أول منزل طيني في هولندا
يوشك على الاكتمال. ومن المقرر أن يبدأ استخدام هذا المبنى، الصديق للبيئة من الطراز الأول والذي بُني بمدينة زويلا، كمكان لتناول الشاي الربيع القادم.
هل نموذج منزل التراب هذا خيار واقعي للإنشاء المستدام للمنازل أم أنه مجرد حلم من أحلام الهيبيز؟
ومفهوم بيت التراب (إيرثشب)- وهو ابتكار للمهندس المعماري الأمريكي مايكل رينولدس- كان موجوداً منذ حوالي عقود. والمبدأ الرئيسي هو أن مثل هذا المنزل يجب أن يتشكل في أغلبه من المخلفات أو المواد التي تم تدويرها، ولا يحتاج إلى أي معدات مهما كانت.
وسيكون منزل زويلا الترابي هذا أول منزل من نوعه في دول البينيلوكس (بلجيكا، هولندا ولوكسمبورج)، والهدف من ورائه هو العرض. على أي حال، وأنت في طريقك إلى موقع البناء، كل ما يمكن أن تراه من على البعد هو كوم ضخم من التراب. ويوضح لنا مدير المشروع ومضيفنا هانس بيكرك من مؤسسة الإسكان بزويلا ما الهدف من هذا المشروع. "سنذهب لنلقي نظرة على ‘بيت التراب‘، وهو مبنى سنعرضه على الجمهور في زويلا في الذكرى السنوية لمؤسستنا، وفي الواقع هو مبنى مكتف بذاته تماماً. وهو أكبر من مجرد كوم من التراب، إنه على مستوى من التطور التقني مما يجعله يولد حرارته بنفسه، ويحصل على الماء وينقيه بنفسه، كما أنه يولد الطاقة الكهربائية، التي يحتاجها بنفسه".
إطارات السيارات
وبناء منزل التراب بسيط. فالحائط الشمالي يحتوي على إطارات سيارات قديمة مرصوصة على عارضة رابطة. وخلال التشييد، تُعبأ الإطارات بالرمل، الذي يُضغط بمطرقة كبيرة إلى أقصى درجة ممكنة. وهذا من شأنه إعطائنا حائطاً من الإطارات غير قابل للتحطيم وثقيل إلى أبعد الحدود. (أنظر الصورة أدناه: تشييد حائط الإطارات). وطبقة الجص السميكة تجعل الحائط من الداخل أملساً ونظيفاً. وكوم التراب الضخم الموضوع على حائط الإطارات الخارجي، يجعل الجانب الشمالي من المنزل بأكمله يبدو وكأنه تل. وللسقف، المعتمد على حائط الإطارات، طبقة سميكة من المواد العازلة. والواجهة الجنوبية لبيت التراب بأكملها من الزجاج، الأمر الذي يحوّل المنزل إلى ما يُعرف في عالم التشييد ب ‘ المنزل السلبي‘، أي المنزل الذي لا يحتاج إلى تسخين لأن الحرارة، التي يحتاجها يأخذها من الشمس. فحرارة الشمس تدخل إلى المنزل عبر الواجهة الزجاجية الجنوبية، لتزوّد الواجهة الترابية، التي تشكل الجانب الخلفي للمنزل، بالحرارة خلال موسم الصيف بأكمله. وفي موسم الشتاء، تقوم هذه الكتلة الضخمة من التراب- أكثر من 100 طن- بإخراج الحرارة ببطء لتسخين داخل المنزل. وهذا النظام على مستوى من الفعالية إلى درجة أنه حتى في البلدان الباردة مثل هولندا، لا يحتاج بيت التراب إلى أي مصدر آخر للحرارة.
الماء والكهرباء؟
يتم توليد الكهرباء بألواح شمسية. ويقوم عدد من البطاريات الكبيرة بتخزين الطاقة المولدة إلى وقت الحاجة. والماء في بيت التراب مصدره، ببساطة، الأمطار التي تنسكب من السقف وتصب في خزان ضخم محفور في كوم التراب على الجانب الشمالي من المنزل.
حلم الهيبيز
ويبث شكل هذا المنزل من كل جوانبه، رسالة ترفع من الوعي البيئي وثقافة قم بنفسك بتنفيذ كل ما تريد. وبهذا المعنى، فإنه في الواقع نوع من أحلام الهيبيز. لكن، وضع التكنولوجيا في الوقت الراهن، جعل من الممكن بناء منازل قادرة على الاقتصاد في استهلاك الكهرباء، ولا تبدو في نفس الوقت كتل صغير. كما يمكن للمنزل العادي أيضاً أن يكون منزلاً لا ينفث أي غازات ضارة بالبيئة.
غير قابل للتطبيق
ومفهوم بيت التراب غير قابل للتطبيق في هولندا عندما يتعلق الأمر بتنفيذ مشروع إسكاني كبير. فببساطة، يحتاج التراب إلى مساحة واسعة، وتشييده يحتاج إلى أيد عاملة كثيرة نظراً إلى أن جميع عمليات البناء تتم يدوياً، وبالتالي، فإن تكلفته عالية. وفي الواقع لا تستطيع مؤسسة التشييد بزويلا إلا بناء بيت واحد من هذه البيوت الترابية، لأن المتطوعين المخلصين سيحتاجون إلى أشهر من وقتهم لتنفيذ هذا المشروع. رغم ذلك، قال هانس بيكرك إن شركات التشييد التقليدية مهتمة جداً ببيت التراب هذا. "سنقوم بقياس ومراقبة التقنية، توفير المياه وتوليد الطاقة وكذلك مستويات الاستهلاك. إن هذا المنزل يدهشك، عندما يقع عليه نظرك لأول مرة، وكأنه كهف هوبيت، لكن الهدف منه هو اختبار التقنيات، التي تعودنا عليها، حتى نتمكن من اتخاذ قرار حول ما يمكن استخدامه في تشييد المنازل العادية".
ربما تكون هناك فرص أفضل لبيت التراب في أجزاء أخرى من العالم. ففي المناطق النائية التي ليس لديها مصادر للكهرباء، المياه أو الغاز الطبيعي، يمكن لهذه المنازل أن تلبي احتياجاً، خاصة في المناطق التي يكون فيها سعر العمل رخيص. وربما يكون أول منزل ترابي في دول البينيلوكس، ملهماً في الوقت الراهن، لكنه لن يكون أكثر من معمل اختبار لأبحاث عملية.
تحياتي لكم
أمال الخفاجي