مَخاوف الإعلاميين من ميثاق مَبادىء الإعلام
تناقلت الفضائيات العربية قبل ايام خبر إنعقاد اجتماع اعلامي تحت رعاية الجامعة العربية في القاهرة يضم وزراء الاعلام العرب، للتصديق على "ميثاق مبادىء الاعلام"
وجاء هذا المؤتمر بعد شعور الحكومات العربية بفلتان أمور الاعلام المرئي والمسموع وخروقه لآمال وتطلعات الجمهور من المشاهدين والمستمعين .
الذي لفت إنتباهنا في هذا الموضوع هو خوف وإعتراض وقلق العديد من كبار الاعلاميين العرب من بنود هذا الميثاق، فكما قال الامين العام للجامعة العربية إن هذه البنود قابلة للنقاش والتعديل من قبل الاطراف المتصدية للاعلام المرئي والمسموع .
إن الاعلام كما يعرفة الجميع هو مرآة للشعوب، والاعلاميـّون هم ضمير الامة الحي والناطقون بأسم شعوبهم وبلدانهم، يفكرون ويسهرون الليالي لطرح مناظراتهم ومقترحاتهم لمعالجة وحلحلت كل قضايا شعوبهم العالقة وفي مختلف المجالات، وكل ذلك مجانا بل غالبا ماينفقون من جيوبهم إرضاءاً لضمائرهم للوصول الى نشوة الشعور لتقديم الخدمة لمجتمعاتهم، ولاينتظرون من أحد أو جهة أو مؤسسة جزاءأً ولاشكورا،
وتراهم غالبا مايتعرضون للتنكيل والتسقيط والتهديد في بعض الاحيان من قبل الجهات التي لاتريد إظهار الحقيقة كل الحقيقة لأبناء جلدتهم، ولكن يبقى شجعانهم الملتزمين بأخلاق وآداب المهنة في تحمل هذه المسؤولية الانسانية الخطيرة، رافعين مشاعلهم في الطرق الميسمية الظلماء، ليس لينيروا الدرب لأبناء هذا الجيل المعاصر فحسب بل للأجيال القادمة أيضا لأنهم الأهم والمؤثر على الأمـد البعيد .
فمن دواعي الفخر للاعلام العربي وجود أكثر من 500 قناة تلفزيونية ومحطة اذاعية منتشرة حول العالم، ومما لاشك فيه إن هذا العدد في تصاعد مع السنوات القادمة، ونظرا لهذه الطفرة النوعية والكمّية، الردىء منها والحسن، أصبح من الضروري وضع قوانين ومبادىء لتنظيم هذا الاعلام، لـِما له من أهمية وخطورة وتأثير على الفرد والاسرة في المجتمع .
والسؤال المخيف لدى كبار الاعلاميين العرب هو: هــل هذه القرارات هي بداية محاولة لـِكَمْ الافواه وبعدها تسيير وتسييس الاعلام لمصلحة الحكومات والانظمة السياسية. وهــل أن قرارات ميثاق مبادىء الاعلام المرئي والمسموع الاخيــر والقابل للتأويل هي القانونية الحديثة للحكومات التي تعطيهم الحق في تقديم الاعلامي غير المرغوب فيه الى القضاء لمحاكمته وعقوبته .
نقــول: لاأحــد يعترض على ضرورة تنظيم الاعلام، ولكن محاولة كَـم الافواه فهو مرفوض من قبل الجميع على شرط ان يراعي أسلوب الطرح الموضوعي والحضاري وبالأدلة الدامغة للانتقاد، فمن الخطأ الجسيم تطبيق قوانين الاعلام الغربي في دولنا العربية لأمـرٍ بسيط ومفهوم سلفاً، فمثلا إن الولايات المتحدة الامريكية هي دولة واحدة فقط وقوانينها الخاصة بالاعلام والديمقراطية مناسبة فعلا دون جدال للشعب الامريكي، بالمقابل هنــاك وجود 22 دولة عربية يختلف أسلوب الحكم فيها، فهناك السلطنة والإمارة والجمهورية والمملكة، فمن الطبيعي لايمكن تطبيق قانون إعلام الاسلوب الغربي والمعمول به هناك في دولـِنــا العربية، فكل دولة عربية لها أسلوبها وحكمها وطريقتها لمعالجة وتنظيم إعلامها المرئي وغيره .
ونحن نـؤيـِّـد تطبيق قانون الاعلام الغربي المعمول به هناك في دولنا العربية في حالة واحدة فقط، ألا وهي: متى ماتمكنت أجهزة الاعلام العربية في توحيد سياسة اعلامها المرئي والمقروء والمسموع، وذلك بعدم إظهار بعض القيادات العربية موضع سخرية أو تعريفه كرمزا سياسيا كفوءاً وبطلا صنديدا والبعض الآخر يظهره ويراه في موضع خيانة أو مجرم حرب .
فمتى ماتمكنوا من الاتفاق على وجهة اعلامية واحــدة عنـدهــا نستطيع ان نقول إنـنــا من الممكن أن نصدر ميثاق مبادىء للاعلام العربي مطابق لسياسة وقوانين الاعلام الغربي الديمقراطي المعمول به في العالم .
وفي الختام نقول إن الجمهور العربي وباقي الاقليات الناطقة باللغة العربية في المنطقة بمختلف مكوناتهم العرقية والدينية يطالبون وبإلحاح تطبيق ضوابط وتعاليم قانونية لتنظيم الاعلام وحماية الأســرة من الضياع في أجواء هذا الفلتان الاعلامي على بعض الفضائيات والقنوات العربية .
وسؤالنا اليوم من القارىء الكريم: هل إننا في صدد إصدار قانون جديد "من قبل الجامعة العربية" لمبادىء ميثاق الاعلام الألكتروني عبر الأنترنيت هذا البحر المعلوماتي الحُــر، والذي يفوق كل الحريات مقارنة بباقي أجهزة ووسائل الإعلام حول العالم . فمع من سيتم برم الاتفاق ؟ وأيــن؟ ومن هـم وزراء إعــلام الأنترنيت؟ .
مـــحـــمـــد حـــســـيـــن