في هموم الكتابة ومعايير النشركتب حسن النيفي(*)في مقدمة دراسته النقدية لمجموعة ( لحاف الحسرة ) القصصية وهي للقاص محمد حسن المنلا يضع الناقد والشاعر حسن النيفي يده على جرح الكتابة النازف : أسطر قليلة تقول شيئاً كبيراً ومهماً
أن تشرع في تجسيد ما هو مجرد , فذلك يعني أنك تؤنسن الموجودات وتجعل من الشرط الإنساني شرطاً محايثاً لعملية إنتاج المعرفة أو حيازتها , وأن تشرع في تجسيد ماهو محسوس . فهذا يعني انك تخطو خطوةً متقدمة على صعيد الوعي المعرفي .
إذاً : عملية التجريد والتجسيد هي عملية جد خطيرة بقدر ما هي هامة . وتنبع خطورتها من كونها تجسد فضاءً رحباً اجترح حرماته العديد والعديد جداً ممن لا يملكون إلا العبث والتخريب والتهويم الأجوف في فضاءات الإبداع الأدبي . ولعل عدم وضوح أو بلورة مفاهيم إبداعية وفنية ناصعة الملامح هو الذي جعل من سفينة الكتابة مرتعاً سهلاً ورخيصاً يمتطيه كل من ليس أهلاً له ، الأمر الذي جعلنا نلحظ في المشهد الأدبي مفارقات عجيبة غريبة لعل من أبرزها ظهور العديد من الأسماء والشخصيات التي مارس عليها الإعلام التلميع والترصيع , فغدت بين عشية وضحاها تفرد لها الصفحات والعناوين العريضة في المجلات والصحف , دون أن يكون لها – على مستوى الإبداع الحقيقي – أي رصيد ذي شأن . في حين أننا نجد في الطرف المقابل العديد من المبدعين الذين يتدثرون بأوجاعهم ويكتبون بدماء قلوبهم , ولأن قيمهم الإنسانية – التي هي الشرط الأساسي لكل إبداع – تملي عليهم عدم الابتذال و التزييف , فقد ضرب الإعلام صفحاً عنهم وترك الباب مفتوحاً أمام أنصاف المواهب . هذا لا يعني بالطبع أنني أتهم وسائل الإعلام بالانحراف . ولكنني أرجو أن يعاد النظر في مسألة معايير النشر وإنصاف المبدع الحقيقي وإتاحة الفرصة ليس للذين يريدون أن يصبحوا كتاباً وحسب . بل للكتاب الحقيقين الذين كانت الكتابة قدرهم الأوحد .
.................................................. .................................................. .................................................. ..................
حسن النيفي(*) : شاعر وناقد منبجي , له : هواجس وأشواق(شعر ) – ورماد السنين ( شعر )