التورية لغةً : الستر . و وريت الخبر ( سترته ) وأظهرت غيره .
واصطلاحًا : هو أن يذكر المتكلم لفظاً مفردًا له معنيان ؛ قريب ظاهر غير مراد ، وبعيد خفي هو المراد .
والسامع يتوهم - وخاصة أول وهلة - أن المتحدث يريد المعنى القريب ، وليس الأمر كذلك .
ومن نافلة القول أن المعنى القريب دلالة اللفظ عليه ظاهرة جلية ، أما المعنى البعيد فدلالة اللفظ عليه خفية ، لا يدركها من أول وهلة إلا الماهر بأساليب اللغة وأسرارها .
قال بدر الدين الذهبي /
يا عاذلي فيه قل لي ------------ إذا بدا كيف أســــلو؟
يـمر بي كل وقــتٍ ------------ وكلما مـــــــرَّ يحلو
فالمعنى القريب لـ ( مـر ) من المرارة ، والمعنى البعيد من المرور ، وهـــو المراد .
وقال ابن دانيال الكحال /
يا سائلي عن حرفتي في الورى ------- واضيعتي فيهم وإفلاسي !
ما قـــل مَــنْ درهــم إنفاقــــه ------- يأخذه مـن أعـــين الناس
والتورية هنا في ( أعين الناس ) فإنها تحتمل الحسد وضيق العين ، وهو المعنى القريب المورى به ؛ وقد تقدم لازمه على جهة الترشيح وهو درهم الإنفاق ؛ لأنه من لوازم الحسد .
وتحتمل العيون التي يداويها بالكحل ، وهو المعنى المورى عنه ، وهــــو مــــراد الشاعر الكحـــال .
وبالرغم من أن التورية فيها لطافـــة وفكاهة وظرف ، وهي من عمل الفطنة ؛ بيد أن الكثير من الأدباء والنقاد يعتبرونها خارجةً عن الإبداع الفني ، ولا قيمة لها أدبيًا ، ويقولون أنها أقرب إلى الأحاجي والألغاز ، وأنها صنيعة عصور الانحطاط ، حين تحول الأدب إلى مجرد تسلية وملهاة