اللعـب بالـورقـة الطـائفيـة .. خيـار إيـرانـي بامتيـاز بعـد ان تلاشـت الفـرص وانحصـرت الخيـارات السيـاسيـة فـي تشكـيـل الحكـومـة العـراقيـة!
بعد آن تلاشت الحضوض وتبددت الفرص السياسية في آن يتولى آحد المحسوبين على النظام الإيراني رئاسة الوزراء ، خاصة بعد الصدمة التي تلقتها طهران بتراجع القائمتان الحليفتان لها في الإنتخابات النيابية الآخيرة في البلاد ، نحو الوراء في المرتبة الثانية والثالثة بعدما احرزت القائمة العراقية المركز الاول فيها ، ورغم الإعلان المفاجئ عن التحالف بين ( دولة القانون – الإئتلاف الوطني ) تحت عنوان الإئتلاف الوطني ، والذي ولد ميتاً منذ البداية ، نتيجة الخلافات العميقه بين حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي والمجلس الآعلى والتيار الصدري الرافضان لتولي نوري ولاية ثانية ، والتي حالت دون آن يتم التحالف آو حتى التقارب بينهما قبيل الإنتخابات ، غير آن الضغوط الإيرانية آجبرت الطرفان الحليفان لها تأريخياً في الإعلان عن التحالف " الخجول " حيث جاء الإعلان عنه إعلامياً فقط .
دون ممارسة فعلية على الجانب العملي ، حتى انه بقت مشاورات ومباحثات كلاً منهما مع الكتل الاخرى على حدى دون الرجوع إلى مضلة التحالف ، وعلى مستوى الخلافات فأستمرت بينهما وتفاقمت في الآونة الآخيرة ، مما آثار انزعاج طهران من الآمر وامتعاض سفيرها لدى العراق والقادة المسؤولين في الحرس الثوري والاطلاعات على الملف العراقي ،وقد دفع الإيرانيون بقوة نحو هذا التحالف وهيئوا الاجواء المناسبة لحل الخلافات والتقريب بين الخصوم واعادة اللحمة والحياة للتحالف بين دولة القانون والإئتلاف ، رغم علمهم بحجم الخلافات بين نوري وحزبه من جهه وبين الصدريين والمجلس الآعلى من جهة آخرى ..
وبعد آن راجع الإيرانيون خياراتهم في العراق في المرحلة القادمة مع المتغييرات الراهنه التي تعيشها البلاد وجدوا من نوري المالكي الخيار الآنسب لهم لضمان مصالحهم في العراق ببقائه رئيساً للوزراء ، رغم رفض الصدريين والمجلس الاعلى لفكرة بقاء نوري على رأس الحكومة ، الآ آن الضغوط الإيرانية مستمرة على الإئتلاف الوطني ( الصدريين – المجلس الاعلى ) ، للقبول بالمالكي رئيساً للوزراء ..
كما وآن الجهود الإيرانية الحالية قد كُرست نحو إنهاء الآزمة القائمة بالخلافات بين الحلفاء الخصوم بإرضاء الصدريين والمجلس الآعلى من خلال هادي العامري ( رئيس منظمة بدر ) الجناح العسكري للمجلس الآعلى والمرتبط مباشرتاً بالحرس الثوري ، بمكاسب وامتيازات تتجاوز استحقاقهم الإنتخابي ! ..والنتيجة فأن هذه الجهود الإيرانيه تصب في مصلحة نوري لبقاءه في رئاسة الوزراء لولاية ثانية !..
وتشير المعلومات الآخيرة عن لقاء عقد في طهران برعاية علي لاريجاني وحضره قادة الحرس الثوري وكبار ضباط الاطلاعات ومن الجانب العراقي حضره كلاً من علي الآديب ممثلاً عن نوري المالكي ومدير مكتب الصدر في طهران وعن المجلس الاعلى هادي العامري ( رئيس منظمة بدر ) الجناح العسكري للمجلس الاعلى وطه درع وعامر ثامر .
وحسبما افادت المعلومات حول ما دار في اللقاء بأن الإيرانيين طرحوا صيغة لحل الخلافات بين الاطراف الثلاثة سالفة الذكر للخروج من الازمة الراهنه وفق رؤية إيرانية بالاتفاق على ترشيح المالكي لولاية ثانية ، مقابل اطلاق سراح كافة المعتقليين من التيار الصدري من السجون العراقية واعطاء الصدريين 6 وزارات من ضمنها وزارة سيادية وتعيين عدداً ممن يرشحهم التيار الصدري قادة فرق عسكرية ، وتسند للصدريين مناصب كبيرة في الاجهزة الامنية ، ويشكل جهاز المخابرات مناصفة بين حزب الدعوة والتيار الصدري وتحييد المجلس الاعلى من تشكيلة الحكومة بأستثناء هادي العامري " رئيس منظمة بدر " لإرتباطة المباشر بالحرس الثوري ..
ويذكر ايضاً آن علي الاديب حمل رسالة من خامنئي إلى نوري المالكي سلمها له فور وصوله بغداد تضمنت توجيهات على نوري تنفيذها لبقائه في السلطة ،ونصت على اطلاق سراح مجموعة من قادة تنظيم القاعدة الإرهابي المرتبطين بالاطلاعات الإيرانية والتي تشرف إيران على دعمهم عسكرياً ومالياً ولوجستياً ، وقد اعتقلوا ضمن قاطع الاعظمية والعامرية وابي غريب ومناطق اخرى على ايدي القوات الامريكية في سجن ابو غريب ، وتجهيزهم بالاسلحة والسيارات وهويات تسهل من حركتهم وتناط اليهم مهمة تأجيج العنف الطائفي في البلاد ، وقيامهم بعمليات واسعة ومنظمة تستهدف المواطنيين وعمليات اغتيال ممنهجة في المدن العراقية ..
وقد صرح نوري المالكي يوم الجمعة 27 / آب ،من ان لديه معلومات مؤكدة على قيام مجاميع من القاعدة والبعثيين بشن هجمات ضد المدنيين مع قرب موعد إنسحاب القوات الامريكية من العراق !!..
ومن الجدير بالذكر انه في الاسابيع الاخيرة تصاعدت حدة اعمال العنف الدموية وبدت في غالبيتها تاخذ طابع طائفي ، من تفجيرات واغتيالات واسعة عمت ارجاء البلاد وحصدت المئات من الارواح البريئة ، ونُسبت إلى تنظيم القاعدة " بناءا على بيانات التنظيم بتبنيه للعمليات الإجرامية " مايثبت الخلفية الإيرانية من وراء هذا التنظيم الإجرامي الإرهابي .
وروجت وسائل الآعلام وركزت بشكلاً ملحوظ على عودة نشاط القاعدة وكذلك عودة المجرم ابو درع إلى العراق قادماً من إيران بعد هروبه اليها ، وعودة نشاط الميليشيات الطائفية ، لذا فأن كل هذه الاحداث المتسارعة على الساحة الامنية تفسر لنا حقيقة مايجري وتثبت بالدليل القاطع آن خيار العودة إلى دوامة العنف الطائفي في العراق بات خيار إيراني واضح للألتفاف حول نتائج الإنتخابات الآخيرة وتفويت الفرصة على القائمة العراقية في تشكيل الحكومة وفق استحقاقها الإنتخابي والدستوري ، خاصة مع قرب موعد سحب القوات العسكرية الامريكية من العراق ، والآزمة التي تحاول إيران فرضها كأمر واقع من خلال عودة دوامة العنف في البلاد امام الإدارة الآمريكية مما يضع الامريكيين في موقفاً محرج اخلاقياً وسياسياً اتجاه العراق فترضخ للأمر الواقع وتتقبل بقاء حكومة موالية لطهران في العراق مقابل سحب قواتها المقاتلة دون مشاكل .لذا فأن خيار بقاء المالكي رئيساً للوزراء بات خيار إيران الآنسب في العراق للمرحلة القادمة .
محمـد اليـاسيـن – كـاتـب وسيـاسـي عـراقـي مستـقـل