انتهى أسبوع اقتصادي أخر، و لا تزال الاقتصاديات العالمية تصدر مزيدا من البيانات الاقتصادية المحبطة التي تؤكد تباطؤ وتيرة النمو خلال الفترة الماضية، فقد أكدت البيانات الاقتصادية هذا الأسبوع تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة خلال الربع الثاني، بالإضافة إلى البيانات التي أكدت تراجعا حاد لمستويات الثقة في منطقة اليورو خلال الشهر الماضي مع انكماش نمو قطاع الصناعة في منطقة اليورو
.
أكدت البيانات الاقتصادية عن منطقة اليورو هذا الأسبوع تباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي خلال الفترة الماضية و أن المرحلة القادمة ستكون أصعب، فقد انكمش القطاع الصناعي في منطقة اليورو لأول مرة منذ أكثر من عامين، و انخفض مؤشر zew لأدنى مستوى منذ خمسة أعوام خلال الشهر الماضي، و أكدت بيانات الثقة الصادرة عن الاقتصاد الألماني انخفاض مستويات الثقة لأقل مستوى لها منذ أكثر من عامين.
تأثرت مستويات الثقة في منطقة اليورو بشكل مباشر من تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو ، مع المخاوف المحيطة في الولايات المتحدة و الشكوك بتباطؤ وتيرة النمو الاقتصادي العالمي خلال الفترة القادم، بالإضافة إلى فشل مساعي صانعي القرار من احتواء الأزمة، خاصة مع المخاوف من انتشار الأزمة إلى ايطاليا و أسبانيا.
و من ضمن السياق نفسه، رفضت المستشارة الألمانية أنجلا ميركل هذا الأسبوع المطالب اليونانية بوضع ضمانات على القروض الطارئة التي سوف تأخذها، و ذلك بعد الجدل الكبير في الحكومة الألمانية حول هذه القضية، و أكدت أن مطالبة وزير العمل بوضع ذهب كضمانات للقروض أمر مرفوض و غير مناسب.
تباطأت القطاعات الاقتصادية في منطقة اليورو الأشهر القليلة الماضية و هذا ما بدا واضحا على قطاع الصناعة الذي انكمش خلال الشهر الجاري لأول مرة منذ أكثر من عامين، متأثرا بقيام الحكومات بإقرار خطط تقشفية صارمة لمواجهة الارتفاع المُطرد في الديون العامة لتجنب ما حصل في كلاً من اليونان ، البرتغال، ايرلندا، و هذا ما كان له الأثر السلبي الواضح على الإنفاق الاستهلاكي لدى الأفراد.
و بالانتقال إلى المملكة المتحدة، أظهرت البيانات الاقتصادية ثبات القراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي في المملكة المتحدة خلال الربع الثاني عند 0.2% على المستوى الربع سنوي و بنسبة 0.7% على المستوى السنوي، و ذلك بتأثير مباشر من تراجع أداء القطاع الصناعي، و هذا بدوره يزيد من الضغوط على صانعي القرار لاتخاذ الإجراءات اللازمة لدعم مستويات النمو في البلاد.
أن العامل الأساسي الذي جعل مستويات النمو تتباطأ في الأراضي الملكية إقرار الحكومة الائتلافية أكبر تخفيضات في الإنفاق العام منذ الحرب العالمية الثانية، متضمنة تخفيض الأجور العاملين في القطاع العام و تسريح ما يقارب 300 ألف وظيفة من القطاع العام، و رفع الضرائب لمستويات 20% منذ بداية العام الحالي.
أثرت هذه التخفيضات في الإنفاق العام سلبيا على مستويات الإنفاق الاستهلاكي التي تواجه ضغوطا من ناحية أخرى بعد ارتفاع معدلات التضخم فوق المستويات المقبولة و التي قلصت من مستويات الطلب لدى الأفراد، و كان لهذه التخفيضات أيضا أثر سلبيا واضح على أداء القطاعات الاقتصادي، فقد شهد القطاع الصناعي، و الخدمي,و البناء تباطؤ ملحوظا في وتيرة النمو الاقتصادي خلال الثلاثة أشهر الثانية من العام الجاري.
تتزايد الضغوط على حكومة كاميرون بشكل كبير لدعم مستويات النمو في البلاد، خاصة مع تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، و التباطؤ الذي تواجه الاقتصاديات العالمية، و هذا ما كان له الأثر السلبي الواضح على مستويات الطلب على البضائع البريطانية خاصة مع ارتفاع قيمة الجنيه خلال الربع الثاني الذي سلب المنتجات البريطانية الميزة التنافسية أمام غيرها من المنتجات الأخرى.
عزيزي القارئ، أن خسارة المملكة المتحدة العزم الكافي لمواصلة الانتعاش الاقتصادي و التوقعات المتزايدة بانكماش مستويات النمو مع تكهنات بركود اقتصادي ذو قاعين، يزيد الضغوط على صانعي السياسة النقدية لاتخاذ التدابير اللازمة لدعم الاقتصاد الملكي، و هذا ما يدعم التكهنات بتوسيع نطاق برنامج شراء الأصول خلال الفترة القادمة
تحت المجهر