نحو فهم جديد لنظرية المؤامرة
والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
تعريف المصطلح:
نظرية المؤامرة بالإنجليزية :Conspiracy Theory)
محاولة لشرح السبب النهائى لحدث أو سلسلة من الأحداث (السياسية والاجتماعية أو أحداث تاريخية)على أنها أسرار، وغالباً ما يحال الأمر إلى عصبة متأمرة بشكل منظم هي وراء الأحداث، كثير من منظمي نظريات المؤامرة يدعون أن الأحداث الكبرى في التاريخ قد هيمن عليها المتآمرون وأداروا الأحداث السياسية من وراء الكواليس.
المصطلح : ورد هذا المصطلح لأول مرة في مقالة اقتصادية عام 1920ولكن جرى تداوله في العام 1960، وتمت بعد ذلك إضافته إلى قاموس أكسفورد عام 1997م – ( عن موقع الويكيبيديا)
أول مؤامرة في التاريخ
لعل أول مؤامرة في التاريخ كانت المؤامرة التي حاكها إبليس لإخراج آدم وحواء من الجنة بأن دفعه ليأكل من الشجرة التي نُهي أن يأكل منها ، وهي تمثل المحظور في حياة الأرض ، وبغير المحظور لا تنبت الإرادة ولا يتميز الإنسان العاقل عن الحيوان ، فهي مفترق طرق هام.
قال تعالى :
" وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ 35 فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ 36 البقرة
"فأزلهما الشيطان " وفي الأعراف وردت {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ}
إن أدوات إبليس هي الوسوسة ، فلم يقم بفعل مادي لإخراج آدم من الجنة ، لكن هذه الوسوسة في الحكم الإلهي تقوم مقام الفعل المادي وذلك لقوله " فأخرجهما مما كانا فيه"
المؤامرة تقوم على جزأين : الأول قبول آدم لوسوسة الشيطان علماً أنه حُذر من أكل الشجرة ، والثاني عملية الوسوسة والاستفادة من هذه النقطة لدى إبليس.
وقد ورد في بعض التفاسير أن آدم قد قبل الأكل من الشجرة لأن إبليس قد أقسم له ، وآدم لم يخبر الكذب قبل ذلك .
لكن لماذا كانت العاقبة بالنزول من الجنة ، ذلك أنه لم يُنه إلا عن أمر واحد فقط وهو عدم الأكل من هذه الشجرة فكيف ينسى أمراً واحداً.
إذن لدينا أمرين تتلخص الحياة كلها بهما:
افعل : "وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا "
لا تفعل : "وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ "
بشكل واضح نقول إن اللذة والسعادة تكون في الفعل الأول – الرغد -
والألم والتعاسة سيكون حتماً في الفعل الثاني – ظلم النفس –
لذلك كانت طاعة الله مرتبطة براحة النفس وعزتها، ومعصيته مرتبطة بالشقاء والذل، فإن رأيت نفسك ذليلة منكسرة فاعرف السبب الحقيقي وهذا ما أسميه علم النفس الإسلامي.
لكن ما تعريف الألم واللذة:
إن الإنسان عرضة لانفعالين ، اللذة والألم ؛ يقال أن المتعة حركة طيبة ، والألم حركة قاسية... وجميع الحيوانات تريد معايشة المتعة والهروب من الألم
اللذة : ليست بشيء إلا إدراك الملائم ، ولذة قوة حصول كمالها .( ابن سينا – نجاة) . واللذة إدراك كل قوة لما هو مقتضى طبعها.( غزالي – مقاصد الفلاسفة). واللذة إدراك الملائم .( ابن خلدون – مقدمة) واللذة ليست بشيء سوى إعادة ما أخرجه المؤذى عن حالته تلك التي كانت عليها ( الرازي – رسائل) . واللذة يقابلها اللالذة وهي منافات اللذة ، وهي الألم وهو نقيض اللذة.
ألم: كيفية نفسية ، لا يعرف بل يذكر بخواصه ، ويقابله اللذة. والألم هو إدراك المنافر ، ونيل لما هو عند المدرك ( بالكسر) آفة وشر من حيث هو كذلك . والمراد بالإدراك العلم ، وبالنيل التحقق ، فإن التكيف بالشيء لا يوجب الألم من غير إدراك ، فلا ألم للجماد ، وإدراك الشيء من غير النيل لا يؤلم.
وقال البعض اللذة أمر عدمي هو زوال الألم ، كالأكل فإنه دفع ألم الجوع . والألم حسي وعقلي ، والحسي المدرك ( بالكسر) من الحواس ،والمدرك( بالفتح) ما يتعلق بالحواس ، والعقلي ما يكون المدرك (بالكسر) فيه العقل ، والمدرك( بالفتح) من العقليات.
- حركة المتعة والألم تتمثل في حركة الروح وفي حركة الحياة ، لكن الأمر قد يكون ملتبساً كما كانت الشجرة المنهي عنها ملتبسة بعد الوسوسة ، فأصبح الألم له شكل لذة وهمية باطنها الألم، كذلك فالصبر عن إتيان المنهي عنه مع الوسوسة ألم باطنه لذة .
إن وسم الشرور ذات الشكل الخادع بالمؤامرة يغدو تهمة لدى البعض، ممن لا يقدر على مغالبة ألم الصبر ، ومن لم تنكشف له أوهام الشكل الخادع ونتائج الوقوع في حباله.
كذلك فطريقة وسم الشرور لها دور كبير في تبني الطرف الثاني رفض فكرة المؤامرة و نعته الطرف الأول أنه مسكون بعقدة نظرية المؤامرة .
كمثال على ذلك حاجة المجتمعات إلى نوع من الفنون لا تقول شيئاً - لفترة من الزمن - مثلها مثل لعب الأطفال ، وخاصة بعد الحروب والأزمات .
ويظهر هنا مصطلح " الفن للفن" أو الفن لأجل الفن بدون غايات أو توظيف اجتماعي سياسي ثقافي اجتماعي ديني مباشر ، فالمذاهب الأدبية كالسوريالية والدادئية تولدت نتيجة لظروف اجتماعية عانت فيها أوربا ويلات الحرب العالمية الأولى والثانية، وأصبح الواقع شيئاً كريهاً غير مقبول ، لذا كان الهروب من هذا الواقع إلى الخيال والأوهام يعد نوعاً من أنواع العلاج النفسي التلقائي الذي تولده مناعة الوجدان الإنساني.
السوريالية اتجاه في الفن يعتمد قطع العلاقات المنطقية بين الأشياء وهو ضد العقلانية والواقعية، وتحرر من المنطق، "وعلى الفن والشعر منه أن ينمو من المواجهة مع العقل اللاواعي ، فالأحلام والهلوسة والهراء يجب أن تكون الموحيات في مادة الشعر" - وفق بيان السوريالية الذي أعلنه الشاعر الفرنسي " أندريه بريتون " 1924 - .
سلفادور دالي رسم سوريالية
لكن كلا المذهبين لم يعمرا ، وإن كانت السوريالية عمرت أكثر خاصة أن لها جذور في الرمزية إضافة لتأثرها بنظريات فرويد في تفسير الأحلام ونظريات العقل اللاواعي .
بشكل عام فالخيال والرمز والتهوميات وعالم الأحلام واللعب هي منطقة يلجأ لها الإنسان بشكل طبيعي نتيجة مفرزات الحياة.
لكنها لن تكون مقبولة وسترفض في المجتمع إن طالت أو وظفت لغايات أخرى، كما كشف كتاب من يدفع أجرة العازف لكاتبة إنكليزية هي فرنسيس ستونر سوندرز(born 1966 )، (Frances Stonor Saunders) أن المخابرات الأمريكية دعمت هذه الفنون مقابل الواقعية كنوع من تحييد الفكر في أوربا في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفيتي الراعي للأدب الواقعي، وهي تدعم هذه الفنون اليوم في البلاد العربية والإسلامية لتحييد الفكر عن الخوض في الحرب ضد الإجرام الأمريكي في المنطقة ، وتدعم حروب وهمية مذهبية وثقافية وسياسية وتحرك مهاترات وتثير نزعات ، وتغدو لعبة كلعبة كرة القدم أفضل مضمار للتحييد وتفريغ الكمون الداخلي ، وهذا شكل من أشكال السيطرة اللاواعية ( والمثال المبارة التي حدثت بين مصر والجزائر في تصفيات كأس العالم 2010 والتوظيف السياسي المبرمج حتى دخل في التوظيف أبناء الحكام ).
وتغدو موجة أفلام الرعب الشرسة نوعاً من الأنواع التطهير اللاواعي عقب المجازر الإسرائيلية ضد أطفال غزة وقبلها أطفال لبنان ،فتميع المشاعر وتفرغ وتوجه ضد وحوش وهمية، بينما هناك وحوش صهيونية أمريكية تقوم بعمل أفلام واقعية كل دقيقة ضد الأطفال والنساء والشيوخ. فأفلام الرعب أفلام لاقت الرواج بين المراهقين ولها دور في التطهير الداخلي - كما يدعي أصحابها – لكن حين تبرمج في حملة مبرمجة تتحول لمؤامرة واضحة ، ناهيك أن المذهب الفني لهذه الأفلام هو الدادئية وسمتها الدموية والإرهاب والإجرام لا الرعب والخوف، وأعجب كيف يسمح لهذه القنوات ببث كل هذا الكم من الجرائم والمشاهد البشعة ولا يحرك ضدها قضية واحدة تضع أصحابها في السجن لسنوات طويلة .
- النزوع نحو الأساطير
شاع هذا النزوع في أوربا وكان توظيف الأسطورة يعتبر شكلاً من الحداثة الفنية لكنه اعتبر لاحقاً شكلاً من أشكال الكليشهات الجاهزة التي ترفضها الحداثة، وأرى فيها كذلك نوع من الابتعاد عن الواقع والهروب نحو التفسيرات البطولية واللامعقولة والتفسيرات الطفولية لأحداث الكون نتيجة لذات العوامل الاجتماعية التي ذكرنا.
واليوم تغزو الأساطير الشعر العربي ظناً من الشعراء أنهم حداثويين ، بل غزت البحوث والدراسات الجامعية نوعاً من أنواع التحييد ، وعدم الخوض في مسائل فكرية واجتماعية إشكالية في مشكلة مزدوجة الأسباب، متداخلة الأعراض معقدة التوصيف.
الجانب النفسي:
-هناك جملة من الأمور تعتري وتتقاطع مع تفسيرنا المقصود ، وقد تختلط الدلالات في ساحة العقل فنحن في إطار التفسير لا بد أن نعرج على المناخ النفسي للمتحدث عن نظرية المؤامرة ، لكن هل يمكن أن تعاني شريحة كبيرة من البشر ذات المشكلة النفسية إزاء تفسير قضية واحدة، لابد أن نشير أن مشاكل الجماعات الإنسانية هي ذاتها مشاكل الفرد، فجملة من المقدمات والظروف تؤدي حتماً إلى نتائج متشابهة.
فهناك شريحة من الناس تعاني من مشاكل نفسية فيتوهم الفرد بأنه مضطهد ويعزو فشله في الحياة أو ما يقف ضد تحقيق هدفه إلى مؤامرات كبرى تدار لإيذائه وهذا مرض نفسي يدعي"الذهان"
المرض العقلي أو " الذهان" بضم الذال psychosis اضطراب خطير في الشخصية بأسرها يبدو في صورة اختلال شديد في القوى العقلية وإدراك الواقع وعجز بالغ عن ضبط النفس مما يحول دون الفرد وتدبير شئونه ويمنعه من التوافق في أي صورة من صوره : التوافق العائلي والاجتماعي والمهني والديني. ( فصول في علم النفس –أحمد عزت راجح)
للذهان أنواع فقد يعتقد المريض أنه بطل شهير وشخصية تاريخية فذة ، فربما يظن الشاعر أنه شاعر القرن وأنه لا بد أن يستيقظ ذات صباح فيشاهد أكثر ما شارع قد سمي باسمه، وأن المجتمع يبخسه قدره فيقع في صدام متكرر ، وتتحول حياته الاجتماعية إلى فصل من فصول الصراع المتعدد فيعاني صراع داخلي مع ذاته وصراع مع مجتمعه وربما صراع مع خالقه ، ولعلي أقول هنا أن مفرز الصراع يبدأ من الصراع مع الخالق ، فالسلام مع - أو من - الخالق ينعكس بالضرورة على الذات والمجتمع، وقد يظن الفرد أنه نبي لم يُعلن عنه أو أحد صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم أو ولي من الأولياء المجهولين في الأرض فيغدو أي نقد بسيط بمثابة عداء مقصود ضد رسالته المزعومة و سخرية من الهالة الوهمية التي يعيشها .
إن هذه المركبات موجودة بكثرة في مجتمع سيطر عليه الجهل والخرافة ، وتمكنت منه الأحلام و لذة الماضي ، وتشكل هذه المركبات في كل الأصعدة بمثابة مؤامرات كامنة لم تستغل بعد ، ولعل إدراك الآخر لهذه التفاصيل وقدرته على اللعب على تفاصيل مثل التي ذكرنا يؤدي إلى مؤامرات فاعلة ، فمثلاً يتم دفع شخصيات تملكها الإحساس بالعظمة لتأخذ دور أكبر منها في المجتمع ، فنرى اليوم كثرة الدعاة وقد افتقدوا أبسط المقومات العملية كالعلم الشرعي ،وأدوات التواصل كاللغة العربية الفصحى ، وقد أعلن بعضهم أنه دُفع ليكون داعية إسلامي وهو أبعد الناس عن هذا المجال، وتم تسهيل الطرق له للفضاء الإعلامي ، كأفضل الشخصيات التي يمكن التأثير والسيطرة عليها في ظل دعم الإسلام المعتدل مقابل النهضة الإسلامية الحالية ، فغيبت القامات الدينية الحقيقة ، وتم التعتيم على من يمتلك القدرة على نشر الوعي الحقيقي بين المسلمين.
وعلى صعيد آخر : يتم دفع بضعة شباب مسلمين ليكونوا أمراء وخلفاء ، ببضعة قنابل يدوية وأذقن طويلة وعشرات البنادق الآلية ، وتشترك القنوات الإعلامية في هذه المؤامرة لتنقل صور عشرات من الرجال بذقون طويلة وبضعة بنادق ، في جبل أو غابة وكأنهم قوة كبرى قادمة ، وهذا ما يسمى سياسة تفريغ الجيوب الإسلامية ، فالمؤامرة لها وجهان الأول الشخصيات المريضة الضعيفة والثاني من يستغل هذا الضعف ليحوله لقوة فاعلة في تدمير مجتمعنا ، والتعتيم على القوة الحقيقية في الأمة وإن هذا النوع من المؤامرات صار الأشهى والألذ لدى المخابرات الأمريكية ومن تبعها من مخابرات المنطقة العربية.
أسهل المؤامرات هي التي تعمل على استثمار ضعفنا ، بمعنى أننا من نتآمر على أمتنا
نادراً ما يقوم العدو بصنع متغير ما في الأمة ، بل هو غالباً ما يقوم باستغلال عوامل الضعف والمتغيرات الداخلية ،ولذلك تحولت الحروب بل لنقل أجزاء منها إلى شكل من أشكال الدراسة ، دراسة العدو بكل تفاصيله الاجتماعية والثقافية والتاريخية والسياسية والاقتصادية ، وتم الاستعانة بالجامعات والمعاهد العلمية والتقنيات الحديثة وبرمجيات الشابكة، فمثلاً يتم دراسة المواقع العربية وما ينشر فيها ومعرفة مستواها الفكري والثقافي ، ومن ثم تقوم مجموعة صغيرة بمحاكاة أسلوب شائع واللعب على ضعف ما فيه للترويج لشائعات أو أكاذيب ، أو لنشر معلومات مضللة.
مثلاً: منذ عدة سنوات انتشر في الشابكة – ولا يزال – عادة نقل المواد دون تمحيص ، فقامت مجموعة تكتب في موقع ليبرالي كويتي وتسخر من المسلمين بعمل صور مفبركة لها هالة دينية وكتابة عبارات مؤثرة في العامة مثل ( انظروا عظمة الخالق – معجزة ربانية – سبحان الله ...) وقد تم الإشارة لهم مع الروابط في موقعنا أسواق المربد. وتبين أن هذه الصور هي صور مفبركة مثل صورة لفتاة عمانية قيل أنها مسخت بشكل قرد لأنها تستمع للأغاني ، وتبين أن الصورة لوحة عالمية مشهورة، وكذلك صورة الغابة في ألمانيا والتي كتبت ( أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله ) وتبين أنها لوحة لفنان معروف، والعديد من الصور التي تم العبث بها في برامج التصميم .
تم الزعم أن فتاة عمانية تحولت إلى مسخ لأنها أهانت القرآن الكريم ولم تستمع لكلام والدتها عندما كانت تشاهد أغاني فيديو كليب، اتضح فيما بعد أن ذلك المسخ مجرد منحوتة في متحف استرالي عن فكرة دمج مورثات بشرية مع أخرى حيوانية.
- تحريض الشارع العربي بأسهل الطرق:
تقوم جهات غربية ببث الشائعات ونشرها عبر المواقع ومجموعات البريد الالكتروني ، ومواقع المحادثة وكل الأشكال التفاعلية ، فمثلاً قضية الرسومات المسيئة لشخص الرسول صلى اله عليه وسلم ، والتي تبين أنها وجهت لتكون كذلك ، بينما هي رسومات تسخر من شخص الرجل المسلم ، وهي فكرة مقلدة استفيد منها في رسوم أخرى سخرت من الرجل اليهودي ثم استطاع اليهود أن يحولوها لفكرة السخرية من نبي الله موسى.
( يمكنكم العودة للمقال الهام على الرابط التالي عن شبكة فولتير الفرنسية)
فجند الشارع العربي لمواجهة معركة وهمية ، بينما ينتظره ألف معركة حقيقة.
وحتى الشركات التجارية والصناعية عرفت أسرار هذه اللعبة وصارت توظفها، ففي الآونة (نهاية 2009)الماضية قامت مجموعات بريدية بنشر صور مفبركة لشركة "بوما " ، وأنها قامت بوضع اسم الله على الحذاء في تحدي صارخ للمسلمين ، فهلموا لمقاطعتها ، بعد ذلك في ذات الأسلوب تم نشر صور لشركة "النايك"، طبعاً تم نشر هذه الرسائل بكثرة من قبل البعض وبشكل عاطفي انتقاماً لاسم الله ، وإذا قمت بزيارة أي مركز للشركتين لتبين كذب هذه الرسائل والتي وظفت لعمل ضجة كبيرة وأفضل دعاية بشكل مجاني.
-قيام بعض المسلمين الجهلاء بعمل مثل هذه التصاميم ظناً منهم خدمة الرسالة ولو بالكذب : وقد قام شاب مسلم بعمل تصميم لبيضة رسم عليها اسم الله وقال بعد أن كشفت الصورة كنت أريد نشر الإيمان بين الناس بهذه الطريقة.
-وبذلك تصبح ظواهر هذه الأمور ملتبسة ويصعب معرفة منفذها الحقيقي أخارجي كان أم داخلي ، مع وسيلة غبية تدعم الطرفين على حد سواء وهي النقل الأعمى , وبذلك يمكنك التشكيك في العديد من الدعايات والصور التي مرت بك ، لا يعني نفي الجميع لكن يكفينا التشكيك الدقيق.
- أثناء تأزم الأجواء بين مصر والجزائر عقب تصفيات كأس العالم ، لعبت أيدي خفية دوراً عظيماً في بث الأكاذيب ، ونشر أخبار عن قتلى ومئات الجرحى حركت الشارعين الجزائري والمصري ، وتم إشعال النار في غرف المحادثة عبر دخول عناصر من الموساد – أو تابعة له - بأسماء مصرية وجزائرية ، كل يسب الآخر وبشكل منظم واستغلال المجموعات البريدية والمواقع الالكترونية بل حتى الصحف المحلية، حتى اشتعلت حرب وهمية بين البلدين ناهيك أن الشارع العربي كان متأزماً من الحكومة المصرية عقب حصارها لأهل غزة فكان ما كان، ما أسهل أن تشعل كوم قش بعود ثقاب واحد.
-في المشاكل التي عقبت الانتخابات الإيرانية قامت المجتمعات الافتراضية بإشعال الداخل الإيراني ، وقد أعطى هذا السلاح مفعولاً كبيراً في بث الغوغائية ونشر الفوضى في بلد يعاني من مشاكل كبيرة وأمامه مواجهات كبرى مع مافيا مجلس الأمن ، وكان لموقع توتير وموقع فيس بوك الأثر البالغ في ذلك ، وقد قام مجموعة من الشباب في إيران باختراق الموقع وإيقافه لساعات في رد متواضع على ما قام به هذا الموقع في نشر الفتن الداخلية.
وقد عرفت المافيا العالمية الدور الباهر للمجتمعات الافتراضية في حسم أجزاء كبيرة من المعارك ، وإشعال فتن داخلية تعيق العدو بشكل أكيد، لذا قامت بشراء موقع مكتوب ولكم أن تتخيلوا الدور القادم لهذا الموقع في تحريك الفتن العربية وبث الأكاذيب والشائعات ، كما يسعى غوغل لتشكيل مجتمعات متشابهة.
-لا شك أن المواقع الالكترونية المؤثرة صارت تعني للحكومات الكثير، فلماذا تتدخل الحكومة الأمريكية للضغط على الصين ، بعد اختراق موقع غوغل ، وقد هددت غوغل بترك السوق الصينية إثر ذلك، شخصياً راقبت هذه التصريحات الغريبة وأعتقد أن هذا التهديد هو تهديد غبي لأنه يعني خسارة كبيرة لغوغل في سوق الصين، وفي ذات الوقت يعطي مؤشراً على قدرة الصين الكبيرة في برمجيات التجسس والقرصنة خاصة لو عرفنا أنها أكبر الدول مصدرة للفيروسات والتي تجند ملايين الحواسيب في العالم لغايات القرصنة والاختراق.
-غوغل ثروة لوجستية هائلة : الكل ربما يعرف أن أي كلمة تقوم بالبحث عنها في الغوغل يقوم غوغل بتسجيلها ، إن عمل دراسة دلالية للخريطة التي تحوي الكلمات التي قمت بالبحث عنها في محرك الغوغل تعني تماماً إجابات واضحة عن شخصيتك وتوجهاتك وعملك الحقيقي على الشابكة.
-ناهيك أن شركة غوغل تحولت لإخطبوط في ميدان الشابكة، فقد وفرت خدمات مجانية عديدة لأصحاب المواقع ،و خدمة ضخمة مثل التراسل الفوري وخدمة البريد الالكتروني ولها متصفح خاص وخدمة الإعلانات الشهيرة ( والتي تنشر عبرها التنصير ومواقع اليانصيب والقمار....)، وجهاز هاتف خاص بها نزل في الأسواق، كل هذه الأذرع توظف في السيطرة على المجتمع الافتراضي بأيد من حديد.
-وفي مجال البرمجيات تتفق كثير من برمجيات المواقع والمنتديات المفتوحة المصدر وغيرها ، على عمل شبكات برمجية متقاطعة لتتواكب المواقع وتتفاعل بشكل أقوى مع محرك البحث غوغل والبرمجيات الإضافية الخاص به.
-بمعنى لن يقوم محرك البحث غوغل بخدمتك وأرشفة صفحاتك، بل ستقوم أنت بخدمته.
أخيراً نقول : إن المؤامرة ولدت مع تكريم بني آدم ، لكن لها جانب هو أننا بضعفنا نتآمر على أنفسنا قبل أن يستفيد العدو من ضعفنا، فالمؤامرة مؤامرات هي مؤامرة سياسية ومؤامرة ثقافية وإعلامية وفنية ، فما لم نمكن وسائل القوة في مجتمعنا لن نتطور وفهمنا لأنفسنا هو السلاح الأهم في هذه المعركة .
1- القرآن الكريم.
2- مدائن الوهم ( شعر الحداثة والشتات) – د عبد الواحد لؤلؤة
3- فصول في علم النفس ، أحمد عزت راجح