حتى "جوجل" يتجسس عليناكثيرون منّا يعرفون ويستخدمون محرك البحث الأمريكي الشهير «قوقل» الذي يُعَدُّ اليوم الخدمة الأبرز والأكثر جماهيرية على الانترنت، ولا غرابة في ذلك حيث تقدّر مصادر مراقبة الشبكة العنكبوتية عدد مستخدميه بحوالي 380 مليون شخص (غير متكرر)شهريا.
ولم يكتف هذا الإخطبوط الالكتروني بخدمات البحث التقليدية التي يقدمها تحت 112 اسم نطاق محلي لأغلب لغات ودول العالم، بل تجاوز ذلك إلى توفير خدمات الأخبار، والمعلومات المخصصة، وتقديم خاصية تصفح الخرائط المتصلة بالأقمار الاصطناعية، علاوة على العديد من البرامج الخدمات الكترونية المجانية مثل المدونات، البريد الالكتروني، مجموعات الاهتمام وغيرها من الخدمات مثل الإعلان والتسويق، والبحث المخصص.
ونتيجة لذلك فقد فتحت هذه الخدمات الجماهيرية الكثير من أبواب السعادة والوفر المالي لمحرك «قوقل»، وانفتحت بالمقابل معها أيضا شهية الطامحين المنافسين، وشهوة وكالات الأمن الحكومية طمعاً في نصيب من كنوز المعلومات التي تمتلكها شركة «قوقل» عن مستهلكي خدماتها القادمين من مختلف دول العالم. ولعل هذا احد أسباب الجدل الكبير الدائر في الولايات المتحدة هذه الأيام بين المدافعين عن الحق في الخصوصية، ومحامي الوكالات السرية والعلنية الأمريكية التي تصر على (حقّها) في تفتيش كل ما تشتبه فيه من الملفات الالكترونية لمستخدمي الانترنت. ومما زاد من استياء منظمات الحريات المدنية أن اهتمام هذه الوكالات الأمنية لم يعد مقصورا على جولات التفتيش المنتظمة في قواعد بيانات شركات مزودي الخدمة وحسابات البريد الالكتروني، بل امتد دس الأنف الحكومية إلى حد المطالبة بحق التفتيش في قواعد محركات البحث الجماهيرية وكانت آخر هذه القضايا الدعاوى (القضائية) للحكومة الأمريكية ضد شركة «Google» لعدم تعاونها مع الحكومة في مجال تقديم قوائم مفصلة بما يبحث عنه الناس عبر المحرك الشهير.
ومع أن عناد وممانعة شركة «قوقل» كانت أقوى من منافسيها الثلاثة: «Yahoo» وMsnس» و«Aol» اللذين قدموا للحكومة الأمريكية ما تريد بلا كبير مماطلة، إلا أن عوامل مثل خوف «الجرجرة» في المحاكم، وتبعات هبوط سهم «قوقل» في «ناسداك» بنسبة تزيد عن 7,6٪ بسبب هذه القضية قد يجعل الشركة ترضخ أخيرا . ومع أن الشركة تبدو هنا في مقام المدافع عن حرية مستخدم الانترنت إلا انه في حمى النقاشات والجدل هذا ظهرت تقارير جديدة مقلقة بخصوص خروقات محركها «قوقل» لخصوصية مستخدميه. وفي كل مرة تثار القضية يتجدد النقاش ويظهر المنافسون والمواقع التي تزعم أن لشركة «قوقل» صلات قديمة «طيبة» مع الوكالات الأمنية ويكفي أن Matt Cutts احدد مهندسي الشركة الكبار قادم من مكاتب «وكالة الأمن الوطنية (NSA)»، وكما هو معلوم فإن محرك «قوقل» يسجّل ويحتفظ بكل نشاط يتم من خلاله، ولعل هذا يفسر سر توظيف الشركة لنظام الكتروني يسمح لها بالاحتفاظ بآثار (cookies) مستخدم خدمات محركها حتى عام 2038م،.
وحين قدمت «قوقل» برنامجها المجاني (Google Desktop ) كخدمة تسمح للمستخدم بالبحث داخل حاسوبه الشخصي، وجد خصومها ومنافسوها في هذه الخدمة ما يعزز بعض اتهاماتهم، حيث تبين بحسب المختصين أن لهذا البرنامج وظيفة «خطيرة» أخرى تسمح بتخزين صور من ملفات ووثائق المستخدم غير الخبير دون أن تلفت انتباهه.
ومن أجل ذلك أخذ الخصوم والمنافسون يلاحقون نشاطات «قوقل» حتى وصلوا إلى «الصين الشعبية» متهمين الشركة هنا بتملّق السلطات الصينية وحجب مواقع معارضة من فهارس الإصدارة الصينية. وحين أصرت الشركة على نفي هذه المزاعم أسس المهتمون بحرية التعبير موقعا على الانترنت يسمح لمستخدم الانترنت بالبحث عن المعلومة عبر محرك «قوقل» (الدولي والصيني في آن واحد) ومن ثم تظهر النتيجة في صفحتين متقابلتين للمقارنة بين النسخة الصينية والانجليزية لاكتشاف مسألة الحجب.
وسواء صحت بعض هذه المزاعم أم لم تصح، فسيبقى سؤال يقول: ترى هل يمكننا تطوير محرك بحث عربي قادر على أرشفة الانترنت العربية ومنافسة «قوقل» أم أن الشركة الأمريكية كفتنا المئونة وقبضتْ الثمن؟ وأي ثمن نتحدث عنه؟