الحزن يتمالك كل شيء
الشوارع,الأرصفة والبنايات
وجوه الناس تغيرت وحتى الأشجار والنباتات
أبحث في شوارع مدينتي ...
أنادي ..أنادي وأردد:
يا أصحاب الطفولة ,أين أنتم؟
وأين تلك الدعابات؟
أين صفت محلتنا القديمة ؟
وأين ليالي الطفولة المليئة بالحكايات؟
قصص أمي الحاكية عن بغداد الحزينة
وعن ما حل بمدننا من موت وذبحات
أين صفى كل هذا؟!
فوجوه الناس تغيرت !
ما عادت كالماضي تزينها البسمات
الحزن غير كل شيء
والدموع أغرقت العيون راسمة أتعس اللوحات
ماذا أفعل بآلامي؟
فهي تعذبني وتجمع في كل يوم ذكريات
ليتي لم أعد منك يا غربتي
ليتي ما شاهدت الخراب الذي حل بأغلى الحبيبات
ليت دفنت فيك
عوضاَ عن سماع صراخ الأمهات
ورؤية الأطفال الباكية على والديها
والإعشاب اليابسة وكذلك الأشجار والغابات
وتلك الحرائق في المنازل
والشوارع المليئة بالنفايات
فأين ذهب جمال مدينتي؟
بمقاهي الشباب ..ضجة الأطفال والصبايا الراقصات
ليتي أعيش حلمي وأرجع طفلة
أو أعود كما كنت كئيبة لغربتي
بدل ما أعانيه من حسرات
ماذا أفعل بحيرتي ؟!
وكيف أعيد مدينتي القديمة؟
ومحلاتها المليئة بأصوات النساء الضاحكات
وأباريق الشاي الواقدة
بنيران المحبة ,لا نيران الشر و العيارات
هكذا أريد مدينتي أن تعود
لعهدها وشموخها وجمالها
لتولي أحزاني
وتهلهل الأفراح مبشرة :نحن راجعات
أريد رؤية البصرة والشمال
بدل ما كنت أشاهده من أقنعة
لا تملك من الأحاسيس ذرات
بجراح تكاد أن تنفجر
أقول لكم مقسمةً برب السماوات
وبجميع الأديان والشرائع والآيات:
لا أريد رؤية جيوش محطِمة
أريد العراق ..أريد العراق
أن يرجع لأيام طفولتي ولو للحظات
لنسترجع فرحتنا تلك
وننسى صور الأمهات الباكيات
والثياب السوداء البائسة
على أجساد أجمل ما في بلدي من فتيات
هكذا أريد مدينتي أن تعود
لأيام طفولتي ولو لحظات
نارين شيخ شمو