زارني الأستاذ سمير الأمير مساء أمس وهو شاعرُ ومترجم مصري معروف وقد باح لي بما في صدره من همومٍ لوطنه ِواُمتهِ
خاصةً في تلك المرحلة الدقيقة والخطيرة من حياة الأمة وفتشتُ في مخابئهِ فوجدتُ هذا المقالَ الساخر فسرني أن أُقدمه للقراء الأعزاء
على صفحات المربد ... مع تقديري ...
ثروت سليم
****************************
فساتين كوندى ----- بقلم/ سمير الأمير
*****************
عندنا مثل مصرى شعبى يقول" إيش تعمل الماشطه فى الوش العكر" والمثل ببساطة يعنى أن الكوافيرة أو المرأة المنوط بها تجميل العروس فى ليلة عرسها لا تستطيع أن تفعل شيئاً حيال وجه قبيح لا سيما إن كان هذا القبح مصدره النفسية المريضة وطبعاً لا علاقة بين ما أقوله وبين لون البشرة فلست عنصرياً ولاأستطيع فأنا أيضاً أسمر البشرة ولكن وجهى يميل إلى الاصفرار قليلاً بسبب ما فعلته فى كبدى البلهارسيا وما فعلته فى روحى الديموقراطية الأمريكية إذ علىّ أن أشاهد تجلياتها المرعبة فى أفغانستان والعراق كل ليلة قبل أن أوى إلى فراشى لتتلقفنى الكوابيس عندما تتقازف سريرى أمواج دموية لبحر هائج من دماء الهنود الحمر والزنوج السود والفيتناميين الصفر،
الشىء الذى يؤرق يقظتى المؤقتة دائماً هو أغنية عبد الحليم حافظ (ابنك يقولك يا بطل هات الانتصار.. ده مافيش مكان للأمريكان بين الديار) التى علقت بذاكرتى منذ كنت طفلاً صغيراً فى المدرسة الإبتدائية ، أيامها كانوا يحكون لنا عن فيتنام وعن خيبة الأمريكان الثقيلة وكانوا يلقنونا أن أمريكا هى عدونا الحقيقى وأن اسرائيل ليست سوى أداة لمنع تطورنا ولوأد أحلامنا فى بناء أوطان حرة مستقلة،أعرف طبعاً أنهم كانوا يخدعوننا فى حينها ولكنى الآن أيضاً كثيراً ما أضبط عقلى متلبساً بعدم القدرة على استيعاب أن الولايات المتحدة صارت أمنا الرؤوم التى ستخلصنا من هؤلاء الذين غامروا بدمنا فى الحرب ضد اسرائيل تلك الواحة الديموقراطية التى يخشون عليها من المتوحشين ( الذين هم نحن بالتأكيد) ولا أدرى ما سر هذا الرعب الذى يتملكنى وأنا أشاهد الدبابات الأمريكية وهى تدب على جسد الوطن العربى لتمهد الطريق أمام الحرية والديموقراطية التى تتطلب بالتأكيد التخلص من هذا القدر الهائل من سكان العراق وفلسطين الذين يحملون فيروس الأرهاب سواء كان اسلامياً أو اشتراكياً،
ربما أنا مخطىء لأنه من غير المعقول أن كل هؤلاء الرؤساء والملوك العرب ( أصدقاء أمريكا) خونة أوعملاء والعياذ بالله فبعضهم شارك فى الحرب ضد اسرائيل ومن وراء اسرائيل ثم من أنا أساساً حتى يكون بمقدورى أن أحكم على هذا الانقلاب الذى يبدوا متناقضاً مع كل ما تربيت عليه من شعارات وأنا غض صغير ولكنى الآن كمواطن صالح لا أحب طبعاً أن أنتمى لقوى المعارضة الشريرة التى تشكك فى كل شىء وتتحدث عن الجوع والسفن الغرقى وحوادث القطارات والانتخابات غير النزيهة وغياب القانون وانهيار التعليم وخصخصة الهواء بما يوحى أن كل هذا التسلط على الشعب العربى تباركه أمريكا وتباركه الآنسة السمراء الجميلة التى يقول عنها الحاقدون المغرضون أنها تشبه الذبابة مما يعد فى تصورى سلاطة لسان وقلة أدب
ولذا فأننى - كمواطن منتمى- من موقعى هنا تحت خط الفقر- أقول لهؤلاء الذين لايفهمون
أن عصر التمرد على النظام الرأسمالى قد انتهى بقدر الله و أنه لاسبيل للحياة إلا بالامتثال والتسليم أنتظاراً لموقعنا فى الجنة يوم يقضى الله بيننا بالحق وعندها سوف نعرف أن كل ما اقترفته السيدة كوندى والسيد بوش لم يكن يكن المقصود به الاضرار بمصالحنا وسنعرف يقيناً أن اسرائيل فعلت خيراً بقتل محمد الدرة إذ أنه لو كان قدر له الحياة لظل يعانى بقية عمره مشقة الحصول على وظيفة ومسكن وملبس ناهيك عن احتمال دخوله السجن بتهمة حيازة أسلحة دمار شامل أوحتى حيازة صور لجيفارا أوناصر أو" قصيدة عابرون فى كلام عابر" لمحمود درويش أو كريكاتير ساخر لناجى العلى ، يعنى باختصار "الواد ده ربنا نجاه من العيشة الهباب اللى كان ممكن يعيشها"
علينا أيضاً أن نتقدم بخالص الشكر لوزيرة الخارجية البريطانية وندعوها لارتداء قمصان ملطخة بدماء ما شاءت من الشعوب المتخلفة باعتبارها تساهم فى إرساء السلام بين الشعوب التى لن يقدر لها أن تباد فى عصر العولمة الأمريكى وذلك لتعاونها مع كوندى ولكونها أيضاً تعمل مع تونى بلير الأسكتلندى الذى أصبح رئيس وزراء بريطانيا بعد أن تخلص من عقدة النظر للأنجليز على أنهم كانوا يضاجعون الأسكتلنديات طبقأ لحق الليلة الأولى.,
وفى الختام أقدم اعتذارى عن المقدمة العدائية التى بدأت بها المقال وأعلن من الآن توبتى وأدعو الآنسة كوندى أن تتقبل توبة الشهداء الذين دفعتهم وطنيتهم الحمقاء لتفجير أنفسهم فى الدبابات التى جاءت لتخلصنا من وطأة الحياة وظروفها الصعبة وأدعوكم جميعاً أن تعربوا عن إعجابكم بالألوان الفاقعة التى ترتديها الآنسة كوندى.