الشيـخ مصـطفـى الزرقـاء
العالم الذي رحل
بقلم :
أ .د. : بكري شيخ أمين
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو اللجنة العالمية للغة العربية
مصائب كبرى متتالية وقعت على العالم الإسلامي مطلع هذه السنة الهجرية ، تجلت في موت الشيخ عبد العزيز ابن باز في المحرم ، ثم موت الشيخ علي الطنطاوي في صفر ، و موت الشيخ مصطفى الزرقاء في ربيع الأول ، والشيخ مناع القطان في ربيع الثاني ، وعلامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر في جمادى الأولى ، والفريق يحيى المعلمي في جمادى الثانية ماتوا جميعاً في المملكة العربية السعودية ، ودفنوا تحت ثراها ، وبكاهم العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه ، وسيظل الناس يذكون أعمالهم الكبيرة إلى أن تقوم الساعة ، وحتى يرث الله الأرض ومن عليها .
ومجلة الحج لا تستطيع أمام هذه الأحداث المفجعة الخطيرة إلا أن تقوم بواجبها نحو قرائها الكرام الذين يتعشـقون صدورها ، ونحو الأجيال الناشئة الجديدة ، فتبين لهم الحدث الخطير أولاً ، ثم تشرح لهم بكثير من التأني بعضاً من سيرة هؤلاء الأعلام العمالقة ممن هم على سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى خط الشريعة الغراء المبين ، والذين كان لهم تأثير كبير في عصرهم ، وفي أبناء جيلهم ، وتكشف لهم عن الآثار التي خلفوها وراءهم ، والمناهج التي اتبعوها في حياتهم حتى وصلوا إلى ما وصلوا إليه ، وهي بهذا تصل سلسلة الخلف مع السلف ، وتعرّف الأبناء ما فعله الآباء ، وتبقي الصلة قائمة بين الأجيال القديمة والأجيال الحديثة . وبهذا العرض تبقى مجلة الحج مجلة كل قارئ ، وعربي ، ومسلم ، محب للفائدة ، راغب في المتعة ، معجب بالأسلوب الرفيع ، مقدر للرسالة الهادفة التي تحملها .
مصطفى الزرقاء :
ولد مصطفى الزرقاء في مدينة حلب الشهباء سنة 1322هـ /1904 م . كان والده الشيخ أحمد بن محمد الزرقاء من أعلام علماء تلك المدينة ، وفي أعلى مراتب العلم ، وأهم مصادره ، وكان مشهوراً بالفقه الحنفي بوجه خاص ، يدرّس في الثانوية الشرعية المعروفة من قبل باسم (المدرسة الخسروية الشرعية ) وبالمدارس الشرعية الأخرى كالشعبانية والعثمانية والجامع الأموي الكبير .
يقول الدكتور محب الدين أبو صالح : سمعت من أبي الشيخ ناجي أبو صالح ـ يرحمه الله ـ وهو من جيل الشيخ مصطفى ورفيقه في طلب العلم أن مصطفى حين كان يجلس في الدرس على أبيه الشيخ أحمد يأخذ في مناقشته ، فيقول له أبوه : يا مصطفى لا تكثر من هذه المناقشات ، لَـمّـا يأت وقتك بعد . وكأن هذه إشارة من الوالد بذكاء ابنه ، وقوة حجته ، و أنه سيكون بفضل الله خلَفَه من بعده في جميع دروسه . وفعلاً عندما صار الأب يتخلف عن الدروس لمرضه كان ولده مصطفى يقوم مقامه ، ويحل محله ، وكان المؤهل الأكبر بين جميع تلامذته الذين تتلمذوا عليه . وهذا يدل على مكانة الشيخ مصطفى المبكرة في قدرته العلمية .
درس الزرقاء علومه الدينية على شيوخ بلده في المدرسة الخسروية الشرعية ، كما درس العلوم العصرية واللغة الفرنسية دراسة خاصة ، ونال الشهادتين الشرعية والثانوية الرسمية الحكومية ، مما أهله للالتحاق بكليتي الحقوق والآداب طالباً سنة 1930م ونال شهادتيهما بتفوق بعد ثلاث سنوات واشتغل بالمحاماة عشر سنوات ، وخلالها حاز دبلوم الشرعية الإســلامية من كليـة الحقوق بجامعة فؤاد الأول ( جامعة القاهرة حالياً ) .
الزرقاء أستاذ في الجامعة السورية
عين مصطفى الزرقاء في أول عام 1944م أستاذاً لمادة الشريعة والقانون المدني في كلية الحقوق، ومحاضراً في كليتي الشريعة والآداب لمادة الحديث النبوي ، وظل في هذا المنصب إلى سنة 1966م حيث أحيل على التقاعد . وألف كتابه المشهور ( المدخل الفقهي العام ) أو ما يدعوه صاحبه باسم : الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد .
انتخب عن مدينة حلب نائباً في المجلس النيابي السوري لدورتين تشريعيتين ، عام 1954ثم 1961م ، كما أسندت إليه وزارتا العدل والأوقاف في عهود دستورية ( في عامي 1956 م ثم 1961م ) .
قال الأستاذ عبد القادر عودة ـ يرحمه الله ـ عن كتابه المدخل الفقهي العام : اعتصم الفقه الإسلامي من طالبيه في المتون ، وتحصن في الشروح ، واستعصى على طلابه في اللغة المغلقة والأسلوب العقيم . وكان كل من له إلمام بالفقه الإسلامي ، وكل من عانى من قراءة كتبه ، يود أن توطأ للناس هذه الكتب حتى يتيسر لهم قراءتها ، وتسهل عليهم دراستها ، وحتى يستطيعوا أن يوازنوا بين الفقه الحديث وبين الفقه الإسلامي العتيد ؛ ذلك الفقه الغني بموضوعاته ونظرياته واصطلاحاته ، المتميز بدقته وقوته ، ليكون لهم من هذه الموازنة ما يزيد ثقافتهم ، ويوسع آفاقهم ، ويفتح أعينهم ، ويوجههم إلى الطريق المستقيم .
وتابع يقول : لقد نقل الأستاذ الزرقاء الفقه الإسلامي بخطوة واحدة جبارة من العصر العباسي إلى عصرنا الحديث ، فإذا هذا الفقه الغني القوي الذي كان ملتفاً في ثوبه العتيق القديم يخرج على الناس في ثوبه الجديد فتياً مشرقاً يزاحم الفقه كله بمنكبيه ، ويعلن للناس أن فقه الإسلام هو الفقه ، وأن شريعته هي الشريعة ، وأن ما اختاره الله للناس هو الخير كل الخير للناس لو كانوا يعلمون .
وكتب الدكتور منير العجلاني عنه فقال : لم ينسج الزرقاء على منهاج من سبقوه من شراح مجلة الأحكام الشرعية ، والتي كانت تمثل القانون المدني العثمانـي القديم ، الذين جعلوا الفقه ( فتاوى ) و( قضايا ) و ( جزئيات ) وإنما حاول أن يدرس المجلة كما يدرس الأساتذة الفرنسيون في كلية الحقوق بباريس مادة القانون المدني ، فجمع من أحكام القرآن الكريم والحديث النبوي الشـريف وآراء الفقهاء ، من مختلف المذاهب ، ما يؤلف نظريات عامة تشبه النظريات الأوربية الحديثة ، وقد وفق في محاولته توفيقاً كبيراً . فمن قرأ كتابه خرج منه بفائدتين : النظريات الفقهية الجديدة ، وله فضل إخراجها ، وآراء الفقهاء التي لخصت للقارئ ، فأغنته عن قراءة عشرات من كتب الفقه
الزرقاء في المؤتمرات الدولية :
كان الأستاذ الزرقاء يتقن اللغة الفرنسية تحدثاً وكتابة ، ويجيد اللغة الإنكليزية ، ويعرف شيئاً من اللغة الألمانية . وهذه المعرفة للغات الغربية ، إضافته إلى تفوقه العلمي قادته إلى حضور كثير من المؤتمرات العالمية ، وقد كانت له بصمات واضحة في نتائج تلك المؤتمرات ، نذكر منها ما يلي :
1 ـ في عام 1937 م عقد في لاهاي عاصمة هولاندا ( مؤتمر الحقوق المقارنة ) وكان من نتائجه أن اتخذ المبادئ الثلاثة التالية :
أ ـ اعتبار الشريعة الإسلامية مصدراً من مصادر التشريع العام
ب ـ اعتبارها حية ، قابلة للتطور .
ج ـ اعتبارها تشريعاً قائماً بذاته ، ليس مأخوذاً عن غيره .
2ـ في 1948م انعقد في باريس ( مؤتمر المحامين الدولي ) ، وانتهى المؤتمر إلى إصدار التوصية التالية :
اعترافاً بما في التشريع الإسلامي من مرونة ، وما له من شأن ، يجب على جمعية المحامين الدولية أن تقوم بتبني الدراسة المقارنة لهذا التشريع ، وبالتشجيع عليها
3 ـ في عام 1951م عقدت شعبة الحقوق الشرقية من ( المجمع الدولي للحقوق المقارنة ) في كلية الحقوق من جامعة باريس للبحث في الفقه الإسلامي تحت اسم ( أسبوع الفقه الإسلامي ) برئاسة المسيو مِيّو MILLIOT أستاذ التشريع الإسلامي بجامعة باريس ، دعت إليه عدداً كبيراً من أساتذة كليات الحقوق العربية وغير العربية ، وكليات الأزهر ، ومن المحامين الفرنسيين والعرب وغيرهما ، ومن المستشرقين . وكانت المحاضرات والمناقشات كلها باللغة الفرنسية . وعند انتهاء المؤتمر صرح نقيب المحامين في باريس فقال بالحرف الواحد : أنا لا أعرف كيف أوفق بين ما كان يحكى لنا عن جمود الفقه الإسلامي وعدم صلوحه أساساً تشريعياً يفي بحاجات المجتمع العصري المتطور ، وبين ما سمعناه في المحاضرات والمناقشات مما يثبت خلاف ذلك تماماً ببراهين النصوص والمبادئ .
وانتهى هذا المؤتمر بالتوصية التالية :
إن المؤتمرين بناء على الفائدة المتحققة من المباحث التي عرضت أثناء ( أسبوع الفقه الإسلامي ) وما جرى حولها من المناقشات التي ظهر منها بوضوح تقرر :
أ ـ أن مبادئ الفقه الإسلامي لها قيمة ( حقوقية تشريعية ) لا يمارى فيها
ب ـ وأن اختلاف المذاهب الفقهية في هذه المجموعة الحقوقية العظمى ينطوي على ثروة من المفاهيم والمعلومات ، ومن الأصول الحقوقية ، هي مثار الإعجاب ، وبها يستطيع الفقه الإسلامي أن يستجيب لجميع مطالب الحياة الحديثة ، والتوفيق بين حاجاتها .
وإذا كان لنا من تعليق على هذه النتائج الرائعة التي ترفع الرأس فنقول : إن الفضل ، كل الفضل ، لأولئك الذين نذروا أنفسهم ، من أمثال الأستاذ الزرقاء وإخوانه العلماء الفطاحل الأفذاذ الكبار ، والذين يستحقون منا أن نحيي ذكراهم ، وأن ننشر للأجيال الحاضرة والقادمة سيرتهم وأعمالهم وأفضالهم ، ونبين بكل الألسنة وبكل وسائل النشر والإعلان ما قدموا لخدمة هذه الشريعة الغراء ، و كيف أجبروا علماء التشـريع والقانون في العالم إلى الاعتراف بالشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً من مصادر التشريع العالمية .
الزرقاء بين فقهاء المسلمين وعلمائهم :
في الستينيات من هذا القرن أقيم في دمشق ( أسبوع الفقه الإسلامي ) وقد حضره فقهاء كثيرون من مختلف بقاع العالم الإسلامي ، وكان منهم الأستاذ الزرقاء والشيخ محمد أبو زهرة ، والدكتور مصطفى السباعي ـ يرحم الله الجميع ـ . وكان فارسا المؤتمر في هذا الأسبوع الفقهي الزرقاء وأبو زهرة ، وفي إحدى المسائل الفقهية المعاصرة ، وقد تكون مسألة التأمين ، اختلف العملاقان اختلافاً كبيراً ، وانتصـر كل منهما لرأيه ، وراح يأتـي بالأدلة والبراهين ، ولم ينته الرجلان إلى اتفاق .
وسئل الدكتور السباعي في جلسة خاصة عن سبب اختلاف العالمين ، ورأيه فيما قالا ، فقال : الأستاذ أبو زهرة مكتبة فقهية ، والزرقاء ملكة فقهية . وكأنه رحمه الله يعني أن الفرق كبير بين المكتبة والملكة ، ففي المكتبة عشرات أو آلاف المراجع المحفوظة والروايات المسجلة ، بينما الملكة هي أول أدوات المجتهد .
ويحكي لنا الصديق الدكتور محب الدين أنه كان طالباً في كلية الشريعة بدمشق ، فالتقاه عميدها الدكتور مصطفى السـباعي ، فسأله : إلى أين أنت ذاهب الآن ؟ فقال: إلى منزل الشيخ أحمد الحارون . وهذا الرجل المبارك أحمد الحارون يحبه أهل دمشق جميعاً ، ويحبهم ، ويزوره عظماء العلماء من شتى بلاد المسلمين ، وكان من جملة زواره ومحبيه الشيخ الشربتلي ، الوزير السعودي السابق ، إذ كان كلما جاء إلى دمشق يبدأ بزيارته والسلام عليه ، ذلك أن الحارون ، يرحمه ، كان فقيراً ، بسيطاً ، متواضعاً ، تقياً ، وشبه مقعد . قال السباعي : وهل تعرف الشيخ الحارون ؟ قال التلميذ : وكيف لا أعرفه ووالدي ، يرحمه الله ، عرفني به ، وأوصاه بي ، وأمرني ألا أنقطع عن زيارته ، وأن آتيه كلما احتجت إلى شيء . قال الدكتور السباعي : إذن سلم لي عليه . وتابع السباعي يقول : هذا الرجل عجيب والله ، أذهب إليه أنا والأستاذ الزرقاء والشيخ محمد المبارك ، والشيخ منتصر الكتاني ، ونجلس عنده ، فيفتح لنا أموراً في العلم ، نحن لا نعرف كيف ندخل إليها . وفي مجلس الحارون نقلت إليه سلام أساتذتي . فقال: يابني ! هؤلاء الذين ذكرتهم قد يكون فيهم من لا يصلي صلا الضحى ، أو صلاة الأوابين ، ولكنهم فيما يدعون إليه من العلوم الإسلامية ، وما ينفعون به طلبة العلم والناس ربما كانوا أنفع من هؤلاء المصلين .
الزرقاء والبنوك الإسلامية :
كان يقال : إن التحدي الكبير للمسلمين ، وللفكر الإسلامي يتمثل في المعاملات الاقتصادية ، ويذكر أن أول من أشـار إلى هذه المشكلة ، ولفت الأنظار إليها الأستاذ أبو الأعلى المودودي ، يرحمه الله ، ورسم الطريق الذي يجب أن يسير عليه الاقتصاد الإسلامي ، والبنوك الإسلامية .
كان الأستاذ الزرقاء من أكبر الدعاة إلى توجيه البنوك الإسلامية ، ووضع أنظمتها في ضوء الشريعة الإسلامية ، وكان ساعده الأيمن في ذلك ولده الدكتور محمد أنس الزرقاء المتخصص في الاقتصاد الإسلامي ، وهو اليوم أستاذ في كلية الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة .
هذه البنوك الإسلامية نهضت أول الأمر وقامت كتجربة ، وقد أصيب بعضها أول الأمر ، فتعثرت ، ثم توقفت ، لأنها لم تكن تملك الكوادر العلمية ، المؤهلة بالعلم الصحيح ، والثقافة الاقتصادية الإسلامية الصحيحة ، فكانوا يأتون بموظفين من البنوك العادية فتقع الأخطاء .
لكن مع توالي الزمن ، ونشوء عدد من الكفاءات العالية ، المتخصصة في الاقتصاد الإسلامي صارت معاملة هذه البنوك من الصحة والعافية والاستقامة إلى حد كبير .
زد على ذلك أن عدداً من البنوك العادية بدأت تخصص زاوية خاصة معينة لمن يريد أن يتعامل مع البنك وفق الشريعة الإسلامية .
نضرب على ذلك مثلاً بالشيخ الراجحي ، صاحب المؤسسة المالية الضخمة في المملكة العربية السعودية ، والتي تتعامل مع معظم المؤسسات المالية العالمية ، ويشترك فيها آلاف المتمولين الحريصين على أن تكون معاملاتهم المالية ربحاً وخسارة وفق الشريعة الإسلامية .
لقد أنشأ في مؤسسته مكتباً خاصاً سماه ( مكتب البحوث والدراسات ) وجعل على رأسه مصطفى الزرقاء ، وعينه مستشاراً دينياً لجميع المعاملات التي تجريها مؤسسته ، فكان نعم المستشار المؤتمن . ويذكرون أنه كان يسجل جواباً لإحدى الاستشارات المالية ، وحين انتهى من كتابة الجواب سقط القلم من يده ، وخر الزرقاء ميتاً . يرحمه الله .
الزرقاء يحصل على جائزة الملك فيصل العالمية :
منح جائزة الملك فيصل العالمية للدراسات الإسلامية عام 1404هـ تقديراً لإسهاماته المميزة في مجال الدراسات الفقهية ، ولكتابه ( المدخل إلى نظرية الالتزام في الفقه الإسلامي ) وهو الجزء الثالث من سلسلة الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد .
الزرقاء في حفلات تكريمه في المملكة العربية السعودية :
لقد أحب الشيخ مصطفى الزرقاء السعودية والسعوديين ، فبادلوه حباً بحب، وراحوا يكرمونه في ندواتهم ، واحتفالاتهم ، فما إن ترى ندوة رفيعة المستوى ، عالية المقام إلا والزرقاء مدعو إليها ، متصدر في مجالسها .
في ندوة العالم والأديب والشاعر الدكتور راشد المبارك الأسبوعية
والتي يعقدها في دارته في الرياض ، ويحضرها أكابر العلماء والأدباء ، ويضفي صاحب الدار عليهم كل الود والاحترام والتكريم والضيافة الباذخة ، اللائقة به وبضيوفه الكبار ، وفيها يظل السمر العلمي ، والأدب الرفيع ، والقصائد الملقاة حتى ساعات الفجر الأولى .
والأستاذ الزرقاء عضو أصيل فيها ما دام في الرياض ، وكثيراً ما يطلب المنتدون منه بعض قصائده الغزلية ، وأشعاره في بعض المناسبات الطريفة ، فينشدهم ، ويقص عليهم القصص الممتع ، والنكات الحلوة . وكثيراً ما كانت تدور في هذا المنتدى البهيج أشعار وقصائد قديمة أو مشكلات نحوية ولغوية ، ويكون الزرقاء ابن بجدتها ، فيذكر القاعدة النحوية ، ويأتي بشواهدها ، أو يأتي بالقصيدة القديمة كأنه يقرأها من كتاب مفتوح بين يديه .
وفي ندوة الشيخ عبد المقصود خوجة في جدة
يكون للشيخ الزرقاء مكان الصدارة ، طالما هو في جدة . وإذا كان من عادة هذا الســيد الكريم أن يستضيف علماء بلده فيكرمهم ، إنه وسع الدائرة ، فجعل التكريم كذلك لعلماء العالم العربي والإسلامي ، فكان يخصص للمكرم ليلة كاملة ، يقدم له فيها لوحة مطرزة كستارة الكعبة الشريفة ، عليها اسمه ، وتاريخ تكريمه ، كما يقوم بطبع كتبه التي لم تطبع ، وتوزيعها بالمجان على نفقته ، . ولقد كرم هذا الوجيه الثري في إحدى أمسياته الشيخ الزرقاء خير تكريم ، وأظهر للناس أن هذا العالم الفذ لم يكن فقيهاً فحسب ، وإنما هو شاعر من الطراز الأول .
وفي ندوة الشيخ عثمان الصالح بالرياض :
الشيخ عثمان الصالح رجل يعرفه الناس جميعاً في قلب المملكة وخارجها ، فهو شاعر مبرز ، وكاتب معروف ، وقبل كل هذا فقد كان مدير مدارس الأنجال بالرياض . وهذه المدارس أنشأها المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود لتعليم أبنائه الأمراء وأبنائهم .. فكل أمير من أبناء عبد العزيز دخل مدارس الأنجال ، وتعلم فيها ، وكان مديره الشيخ عثمان الصالح . لذلك فكل الأمراء يحبونه حب والد ، ويحترمونه احترام معلم .
هذا الرجل الفاضل له دارة في الرياض ، يعقد فيها يوم الثلاثاء في كل أسبوعين ندوة ، يحضرها من أحب من شداة الأدب ، ومحبي الشيخ عثمان . وغالباً ما تخصص الندوة النصف شهرية لعالم من العلماء ، أو أديب من الأدباء ..
ويشاء الله أن تكون آخر ندوة العام الحالي مخصصة لتكريم الأستاذ مصطفى الزرقاء ، لا على اعتباره عالماً كبيراً من علماء المسلمين فقط ، بل على كونه شاعراً مبدعاً ، له ديوان شعري كامل .
كان عريف الحفل يومذاك الدكتور عبد القدوس أبو صـالح ، فقد عرّف الحضور به أجمل تعريف ، والأستاذ الزرقاء ليس بحاجة إلى مثل هذا التعريف ، ولكنه أدب المجالس ، وحق العلماء ، وواجب الطلبة والمحبين
ليلة يصفها الذين حضروها من أمتع الليالي ، ومر الزمن ولم يشعر أحد من المنتدين بالوقت ، والأستاذ الزرقاء ينشد القصيدة تلو القصيدة عن ظهر قلب ، وكأنه يقرأ من ديوان بين يديه ..
وصاحب الدار يملأ الجو بهجة ، ويعلق بين الفينة والفينة بتعليقات طيبة ، وينتصف الليل ويمتد ، ويقترب الفجر ، والجميع نشاوى بالشعر الجميل ، والمجلس الطيب ، والترحيب الكبير .
من آثاره الأدبية والعلمية :
1. أحكام الأوقاف
2. في الحديث النبوي
3. الاستصلاح والمصالح المرسلة في الفقه الإسلامي
4. الفعل الضار والضمان فيه
5. نظام التأمين ، والرأي الشرعي فيه
6. الفقه الإسلامي ومدارسه ( بتكليف من منظمة اليونسكو )
7. رسالة بعنوان : عظمة محمد مجمع العظمات البشرية
8. عقد الاستصناع وأثره في نشاط البنوك الإسلامية
9. صياغة شرعية لنظرية التعسف في استعمال الحق
10. المدخل الفقهي العام ج1+2
11. مجموعة فتاوى الشيخ مصطفى الزرقاء
يرحم الله الشيخ مصطفى الزرقاء ، ويرحم العلماء العاملين ، وجزاهم عن الإسلام والمسلمين بما يستحقون . إنه سميع مجيب .
حلب الشهباء الدكتور بكري شيخ أمين
8ربيع الثاني 1420هـ
21تموز 1999م
عنواني
المكتب 2124266 21 00963
الجوال 664752 94 00963
إيميل sheikha@scs-net.org