ويقولون: إناء مطَفَّف، أي ملآن حتى فاض، أو كاد. وليس كذلك. إنما التطفيف: النقصان، يقال: إناء طفّان، وهو الذي قاربَ أن يمتلئَ، ويروى عن سلمان أنه قال: الصلاةُ مكيال فمَنْ وفّى وُفِّيَ له، ومَنْ طفّف فقد علمتم ما قال الله تعالى في المطفِّفين.
**********
والعامة تقول للمرأة: تعالِي. والصواب تعالَيْ، بفتح اللام.
قلت: قال تعالى: (فتَعالَيْنَ أُمَتِّعْكُنّ...).
**********
ويقولون: تفرّقت الأهواءُ والآراءُ. والاختيار افترقتْ، كما جاء في الخبر: تفترق أمتي كذا وكذا، أي تختلف. فأما التفرق فيستعمل في الأشخاص والأجسام، فإذا قيل: لزيدٍ ثلاثة إخوة متفرقين، كان المعنى أن كُلّ واحدٍ منهم ببقعة، وإن قيل: متفرقينَ، كان المعنى: أحدهم لأبيه وأمه، والآخر لأبيه، والثالث لأمه.
**********
ويقولون: تَقَعْور في كلامه. والصواب: تَقَعَّر، وقَعَّر، وهو أن يتكلم بملءِ فيه.
**********
في كتاب العين: تقيّأَت المرأة على زوجها، إذا تثنّتْ عليه متغَنِّجَة. واحتجّ بقول الراجز المظلوم:
تقيأَتْ ذاتُ الدلالِ والخَفَرْ
وإنما هو تفيّأَتْ، بالفاء، وتفيؤها عليه: تميلها وتغنجها دَلاًّ، ومنه يقال: تفيّأَ الزَرعُ.
**********
ويقولون: أنت تُكْرَمُ عليّ، بضم التاء وفتح الراء. والصواب: تَكْرُمُ عليّ، بفتح التاء وضم الراء؛ لأن فعله الماضي كَرُمَ، ومن أصول العربية: كُلُّ ما جاء من الأفعال الماضية على مثال فَعُلَ، بضم العين كان مضارعة على يَفْعُل، مثل حَسُن يحْسُن.
**********
ويقولون: تلَبّشَ فلان بفلان، إذا تعلق به ولم يفارقه.
والصواب: تلبّس، من اللباس.
**********
ويقولون: إذا كانت الكلابُ تَلِغُ في الماء. والصواب تَلَغُ، بفتح اللام.
**********
ويقولون لمن تغيّر وجهُه من الغضب: قد تمَغّر وجهُه، بالغين المعجمة. والصواب فيه: تمَعّر، بالعين المغفلة. ذكر ذلك: ثعلب واستشهد عليه بما روي عن ابن عباس رضي الله عنه: أنّ اللهَ عزّ وجلّ أمرَ جبريلَ عليه السلام بأنْ يقلِبَ بعض المدائن، فقال: يا رب فيها عبدك الصالح، فقال: يا جبريل ابدأْ به، فإنه لم يتمعَّرْ وجهُه لي قط، أي لم يغضب لأجلي.
**********
ومن ذلك أنهم لا يفرقون بين التمني والترجي، والفرق بينهما واضح، وهو أنّ التمني يقع على ما يجوز أن يكون ويجوز ألاّ يكون لقولهم: ليت الشبابَ يعود، والترجي يختص بما يجوز وقوعه، فلا يقال: لعل الشباب يعود، ولهذا فرق نحاة البصرة بينهما في باب الجواب بالفاء، وأجازوا أن تقع الفاء جواب التمني في مثل قوله عز وجل: (يا لَيْتَني كُنتُ معَهُم فأفوزَ فوْزاً عظيماً)، ونهوا أن تقع الفاء جواباً للترجي، وضعّفوا قراءة من قرأ: (لعَلّي أبْلُغُ الأسباب، أسْبابَ السّمَواتِ فأطّلِعَ الى إلهِ موسى)، بنصب أطّلِع.