَرَتْ أَلْحَانُ
حَتَّى الجَمَادُ اهْتَزَّ فَانْطَلَقَ الحَصَى
يَشْدُو وَرَدَّدَ شَدْوَهُ الجُدْرَانُ
رَمَضَانُ جِئْتَ فَلا تَسَلْ عَنْ شَوْقِنَا
يَالَيْتَ كُلَّ شُهُوْرِنَا رَمَضَانُ